جمال عبد الناصر.. بناء الاقتصاد الوطني

جمال عبد الناصر.. بناء الاقتصاد الوطني

قبل أن يخوض جمال عبد الناصر تجربة بناء اقتصاد وطني يدعم من شأن الاستقلال السياسي الذي تحققت أركانه بالاتفاق مع الإنجليز على الجلاء عن البلاد، كانت مصر قد مرت بتجربة سابقة في بناء اقتصاد مستقل على يد محمد علي باشا الذي تولى حكم مصر (1805-1849). وبالرغم من أنه كان مجرد والٍ تابع للسلطان العثماني، فإنه كان يختلف عن الذين سبقوه من ولاة، إذ لم يكتف بتحصيل الضرائب وإرسالها إلى السلطان، بل لقد أدار كل الأنشطة الاقتصادية بمعرفته فيما عرف بنظام «الاحتكار»، ولم يعد يستورد أي منتجات أوربية إلا بعض مستلزمات الإنتاج, في الوقت الذي كانت أوربا الصناعية بحاجة إلى السوق الخارجية لتصريف المنتجات الزائدة والحصول على المادة الخام الرخيصة.

لما كانت إنجلترا أكثر القوى الصناعية تضررا من سياسات محمد علي الاقتصادية فقد أسرعت بعقد اتفاقية مع السلطان العثماني في أغسطس 1838 (بلطه ليمان نسبة إلى المكان الذي عقدت فيه في ضواحي استانبول) لإرغام باشا مصر على فتح السوق المصرية أمام المنتجات الإنجليزية مقابل تحصيل رسوم جمركية من 3-9%حسب الجدول. لكن محمد علي رفض تنفيذ الإتفاقية وقال «إن تنفيذها معناه أن أنقض الغزل الذي أنسجه»، وهي عبارة لها مغزاها، إذ إن فتح السوق المصرية أمام المنتجات الإنجليزية الأكثر جودة من شأنه أن يؤدي إلى كساد الصناعات المحلية الوليدة. وهذا ما حدث إذ انتهى الأمر بتحالف أوربا مع السلطان العثماني للقضاء على محمد علي بمقتضى تسوية لندن المشهورة (يوليو 1840) التي قررت أن محمد علي ملزم بتطبيق الاتفاقيات التي يعقدها السلطان مع أية دولة وتلك إشارة إلى اتفاقية بلطه ليمان.

عصر الانفتاح الأول

وبالقضاء على سياسة محمد علي الاقتصادية بدأ عصر الانفتاح الأول الذي أدى إلى دخول الاستثمارات الأوربية من كل صوب وحدب وتراكمت الديون وانتهى الأمر بالاحتلال البريطاني لمصر (1882) ليؤكد تبعية السوق المصرية في الإنتاج والاستهلاك للسوق الرأسمالية العالمية (أوربا).

فقد فرضت السلطات البريطانية على المنسوجات القطنية ضريبة مقدارها 8% تعادل الرسوم الجمركية التي كانت تفرض على الواردات من تلك المنسوجات مما أدى إلى كساد صناعة غزل القطن ونسجه، وفرضت على السكر المصري ضريبة استهلاك فارتفع سعره وتساوى مع سعر السكر المستورد، وفرضت عــلى الصادرات المصرية رسوماً قدرها (1.25%) مما أدى إلى ارتفاع سعرها في السوق الخارجية فلا تجد مشترياً لها. وأكثر من هذا أن المستثمرين الأجانب في مصر أحجموا عن استثمار أموالهم في الصناعة، حتى يفسحوا المجال لتسويق منتجات بلادهم في مصر. ففى مطلع القرن العشرين بلغ رأس مال الشركات الأجنبية المساهمة في مصر 45 مليوناً من الجنيهات، لم يزد نصيب المستثمر منها في الصناعة على 4 ملايين فقط. وأمام هذه المنافسة غير المتكافئة، وعجز الحكومة المصرية عن حماية الصناعات المحلية لم يعد أمام الحكومة سوى بيع ما تملكه من مغازل القطن ومعامل النسيج، وإغلاق مصانع المدافع والذخيرة وبيع أدواتها. وأصبحت تعتمد في تمويل الجيش بالمهمات والذخيرة على الشراء من انجلترا. وأصبحت البضائع المستوردة تشكل نسبة كبيرة من استهلاك المصريين، حتى لقد كان اللورد كرومر يفخر في آخر تقاريره السنوية عن مصر لعام 1905 بقوله: «إن المنسوجات الأوربية حلت محل المنسوجات الأهلية، وإن الدكاكين المحلية أصبحت تبيع كل ما هو أوربي الإنتاج».

