استثمار المستقبل

استثمار المستقبل

علينا أن نتحدث للأطفال بلغة المستقبل. لغة العلم والتكنولوجيا التي سوف تمثل التحدي الأكبر لهم.

جمع هذا اللقاء بين نوادي العلوم في دول مجلس التعاون الخليجي, فهذا التجمع لم يقتصر فقط على التكامل السياسي والاقتصادي, ولكنه امتد إلى التكامل العلمي أيضا. فاللجنة العلمية للمجلس تقيم سنويا عدة أنشطة علمية مختلفة لتوثيق أواصر الصداقة والتعاون بين شباب هذه الدول. وكانت ثمرة التنسيق هذا العام أن استضافت دولة الكويت الملتقى الخليجي السادس للصغار لمدة أسبوع. ويقام هذا الملتقى العلمي كل عامين وهذه هي المرة الثانية التي يعقد فيها. وكانت بدايته في سلطنة عمان تحت مسمى معسكر الكمبيوتر, ثم تغير المسمى في البحرين سنة 1994 ليصبح الملتقى العلمي الخليجي للصغار. والذي ضم ست دول خليجية مشاركة وهي "الكويت الدولة المستضيفة, والسعودية, وعمان, والإمارات, وقطر, والبحرين" وبحضور 27 مشاركا من دول مختلفة وافتتح الملتقى رئيس مجلس الإدارة المدير العام للهيئة العامة للشباب والرياضة السيد خالد الحمد الذي وصفه بأنه أفضل تجمع علمي لشباب دول مجلس التعاون سعيا لإبراز مكامن قدراتهم العلمية في علوم الفلك والطيران والإلكترونيات.

دفع المواهب

أشار السيد خالد الحمد إلى أهمية دور الحكومات في دفع شبابها إلى التزود بالعلم وتهيئة الفرص الطيبة لتنمية مواهبهم العلمية والثقافية سعيا لإعدادهم ولإسهامهم في تقدم البلاد وتطورها. وأكد أن استثمار عقول الصغار هو الاستثمار الأمثل للمستقبل لأنهم هم الثروة الحقيقية. وإذا تعود الصغير على البحث العلمي واكتسب الثقة في نفسه وامتلك القدرة على الابتكار فسوف يكون مثالا ناجحا لمواطن المستقبل. والتقت "العربي" مع خالد صالح رئيس وفد دولة قطر الذي أكد أهمية هذا الملتقى العلمي للصغار, وذكر أن النادي العلمي القطري شارك بستة أعضاء ينقسمون إلى ثلاث ورش عمل, وهي الطيران والفلك والإلكترونيات, وقال إن النادي العلمي القطري لم يدخل مجال علم الفلك إلا حديثا إلا أنه شارك في هذا المجال كي يكتسب خبرات الذين سبقوه لأن الاحتكاك هو الأسلوب الأمثل لنقل الخبرة.

وأوضح السيد يعقوب علي البكر مشرف إدارة العلاقات العامة بالنادي العلمي الكويتي ونائب رئيس لجنة العلاقات العامة أنه تم وضع جدول زمني يتعرف فيه المشارك من خلاله على النشاطات المتوافرة في النادي في الورش الثلاث وأولها: قسم "الإلكترونات" الذي يتم فيه اكتساب الاتجاهات العلمية وتنمية روح الاهتمام ومساعدة المشاركين على استخدام المعدات وتعزيز العمل الجماعي وتركيب الدوائر والتنبيه الصوتي وكيفية تركيب الترانزستور والمقاومات الحرارية والضوء وعمل البطاريات وغيرها. وينمي هذا العمل الجماعي فرص التعارف والتآلف وخلق روح التعاون فيما بين أبناء دول مجلس التعاون. أما قسم الفلك فيتم فيه التعرف على مبادىء هذا العالم البعيد الذي يحلق فوق رءوسنا في حياتهم اليومية وتنمية روح الابتكار والمشاركة في إعداد مشروع الساعة الفلكية "ساعة شمسية ـ ساعة ليلية" ومعرفة الوقت بواسطة النجوم في الليل وفي الظل أثناء النهار ومعرفة الأبراج والكواكب ورصدها وزيادة الثقافة الفلكية.

والقسم الثالث يخص الطيران ويحتوي على المعلومات النظرية المتعلقة بأساسيات الطيران ونظرياته والتطبيقات العلمية بتركيب نماذج طائرات تطير بالريموت كونترول واستخدام أجهزة السميليتر في تدريب المشاركين على الطيران.

المشاركون الصغار

تتراوح أعمار المشاركين الصغار بين 11-13 سنة, مما يجعل إدارة النادي تخصص الفترة المسائية للنشاطات الترويحية حتى لا يكون هذا الملتقى العلمي جافا بالنسبة لهم. كذلك قيامهم بأنشطة حرة وإقامة حفل مايء بالمسابقات الترفيهية, وذلك لتحويل الملتقى إلى ذكرى ممتعة في أذهان الصغار للأقبال على هذه العلوم بروح رحبة ونشطة. وكما يقول المشارك أحمد يوسف حسين من قطر (عشر سنوات): "إنني سعيد جدا بوجودي هنا, وبرغم أنني أصغر المشاركين فإنني لا أحس بالغربة أو أنني صغير, بل أنا أقدر المسئولية التي أنا فيها وأعتمد على نفسي كثيرا وأحب تكرار مثل هذه التجربة الناجحة".

