عصر التطلعات.. د. أحمد أبوزيد

عصر التطلعات.. د. أحمد أبوزيد

نحن نعيش الآن في مجتمع كوني تطلّعي يعتبر الطموح مسألة صحية بل ومطلوبة, وإن كان هناك في معظم الأحيان كثير من المبالغة والمغالاة في التطلعات تتجاوز كل الحدود, ولا تقوم على أساس منطقي مقبول وله ما يبرره سواء بالنسبة للأوضاع العامة السائدة في المجتمع والتي تحيط بالفرد, أو بالنسبة إلى القدرات الخاصة التي تتوافر لدى هؤلاء المتطلعين.

قد يكون التطلع متعلقا - وهذا هو الأغلب الأعم بالحصول على بعض المزايا والمكاسب المادية التي تشبع بعض الاحتياجات المشروعة، ولكن في أحيان أخرى يكون التطلع موجها نحو أمور معنوية وأدبية مجردة مثل تحقيق المكانة الاجتماعية العالية والمركز والسمعة الحسنة التي لاتستند بالضرورة إلى أسس مادية, ولكنها تعتمد على العلاقات والخبرات والتجارب والإنجازات ودرجة التعليم ونوعيته. وفي المجتمعات النامية في العالم الثالث تلعب العائلة والانتماءات القبلية الدور الأساسي الذي يستند إليه الفرد في تطلعه، ويعتبر ذلك الانتماء مبررا كافيا لذلك التطلع بالرغم من عدم توافر الإمكانات والقدرات الذاتية لذلك، وهو أمر يختلف تماما عما يحدث في المجتمعات المتقدمة، حيث تكون للمقومات الشخصية الاعتبار الأول، وهذا فارق جوهري انتبه إليه كثير من الكتاب منذ وقت طويل، وعبر عنه أحد كبار علماء الأنثروبولوجيا في القرن التاسع عشر وهو سير هنري مين Sir Henry Maine حين ميز بين المجتمعات التي تقوم على أساس المكانةStatus وتلك التي تقوم على أساس العقدContract.

والملاحظ على أية حال أن الكثيرين من الكتاب يميلون إلى إطلاق صفات عامة تميز المجتمعات والعقود الحالية والمعاصرة بصفات وخصائص واتجاهات عامة وغالبة تميزها بعضها عن بعض، وبذلك ظهرت تعبيرات مثل عصر العولمة والعصر «الديجيتالي» وعصر المعرفة وغيرها، وبالتالي ليس من المستغرب أن يظهر في كثير من الأوساط في الخارج تعبير عصر التطلعات Aspirational Age لوصف الطابع العام الذي يميز إنسان هذا العصر، وبخاصة في المجتمعات الصناعية المتقدمة التي تتيح فرصة لكل أفرادها إلى التطلع إلى مستويات وأنماط من الحياة لم تكن تخطر على البال منذ سنوات قليلة بينما تعمل الدول ذاتها على تشجيع تلك الاتجاهات وتزويد الأفراد بالإمكانات التي تساعدهم على تحقيق تلك الطموحات كعامل من عوامل التقدم والارتقاء بأحوال الفرد والمجتمع.

ففي عام 2004 ظهر للعالم الهندى الكبير أرون أبادوراي Arjun Appaduraiِ كتاب كاشف بعنوانThe Capacity to Aspire : Culture and the Terms of Recognition يكشف عن أن التطلع أصبح شرطا من شروط الاعتراف بالفرد ورغبته في الحصول على ذلك الاعتراف والمكانة في المجتمع، وأن تقوية القدرة على التطلع يمكن ان تساعد الفقراء على التخلص من الفقر وتحقيق مكانة ومستوى اجتماعي أعلى وأرقى. فالثقافة حوار بين التطلعات والتقاليد الراسخة التي كثيرا ماتتعارض مع رغبات التغيير وأهداف التنمية، ولذا كان ينبغى العمل على إيجاد سياسة تقوم على تنمية القدرة ليس فقط على العمل بل وأيضا على التطلع إلى التغيير والارتقاء والتقدم وأن الطريقة المثلى لتحقيق ذلك هى الاهتمام بالتعليم وتنمية الرغبة فيه.

