طرائف عربية

طرائف عربية

العفو عند المقدرة
من أكل خبزنا عفونا عنه

علق أحـد الرجـال وهو مكبل بالقيد والأصفاد في يديه، في شمس حارة، ووقت صعب كالجحيم. وعندما حانت ساعة ضرب عنقه تعطفت عليه زوجـة الجلاد بكسرة من الخبز. وما إن أقبل الجلاد ممسكـا بسيفـه، حتى رأى المسكين بكسرة الخبز في يده. فقـال له: من أعطـاك أيها الحقير هذا الخبز قال: أعطتني إياه زوجتك. فما إن سمع الرجل جوابه، حتى قال: أصبح قتلك محرما علينا، لأن كل من قضم خبزنا، لا يمكـن رفع اليد بالسيف نحوه ولا يمكن أن تكـره أرواحنا من أكل خبزنا، فكيف يحل لي سفك دمك بسيفنا.

"إلهي لقد سرت في طريقك، وأكلت من خبزك على خوانك فلتصفح عني وكن ناصري".

القدرة تذهب الحفيظة

حضر "الشعبي" عنـد "مصعب بن الزبير"، وهو أمير الكوفة وقد أتى يقوم، فـأمر بضرب أعناقهم، فأخذ ليقتلوا. فقال له "الشعبي":
أيها الأمير، إن أول مـن اتخذ السجن كـان حكيما، وأنـت على العقوبة أقدر منك على نزعها.

فأمر "مصعب" بحبس القوم، ثم نظـر في أمرهم بعـد، فوجـدهم براء، فأطلقهم.

حلم المنصـور

استيقظ "المنصور" ليلة من الليالي وهو مذعور لرؤية رآها، فصاح بالربيع، وقال له: صر الساعة إلي الباب الثاني الذي يلي باب الشام فإنك ستصادف هناك رجلا مجوسيا مستندا إلى الباب الحديد، فجئني به، فمضى "الربيع" مبادرا، وعاد والمجوسي معه.

فلما رآه "المنصور" قال: نعم، هو هذا، ما ظلامتك؟
قال: إن عاملك بالأنبار، جاورني في ضيعة لي فسامني أن أبيعه إياها فامتنعت. لأنها معيشتي، ومنها أقوت عيالي، فغصبني إياها.

فقال له المنصور: فبأي شيء دعوت قبل أن يصير إليك رسولي؟

قـال: قلت: اللهم إنـك حليم ذو أنـاة، ولا صبر لي على أناتك.

فقـال المنصور للربيع: أشخص هـذا العامل، وأحسن أدبه، وانتزع ضيعـة هذا المجوسي من يده، وسلمهـا إليه، وابتع من العامل ضيعته وسلمها إليه أيضا.

ففعل ذلك الربيع كله في بعض نهار يوم، وانصرف المجوسي، وقد فرج الله عنه، وزاده، وأحسن إليه.

عن المتاهة وعفو الملوك

يحكى- والله أعلم- أن أحد ملوك الفرنجة دعا مهندسيه وسحرته، وأصحاب أسراره وأمرهم ببناء متاهة من دخلها لا يخرج منها أبدا. وبعد مضي زمان دعا الملك أحد ملوك العرب إلى مملكتـه وعندما رأى بساطة الملك العربي أراد أن يسخر منه وطلب منه أن يدخل المتاهة.

تاه الملك العربي في سراديبها، ودروبها، وضاقت نفسه وأيقن الهلاك، وشعر بالمهانة والمذلة ثم دعا الله أن يكشف عنه الغمة ويأتيه بالفرج بعد الشدة، ويكشف له بعفو عن باب المتاهة حتى عثر عليه، ولم تنطق شفتاه بشكوى. وعندما عاد إلى بلاده جمع قواده وجنوده وأغار على ملك الفرنجة، وأتلف ملكه، وهدم مـدنـه، وأسر الملك وأخذه إلى جزيرة العرب حيث أركبه جملا وبعـد مرور ثلاثة أيام وهما يقطعان صحراء من رمـال في وسـع المحيـط قـال لملك الفرنجة: " آه يا ملك الزمان لقد أردتني أن أضيع في متاهـة من نحاس، كثيرة الدروب والمسالك، والآن يشاء القدير أن أعرض عليك متاهتي حيث لا سلالم تصعد، ولا أبواب تفتح، أو تغلق، ولا أروقـة تعبر، ولا جـدران تمنعك من السير". ثم عفا عنه، وفك قيوده وتركه وسط الصحراء.

ومن أقـوالهم:

  • إن المقدرة تذهب الحفيظة.
  • لا ينتصف حليم من جاهل.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات