120 عاما على أسطوانة إديسون.. وصار الصوت رقميا

120 عاما على أسطوانة إديسون.. وصار الصوت رقميا

هذا العام 1997, يكون قد مضى 120 عاما على الأبحاث التي ارتبطت ببدء التقنيات الخطية الكلاسيكية لأول نظام صوتي وهو ما يسمى غراموفون, ففي عام 1877 بالتحديد سجل إديسون براءة اختراعه التي تعتبر أساس الغراموفون الكلاسيكي.

إن براءة الاختراع الأمريكية رقم 200251, والتي سجلها إديسون عام 1877 كانت بعنوان تحسين الغراموفون أو الآلات المتكلمة. وإديسون طبعا لم يكن الأول ولا الوحيد الذي اهتم بالتجارب الخاصة بتسجيل وإعادة سماع الأصوات وما يؤكد ذلك هو اسم براءة الاختراع, حيث إن كل مخترع ناجح ينهل من معلومات وأفكار العلماء السابقين له في هذا المجال. ومن أهم وأبرز الذين سبقوا إديسون في أبحاثه, نذكر العالم إدوارد ليون سكوت وجهازه المسمى فونوأوتوغراف, ومن الذين عاصروا إديسون نذكر أيضا العالم تشارلز كروز, والذي قام بتجارب لتسجيل الأصوات على أسطوانة طولية. ولا يمكن أن ننسى العالم غراهام بل أيضا, ويبدو اليوم أن الاسم الثاني لاختراع إديسون غريب قليلا, علما بأن هذه الأجهزة عند بداية التجارب في ذلك الوقت كانت فعلا أجهزة متكلمة, حيث كان لإديسون أيضا آلته المتكلمة التي اخترعها. وفي بدايات أعماله لم يكن يتصور أن الفونوغراف الذي اخترعه يمكن أن يستخدم بشكل كبير لسماع الموسيقى, حيث اعتبر اختراعه كلعبة في البداية ليس لها معنى كبير, ولكنه في السنوات اللاحقة اهتم بشكل أكبر بالصمام وبالمصباح الكهربائي وبالتقنيات الضوئية.

إن اختراع إديسون له أهمية خاصة, لأنه يصف التصميم بشكل دقيق, وأهم جزء فيه كان أسطوانة معدنية طولية, مغطى سطحها بتلافيف حلزونية من طبقة معدنية رقيقة, وللأسطوانة محور ذو أسنان مثبتة على دواليب مسننة وعلى نهاية المحور توجد عتلة, وظيفتها تدوير المحور وفي نفس الوقت الأسطوانة الطولية. أما الإبرة فكانت مثبتة على الأسطوانة وفي نهايتها غشاء بشكل بوقي تتحرك الإبرة على الأسطوانة بشكل أفقي مما يؤمن انتقال الإشارة إلى الغشاء, حيث يتم سماع الصوت. من أوائل التسجيلات المحفوظة, والتي نفذها إديسون على جهازه كانت أغاني للأطفال "كان عند ماريا غنمة صغيرة". فلنعد ثانية إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي, عندما ترك إديسون اختراعه واهتم بتطوير المصباح الكهربائي, في هذه الفترة بدأ بالاهتمام بالفونوغراف فنافسه آنذاك غراهام بل والذي اخترع الهاتف عام 1876. حيث نال على اختراعه هذا من الحكومة الفرنسية عام 1880 جائزة فولت حيث إن هذه الجائزة ساعدت بل على تجهيز مخبره بشكل أفضل ثم انتقل بعد ذلك إلى مجال تسجيل الصوت وأجهزته.