التطلع .. هدف أم وسيلة؟

وليس من شك في أن التطلع خاصة أساسية لدى كل أفراد الجنس البشرى في كل العصور مع وجود اختلافات هائلة بين الأفراد والجماعات وتباينات في الأهداف والوسائل. فالتطلع عنصر وعامل مهم في التقدم والارتقاء، ولكن مايميز العصر الحالى والذى يدفع إلى وصفه بأنه عصر التطلعات هي الظروف الدافعة بقوة نحوالتطلع غير المحدود وبزوغ فئات اجتماعية في كل المجتمعات الحديثة تجعل من التطلع هدفا وقيمة وأسلوبا للحياة وليس مجرد وسيلة، وإن كان يصعب مع ذلك تحديد موقع هذه الفئات الجديدة بدقة، في سلم التدرج الاجتماعي نظرا لعدم وضوح معالمها بدقة ونظرا لاختلاط المعايير التي توجه حياتها التي لم تنتظم بعد.

فالتطلع يقتضى بالضرورة حدوث نقلة من وضع معين لوضع آخر سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي وضرورة التأقلم مع الوضع الجديد وهي عملية شاقة لها متطلبات، لعل أبسطها وأصعبها في الوقت نفسه الانسلاخ الكامل من الوضع القديم والاندماج العضوي في الوضع الجديد بكل مايحمله ويميزه من سلوكيات ومبادئ وقيم. وإن كان المتطلعون أنفسهم يرون أن هذه الاشتراطات هى ملامح جامدة تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، وأنها مظهر من مظاهر النفاق الاجتماعي الذي يميز التنظيم الطبقى الذي لم يعد يتماشى مع متطلبات الحياة في المجتمع المعاصر الذي يتيح ولو نظريا - فرصا متساوية للجميع.

ولكن الملاحظ، على الجانب الآخر، أن توجه المجتمع المعاصر بسرعة نحو التنافس والتطلع نحو مستويات اقتصادية واجتماعية أرقى، وتحقق هذه التطلعات قد يؤدي إلى حدوث نوع من الفراغ والخلخلة في البناء الاجتماعي السائد الذي يقوم على التوازن بين مختلف الفئات والطبقات والشرائح الاجتماعية والاقتصادية والتكافل المتبادل بين الأدوار التي تلعبها تلك الجماعات، فالتطلعات لاتوجد في فراغ وإنما لابد من وجود سياق اجتماعي يحدث فيه الحراك، كما أن الأفراد يستمدون تطلعاتهم من الظروف المحيطة بهم ومن حياة الآخرين الذين يحتكون بهم في حياتهم اليومية، أى أن هناك عاملا ذاتيا في تحديد مستوى التطلع ومداه وهو أمر تحكمه الإمكانات والاحتمالات التي تتوافر في ذلك المحيط الاجتماعي، والمقارنة مع ماحققه الآخرون من نفس المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. فالعملية معقدة إذن وتتداخل فيها عوامل وأبعاد مختلفة ولذا فإن مايعتبر تطلعا متواضعا في نظر شخص ما أو بالنسبة له يعتبر تطلعا مبالغا فيه وصعب المنال بالنسبة لشخص آخر تبعا لاختلاف الظروف والإمكانات الفردية. فالتطلعات تخضع إذن لعدد من العوامل التي تتغير بمرور الزمن ولكنها تخضع في أبسط مظاهرها لتأثير العائلة والزملاء والجيران فضلا عن السياق التاريخى والاجتماعي والاقتصادي وتنشئة الفرد نفسه، وذلك بالإضافة إلى الأبعاد الجديدة المترتبة على تيارات واتجاهات العولمة التي فتحت الأبواب كلها أمام الحراك الاجتماعي والمكانى والاقتصادي للجميع، وأسقطت كل الحواجز التي كانت تعوق تكافؤ الفرص والمساواة والتطلع إلى مستويات اجتماعية واقتصادية وسياسية لم يكن يصل إليها خيال وأحلام الكثيرين.

