إلى أن نلتقي

 إلى أن نلتقي

ذات طفولة

ذات يوم...
في ذات طفولة...

كان لدينا صندوق خشبي جميل أغرتنا مساحته أن نتخيله قطاراً ملوناً يأخذنا مع الأصدقاء في رحلة لا قيمة للزمن فيها .. وليس للأرض فيها حق في الجاذبية ثم منحنا القطار الخشبي حق الصعود بنا نحو السحاب وانزلقنا على قوس قزح الذي كان يشرب رذاذ المطر من بين أشعة الشمس.. وكذا حتى وصلنا غابتنا الجميلة فكانت لدينا مظلة فتخيلناها شجرة وجلسنا تحتها نمارس الأعمال الدرامية التي نسجنا في خيالنا الثري سيناريوهاتها المرتجلة، ورحنا ننهمك في تفاصيل هي أقاصي إدراكاتنا الأولى للحياة...

لمسنا القمر...
قطفنا الزهر...

رأينا يومها ما حدث اليوم وما حدث غداً...

كان الجو حاراً في تلك الغابة حتى أننا اشترينا المرطبات بينما كانت دنيا الكبار تأذن بعواصف ثلجية وروزناماتهم تشير إلى.. ديسمبر.

ساعات طوال استنفدت فهمنا وطاقاتنا وخيالاتنا وأصواتنا..وابتساماتنا... حتى تعبنا.. فنمنا ..

ثم ذات يوم..

طلع الصباح..

فاستيقظنا..

فإذا بنا كبار..

لم يبق من طفولتنا سوى دمى قديمة وقطع خشبية لم تعد تعتلي أقواس قزح...

وإذا بنا نحتمي جداً في ديسمبر... ونخشى العواصف الثلجية.. والأمراض الشتائية وأشياء أخرى..

وفي طوايا نفوسنا تراكمات من خبرات مركبة صارت مع السنين مسلمات لا نحكم إلا بها ولا نؤمن إلا بها.. أما الخيال والحلم.. فلم تعد تتولاه لدينا حاسة.

يمضي العمر ونحن ننسى ذلك الطفل الجميل الذي غاب في وديان أنفسنا، ننسى أن الإبداع والخيال المطلق الذي أسس كل بداية براءة اختراع لدى الكبار... هو أساس الطفولة ومحورها..

يمضي العمر.. ونحن نجتر ذكرى أذى صدر من صديق.. بينما طفلنا يعود يضحك مع قرينه والدمعة لاتزال في عينيه. يروح الشباب والنشاط وأوقات الهمة ونحن لا نمتلك أدنى مهارات الطفل في العمل الجماعي الذي يؤديه الطفل حريصاً على نجاح العمل لإنجاح اسمه.

الطفل مخلص جداً في عمله.. واضح جداً في رؤيته.. الطفل مبدع على الإطلاق، وليس هناك طفل غير مبدع لأنه على الأقل ليس هناك طفل لا يرسم.. وليس هناك طفل لم يأخذ دوراً يمثله في لعبة!

فلنتصفح ما يدركه الطفل .. وكيف يعرف ما يريد ويرسم ما يريد.. ويقول ما يريد.. بالطريقة التي يريد.. فلا نجعل حواسنا تملك زمام إدراكنا بل نسلم القيادة لعقولنا وخيالاتنا بل وأحلامنا ولنبق طفوليي القلب والأسئلة والفضول حتى لو زارت رءوسنا مراعي الشيب.

 

 

نوار سكجها