مدارس التربية الخاصة في الكويت: عقول نيرة.. وأعمال خيرة

مدارس التربية الخاصة في الكويت: عقول نيرة.. وأعمال خيرة

تصوير: فهد الكوح

نور.. وأمل.. ووفاء.. ورجاء.. معان واعدة لأسماء هادفة اختيرت بتمعن وترصد لتكون اسما وعنوانا لمدارس التربية الخاصة في دولة الكويت التي تضم في أحضانها إحدى عشرة مدرسة للتربية والتعليم الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين فكريا وبصريا وسمعيا وحركيا.

في الشمال الشرقي من محافظة حولي وعلى موقع متميز من شارع القاهرة بمدينة الكويت تطل مباني إدارة مدارس التربية الخاصة التي تبدو كبيرة في مساحتها.. متواضعة في بنيانها, فهي من إنتاج السبعينيات. وبرغم عمرها الذي تجاوز ربع قرن من الزمان, فإنها لا تزال تحافظ على قوامها ومظهرها الخارجي والداخلي بفعل التجديد والصيانة والمحافظة على طابعها القديم المتجدد. بل قد قيل لنا إنها تُعد من أهم معالم الكويت نظرا لدورها التربوي والإنساني الذي تضطلع به, ولذلك فهي قبلة كبار زوار الكويت, ومحط أنظار واهتمام مسئوليها.

ولعل أول ما يلفت انتباه الزائر لهذا المكان الفسيح هو الهدوء التام الذي تتمتع به أرجاء الإدارة والنظام المدرسي الدقيق الذي تتحلى به أقسامها المختلفة. لكن الأهم والأجمل هو تلك اللمسات الإنسانية التي لا تخطئها العين والتي يعبر عنها كل ركن من أركان مدارس التربية الخاصة الذي زين جداره بلوحة ناطقة أو كلمة معبرة في حق الإنسان المعاق الذي آمن وعمل بشعار: "إن كنت معاقا فلست بعاجز".

وفي بداية جولتنا الاستطلاعية في إدارة مدارس التربية الخاصة, التقينا بمديرها الأستاذ سليمان الصالح الذي حدثنا عن تطور هذه التجربة قائلا:

تأسست مدارس التربية الخاصة في عام 1955, وكانت البداية بمدرسة واحدة وهي معهد النور للمكفوفين, وكانت تضم وقتها (30) طالبا كفيفا, ثم تلتها مدرسة النور ـ بنات. وكان يطلق عليهما في ذلك الوقت اسم: المعاهد الخاصة, وقد تم افتتاح مجمع المعاهد الخاصة في عهد أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح في 25 فبراير سنة 1970م, في منطقة حولي إلى أن تم تغيير المسمى إلى اسم: مدارس التربية الخاصة بناء على رغبة الأبناء وأولياء أمورهم كي لا يكون هناك تميز واختلاف بينهم وبين أبناء المدارس العادية "التعليم العام". ثم تم في عام 86/87 افتتاح مراحل التأهيل للتربية الفكرية وللصم وذلك بعد تأسيس المدارس الابتدائية الخاصة بالصم والمعاقين فكريا, فتوسعت بذلك مدارس التربية الخاصة حتى أصبحت تضم فئات الإعاقة الأربع القابلة للتعلم وهي: الإعاقة البصرية, والسمعية, والفكرية, والحركية.

وقد أشاد مدير الإدارة بجهود ودور المربي الأول الراحل عبد العزيز الشاهين الربيع الذي يُعد رائد التعليم الخاص في الكويت, فهو أول كويتي يعمل ويدرس في التعليم الخاص, وأول كويتي يعين مديرا لإدارة التربية الخاصة, وكان ذلك سنة 1964م. وحتى سنة 1976, ولذا فقد أرسى ـ رحمه الله ـ قواعد مهمة لفن الإدارة المدرسية يعرف قيمتها كل من جاءوا بعده حتى صارت التجربة الكويتية في ذلك الحين نموذجا يحتذى في دول الخليج والجزيرة العربية. ويضيف مدير الإدارة موضحا طبيعة المدارس الخاصة: ويهمني أن أوضح أن هذه المدارس ما هي إلا مؤسسات تربوية تقوم بدور مماثل تماما للدور الذي تلعبه المدارس العادية, والفارق الوحيد بينهما أن الأولى (الخاصة) تستقطب من هم في سن التعلم ـ بنين وبنات ـ من ذوي الاحتياجات الخاصة "فئات الإعاقة الأربع", وتشرف على هذه المؤسسات التربوية وزارة التربية إشرافا كاملا, وتقدم خدمات تخصصية طبية بالتعاون مع وزارة الصحة عن طريق العيادات الطبية التي توفرها وزارة الصحة داخل هذه المدارس.