سمات طبقية



والأغلب أن أفراد الجماعات المتطلعة، أو المتطلعين هم أبناء الطبقات والشرائح الدنيا الذين هيأت لهم ظروف التغير الاجتماعي والسياسي فرص التعليم والاتصال والانفتاح على العالم بحيث تولدت لديهم مطامع وطموحات تدفعهم إلى النزوح من إطار الطبقات الأدنى التي ولدوا فيها إلى إطارالطبقات الأعلى التي كثيرا ماتتعارض منظومة القيم والسلوكيات المرتبطة بها مع المنظومة التي ألفوها وعاشوا فيها واعتادوا عليها وأصبحت جزءا من تكوينهم الذهنى والوجدانى. وليس في ذلك مايعيب بل إنه قد يكون قاطرة التقدم في المجتمع، ولكنه يحمل في الوقت ذاته كثيرا من المشكلات التي تؤثر سلبيا على بناء العلاقات وأنماط السلوك والقيم داخل المجتمع إذا أفلت زمام القاطرة من آليات التحكم كما هو مشاهد الآن في كثير من المجتمعات العربية.

وكثيرا مايكون الوصول إلى المستوى الحياتى الأعلى والأرقى مجرد انتقال شكلي بعيد تماما عن الاندماج العضوى الكامل، نظرا للفجوة الثقافية والاجتماعية المتمثلة في قواعد القيم وأساليب الفكر والحياة، على الرغم من أنه يحقق مبدأ المساواة في الفرص والقضاء - ولو نسبيا - على الانفصال الكامل بين شرائح المجتمع، ووضع القيود على الحراك الاجتماعي.

والواقع أن الطبقات الفقيرة في أي مجتمع، وبخاصة مجتمعات العالم الثالث، محرومة ليس فقط من الأساسيات الاجتماعية والاقتصادية بل وأيضا من الدوافع التي تشجعها على التطلع لمستويات أعلى وأرقى والبحث عن أفضل الوسائل المشروعة لتحقيق تلك التطلعات والمساعدة على تضييق الفجوة بينها وبين الطبقات الأكثر ثراء والأعلى مكانة. ولذا تشعر الحكومات في العالم الغربى المتقدم بأن عليها بذل كثيير من الجهد في العمل على تنمية القدرات والمهارات وقوى الإبداع، التي تؤدي إلى النجاح بصرف النظر عن الخلفية الاجتماعية ووضع خطط وبرامج لتنمية التطلعات والبحث عن الأشخاص الواعدين، بل إن ثمة الآن لجانا للحراك الاجتماعي تتولى في كثير من الدول الغربية وضع سياسات لمراقبة وتوجيه ذلك الحراك وتدريب الأشخاص على المهارات التي تساعدهم على تغيير حياتهم وانتشالهم من الظروف السيئة وإزالة المعوقات والميول السلبية التي تمنع من انطلاق طموحاتهم وتطلعاتهم المشروعة.

ربما كان مايحدث في بريطانيا بهذا الصدد يعطي فكرة واضحة عن اهتمام الدولة الحديثة بتنمية التطلعات كوسيلة للارتقاء بمستوى حياة الأفراد وتقدم المجتمع ككل، في عالم يتميز بشدة التنافس والتغيرات السريعة وتعقد مطالب الحياة. ففى يناير عام 2009 كونت الحكومة البريطانية لجنة لدراسة تنمية فرص العمل والارتقاء وفتح المجالات أمام مختلف شرائح المجتمع لتنمية قدرات الأفراد وتطلعاتهم نحو مستويات من الحياة، والعمل بما فيها الأعمال الراقية والمناصب العليا التي كانت وقفا على فئات معينة من الشعب بحكم انتماءاتهم العائلية ونمط الحياة ومستوى التعليم واتساع المدارك والثقافة التي يتمتعون بها بسبب هذه الانتماءات. وقد أصدرت هذه اللجنة أخيرا تقريرها بعنوان كاشف وله دلالة وهو Unleashing Aspirations مما يعنى إزالة كل القيود وإطلاق المجالات واسعة أمام التطلعات وأنه من حق كل افراد المجتمع بصرف النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية التقدم لشغل الوظائف العليا في الدولة. وقد يكون هذا مجرد أمل وفى نطاق محدود ومجال معين بالذات، ولكنه يعبر عن نوع من التطلع الذي قد تصادفه بعض المعوقات التي تحدث بصورة خفية مستترة للحفاظ على النسق التقليدي ودفاعا عن وجهة نظر أيديولوية متزمتة ورجعية، ولكن المهم هو إدراك متغيرات الحاضر ومتطلبات المستقبل والرغبة في إقامة مجتمع جديد يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس الحر الطليق، وإزالة الفوارق الطبقية المانعة.