بعد ست سنوات من التجارب استطاع غراهام بل مع مساعده تشارلز تاينتر أن ينتج فونوغرافا جديدا أسماه غرافوفون حيث إنه استعاض عن الطبقة المعدنية الرقيقة بأسطوانة شمعية طولية. في هذا الوقت أنهى إديسون العمل على تطوير المصباح الكهربائي, وعرض بل وتاينتر على الجمهور اختراعهما مما جعل إديسون يعتقد أنه من الممكن تطوير هذا الجهاز وذلك ليمكن استخدامه بشكل أوسع. كان بل وإديسون على مستوى عال فنيا, وكذلك شارك رجال أعمال متميزون حيث تنافسوا سابقا في مجال الهاتف والتلجراف ومنذ عام 1887 تقريبا تنافسوا في مجال إنتاج أجهزة التسجيل الفونوغراف القابلة للاستعمال من قبل الجمهور. وبعد عام 1900 أصبح في أمريكا وأوربا عدة شركات تنتج هذه الأجهزة, حيث إنه في عام 1912 تم إنتاج حوالي مليون جهاز ومن أنواع مختلفة, وتنوعت التسجيلات من الأوبرا إلى الموسيقى الخفيفة. كانت مدة تسجيل الأسطوانات ذات القياس الثابت وبقطر إصبعين دقيقتين. وبعد مدة ازدادت إلى أربع دقائق حيث إن التسجيل من وجهة النظر الحالية كان رديئا وجودة سماع المعزوفات كانت سيئة. بعد ذلك بدأ إيميل بيرلاينر بشكل مكثف العمل قبل عام 1900 على محاولة الاستعاضة عن الاسطوانات الطولية بالأسطوانات الدائرية. إن بيرلاينر ومعاونيه أدركورا مدى أهمية اختراعهم, ومدى الحاجة إلى إنتاج الأسطوانة الدائرية بشكل كبير جدا, لذلك بدأوا بالتسجيل على الأسطوانة الدائرية. وقبل التسجيل على الأسطوانة الطولية استخدموا ولأول مرة كلمة غراموفون. ولكن نقاوة التسجيل كانت ـ ولعدة سنوات ـ أسوأ من التسجيلات التي أنجزت بواسطة الأسطوانات الطولية المنافسة. وفي عام 1895 توصل بيرلاينر ومجموعته إلى نتائج طيبة, مما حدا بعدة مستثمرين في فيلادلفيا إلى تشكيل هيئة من أجل إنشاء معمل لإنتاج أجهزة الغراموفون, وهكذا كان قد تقرر نهاية أجهزة إديسون, علما بأن ذلك استمر عشرين عاما قبل أن تحل أجهزة الغراموفون الجديدة هذه محل الأجهزة التي تستخدم الأسطوانات الطولية. وفي أوربا قررت شركة إديسون وقف إنتاج الأسطوانات الطولية عام 1909 وشركة كولومبيا أوقفت إنتاجها في عام 1912 علما بأن شركة إديسون بقيت تنتج الأسطوانات الطولية في أمريكا حتى عام 1929.

في البداية وبعد البدء بإنتاج الأسطوانات الدائرية وأجهزة الغراموفون بوشر باستخدام الإلكترونيات في صنع هذه الأجهزة ووقف في بدايتها أيضا إديسون, والذي تأكد من حركة الإلكترونات الحرة في الفراغ عند تصميمه المصباح الكهربائي, وفي عام 1904 سجل فلامينغ براءة اختراعه لأول مقوم فراغي, وفي عام 1906 سجل أيضا العالم لي دي فوريست براءة اختراعه المتعلقة بصمام التريود, وفي عام 1912 بدأت شركات جنرال إليكتريك اختراع أول غراموفون كهربائي بواسطة شركة ويسترن إليكتريك في عام 1918, ولكن تقنية التسجيل والاستماع بقيت ميكانيكية, ومع بداية عام 1920 بدأ العمل على تقنية أجهزة التسجيل الكهربائية وبشكل ناجح في مختبرات شركة بل تلفون.

