عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ

ضد قيم التَّبعية الجديدة

يحذر رئيس التحرير في حديثه الشهري من تبعيةٍ جديدة، استبدلت الاستعمار الإعلامي بما كان معروفًا قبل حروب الاستقلال الاستعمار التقليدي، وكان من بين ما أنجبته برامج الحديث على الهواء، التي أصبح ضيوفها يشاركوننا الحياة في كل آن، فهم حديث الصباح والمساء، وباتت مهمة هذه البرامج اجترار الحدث يومًا بعد يوم، بعد أن يتحول الضيف - من نجوم المجتمع والسياسة والفن والرياضة - إلى «فقرة» في تلك البرامج، تتلقفه كخبز طازج، ويدور بين الأيدي، حتى يأتي حدث آخر يجبه، ويجرفه إلى مستنقع النسيان، كما تجرف المياه غسيل الطرقات، لتفسح المجال للطاحونة أن تدور، وندور نحن، كتابعين جدد، معها، ونحن لا ندرك أنها تطحننا كما تطحن القيم، وتدوسنا كما تدهسها.

هذه القيم الجديدة للتبعية المصورة الفجة هي التي تنخر في جسدنا العربي، وما يتكون منه من قيم وتقاليد وتاريخ ولغة تمثل جميعًا هويته. من هنا حرصت «العربي» على تقديم ملف عن الشاعر الفذ أحمد السقاف، الذي كان صنوا للقيم العربية وثوراتها للتحرر من ربقة الاستعمار، مثلما تقدم ملفا آخر لنهضوي كبير هو المفكر الدكتور محمد عابد الجابري، دعا لإعمال العقل من أجل مستقبل عربي أفضل، وتقف عند محطتين مهمتين في استشراف قيم المستقبل، حين تخصص ملفا ثالثا لقصص الخيال العلمي التي كتبها شباب العرب، مثلما يلقي بحث مهم الضوء على استخدام تكنولوجيا النانو لإنتاج الخلايا الشمسية كمستقبل للطاقة المتجددة.

ولأنها ديوان الرحلة العربية المعاصرة، فإنها أيضا تبحث في عاصمة الثقافة الإسلامية، مدينة تريم اليمنية في قلب وادي حضرموت، عن عطر الحضارمة، الذي كان في المشروع الذي وضعه علماء تريم - مقيمين ومهاجرين - عبر إحياء علوم الدين، والتمسك باللغة العربية، وإشاعة السلام، ففي الوقت الذي أصبحت فيه الهجرة العربية والإسلامية تمثل هاجسا يحمل المشكلات للآخر الغربي في وطنه، فيصبح متشددا في قبوله للمسلم والعربي، تعد الهجرة التريمية الحضرمية مثالا للهجرة المسالمة، التي تفرض شريعة الإنسان، بقيمه الإسلامية الداعية للخير.

البحث عن القيم هو ذلك العنوان الخفي بين سطور هذا العدد، حتى ونحن نقرأ الأغنية الدينية التي وصفت أفضل الرحلات إلى البقاع الطاهرة، وهو بحث متجدد ومتواصل، وهكذا بين الرحلة في التاريخ، والرحلة إلى بقاع الأرض، والرحلات الأخرى على متن قافلة الآداب، والفنون، والعلوم، رحلات ندعوك لرفقتها أيها القارئ الكريم، وكل عام وأنت بخير، بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

 

 

المحرر