نمط التعليم

تتبع مدارس التربية الخاصة نمطين من التعليم: النمط الأول مرتبط ارتباطا تاما بنظام التعليم العام من حيث الخطة والمنهج والشهادات, وهو خاص بالطلبة ذوي الإعاقة البصرية والإعاقة الحركية "مدارس النور والرجاء". والاختلاف الوحيد بينهما هو في التجهيزات الداخلية للفصول الدراسية التي تتناسب مع نوعية الإعاقة للطلبة, وكذلك الوسائل التعليمية الخاصة بكل إعاقة. فعلى سبيل المثال, بالنسبة للإعاقة البصرية يتم تزويد مدارس النور بمكائن برايل للطباعة ولوحات تيلر ـ لمادة الرياضيات ـ وطرق التدريس المختلفة عن الطريقة المتبعة في المدارس العادية. وتجدر الإشارة إلى أن الكفيف يلتحق بمدارس التعليم العام بعد اجتيازه للمرحلة المتوسطة في مدارس النور.

أما بالنسبة للنمط الثاني فله سلم تعليمي خاص ومناهج دراسية خاصة تختلف عن الخطة المتبعة في مدارس التعليم العام. وهو خاص بالإعاقتين السمعية والفكرية. ويذكر لنا مدير الإدارة بشيء من التأكيد أن لديهم إيمانا راسخا فيما يتعلق بالإعاقة السمعية, بأحقية هؤلاء الأبناء الصم في منهج التعليم العام, وبالفعل صدر قرار وزاري بهذا الخصوص وقد بدأ تطبيقه هذا العام الدراسي ولم يمنع تطبيقه في السابق سوى عدم وجود الكوادر الوطنية المتخصصة0 ويضيف قائلا: إنه يعتقد بلا أدنى شك أن هذه الفئة بالذات من المعوقين قد ظلموا ولم يأخذوا حقهم في التعليم ليلحقوا بركب أقرانهم من المتعلمين في مدارس التعليم العام, إذ إن الصم ليس لديهم قصور عقلي وإنما فقط فقدان حسي, وبالتالي فهم قادرون على التعلم ويتمتعون بدرجة عالية من الذكاء. ومثلما استطعنا توفير الوسيلة الناجحة لتعليم الكفيف, والتي مكنته من الحصول على أعلى درجات العلم ـ حيث يوجد من خريجي مدرسة النور من حصل على درجة الدكتوراه في تخصص ليس بالسهل ويقصد به الدكتور توفيق العودة (دكتواة في علم النحو), وأحد العاملين في إدارة مدارس التربية الخاصة. فلماذا لا يكون هناك أصم حامل للشهادات العليا? لماذا لا نسمع أن في الكويت مهندسا أو محاميا أصم..?

وبكثير من الارتياح والأمل أفاد أن من حسن الحظ أنه ترأس لجان تطوير المناهج في المدارس الخاصة بعد أن كان عضوا فيها. وكانوا قد أوصوا ـ قبل فترة الغزو العراقي للكويت ـ بتطبيق مناهج التعليم العام للصم, وحتى يتحقق ذلك قاموا بإعداد كوادر وطنية لتتولى هذه المهمة التعليمية الجادة. وبفضل الله وصلت نسبة الكوادر الوطنية إلى 90% من جملة أعداد المعلمين بمدارس التربية الخاصة وبشكل خاص في مدارس البنات. وقد تم عقد دورات عديدة استقطبت العشرات من المدرسين والمدرسات لدعم هذا الاتجاه وهو أن يأخذ الأصم نفس السلم التعليمي في التعليم العام بفارق بسيط وهو أن تمد له سنتان دراسيتان بمعنى أن يدرس الأصم سنوات المرحلة الابتدائية الأربع في التعليم العام في ست سنوات بزيادة سنتين مراعاة للقدرة الاستيعابية لدى الصم الذين فقدوا أهم وأول وسيلة للتعلم والتحصيل (السمع). واحتياطا وضع منهج خاص لشديدي الإعاقة السمعية "الصمم الكامل" ممن لا يستطيعون استيعاب مناهج التعليم العام ومن ثم فهم ينخرطون في مدارس التأهيل المهني لعدم تمكنهم من الاندماج والاستمرار في مناهج التعليم العام للمراحل التعليمية المتقدمة.

تجربة الدمج.. وبيان "سلامنكا"

قامت وزارة التربية ممثلة في إدارة مدارس التربية الخاصة, بتجربة رائدة في الكويت منذ ثلاث سنوات تهدف إلى إتاحة الفرصة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) للتعلم جنبا إلى جنب مع أقرانهم الطلبة غير المعوقين في المدارس العادية للتعليم العام.