في هذه الفترة أيضا بدأ تطور تقنية نقل الإشارات بواسطة الموجات الكهرطيسية وذلك باستخدام الصمامات. وبدأ الإرسال الإذاعي المنتظم, إن تطور التقنية الإذاعية تضمن أيضا تطور الميكروفون ومكبرات الصوت, وفي بداية العشرينيات من هذا القرن تم تطوير ميكروفونات سعوية, تم إنتاجها فيما بعد من قبل شركة (RCA) وويسترن إليكتريك وبدأت هذه الشركة بإنتاج مكبرات صوت عالية الاستطاعة وبإنتاج أول آلة تسجيل خاصة بالأسطوانات الدائرية.

إن أجهزة الغراموفون التي أنتجت في ذلك الوقت بقيت بنسبة كبيرة ميكانيكية وذات آلية تحريك ميكانيكية للإبرة, حيث كانت الأجهزة ذات الآلية الكهربائية غالية جدا وكانت تعتبر معقدة أكثر من اللازم, حتى كانت الأجهزة ذات الإبرة المغناطيسية والمكبر الذي يتكون من الصمامات معقدة أيضا, وتم تسجيل هذا الغراموفون كبراءة اختراع في عام 1918.

في الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين, تطورت صناعة الغراموفون في كل العالم واستمر تصنيع أسطوانات شيلاك مع بودرة طبيعية صلبة معبأة في مادة الأسطوانة حتى نهاية الأربعينيات. كان للأسطوانة حز عريض والإبرة كانت من الحديد وتدور بسرعة 78 دورة بالدقيقة, والتسجيل كان يتصف بالتشويش حيث كان فرق الإشارة من التشويش على هذه الأسطوانات 30 ديسبل (DB) وبالتالي جودة الاستماع إلى هذه الأسطوانات وعلى أجهزة ميكانيكية الحركة كانت سيئة نوعا ما.

إن تطور إنتاج أجهزة الغراموفون الكهربائية بدأت فعليا خلال الأربعينيات وبشكل أكبر بعد الحرب العالمية الثانية, حيث إن تصميم الذراع الكهربائية التي تحمل الإبرة مع المستقبل والمكبر ذي الصمامات مكن من رفع كفاءة الاستماع, وفي هذه الفترة أيضا تم تطوير الذراع الكهربائية الكبيرة والثقيلة.

زمن التسجيل الطويل

كان عام 1948 فترة مهمة جدا في تطور تقنية الغراموفون, حيث أنزلت إلى الأسواق في هذا العام أسطوانة دائرية مع حز ناعم وباسم LP-(LANG PLAY) ـ أسطوانة ذات زمن طويل ـ حيث استخدمت مواد ساهمت في تخفيض التشويش, وهو كوبوليمرفينيل كلوريد, فعند أسطوانات شيلاك كان الحز بعرض 0.2 مم بينما في أسطواناتLP هو بحوالي 0.04 مم. وبالتالي فإن حزوز الأسطوانة ورأس قراءة التسجيل ذا الأبعاد الصغيرة جدا مكنا من تخفيض سرعة دوران الأسطوانة وبالتالي قراءة التسجيل إلى 33 دورة بالدقيقة. إن نظام LP تضمن أيضا مميزات التسجيل الجيدة مثل المميزات الترددية. إن أسطوانات LP مع الحزوز الناعمة تطلبت وقبل كل شيء تطوير حوامل الإبر الخفيفة, واهتماما أكبر باهتزاز أنظمة الدفع أو الحركة التي كانت تسبب تسريب الإشارة المشوشة إلى الإشارات الصوتية. وبدأ في الخمسينيات تطوير تقنية إنتاج الغراموفون من طبقة HI-FI (الصوت عالي النقاوة), كما استمر المنتجون بمحاولة إنتاج أجهزة وبأسعار معقولة, ولكن المنعطف الآخر المهم في تطور أسطوانات LP كان عام 1958, حيث تم التوصل إلى اتفاق حول نظام الستيريو لأسطوانات الغراموفون, وتم إنزال أسطوانات الستيريو إلى الأسواق أيضا, علما بأن نظام 45 درجة/ 45 درجة لميلان الحز في الأسطوانة وضعه (أ.د. بلوملاين) وسجله كبراءة اختراع في إنجلترا عام 1931. إن أسطوانات الستيريو LP تطلبت تحسينا في القراءة وفي نظام الحركة للغراموفون, حيث تم البحث في أشكال مختلفة لإبرة قراءة التسجيل تسمح بالقراءة مع عوامل تشويش لا خطية صغيرة, وقد تم التوصل فيما بعد إلى إبر قراءة ذات إمكانية قراءة عالية ومقاومة ميكانيكية صغيرة على رأس الإبرة, وبالتالي فقد تطلبت هذه الإبر المتطورة وجود حوامل بتصاميم جديدة ومع مضاجع دقيقة ومع إمكانية وضع قوة صغيرة أفقية على الرأس.

