الرحيل وراء الحلم

ربما تظن وأنت صغير أن من يتركك ترحل بعيدًا عنه لا يحبك، وربما تتصور أن من يودّعك كي لا تعيش معه لا يريدك، وربما تعتقد أن من يحرمك من شيء تحبه ويبعده عنك يكرهك، وقد تتخيل أن من يستقبلك ويبقيك جانبه يحبك أكثر ممن تركك، وأن من يدفعك لتحقيق حلمك يحبك أكثر ممن يجعلك تعيش الواقع بكل آلامه.
إذا أردت أن ترى من يترك من يحبه ويدفعه عنه بعيدًا حتى لو كان ولده الغالي، فلتشاهد فيلم The Children's Train (قطار الأطفال)، المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتبة: فيولا أردونيه، الفيلم إخراج: كريستينا كمنشيني.
ماتت أمي
في البدء كان صوت الهاتف يرن بتوتُّر في خلفية الفيلم، وملامح رجل جاد لا يبتسم يسير بثقة، يمر من بوابة جانبها لوحة إعلان مكتوب عليها (عازف الكمان أميريغو بنفينوتي 18 مارس 1994م الساعة 8:30 مساءً) يلاحقه رنين الهاتف القلق، وتمر الكاميرا في تعمُّد على مجموعة من الأحذية السوداء اللامعة التي يبدو أنها غالية، وسنعرف من تتبعنا للفيلم أهمية هذه الأحذية في الطلة الأولى، وحين نسمع أول كلمة في الفيلم: «طاب مساؤك يا حضرة الموسيقار»، نتأكد أن الرجل الذي أمامنا هو أميريغو عازف الليلة، يلاحقه استمرار رنين الهاتف في الخلفية.
حين يدخل أميريغو غرفته نرى الهاتف يرن بجانب التفاح الذي سيكون لوجوده سبب عاطفي في الفيلم، التفاحة والحذاء أساسيان في استمرار مشاعر الفيلم، فقد بنيت رحلة أميريغو على الرغبة في الحصول على الحذاء، واستمرت رحلته وهو يحتفظ بتفاحة أهدتها له والدته.
يرفع أميريغو سماعة الهاتف ويتحدث مع أمه، بدت المحادثة غامضة، وسألته المساعدة بعد أن تغيَّر وجهه نتيجة المكالمة فقال لها: «لقد توفيت والدتي» بجملة واحدة يدخل المُشَاهد في الشغف؛ لقد كان يتحدث لأمه، ثم يقول إن أمه توفيت، مما يجعلنا في حالة ترقُّب منذ الدقائق الأولى للفيلم.
أغنية من أعماق الروح
وخرج أميريغو من العتمة نحو نور خشبة المسرح، والجمهور في انتظاره، بدا الأمر مبهرًا، ومع صوت الكمان في المسرح، انتبه أميريغو بشدَّة، ورأيناه ينظر لفتى نصف عار يبدو متسخًا ونحيلًا وجائعًا ويُعاني، وكأن صوت الكمان استدعى الفتى في ذهن أميريغو، وبدا عليه الذهول والإرهاق وحاول أن يتماسك، كنا نريد أن ندخل عقله، ومسح بمنديله قطرة عرق من فوق جبينه ودمعة كادت تسقط من عينه، ثم عزف أميريغو وهو حزين، وسمعنا في خلفية العزف أغنية اخترقت عقله من الماضي، يسمعها في خلفية روحه وهو يعزف على الكمان:
«عيناك بجمالهما بهجة
لمعانهما يفوق بريق نجمة
سوادهما أشدّ من الظلمة
كأنهما تنهيدة تتبعها تنهيدة
التنهيدة منهما حارقة
بنار كلّها رقّة»
وكأن الأغنية تخرج من روح أميريغو لوتر الكمان، يعزف على روح الأغنية التي تتردد في أعماقه، لا يسمعها سواه، وملامحه تشي بأنه عاد لزمن فات، ينظر في البعيد ويعزف، وحين اندمج كلية مع الأغنية وأغمض عينيه انتقلت الكاميرا بنعومة لنابولي العام 1944م. بدت البداية بارعة ومشوِّقة لمتابعة حكاية أميريغو، واندمجت الأغنية مع مشهد زقاق في نابولي ممتلئ بالتوتر والهرج والخوف وسيارات عسكرية وامرأة تندفع وهي تصرخ: «أميريغو» تبحث عنه وترفض التخلي عنه مع أن الهاربين يصرخون فيها: «اهربي» فبان مدى قوتها وحبها لأميريغو منذ الطلة الأولى، وبكت بحرقة مع انطلاق الدخان وسمعت صوت: «أمي» انتفضت في الدخان واحتضنته لتتأكد من سلامته، وحملته وسارت به في الدخان بعدما عرفنا أنه الفتى نفسه الذي رآه أميريغو في المسرح، لقد رأى ماضيه الذي نشاهده الآن، وظهر اسم الفيلم.