مشروعات الأجانب 92%

وارتفع شأن رءوس الأموال المستثمرة في مجال الشركات والبنوك الخاصة. وخلال الفترة من 1900-1907 أنشئت في مصر أكثر من160 شركة وبنكاً تعمل جميعها في دائرة المعاملات المالية واستصلاح الأراضي واستغلالها، وتسليف الفلاحين. وبلغت نسبة الأجانب في هذه المشروعات 92%. وكان أخطرها على الاقتصاد المصرى إنشاء البنك الأهلي (25 يونيو 1898) بامتياز لمدة 50 سنة تنتهي في 1948، وهو مشروع إنجليزى احتكر إصدار الأوراق المالية المصرية وجميع الأعمال المصرفية مما أدى إلى ارتباط العملة المصرية بالعملة الإنجليزية، بحيث كانت أية هزة في العملة الإنجليزية تؤثر على العملة المصرية. ومع ذلك فقد امتثلت الحكومة المصرية للضغط البريطاني ووافقت في 1940 على مد امتياز البنك لمدة 40 عاما أخرى (تنتهي في 1988)، وتم إطلاق يده في إصدار البنكنوت دون رصيد ذهبي مما زاد في معدل التضخم، وازداد العجز في الميزان التجاري بشكل ملحوظ، ففي عام 1946 كان 14 مليون جنيه بلغ 39 مليونا عام 1951.

ماذا فعل عبد الناصر

تلك مقدمة ضرورية طالت قليلا عرفنا منها أن الاقتصاد المصري عشية ثورة يوليو كان اقتصاداً تابعاً للسوق الرأسمالية العالمية، ترتب عليه تبعية القرار السياسي حسب مقتضى الحال.. فماذا فعل جمال عبد الناصر؟

حين تسلم الثوار خزانة الحكومة وجدوا عجزا قدره 25 مليون جنيه ورصيداً احتياطياً هبط من 75 مليونا إلى 16 مليونا فقط. وزاد من حجم الأزمة أن بريطانيا أحجمت عن شراء القطن المصري عقب قيام الثورة فورا وأصدرت تعليمات سرية بعدم قبول طلبات الاستيراد من إنجلترا إلا إذا دفع الثمن كاملا بالإسترليني، فضلا عن التوقف عن القيام بعمليات التأمين على الصادرات إلى مصر فأحجم المصدرون الإنجليز عن المغامرة، ولم تزد مشتريات بريطانيا من القطن موسم 1952 ( شهر أكتوبر) على 2% وذلك من باب فرض حصار اقتصادي على مصر. وبدأت حكومة الثورة العمل مبكرا لعلاج العجز ففي 12 أغسطس 1952 تقرر فرض ضريبة 10% على المبالغ والتحويلات المرخص بها للمسافر إلى الخارج، وتقرر زيادة الضريبة على الإيرادات العامة بالنسبة للشرائح العليا، وعلى الأرباح التجارية والصناعية والمهن الحرة، وفرضت ضريبة على التركات (18 /8/1952).