وقد جاءت تجربة الدمج متفقة مع توجهات المؤتمر العالمي المعني بتعليم ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة والمنعقد في "سلامنكا" بإسبانيا, والذي تم التوقيع عليه من قبل دولة الكويت, فقد التقى في سلامنكا أكثر من ثلاثمائة مشترك يمثلون 92 حكومة و25 منظمة دولية من أجل الإسهام في بلوغ هدف التعليم للجميع, وبحث التحولات الأساسية في السياسة التي يقتضيها الترويج لنهج التعليم الجامع, ذلك النهج الذي يمكن المدارس من تقديم خدماتها التعليمية لجميع الأطفال, ولاسيما الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة.

وكان من توصيات المؤتمر قيام مقرري السياسات على جميع المستويات بما في ذلك مستوى المدرسة, بمهمة التأكيد بانتظام على التزامهم بالتعليم الجامع, وتشجيع المواقف الإيجابية في أوساط التلاميذ والمعلمين والجمهور عامة, إزاء ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة. كما ركزت التوصيات على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل إعلام الجماهير في تشجيع المواقف الإيجابية تجاه دمج الأشخاص المعوقين في المجتمع والتغلب على التحيز والمعلومات المضللة وغرس المزيد من التفاؤل وسعة الخيال بصدد قدرات المعوقين, خاصة فيما يتعلق بقدرتهم على التعلم في المدارس العادية, وذلك بترويج بعض الأمثلة من التجارب الناجحة في هذا المجال.

التربية الفكرية

وقد استطاعت وزارة التربية أن تضع برنامجا للخبرات الدراسية يكاد يكون الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي في مراعاة خصوصية هذه الإعاقة, وكذلك تحديد المنهج الدراسي بإعطاء الجرعات التعليمية والتربوية والتأهيلية التي تساعد الطالب على حماية نفسه والتعبير عن ذاته وفق قدراته المتاحة.

وتلي المرحلة الأولى من تعليم الطالب المعاق عقليا وهي ست سنوات, مرحلة التأهيل المهني ويكتسب الطالب فيها مهنة للتخصص, ويحصل بعد ست سنوات تأهيلية على دبلوم في التأهيل المهني ويمتهن حرفة تكفل له العيش الكريم وفق احتياجات سوق العمل بالكويت. ويذكر لنا مدير الإدارة أنهم بدأوا منذ عام 80م, وانتهوا هذا العام فقط من بناء جميع المناهج الدراسية الخاصة بمختلف الإعاقات وشروط القبول وغيرها.

ولكن المشكلة التي تواجه هؤلاء الطلاب بعد التخرج هي "مشكلة التشغيل" إذ إن سوق العمل لا يمتص مخرجات مرحلة التأهيل المهني بسهولة, ويقول: صحيح إن هناك حماية من الدولة عن طريق قانون المساعدات, لكن يا حبذا لو يكون لهم دورهم الإنتاجي وفق قدراتهم كقوة وطنية منتجة. ومهما كانت محدودية إنتاج هذه الشرائح, فهي أفضل من أن تكون عالة على غيرها وعلى وطنها.

وقد أصدرت الكويت القانون رقم (49) لسنة 96, والذي كان حلما يراود العاملين بإدارة مدارس التربية الخاصة ويشاركهم فيه أولياء أمور المعاقين. ويتضمن خمسة فصول احتوت على (24) مادة, اختصت الفصول الأربعة الأولى بالخدمات والامتيازات والحقوق التي ستمنح للمعاقين بجميع فئاتهم المختلفة والتي أهمها: تأمين المسكن المناسب وتوفير العمل الكريم ويشمل إلزام أرباب العمل باستخدام العمال المعاقين المؤهلين مهنيا, وكذلك توفير ورش عمل ومراكز تأهيل ودور الإيواء للحالات الضرورية.. أما الفصل الخامس والأخير فقد تناول العقوبات التي تفرضها الدولة ضد كل إنسان يسيىء إلى الأشخاص المعاقين أو يتسبب في إلحاق ضرر بهم نتيجة إهماله لرعايتهم فيما لو كان مسئولا بحكم عمله عن رعايتهم. وكذلك فرض قانون يعاقب بموجبه بغرامة مالية صاحب العمل الذي يرفض دون عذر مقبول تشغيل الشخص المعاق.

الكمبيوتر في خدمة المكفوفين

صحبنا المراقب الفني محمد عبدالله في الجولة الأولى, وفي اليوم الأول من لقائنا معه إلى مطبعة النور التي امتلأت نورا وضياء برغم الظلام الذي يخيم على عيني مديرها وبعض العاملات بها لفقدهم نور العين. وهناك تعرفنا على الشيخ علي ـ كما يسمونه ـ مدير مطبعة النور الذي يتحلى بخفة الدم ودماثة الخلق وقد بلغ من العمر عتيا, ويعتبر أول مدرس للمكفوفين في الكويت منذ عام 56م, وهو خريج قسم الأئمة, ويشرف الشيخ علي على مطبعة النور إشرافا كاملا ويقوم بنفسه بتصحيح الكتب المطبوعة.