روح الحذاء
انتقلنا لعام 1946م في نابولي وبدا المشهد عجيبًا لأحذية تمر على الطريق، وأميريغو يتابع الأحذية ويعطي لكل حذاء درجة حسب جودته، وكان يسير حافيًا، يصرخ عند رؤية حذاء جديد يلمع: «الجائزة الذهبية»، وهذا يكشف أهمية المشهد الافتتاحي للأحذية الجديدة اللامعة، فهو يسير حافيًا ولديه عقدة ورغبة عارمة في الحصول على حذاء جديد، كان يربط جَمَال يومه بعدد الأحذية الجديدة التي يراها، نظر للمشرفة على ترحيل الأطفال حين كانت تفخر بأنها حصلت على وسام، قال بعفوية: «كان عليهم أن يمنحوك حذاءً جيدًا؛ فأنت تنتعلين فردة بها ثقوب» بدا في قمة التركيز مع كل حذاء يراه.
بان موضوع الحذاء مؤثرًا عليه جدًا حين استلم حذاءه مع الأطفال قبل الصعود للقطار، كان حذاؤه صغيرًا، لكنه كان متمسكًا به، يرفض تركه من يده لاستبداله بآخر مريح، وظهرت سعادته حتى أن المشرفة لاحظت ضيق الحذاء على قدمه فسألته: «هل أنت متأكد من أنه يناسب مقاسك؟»، قال: «نعم، إنه ممتاز، يناسب مقاسي». «أليس أصغر قليلًا من مقاسك؟». «لا، إنه مناسب».
كان فرحًا على استعداد لتحمل ضيق ومعاناة الحذاء خشية أن يأخذوه منه، حتى أنه نام بالحذاء في القطار خوفًا أن يُسْرَق منه، ومن قبل قال لوالدته: «سأذهب سيرًا على قدميّ إلى الشيوعيين إن أعطوني حذاءً جديدًا» الحذاء بالنسبة له أمر مهم وغال وثمين، ففي الفصل الدراسي في المدرسة سألت المعلمة الجميع عن حاصل ضرب 2 في 7، لم يعرف أحد من الصغار إلا أن أميريغو أجاب 14، فظنت المعلمة أنه تعلَّم جدول الضرب حيث كان يعيش، لكن أميريغو قال: «في نابولي كنت أعدّ الأحذية اثنين اثنين» بدا هذا مضحكًا للأطفال، لكنه كشف عن روح الحذاء التي تتغلغل داخله وعن أهميته بالنسبة له، حد الشغف.
جرذان بيضاء
ويبدأ قلب الفيلم في التكشف عن ترحيل أطفال للشمال من أجل حياة كريمة يصعب توفيرها في نابولي، وظهرت اعتراضات حول أن الأطفال سيُقْتَلون في الشمال، سيُقَطّعون أياديهم وأرجلهم، ويرمونهم في الفرن، المساكين، الروس يأكلون الأطفال، وهذا الخلاف في التعامل مع رحيل الأطفال يضع المشاهد في حالة من الترقُّب عن مصير الأطفال، لكن الحياة بدت في نابولي عام 1964م فقيرة وبائسة، الأطفال يجمعون أعقاب السجائر، يجمعون قطع القماش البالية، أجسادهم متسخة، لا يرتدون ملابس علوية، عظامهم نحيلة، حياة بائسة فهم يسرقون الخبز ويضعونه تحت الملابس المتسخة، حتى إن أميريغو وصديقه لكي يحصلوا على المال اخترعوا حيلة غريبة، دهنوا الجرذان السوداء باللون الأبيض وباعوها على أنها حيوانات بيضاء أليفة، إلا أن المطر سقط وزال اللون عن الجرذان وانكشفت خدعتهم.
وعلى الرغم من الفقر، إلا أن أنطونيتا أم أميريغو، والتي قامت بدورها ببراعة فائقة الممثلة سيرينا روسي، بدت قوية وجميلة ومفعمة بالحياة والطاقة، وكانت تتميَّز بصوت به عذوبة، شعرنا به في افتتاحية الفيلم وسار صوتها معنا في معاناتها وهي تغني لأميريغو، وفي لحظة شاعرية أثناء نوم أميريغو جانبها قالت: «ابعد قدميك المتجمدتين عنّي، هل أنا مدفأتك؟»، ثم أمسكت قدمه في حنان وراحت تدفئه بيديها.
جبال من حليب وسكَّر
حين ركب الأطفال القطار كانت لحظة وداع مميزة، خلع الأطفال معاطفهم وألقوها لأهاليهم؛ ليمنحوها لإخوانهم في نابولي؛ كي تدفئ أجسادهم من الصقيع والبرد، لأن الشيوعيين سيمنحونهم معاطف أخرى، فعلى الرغم من الفقر إلا أن هذا المشهد أعطى ملمحًا مهمًا عن التعاطف الإنساني.