ويعتبر نظام الستيريو 45 درجة/ 45 درجة ـ وبالمقارنة مع الأسطوانة العادية ـ حساسا أكثر للاهتزاز الذي يسببه محرك الغراموفون على نظام القراءة ونظام الحركة. وخلال الستينيات استمر تطوير تقنية الستيريو حتى وصلت إلى كفاءة عالية وخاصة بالنسبة للتسجيل والاستماع الموسيقي.

في حوالي عام 1970 ظهرت تقنية جديدة في مجال الغراموفون تعتمد على قراءة التسجيل الصوتي بأربع أقنية وسميت بنظام الصوت الرباعي. في البدء تم تطبيق نظامين دعيا (نظام الصوت الرباعي المصفوفي) حيث كانت تمزج أولا الإشارة رباعية الأقنية في الدارة المصفوفية ومن ثم تحول إلى قناتين ستيريوفونيين وتوزع ثانية إلى أربع أقنية في جهة مكبرات الصوت والمضخم في نظام الكوادروفون المصفوفي من نوع 4ـ2ـ4, ولكن لم يتم الوصول إلى فصل متقن للأقنية الأربع الأصلية, حيث كان ذلك السبب الرئيسي في عدم استمرار هذا النظام لأكثر من خمس سنوات تجاريا.

لم تنجح أيضا المحاولة لإنتاج نظام للتسجيل الكواداروفوني المتقطع على أسطوانة الغراموفون لشركة (JVC). وذلك بسبب تعقيد الحل تقنيا أكثر من اللازم. والذي تطلب مجال تردد للأسطوانة والإبرة حتى 45 كيلو هرتز, حيث كان فصل كل الأقنية جيدا جدا ولكن فصل الإشارة عن التشويش كان سيئا وذلك بالمقارنة مع الأسطوانات التي تستخدم نظام الستيريو.