ويحدثنا "مدير المطبعة" الشيخ علي الحسيني: أن الكتب الدراسية للمكفوفين كانت تستورد من مصر, حيث تطبع هناك بطريقة برايل, وبعد سنوات طوال بدأوا طباعتها في الكويت, وقد مرت هذه العملية بعدة مراحل بدءا بالآلة البسيطة حتى طابعة بركنز الأمريكية, وقد كانت مدة طباعة الكتاب تستغرق من 18 ـ 20 يوما. وأخيرا تم تطوير المطبعة وأصبح الكتاب المدرسي يستغرق ثلاثة أيام فقط.

ويعتبر مشروع مطبعة النور المطورة من المشاريع الرائدة التي تبنتها إدارة مدارس التربية الخاصة بعد التحرير, حيث تم تطوير مطبعة برايل من الطباعة بالمكائن العادية إلى تحويل كتب المبصرين لطريقة برايل وفق نظام مبرمج قام بتنفيذه والإشراف عليه معهد الكويت للأبحاث العلمية. وقد رافقتنا السيدة مريم العلي وهي من الكوادر الوطنية العاملة بمطبعة النور المطورة إلى غرفة أجهزة الكمبيوتر وتولت عملية شرح النظام الجديد منذ نسخ الكتاب العادي بجهاز "السكنر" وهي العملية المعروفة بالمسح الصوري (Scanning) ثم تحويله إلى برايل. كما شاهدنا الجهاز الجديد المعروف باسم (Navigator) وهو عبارة عن جهاز مربوط بجهاز الكمبيوتر ليطبع عليه الكفيف بطريقة برايل ويتحول كتابة على الشاشة, ويعتبر هذا الجهاز أحدث ما وصلت إليه التقنية الحديثة بالنسبة للمعاقين بصريا.

ومما يجدر ذكره ـ وقد ذكره لنا مدير المطبعة ـ أنهم تمكنوا من طباعة القرآن الكريم بطريقة برايل وهو مخزن الآن بالكمبيوتر, وذلك بعد الاستعانة بلجنة من مشايخ الأزهر الشريف تم انتدابها لدراسة المشروع, وقد انتهى العمل من طباعته بالحاسب الآلي في شهر رمضان لعام 1995 حيث قدمت أول نسخة وهي عبارة عن قرص (Desk) إلى صاحب السمو أمير البلاد.

لغة الإشارة الوصفية الكويتية

نأتي إلى إنجاز آخر وهو "لغة الإشارة الوصفية الكويتية الخاصة بالصم, وأما العقل المدبر فهو فريق العمل النشط المكون من الموجهتين أ. ماجدة حكم وأ. نوال عبدالله والمدرس محمد الرامزي الذين استطاعوا أن يضعوا قاموسا ضخما احتوى على أكثر من (2000) مفردة إشارية من إشارات الصم الكويتيين.

وتعود قصة "لغة الإشارة الوصفية الكويتية": إلى أنه من المعروف أن لكل بلد عربي لهجة خاصة به, وكذلك الحال بالنسبة لعالم الصم, فهم يستخدمون إشارات خاصة بهم وبثقافة بيئتهم القطرية استوحوها من طابع بلدهم, ومن صفاته المميزة له عن غيره من البلدان الأخرى, وهذه الإشارات تختلف بطبيعة الحال عن إشارات الصم في بلد عربي آخر. وهكذا لوحظ أن هناك تضاربا واختلافا كليا بين الإشارات المستخدمة من قبل المدرسين, والتي أتوا بها من بلدهم, وبين تلك التي يستخدمها الصم أنفسهم. والغريب في الأمر أن هناك اختلافا أيضا في إشارات الصم نفسها بين تلك التي يتفاهمون بها بين بعضهم البعض وبين التي يستخدمونها مع غيرهم من غير الصم. ولم يكن من السهل على كلا الطرفين فهم لغة إشارة الآخر. ومن هنا جاءت فكرة القيام بتجميع الإشارات المحلية من الصم أنفسهم حيث استعان فريق العمل بطلبة نادي الصم وبالخريجين والخريجات من مدارس الأمل, وأخذوا منهم الإشارة الأصلية المستخدمة من قبلهم للكلمة, وخرج القاموس الأول من نوعه في دول الخليج العربي.