وبدأت رحلة قطار الأطفال تمثل نقلة مهمة وحضارية بالنسبة للأطفال، عبر النظافة التي حصلوا عليها والحقول الجميلة التي شاهدوها، حتى أنهم ظنوا أن جبال الثلوج هي حليب أو سكر، فعلى الرغم من طبيعة المكان المليئة بالصقيع، إلا أن الأطفال حصلوا على الدفء، عكس وجودهم في نابولي التي كانت مشمسة وجوها صحو، كانوا يعانون من الصقيع والفقر، أما في الشمال فقد كانوا في حالة شبع لا يحتاجون لتسول لقمة العيش، ولا العمل الشاق من أجل قليل من الأموال، حياة بها استحمام ورائحة عطرة وخضرة وطعام وفير.
صداقة البراءة
الطفلان أميريغو ولوتسيو شخصيتان مميزتان، صنعتا تشويقًا في العلاقة بينهما، فقد بدأ التوتر بينهما ساعة ارتدى أميريغو ملابس لوتسيو، كان المشهد بارعًا في التعبير عن مشاعر الطفولة، حين كان لوتسيو ينظر لأميريغو بتحفز وهو يشاهد ملابسه التي يرتديها أميريغو، نظر لوتسيو نظرة ذات معان متعددة، نظرة بها حنق من له فضل الملابس، أحسن صناع الفيلم في إظهار هذه اللحظة الطفولية الطبيعية بينهما، والتي ستتطور لصداقة حميمة فيما بعد، خبط لوتسيو على المنضدة واتجه بعنف رافعًا إصبعه في وجه أميريغو وقال: «هذه السترة ليست لك وإنما لي!»، وحين أخذ أميريغو جزءًا من الجبن صرخ لوتسيو: «سارق، لقد رأيتك» وظهر بعدها أميريغو يمسك التفاحة وهو في حاجة ماسة لأمه فلم يكن يشعر أنه لص في بيته الفقير، وقبَّل التفاحة.
وظهر أن علاقة الطفولة مؤثرة في الفيلم، وتطورت علاقتهما، وصارا صديقين حين تنمر الأولاد على أميريغو بأنه تفوح منه رائحة سمك نتنة، تدخَّل لوتسيو وقال للمتنمر: «اصمت، اسمك بينيتو، وهذا يدلّ على أنك من الفاشيين»، فطأطأ المتنمر رأسه ورحل وانتصر لوتسيو لأميريغو، وقال أميريغو: «شكرًا»، لكن لوتسيو قال بروح الطفولة البريئة: «لكنك تفوح منك رائحة سمك نتنة فعلًا» وصارا صديقين.
الكمان مولد حياة
التقى أميريغو مع الكمان حين كان يعزف الجار الذي يصلح الآلات الموسيقية، وقال أميريغو جملة غريبة: «الموسيقى جميلة، تعبّر عن ألف فكرة» وحين أخبرته المرأة التي كانت تصلح الكرسي: «ماذا تريد أن تعمل عندما تكبر؟ هل ستصلح الآلات الموسيقية أنت أيضًا؟»، قال أميريغو بحسم: «لا، بل أريد العزف على الآلات الموسيقية».
في عيد ميلاد أميريغو، تلقى أول هدية له في حياته وكان «كمان»، آلة موسيقية للعزف، وكأن بداية حياته ومولده وعيده الحقيقي بدأ الآن مع الكمان، وقال له الجار وهو يرحل عائدًا لنابولي: «أنت ماهر فيه واصل العزف»، يذكرنا بافتتاحية الفيلم المهمة، والمكانة التي وصل إليها كعازف كمان شهير.
هذا الكمان هو ما سيكون سبب الخلاف بينه وبين والدته حين عودته مرة أخرى لبيته في نابولي، فقد أخذته منه ومنعته من العزف، ذهب لمكان عزف الموسيقى في نابلولي، وشاهد عزف آلة الكمان من وراء الزجاج، وكأنه في عالم آخر، لقد أثر فيه عزف الفتاة على الكمان، وعندها انتقل في نقلة بارعة من خلف الزجاج لتحت السرير للبحث عن الكمان، ذهب مندفعًا لوالدته وسألها: «أين كماني؟» كان ملهوفًا ملبوسًا بالحلم.