بدايات تقنية الصوت الرقمية

وصل تطور الإلكترونات الدقيقة في السبعينيات إلى مستوى عال, حيث وقف عند بداياتها "شوكلي" واكتشافه المتعلق بوظيفة أنصاف النواقل والمعبر الناقل P-N. وكما أن ظهور الترانزستور عام 1951 في مخابر شركة "بل" كان فتحا جديدا في عالم الإلكترونات, فقد حاولت في عام 1959 شركة تكساس انسترومنت إنتاج أول دارة تكاملية (شيبية) مع عناصر نصف ناقلة وعناصر ثنائية الأقطاب ضمن غلاف واحد, حيث تم إنتاج العديد منها بعد ذلك في بداية السبعينيات, وفي هذا الوقت أيضا بدأ تطور الإلكترونات الرقمية أي الإلكترونات التي تعمل مع إشارات مشفرة في مجموعات منفصلة بنبضات كهربائية, إن الإلكترونات الرقمية تعمل فقط في حالتين متوافقتين, الصفر والواحد -0و1- حيث إن هذه الدارات سريعة جدا وتستطيع مع هذين الرقمين الحساب بسرعة أكبر من أي تقنية أخرى كانت موجودة. وبدأ البحث في تحليل ومعالجة الإشارات الصوتية الرقمية في الكثير من المخابر في بداية السبعينيات, حيث تمت الاستفادة هنا من تقنية التعديل التشفيري النبضي الذي كان مستخدما في الاتصالات التلفونية, والتي تؤمن ترميم الإشارات المنقولة وبالتالي تنقيتها من التشويش وتحويلها إلى إشارات واضحة وقابلة للتحويل إلى صوت واضح. إن التقنية الخطية (الإشارات المتصلة)يمكن تكبيرها بشكل متكرر ولكنها في كل مرة تكبر معها أيضا إشارات التشويش, ومن خلال الاستماع المتواصل للأسطوانات المعتمدة على هذه التقنية تستهلك هذه الأسطوانات, حيث يستهلك المجال الكهرطيسي لخطوط التسجيل وبالتالي تضعف كفاءتها رويدا رويدا وكذلك آلة التسجيل على أشرطة, ويظهر ذلك في رداءة التسجيلات التي نسمعها باستمرار حيث إن التقنيات الخطية لها حد فيزيائي من الكفاءة لا يمكن تجاوزه. أما التسجيلات الرقمية الديناميكية فهي معطاة بطول الرموز المشفرة أي بعدد الأصفار والوحدات والمسماة بيت (BIT) في رمز واحد. إن مجال تردد الإشارة المشفرة يحدد عدد الرموز المشفرة بواحدة الزمن, وزيادة سعة البيتات لمعدات التسجيل يمكن من زيادة ديناميكية أو مجال تردد الإشارة المنقولة أو الاثنين معا.

بعد عام 1970 تقريبا بدأ بشكل متتال تطوير تقنية التسجيل التلفزيوني في الاستديو, وفي مجال الأجهزة الاستهلاكية بدأ التسابق بين عدة أنظمة فيديوية للاستخدامات المنزلية. ومن الطبيعي أن يرافق تطور هذه المعدات التلفزيونية التسجيلية معدات تصنيع الغراموفون, وهكذا بدأ العمل على أسطوانة الصور. هناك معنى تاريخي خاص لمجموعة العاملين في شركتي تليفونكن وديكا, اللتين بدأتا أولا في تطوير أسطوانة ذات سعة كبيرة, وتطوير نظام يعمل على مبدأ ميكانيكي كهربائي, ولكن هذه المجموعة انتهت نهاية غير سعيدة نظرا لعدم كفاءة ورواج نظامها, وفي تنافس شديد بين الشركات انتصرت شركة فيلبس بنظامها الليزري ذي التسجيل الضوئي والمسمى ليزرفيجن. وفي عام 1978 عرضت شركة سوني جهازها الفيديو الرقمي ذا الـ 24 قناة, وهكذا بدأت الشركات تتسابق في إنتاج معدات رقمية خاصة بالاستديو وموجهة للمستهلكين أيضا. وفي أواخر السبعينيات بدأ العمل على تطوير الأسطوانات المدمجة "المتراصة" الرقمية (COMPACT DISC) (CD) حيث عرضت شركة سوني عام 1979 نظام CD وعام 1981 قررت شركة ماتسوشيتا (MATSUSHITA) اليابانية الدخول في هذا المجال وكان لذلك تأثير عالمي لتثبيت هذا النظام واستمرار إنتاجه, وهكذا عرض نظام CD على الجمهور عام 1981. والأسطوانات المدمجة CD عرضت بعد عام واحد من ذلك, ومن ثم بدأت تقنيات الغراموفون الرقمية الحديثة بالاستعاضة عن تقنيات الغراموفون الخطية. إن هذه التقنية الجديدة فسحت المجال أمام إمكانات كبيرة وأهمها زيادة جودة نوعية الصوت.