ولم تقف الجهود المخلصة عند هذا الحد, بل قامت بتعريف المجتمع الكويتي بأكمله بلغة الإشارة الوصفية الخاصة بالصم وذلك من خلال أهم قناتين من قنوات نشر الوعي والمعرفة وهما: الجامعة والإعلام, حيث تم التعاون بين إدارة مدارس التربية الخاصة وبين قسم ذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة الكويت عن طريق عقد دورات تدريبية للغة الإشارة الكويتية للصم.

أما القناة المهمة الثانية فكان: تلفزيون الكويت حيث شاهد أهل الكويت ترجمة فورية بلغة الإشارة الكويتية للصم في البرنامج اليومي صباح الخير يا كويت ولأول مرة في تاريخ الكويت بتاريخ 7/12/95 ثم تبعته برامج أخرى, وبذلك تكون الكويت ثاني دولة عربية بعد الأردن تقدم هذه الخدمة المتميزة لفئة الصم على شاشة التلفزيون, وقد قام بها أ. محمد الرامزي الذي تمكن وأبدع في أداء وسرعة استخدام لغة الإشارة للصم وكأنه واحد منهم, وتجري الاستعدادات الآن لتحويل نشرة الأخبار أيضا إلى لغة الإشارة.

مفارقة عجيبة

لعل من أكثر الصور والمشاهد الإنسانية الرائعة التي شدت انتباهنا في مدارس التربية الخاصة, الجمع بين فئتين من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في مدرسة واحدة هي مدرسة الأمل والنور للبنات التي تضم طالبات الإعاقة السمعية والإعاقة البصرية. ولعلكم تخيلتم أو ربما شاهدتم كفيفا مع أصم في مكان واحد ووجهاً لوجه. فكيف يكون التفاهم والتخاطب بينهما?! إن التخاطب أو الاتصال الكلامي المباشر ببعضهما لا يتم إلا من خلال وسيط ثالث حيث يعجز الكفيف عن رؤية الإشارات التي يعتمد عليها الأصم في تخاطبه مع الآخرين تماما, كما يعجز الأصم عن سماع صوت الكفيف. ولكم أن تتخيلوا مشهدا يوميا رائعا يتكرر كل صباح في الطابور المدرسي لمدرسة الأمل والنور حيث تتقابل طالبات المدرستين أمام بعضهن واقفات استعدادا لتحية العلم ثم الترنم بالنشيد الوطني الذي يرتفع به صوت الكفيفات, بينما تقوم طالبات الأمل والصم بترجمة معاني كلماته إلى إشارات صامتة. وبرغم اشتراك المدرستين في المشهد نفسه وفي النشيد ذاته, فإن كلا الطرفين لم يشعر بما يفعله الآخر, فلا الصم سمعن غناء الكفيفات, ولا الكفيفات شاهدن التعبير بالإشارة الذي استخدمته الصم. وعندما طرحنا سؤالا على السيد مدير الإدارة فيما إذا كان من قبيل الصدفة وجود هاتين الفئتين من المعوقين في مدرسة واحدة, جاءت الإجابة على غير المتوقع لأسباب إدارية ومهنية بحتة, ولعل أهمها عدم توافر ناظرة مدرسة "للنور" بمؤهل متخصص في التربية الخاصة, ولكفاءة السيدة ثريا بنيامين ناظرة مدرسة الأمل وكونها حاصلة على مؤهل عال في التربية الخاصة فقد أوكل إليها مهمة إدارة مدرسة النور مع الأمل, ولذلك ضُمت المدرستان تحت إدارة واحدة وفي مبنى مشترك.

خدمات للأسر أيضا

ولا تقتصر الخدمات التي تقدمها إدارة مدارس التربية الخاصة على الطلبة والطالبات, بل تتعداهم إلى أسر هؤلاء الأبناء في محاولة جادة للقيام بدور اجتماعي ريادي للمؤسسة التربوية التي انتقلت إلى أسرة الطفل في بيئته الأصلية, وأقامت جسورا من التعاون والترابط والمصلحة المشتركة للأسرتين (البيت والمدرسة).

وقد أفاد سليمان الصالح مدير الإدارة بأن من أهم البرامج التي تقدمها الإدارة لأسر الأبناء المعاقين هي: الدورات التوجيهية في الإرشاد الأسري, والتي يعتبرها سر نجاح تجاربهم سواء في الداخل أو الخارج ومنذ عدة سنوات, فللإدارة مكاتب نشطة للخدمة الاجتماعية والنفسية تلعب دورا كبيرا وفاعلا في توجيه أهالي الأبناء المعاقين وإرشادهم من مختلف النواحي الاجتماعية والنفسية المتعلقة بخصائص الطفل المعاق. وقامت الإدارة بإصدار كتيبات عديدة طبعت في مطابع المدارس التعليمية, فقد كانت المدارس العادية تفتقد المعلومات عن الإعاقة من حيث تصنيفاتها ـ خصائصها ـ كيفية التعامل معها تربويا واجتماعيا ونفسيا وصحيا, فتولينا هذه المهمة الصعبة على أيدي كوادرنا المتخصصة, فقاموا بإصدار أكثر من (14) مطبوعا عن العناية بالطفل المعاق منذ ولادته, وإرشادات عامة وخاصة للأمهات والآباء, ووسائل كشف الإعاقة في سن مبكرة.

