تنقية الدم من الكولسترول الضار

 تنقية الدم من الكولسترول الضار

أعمدة من الأرقام تظهر وتختفي على الشاشة الصغيرة, ومضخات تعمل دون انقطاع, وأنابيب توصل الجهاز الدموي للمريضة بجهاز معقد التركيب. ويبدو كل هذا شيئا مرعبا, تماما كما لو أن المريضة كانت في غرفة العناية المركزة. ومع ذلك فإن المريضة الراقدة على السرير بجوار هذه الأجهزة المعقدة تبدو في حالة نفسية جيدة وهي تقول: "أنا مسرورة لوجود شيء مثل هذا".

لقد أصيبت هذه السيدة التي تبلغ من العمر أربعة وثلاثين عاما بأزمة قلبية وعولجت بمستشفى بمدينة كاسيل الألمانية باستخدام طريقة Help. وهذه الطريقة هي الاسم المختصر للجملة الإنجليزية Heparin - Induced Extra Corporeal Low - Density - Lipoprotein Precipitation.

وترجمتها: ترسيب الدهنيات المنخفضة الكثافة باستخدام الهيبارين خارج الجسم.

هذه الطريقة تخفض مستوى الكولسترول في الدم, وقد استحدثت بواسطة إحدى شركات الأدوية بالتعاون الوثيق مع البروفيسور ديتريش زايدل رئىس قسم الكيمياء الإكلينيكية بالمستشفى التعليمي بمدينة جوتينجين بألمانيا. وهي تشبه الطريقة المستخدمة في جهاز الكلية الصناعية لإجراء الغسيل الكلوي في حالات الإصابة بالفشل الكلوي.

وباستخدام هذه الطريقة فإن المستويات العالية للكولسترول في الدم والتي تنتج عن اضطرابات في التمثيل الغذائى للدهنيات يمكن خفضها إلى المستوى الطبيعي, وبذلك يمكن الوقاية من جلطات الأوعية الدموية, واحتشاء عضلة القلب, والسكتة المخية "التي تنتج عن جلطة المخ أو نزيف المخ". وهذه الأمراض تعتبر مسئولة عن ثلاثين إلى أربعين بالمائة من حالات الوفاة في ألمانيا.

نوعان من الكولسترول

من المعروف أن الدم يحتوي على نوعين من الكولسترول: الكولسترول المنخفض الكثافة LDL, وهو النوع الذي يسبب ضررا للأوعية الدموية, والكوليسترول العالي الكثافة HDL الذي يحمي الأوعية الدموية من حدوث الجلطات. وطريقةHelp ترشح الكولسترول المنخفض الكثافة الذي يسبب تصلب الشرايين بينما تحتفظ بالكوليسترول العالي الكثافة الذي يحافظ على سلامة الشرايين.

إن المريضة التي نحن بصددها تعاني من اضطراب وراثي في التمثيل الغذائي للدهنيات, فقد كانت أمها تعاني من ذلك الاضطراب طوال حياتها وماتت في سن الثامنة والخمسين بسبب أزمة قلبية. وقد أصيبت المريضة لأول مرة بأزمة قلبية في فبراير عام 1994, وكانت نسبة الكولسترول في دمها أكثر من 500 مليجرام في كل مائة سنتيمتر مكعب من الدم, وهو رقم عال جدا إذا ماقورن بالنسبة الطبيعية التي لاتتعدى 200 مليجرام في كل مائة سنتيمتر مكعب من الدم. وباستخدام العقاقير ونظام غذائي معين أمكن تخفيض هذه النسبة إلى 300 مليجرام في كل مائة سنتيمتر مكعب من الدم. وبعد أربع جلسات بطريقة Help انخفضت في إحدى المرات إلى 113 مليجراما ولكنها ارتفعت بعد ذلك.

وقد كانت هذه السيدة تشكو من آلام بمنطقة القلب مع إحساس بالتعب والاكتئاب. أما الآن فهي تشعر بحيوية أكثر وتفتح للحياة, كما أن التقلصات التي كانت تحدث بمنطقة القلب اختفت تماما. وعندما شاهدت للمرة الأولى الأجهزة المعقدة شعرت برعب حقيقي, إلا أن الأطباء والممرضات خففوا من رعبها. وبعد الجلسة الأولى اختفت كل مخاوفها.

نظام العلاج

كل جلسة تستغرق من ساعة ونصف إلى ساعتين. وفي أغلب الحالات يستدعي الأمر إجراء مايسمى "تحويلة للدم" وذلك بأن تعمل توصيلة بين وريد وشريان في منطقة الساعد, ثم يسحب الدم ويحقن ثانية من خلال التوصيلة. ويستخرج الكوليسترول الزائد بعملية معقدة تحدث بعد فصل الدم إلى بلازما ومصل, ثم تمزج البلازما بعناصر معينة وتحرك بشدة. وبعد ذلك ترشح ذرات الكولسترول المنخفض الكثافة. وخلال كل جلسة يزال من البلازما 60% من الكولسترول المنخفض الكثافة, وهذه الكمية يبلغ وزنها في المتوسط من عشرة جرامات إلى خمسة عشر جراما. وهذه الطريقة العلاجية لها ميزة أخرى, فبالإضافة إلى إزالة الكولسترول الضار تزال أيضا مادة الفيبرينوجين Fibrinogen التي تساعد على تجلط الدم. ونتيجة لذلك يجري الدم بسهولة أكثر وتتحسن كثيرا الدورة الدموية في الشرايين. ومن المفروض أن يستمر العلاج بهذه الطريقة مرة كل أسبوع خلال الشهور الستة الأولى, ثم مرة كل أسبوعين بعد ذلك.

حالات مرضية أخرى

إن المريض الأول الذي عولج بهذه الطريقة بمستشفىى البلدية بكاسيل كان يبلغ التاسعة والثلاثين من عمره, وقد استغرق علاجه عشر جلسات انخفضت بعدها نسبة الكولسترول من 300 إلى 200 مليجرام.

وبهذه المناسبة نذكر حالة مريض آخر يبلغ من العمر اثنين وثلاثين عاما, وفي أحد الأيام أصيب بأزمة قلبية شديدة فاجأته. أثناء عمله. وقد اكتشف فيما بعد أنها كانت نتيجة لاضطراب مزمن في التمثيل الغذائي للدهنيات. وبالرغم من العلاج بالعقاقير ظهرت أعراض احتشاء عضلة القلب بعد عامين. وقد اضطر لإجراء ثلاث عمليات بالشرايين التاجية لإنقاذه من الموت.

بعد ذلك تحسنت حالته كثيراً, ولكن بالرغم من جميع العقاقير التي استخدمها لم تنخفض نسبة الكولسترول في دمه عن 300 مليجرام. لذلك اضطر إلى عمل جلسات علاج بطريقة Help. ويقول هذا المريض إنه استفاد كثيرا وأصبح أكثر هدوءا وأقل قلقا, فقد غيرت طريقة Help حياته تماما.

وحتى الآن لم توجد أية آثار جانبية لهذه الطريقة العلاجية, كل ما هنالك أن المريض يشعر بعد كل جلسة بأنه في أشد حالات الجوع.

 

 

أنيس فهمي