ثقافة التطلع

من هنا كانت مجتمعات الغرب تهتم بنشر ما أصبح يعرف باسم «ثقافة التطلع» كأسلوب للسلوك والحياة وكمطلب يعمل أفراد المجتمع على تحقيق أهدافه. وهذا اتجاه يقتضي أن ننظر إلى الثقافة ليس فقط على أنها (الماضي) المتوارث أو الحاضر المعيش، ولكن أيضا على أنها (التنمية)، وبذلك تكون الثقافة هادفة وتشجع على التطلع والنظر إلى المستقبل، كما أنها تتطلب التنافس التطلعي إن صح التعبير لرفع مستوى المعيشة وتحقيق المكانة الأكثر رقيا وتقدما. فالثقافة منظومة حركية دائمة التغير، بالرغم من ثبات المقومات الأساسية. وثقافة التطلع تساعد على رسم خريطة لتحديد معايير النجاح والتقدم نحو مستقبل أفضل وتحديد المسارات لتحقيق تلك الأهداف. وربما تكون في المجتمع وهو أمر طبيعى ومفهوم بعض الفئات والشرائح التي تعجز لأسباب خاصة، وأخرى موضوعية، عن تقبل وتطبيق كل متطلبات ثقافة التطلع، ولكن قد يكون تيسير التعليم وسيلة تساعد على التغلب على ذلك العجز. والمهم هو أن يعمل المجتمع على الاهتمام والارتقاء بصناعة الفرد وتنمية تطلعاته ومساعدته على تحقيقها وفي الوقت ذاته إشراكه بقدر الإمكان في أنشطة الحياة حتى يشعر بوجوده وكيانه ودوره في حياة المجتمع.

وربما يتطلب ذلك من المجتمعات ذاتها أن تعمل على تحديد الإمكانات التي يستطيع الفرد أن يتخير منها مايتطلع إليه في حدود قدراته الخاصة والظروف والأوضاع العامة السائدة والمحيطة به. فللتطلعات سياقات تاريخية واجتماعية متعددة ومتشعبة تحتاج إلى إبرازها وإلقاء الضوء عليها مع برمجة حياة الأفراد تبعا لها، كما أن لها أبعادا تنموية مستقبلية تأخذ في الاعتبارالتغيرات والتحولات الحياتية التي تصاحب نمو الفرد وما يتطلبه ذلك من تعديل وتوافق التطلعات مع إدراك أبعاد الظروف. إنما لابد بالإضافة إلى ذلك أن يكون الشخص نفسه على وعي ودراية كاملة بما يرغب في الوصول إليه مع توافر الإرادة لديه للعمل على تحقيق تلك الرغبات والتطلعات والإيمان بقدرته على ذلك. وربما يرتبط ذلك بإعادة النظر في نظام التربية والتنشئة والتعليم. فالتطلعات لها مبادئ ومعايير أخلاقية تتعلق بتنمية السلوك والمثل والنظرة إلى الحياة، كما تتعلق بالمبادئ التي ينبغى على الإنسان أن يسترشد بها في اختيار وتحقيق تطلعاته بما لا يتعارض مع القيم المتعارف عليها.