وقد توثقت بفضل هذه الجهود والأعمال, العلاقة بين المدارس والأهالي, ومن المعروف أن إدارة مدارس التربية الخاصة تعقد سنويا ـ ومنذ أربع سنوات على التوالي ـ دورات تدريبية داخل المدارس خاصة بالأمهات لتعليمهن لغة الإشارة للصم وطريقة برايل وتيلر للمكفوفين, وذلك حتى تتمكن الأم من متابعة دراسة ابنها الأصم أو الكفيف في البيت بنفس الطريقة التي يتعلم بها في المدرسة. وتلقى هذه الدورات إقبالا وترحيبا وتقديرا من قبل الأمهات.

أما بالنسبة لطلبة وطالبات المدارس, فهناك خدمات جليلة تقدمها الإدارة لجميع فئات الإعاقة, وقد وفرت لهم سبل الانتفاع بالخدمات التربوية المتخصصة التي تساعدهم على النمو الطبيعي والتكيف الاجتماعي, وذلك بالوسائل الخاصة التي تتناسب مع نوع الإعاقة وتتفق مع استعداد المعاق وقدراته. وقد أنشأت الإدارة من أجل ذلك قسما لمراقبة الرعاية الطلابية, وجعلت أول مهامه تقديم الرعاية الطلابية العلاجية والنفسية والاجتماعية لتنمية شخصية الطالب أو الطالبة بالطرق العلمية التي تتضمن البرامج الإنمائية والوقائية والعلاجية.

وقد قمنا بزيارة لقسم مراقبة الرعاية الطلابية والتقينا هناك بالسيدة عائشة عبد الهادي رئيسة القسم, والتي رافقتنا في جولة استطلاعية على الأقسام التابعة لمراقبة الرعاية الطلابية وأهمها: قسم العلاج الطبيعي وشعبة الأطراف الصناعية وقسم العيادات التخصصية.

العلاج الطبيعي

زود قسم العلاج الطبيعي بأحدث الأجهزة المستخدمة في هذا المجال, ولعل أهمها حمامات العلاج المائي. ويعمل بهذا القسم كوادر وطنية متخصصة ويترأسه أحد هذه الكوادر: صلاح الزعابي أخصائي علاج طبيعي. والمهم ذكره عن هذا القسم الطبي ـ التعليمي أنه معتمد رسميا من قبل جامعة الكويت ووزارة الصحة ليكون مركزا لتدريب وتأهيل طلبة بكالوريوس كلية العلوم الطبية المساعدة. وقد ذكر لنا رئيس قسم العلاج الطبيعي أثناء جولتنا معه في مرافق هذا القسم, أن الهدف من إنشائه هو حاجة الشخص المعاق حركيا إلى علاج طبيعي بصورة دائمة, وذلك منعا لتكون التشوهات أو ازديادها في جسمه, وكذلك حرصا على وقت الطالب المعاق حركيا من إضاعته خارج مبنى المدارس. ويعتبر العلاج الطبيعي المقدم لطلبة وطالبات مدارس الرجاء "المعاقين حركيا" حصة أساسية ضمن المنهج الدراسي اليومي المقرر عليهم ـ علما بأنهم يتبعون السلم التعليمي العام ـ وقد تم تزويد القسم بكادر من الأخصائيين والأخصائيات يبلغ عددهم الحالي "61" أخصائيا وأخصائية علاج طبيعي, ويقوم قسم العلاج الطبيعي بتقديم جميع أنواع الخدمة العلاجية مثل: العلاج المائي والكهربائي والتمرينات العلاجية بأنواعها. وينقسم العلاج الطبيعي إلى ثلاث شعب هي: شعبة العلاج الطبيعي ـ بنين, وشعبة العلاج ـ بنات, وشعبة الأطراف الصناعية.

وقد اصطحبنا رئيس قسم العلاج الطبيعي إلى مقر شعبة الأطراف الصناعية, والتي أوضح لنا معناها الفعلي فهي عبارة عن ورشة لتصنيع وصيانة وتعديل الأجهزة التعويضية للأطراف المشلولة لطلبة وطالبات مدارس الرجاء, سواء كانت أحذية أو مقاعد متحركة وغيرها. أما الأطراف الصناعية, والتي يقصد بها الأطراف البديلة عن الأطراف المبتورة فهذه يتم تصنيعها في مركز الأطراف الصناعية بوزارة الصحة.