ومن الملاحظ هنا أيضا أن أبناء دول مجلس التعاون الصغار في تفاعل وانسجام تام فيما بينهم, كما لا يوجد من يجري التجربة وحيدا, ولكن هناك روحا من التعاون تسود الجميع, فهم يدركون أن العمل يحتاج إلى أكثر من يد وأكثر من عقل حتى ينجح. كانت فرحة الصغار كبيرة في لقائي معهم. تكلموا معنا بتلقائية وطلاقة عن خبراتهم في هذا المجال من العلوم, فقد أكد أحد المشاركين, وهو أحمد يوسف من قطر قسم الطيران أنه تعلم تركيب الطائرة وأجزائها, وكذلك عملية الهبوط والتحليق. وقال إن نادي الكويت العلمي يتشابه إلى حد كبير مع النادي العلمي في قطر مع عدم وجود قسم الفلك. ولكن النادي القطري يمتاز بوجود قسم متطور لدراسة الأحياء المائية.

كما تحدث ماجد عبدالله محمد من الإمارات قسم الإلكترونات. وقال: إنه قد اختير لتمثيل الإمارات في هذا الملتقى لأنه كان أول مجموعته في الإلكترونات, وبرغم ذلك فقد استفاد كثيرا حين استخدم جهاز التوصيل الضوئي والخلية الضوئية, ويرى أن هذه اللقاءات العلمية هي الطريق الوحيد للخروج عن الأسلوب التقليدي في التعليم, لأن التعلم هنا يولد من خلال تكوين الصداقات القائمة على مبادىء الفهم وتحدث المشاركان عمار سامي سيادي وعبد الحميد بو جيري من البحرين قسم الطيران فقالا: إنهما كانا خائفين في البداية فقط, ولكن بعد مرور يوم واحد على وجودهما بالكويت وجدا أن كل شيء ممتع ومتاح لهم. كما أنهما تعرفا على العديد من الأصدقاء من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي وسيكونان على اتصال دائم معهم بعد أن تبادلوا أرقام الهواتف والعناوين المنزلية لاستقبالهم فيما بعد.

وفي لقائي مع فهد المالكي من السعودية أوضح أنه لا يوجد قسم للطيران ولا للرالي "سباق السيارات" ولا الهبوط بالمظلات, إلا أنه اشترك بالطيران عندما قدم للكويت لأنه مجال جديد بالنسبة له, وقد تعلم الكثير من الخبرات منه. أما حمود خليفة البوسعيدي من عمان قسم الإلكترونات فيقول: إن الأهل وراء دفعه للاشتراك بالنادي العلمي العماني, كما أنه أحب السفر جدا ويدعو إلى أن تكون مثل هذه الملتقيات على مستوى واسع وكثيف لأنها تعلم الاعتماد على النفس والمشاركة الاجتماعية, وتخلق جوا من التعاون والتآلف والترابط بين أبناء دول الخليج. أما طارق الدرباس من الكويت قسم الطيران فقد سعد كثيرا بقدوم أشقائه من دول الخليج إلى الكويت ويقول: "أحب أن أكون في المستقبل مهندسا مدنيا, لذلك أحب الطيران والإلكترونات", قلت لهم إنهم صغار على تحمل المسئولية والسفر اعترضوا جميعا مؤكدين أنهم على قدر من المسئولية. لكن أحد المشاركين قال إن والدته جاءت إلى الكويت خلال فترة الملتقى لأنها لا تستطيع أن تفارقه.

ختام الملتقى

أهم نتائج هذا الملتقى هي تنمية المواهب وتشجيع الصغار على العمل الجماعي, وتبادل الخبرات, وتوثيق أواصر التعاون, والاطلاع على معالم الدولة المضيفة, والتعرف على أساسيات ونظريات علوم الطيران والفلك والإلكترونات. وقد اشتمل حفل الختام على معرض لمنتوجات الورش وتكريم المشاركين. كما أشاد رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للهيئة العامة للشباب والرياضة خالد الحمد بالإنجازات التي قدمها الشباب خلال هذه الفترة الوجيزة التي عقد فيها الملتقى العلمي الخليجي للصغار ودعا لتسخير ومواصلة الجهود لدعم هؤلاء الصغار والأخذ بيدهم للرقي بهذا المستوى وصقل مواهبهم وخبراتهم للنمو بها, فحركة المجتمع نحو الأمام تتحدد من خلال الإمكانات المتاحة الهادفة لزيادة الثروة المحلية. ومعيار التقدم الثقافي هو مدى إقبال الجماهير على الإبداع الروحي والنشاط الفكري والعلمي والثقافي, حيث إن للثقافة صلة مباشرة برقي البشرية. إلا أننا في دولنا النامية مازلنا نمر في مرحلة التأسيس العلمي والتعليمي وذلك بسبب القاعدة الواسعة للأطفال في الهرم السكاني مما يؤدي إلى تقليص الخدمات المقدمة لهؤلاء الأطفال وعرقلة النمو الاقتصادي والثقافي والعلمي لدى تلك الشعوب.

 

وفاء جوهر
  




أحد أعضاء الوفد القطري في قسم الإلكترونيات





إحدى الورش العلمية





خالد الحمد





حسين المسباح





يعقوب البكر





صورة جماعية للأعضاء المشاركين