حلول تربوية

وقد يثور هنا التساؤل عن كيف يمكن التحوّل من مستوى «اقتصادي» متواضع إلى مستوى «اجتماعي» مرتفع، وإلى مكانة اجتماعية أرقى وأعلى ولها قيمها ومبادؤها السلوكية والأخلاقية الراقية؟ وذلك مع الاعتراف النظري، في الوقت ذاته، بحق الوصول إلى هذه المكانة على أساس مبدأ تكافؤ الفرص. ربما يكون في إتاحة فرص التعليم العالي المجاني - وهو ماتلجأ إليه مجتمعات العالم الثالث ومنها المجتمعات العربية مايساعد على التغلب على تلك العقبة بالرغم من صعوبة التطبيع الاجتماعي المصاحب لعمليات تغيير المكانة والمستوى الاجتماعي والثقافى والسلوكي، وهو مايراهن عليه المهتمون بدراسة ثقافة التطلعات في الغرب، وإن كانت المشكلة أشد صعوبة وتعقدا في مجتمعات العالم الثالث، نظرا لاتساع الفجوة وعمق الهوة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، بحيث لاتكاد توجد أرضية ثقافية مشتركة يمكن الاستناد إليها في ردم تلك الهوة العميقة.

ومعظم الكتابات حول مجتمع التطلعات المستقبلي تعطي أولوية، تكاد تكون مطلقة، لتوفيرالتعليم العالي المجاني الهادف وتركز على الطموحات العلمية والمستويات الدراسية التي يتطلع إليها الشخص في السلم التعليمي ونوع العمل الذي يريد أن يباشره وتحديد السبل التي ينبغى ارتيادها. بل إن بعض هذه الكتابات توصي بنشر ثقافة التطلع بين الأجيال الجديدة في مرحلة أسبق على مرحلة التعليم الجامعي والعالي على أساس أن ذلك يدعو إلى التفكير في خلق فرص عمل جديدة في مجالات لها مردود مادي واجتماعي مرتفع، وتشجيع التنافس على تلك المستويات مع تنمية شخصية الفرد وتشجيع الاستقلال الفردي وتنويع التخصصات والأخذ في الاعتبار مستجدات العصر واحتياجات المستقبل وتشجيع التفكير الإبداعي.

فالتعليم بوجه عام والتعليم العالي الموجّه لاستثارة التطلعات عند الأجيال الشابة، والذي يقدم في الوقت ذاته فرصا وإمكانات للاستجابة لتلك التطلعات وإشباعها هو إذن الأداة والوسيلة التي ترى الدول الغربية أنها كفيلة بتنشئة أجيال جديدة قادرة على حمل رسالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية ووضع خططها وخطوات تنفيذها، بما توفر لها من قدرات على التخيل والتطلع والإبداع. والذين يتابعون بانتظام الملحق الأسبوعي لجريدة التايمز Times البريطانية عن التعليم العالى Higher Education Supplement لابد أن يكونوا قد لاحظوا مدى الاهتمام الذي يبديه ذلك الملحق للثقافة التطلعية، وأعداد الكتب التي يعرضها حول تلك الثقافة والسياسة التعليمية التطلعية مما يكشف عن الاتجاه السائد في رسم السياسات التعليمية المستقبلية، ونوع البشر الذين يجب أن تتولى تنشئتهم هذه السياسة لضمان استمرار التقدم والتجديد مع مشاركة الشخص العادى في تلك العملية وفتح باب الترقي والنجاح أمام الجميع بغير قيود تأكيدا لمبدأ تكافؤ الفرص. فهل نستوعب نحن هذه الدروس ونعيد النظر في سياساتنا التعليمية لإنتاج أو صنع إنسان جديد يفكر ويتطلع ويبدع على أسس قوية وراسخة من العلم والمعرفة، وإدراك أبعاد المستقبل ومتطلباته والثقة في قدراته الذاتية الخلاّقة المبدعة؟.

 

 

 

أحمد أبوزيد