الأنشطة اللامنهجية

من أبرز سمات مدارس التربية الخاصة, اهتمامها البالغ وتميزها بالاحتفالات السنوية والأنشطة اللامنهجية الدورية التي يقيمها قسم الأنشطة المدرسية وتجند له السواعد النشطة والمخلصة لتحويل الأنشطة الطلابية إلى مهرجانات كويتية تتفجر فيها المواهب والقدرات المبدعة للمعاقين من مختلف أنواع الإعاقة. ولعل الأعمال المتميزة التي قدمت في مجال التخلف العقلي بمدرسة التربية الفكرية ـ بنين من خلال أوبريت "عاشق الدار" كمنظومة تربوية, ومسرح العرائس في مدرسة التربية الفكرية ـ بنات, لدليل واضح على العمل الجاد من قبل العاملين بهذا الصرح التربوي الإنساني من أجل أبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة. ولقد شاهدنا بأنفسنا هذا العرض المميز واستمتعنا به كثيرا وقد أدهشتنا روعة ودقة الأداء لطلاب التربية الفكرية وإبداعهم وموهبتهم الفنية التي استطاع المربون المخلصون صقلها وتوجيهها واستغلالها بكثير من الصبر والعمل والتدريب المتواصل. وقد حضر هذا المهرجان التربوي الكثير من المسئولين وبعض الفنانين المحليين تشجيعا للطلبة المعاقين ومشاركة لهم في مناسباتهم واحتفالاتهم.

وأخيرا وربما أولا, هناك خدمات تعليمية مجانية يحظى بها طلبة وطالبات مدارس التربية الخاصة ومن أهمها:

ـ توفير وسائل النقل من وإلى المدارس.

ـ سماعة لجميع طلبة وطالبات مدارس الأمل (الصم).

ـ طابعة برايل لجميع طلبة وطالبات مدارس النور (المكفوفين).

ـ الأجهزة التعويضية لجميع طلبة وطالبات مدارس الرجاء (المقعدين).

ـ مكافأة رمزية شهرية لبعض فئات الإعاقة.

هموم وتحديات

لعل أهم تلك التحديات كانت في إيجاد كادر متخصص, حيث أكد السيد مدير الإدارة أن الكادر الذي كان يعمل معه في المدارس غير متخصص سواء كانوا نظارا وناظرات أم مدرسين ومدرسات, والقلة القليلة منهم فقط هي المعدة والمؤهلة تأهيلا أكاديميا عاليا في مجال التربية الخاصة والتعامل مع ذوي الإعاقات, الأمر الذي أدى إلى ضرورة الاستعانة بالكوادر العربية من خارج الكويت التي تختلف عن ثقافة الطفل الكويتي وعن لهجته. وإذا كان الأمر يبدو عاديا ومقبولا بالنسبة للطلبة العاديين في مدارس التعليم العام, فهو لا يبدو كذلك بالنسبة للطلبة المعاقين الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة من قبل مربين ينتمون لنفس البيئة ويتفهمون احتياجاتهم وميولهم ومشاعرهم, وقد تطلب اجتياز هذا الخلل سنوات عديدة من التدريب حتى دخلت الكوادر الوطنية مدارس التربية الخاصة, واشتركت في مهمة تعليم ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. ولايزال الباب مفتوحا لاستقبال المزيد منهم أخذا بمبدأ أن العنصر الوطني هو الثروة الدائمة والمعين الذي لا ينضب.

أما التحدي الكبير الذي واجه العاملين بإدارة المدارس الخاصة, فقد تجلى في الدفاع عن حقوق "الصم" في التعليم العام وإقناع المسئولين وأعضاء الهيئة التدريسية أنفسهم بإمكان تعليم الصم مناهج التعليم العام وإعطائهم فرصة الانخراط مع أقرانهم ـ من غير الصم ـ في مستويات التعليم العالية. ويقول الصالح: إنه برغم القناعات الراسخة التي كان يؤمن بها لتقديم الأفضل والأنسب للطلبة الصم منذ عام 69/70, فإن شيئا منها لم يتحقق إلا في عام 91/92 أي بعد أكثر من عشرين عاما, حيث يعتبر العام الدراسي 91/92 تاريخ بدء تنفيذ الخطوات العملية في مجال تعليم ذوي الإعاقة السمعية. ويستطرد بتعجب قائلا: الغرابة الحقيقية هي في وجود من ينادي بعمل مناهج دراسية خاصة لذوي الإعاقة الحركية الذين لا تنقصهم حاسة إدراك تعيقهم من التحصيل العلمي السليم.