الأم الثانية
ظهرت العلاقة بين أميريغو والآنسة درنا والتي قامت بدورها بحساسية الممثلة باربرا رونتشي، في البداية بدت العلاقة غير مستقرة، فهي ليست لديها أي خبرة في التعامل مع الأطفال، فأثناء اغتساله كانت تبعد وجهها عنه، حتى لا ترى عريه، تعامله كغريب، على الرغم من أنه طفل، إلا أن كونها فتاة لم تتزوج كانت تستحي من جسده العاري، وحين أراد احتضانها أبعدته، كانت تخشى الملامسة مع جسد آخر حتى لو كان طفلًا.
لكن أميريغو حين علم عن حبيبها الملقب بالذئب الذي كان بطلًا حزبيًا، فجّر معسكر الألمان في كافاتسونا، كان يختبئ في الغابة، ولكن ذات يوم بينما كان ينزل من الجبل ليزور جدته، قبض عليه الفاشيون، وربطوه بشاحنة وهو على قيد الحياة. وجرّوه بالشاحنة في جميع أنحاء البلدة، كان يصرخ وكأنه حيوان، لقد أدرك أميريغو مكمن ابتعادها عنه.
كانت الآنسة درنا تفكر في حبيبها دومًا، وحين ذكرها به، بدت حزينة وهشة وطبطب عليها أميريغو، كان كلاهما يحتاج للحضن، هي تحتاج لحضن حبيبها الملقب بالذئب، وهو يحتاج لحضن أمه، واحتضنته وبدت بينهما محبة، وتعلقت به، حتى أنها بكت أثناء رحيله وعودته لأمه، ولمس يدها في محبة والقطار ينطلق عائدًا لنابولي وأعطته الطعام وأوصته أن يكتب إليها، ونشأت بينهما مشاعر إنسانية جعلتها تشعر أنها أمه، وهو ما يحيلنا لمكالمة الهاتف في مطلع الفيلم، حين كان يحدثها كأم.
سرقة الابن
بدت نظرة أميريغو لبيت والدته تتغير بعد عودته من الشمال، وشعرت والدته من إهماله لها أن ابنها قد سرق منها، لقد عاد إنسانًا آخر، يأكل بحساسية ويعزف الكمان، وشعرت بغيرة الأم فقالت بحدة: «أنا وأنت صرنا وحدنا» وأبعدت عنه الكمان الذي يحبه، كانت الأم حزينة من أجله؛ لأنه عاد لحياة الفقر، رأت نظافته، فتمنت أن يظل هناك وخشيت أن تكون النقلة التي حدثت له ربما تسببت في صدمة نفسية له، أرادت أن تخلصه من الصدمة، حدث ذلك في مشهد بسيط عبرت عنه بعصبيتها وكرهها لعزفه على الكمان، كانت تريده أن يستمر، لكنها كانت تعلم أن الحياة قاسية. وقالت: «لا وقت لدينا لهذه الأشياء هنا، يمكنك أن تتعلّم حرفة».
ونام جانبها ولم يشعر بالدفء ولم تدلك له قدماه كما كانت تفعل قديمًا، وحين سأله صاحب الورشة عما يميز الشمال، قال أميريغو: «إنهم لا يصدرون ضوضاء، ويستمعون إليك عندما تخاطبهم». لقد نبتت حضارة الشمال داخله، حتى أنه أيَّد رفض الطفلة ماريوتشا العودة لنابولي، وقال: «تصرّف صائب منها» وحين رهنت والدته الكمان، وأخفت عنه رسائل الآنسة درنا، قرر أن يعود للشمال. كانت لحظة ألم شفيف وهو يرحل، بدا خلف زجاج القطار كطيف في المدينة، كأنه غير موجود، ورأينا الطيور تنطلق في الفضاء مهاجرة وهو يطير خلف حلمه.
استعادة الحلم
كانت النقلات بارعة بين حياة أميريغو في الكبر في عام 1994م، وبين حياته وهو غلام في عام 1946م، وظهرت مفاجأة الفيلم البارعة حين عاد وهو رجل لبيت والدته فوجد الكمان الذي رهنته وهو صغير من أجل أن تشتري له حذاءً وطعامًا، وجد الكمان الذي هرب من البيت بسبب فقده، لقد دفعت والدته ثمن رهن الكمان على الرغم من تركه لها، أعادت له حلمه حتى لو كلفها الحرمان من ضروريات حياتها، واهتزت الورقة في يده ونشج بصوت محروق يمزق قلبه، لقد علم الآن أنها ضَحَّت من أجله كثيرًا وأنها كانت تحبه، وأنها تركته لأنها تحبه أكثر، أحيانًا من يتركونك يحبّونك أكثر من الذين يجعلونك تبقى معهم.
وانتهى الفيلم بمشهد حضن رائع لأميريغو ووالدته، وهي تغني الأغنية نفسها التي افتتح بها الفيلم في مخيلة أميريغو، والتي ظلت في روحه طوال حياته:
«عيناك بجمالهما بهجة
لمعانهما يفوق بريق نجمة
سوادهما أشدّ من الظلمة» ■