إن نظام CD ودون منازع حتى الآن يمكن من الوصول إلى كفاءة عالية للصوت في أجهزة الصوت المنزلية. حيث إن إشارة الخرج تكون عمليا متوافقة تماما مع الإشارة الداخلة إلى جهاز التسجيل, وإذا كانت كل ظروف الاستماع من أجهزة وأسطوانات مدمجة سليمة فإن المستمع يمكن أن يسمع الصوت كما يعزفه العازف في القاعة.

ومن أهم خواص نظام CD استبعاد ظواهر التشويش التي كانت مقترنة مع الأسطوانات الكلاسيكية للغراموفون. الظاهرة التشويشية الوحيدة التي قد تظهر عند الاستماع إلى نظام CD هي حصول أي كسر أو عطل في الأسطوانة ذاتها أو أي كسر في جهاز التسجيل. إن نظام CD يستبعد مبدئيا التشويش الميكانيكي أو الستاتيكي الناتج عن ظواهر التغذية العكسية الناتجة عن معدات التسجيل وتكون هذه المعدات إلى حد ما غير متأثرة بالاهتزاز أو الحركة, حيث إن الأجهزة الحديثة الآن تستخدم في السيارة وحتى بشكل محمول في الجيب. إن هذه الأجهزة تمكن من تسجيل الأصوات بجودة عالية جدا ولجميع ترددات المجال الصوتي. ولكن نظام CD لا يمكن أن يحسن من تسجيل هو سيىء بالأصل وبالتالي يمكن أن توجد تسجيلات سيئة وتسجيلات جيدة.

بعد أربع عشرة سنة

إن الأسطوانة المدمجة CD وبعد أربع عشرة سنة من إنتاجها عرفت تحسينات كبيرة, ونزلت إلى الأسواق أنواع كثيرة منها ومن شركات عدة ويأتي كل ذلك لمصلحة المستمع, وأهم فائدة هي حصول تخفيض كبير في الأسعار وبالتالي أصبحت هذه الأجهزة ضمن إمكانات المستهلكين. هذا في مجال الصوت وأجهزة المستهلكين من CD. وهناك استخدامات مهمة يمكن الاستفادة من نظامCD . فيها, ومن أهمها استخدامها كذاكرات إضافيةCD-ROM لأجهزة الحواسب حيث يمكن تسجيل المعلومات والبيانات وحتى الصور المختلفة عليها, يوميا تطالعنا الصحف بأسماء مئات العناوين للبرامج أو المواد المسجلة على هذه الأسطوانات "الذواكر" مثل القواميس الإلكترونية والموسوعات المختلفة, وتتميز هذه الذواكر بالسعة الكبيرة ولكن تبقى مشكلة التسجيل المباشر على هذه الأسطوانات المدمجة قائمة ولاتزال في طور البحث والتجريب حيث إنه بالإمكان التسجيل عليها ولمرة واحدة فقط في المختبر ومن ثم نستطيع القراءة منها بعدد مرات غير محدود. وكذلك في مجال استخدامها للتسجيل الفيديوي فإن سعتها تبقى أقل من أن تستوعب فيلما سينمائيا مثلا سعته ساعة ونصف الساعة, ولكن ننتظر أن تظهر قريبا هذه التقنيات الحديثة والتي تمكن من إنتاج أسطوانات مدمجة رقمية تلبي كافة المتطلبات التقنية الحديثة وبالتالي نستطيع الحصول على كفاءة ونوعية ممتازة للصوت والصورة. وتساهم في تقنية جادة المعلومات والمسماة المالتي ميديا (MULTIMEDIA) والمتوقع انتشارها بشكل واسع في المستقبل, وذلك بعد التطور الكبير الذي مرت به الشبكات المعلوماتية المختلفة.

 

 

 

محمد ياسين صبيح