ويسترسل مدير الإدارة في سرد هموم التربية الخاصة فيقول: كنا نشعر بكثير من الأسى والعجز عندما نرى مخرجات مدارس التربية الخاصة طوال عقودها الأربعة لا تجد مكانا لائقا لها في سوق العمل إذ يتدنى مستوى المؤهل العلمي بالإضافة إلى وجود الإعاقة مما يجعل فرصة المعاق ضئيلة جدا في الفوز بعمل يضمن له العيش الكريم مثل أقرانه الأسوياء.

وأخيرا تدرج بنا الحديث للهم الأكبر والتحدي الجبار الذي تعرضت له مدارس التربية الخاصة بالكويت, والذي تشترك فيه مع غيرها من المؤسسات الوطنية الأخرى, فقد طالها من الدمار والتخريب ما طال غيرها من جراء الاعتداء الغاشم على دولة الكويت إبان الغزو العراقي للبلاد, وعلى الرغم من خصوصية دورها الإنساني, فإنها قد احتلت من قبل الفرقة (15) العراقية, ورابط في هذه المباني ما يقارب من 30 ألف جندي عراقي من القوات الخاصة واتخذوا من مرافقها معسكرا للإيواء, ومراكز للتعذيب والاستخبارات. وبالتالي فقد دمر العديد من مرافقها وسرقت موجوداتها, والذي لم يسرق من المعدات دمر حقدا قبل الانسحاب, وقد جرى تدمير كامل لثلاثة مرافق هي: الورش التعليمية, ومدرسة النور ـ بنين, وقسم العلاج الطبيعي. وقد وجدنا بها مراكز للتعذيب والآثار موثقة لدى منظمة اليونسكو والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة العربية للثقافة والعلوم. وقد ذكر لنا الزعابي رئيس قسم العلاج الطبيعي بإدارة مدارس التربية الخاصة أنه شهد بعينيه آثار التعذيب بعد التحرير مباشرة في حمام السباحة الخاص بالعلاجات المائية حيث كان الحمام عبارة عن بركة دماء, وقد وجد فيه آثار من أجساد الرجال الذين تم تعذيبهم داخل حمام السباحة, وكذلك آثار للنساء مثل جدايل الشعر وغيرها مما لم يستطع التفوه بها حياء وحرجا.

وقد تمكنت إدارة المدارس من إعادة إعمار هذه المرافق وتهيئتها لاستقبال الطلبة المعاقين بعد ثلاثة أشهر من تحرير الكويت. هذا ما ذكره مدير إدارة المدارس بشيء من الفخر والتفوق لأنهم قبلوا التحدي في أصعب الأوقات وأحرجها, ذلك لأن فريق التعمير الذي أوكلت له الحكومة مهمة إعمار مرافق إدارة مدارس التربية الخاصة وغيرها من مرافق الدولة قدم تقريره وتقييمه لحالة الدمار التي كانت عليها في ذلك الوقت وأفاد بأن خطة الإعمار ستكون على عامين, مما أزعج العاملين بهذه المدارس, فبادروا بطلب عدم إدراج مهمة إعمار مرافق الإدارة ضمن خطة فريق التعمير المكلف وإيكال مهمة إعادة إعمارها إلى الإدارة مباشرة بالتعاون مع المسئولين بوزارة التربية.

وختاما وجهنا لمضيفنا الأستاذ سليمان الصالح، سؤالا عن مستقبل وجديد التربية الخاصة، فأجاب أن المستقبل بدت معالمة تتضح اليوم مع بدء الخطوات التنفيذية لتجربة الدمج، ومع تعدهم وتأييدهم لما تم الاتفاق عليه مع منظمة اليونسكو حول فكرة المدرسة الشاملة الني تحظى بدعم قيادات وزارة التربية من حيث التوجه. أما بالنسبة للمشروعات الجديدة المستقبلية فهناك توجة الآن لإنشاء مركز للمعلومات خاص بإدارة مدارس التربية الخاصة مرتبط بشبكات معلوماتية عالمية وأهمها شبكة الإنترنت المعروفة، في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد رصدت المبالغ لهذا العمل ، كما سيتم افتتاح مركز تعليم الكبار لذوي الاحتياجات الخاصة في العام الدراسي القادم 96/97، والعمل جار لبلورة هذا المشروع وإخراجه إلى حيز التنفيذ

وبعد, من الجدير ذكره أن مدارس التربية الخاصة برغم كونها مؤسسات تربوية وطنية متخصصة, فإنها تتسم بالرؤى القومية من خلال احتضانها للأبناء من الطلبة والطالبات الذين ينتمون إلى مختلف الأقطار العربية دون استثناء.

 

 

 

مها ناجي غنام