وفي 9 سبتمبر (1952) صدر قانون الإصلاح الزراعي لتجريد كبار ملاك الأراضي الزراعية من سلاح قوتهم السياسية وضبط علاقات الإيجار. وكان وضع الملكية الزراعية في مصر سببا رئيسيا للبؤس الاجتماعي للفلاحين في مصر, وهم الأغلبية العظمى من المصريين، ففي عام 1952 عشية الإصلاح الزراعي كان المالكون لأكثر من 200 فدان أقل من 1, % من إجمالي عدد ملاك الأراضي الزراعية ويملكون 30% من إجمالي مساحة الأرض الزراعية على حين بلغت نسبة الذين يملكون أقل من خمسة فدادين 94,3% بنسبة 35% من إجمالي المساحة. أما نسبة الـ 35% الباقية من جملة مساحة الأرض الزراعية فتوزعت بين ملكيات أقل من 200 فدان إلى أكثر من خمسة فدادين وبلغت نسبتهم 5,6% .أما عدد الأسر المعدمة في الريف فكان في ازدياد ملحوظ ففي عام 1929 كانت نسبتهم 24% ارتفعت في عام 1939 إلى 38% ثم إلى 44% عام 1950. وعلى هذا استهدف القانون تعديل ميزان ملكية الأرض بتوزيع الأرض الزائدة على حد الملكية على صغار المستأجرين وصغار الملاك لأقل من خمسة فدادين (المادة التاسعة من القانون رقم 178 لسنة 1952).

الإصلاح الزراعي

وبفعل سياسات الإصلاح الزراعي انخفضت نسبة الأسر المعدمة في الريف من 44% عام 1950 من إجمالي عدد أسر الريف كما سبقت الإشارة إلى 30% عام 1961، ثم إلى 28% عام 1965. ثم عادت للارتفاع في مطلع السبعينيات إلى 33% بسبب توقف برامج الإصلاح الزراعي بعد رحيل عبد الناصر.

ولقد كان لتحديد إيجار الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة (21 جنيها للفدان)، وتحديد «المزارعة» بنصف المحصول تأثيره الكبير على الانتعاش الاقتصادي لصغار المستأجرين إذ تمكنوا من الانتفاع الحقيقي بجزء من ناتج قوة عملهم لينفقوه على احتياجاتهم الاجتماعية وكان قبل ذلك يذهب إلى جيب المالك، حيث كان إيجار الفدان قبل الثورة يتراوح بين 25 -60 جنيها للفدان الواحد. ثم تقرر إلغاء الوقف الأهلي (14 سبتمبر 1952)، وكان وجوده مثار سخرية الأعمال الدرامية (راجع على سبيل المثال أفلام نجيب الريحاني ومسرحياته)، كما كان إلغاؤه أملا عند المفكرين الإصلاحيين من قبل لأن الأعيان الموقوفة تحول دون تداولها واستثمارها اقتصاديا.

وخلال ثمانية عشر عاما (1952-1970) وبفعل الإصلاح الزراعي تغيرت أحوال الزراعة المصرية، فقد زادت مساحة الأراضي المنزرعة حوالي مليوني فدان نتيجة عمليات الاستصلاح، وخاصة بعد إقامة السد العالي. كما حدث تغير ملحوظ في خريطة المحاصيل الزراعية، حيث زادت مساحة المحاصيل النقدية والتجارية مثل الخضراوات والفواكه والأعشاب الطبية والزهور وغيرها، وتراجعت المحاصيل التقليدية.

تنمية الإنتاج القومي

كما اهتمت حكومة الثورة بأبناء الفلاحين من عمال الورش والمصانع حيث تقرر إلغاء الفصل التعسفي للعمال وكان أصحاب المصانع يمارسونه دون حسيب أو رقيب، بحيث لم يكن العامل يأمن على يومه. كما تقرر إنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال (31 أغسطس 1955) تحول إلى مؤسسة للتأمين ضد الشيخوخة والوفاة والعجز وأمراض المهنة والبطالة والمرض. كما نظم القانون التعويض عن إصابة العمل (18 ديسمبر 1958)، ثم صدر قانون جديد للعمل (5 أبريل 1959). كما تقرر من قبل وفي 17 سبتمبر 1952 تخفيض إيجارات المساكن 15% للمباني التي أنشئت منذ أول يناير 1944، وقد قصد به التيسير على عمال المدن والحرفيين والموظفين نظرا لثبات الأجور والمرتبات.

ثم بدأت حكومة الثورة توجه أنظارها إلى الإنتاج والخدمات بما يهدف إلى إنعاش الوضع الاقتصادي وتقويته فتم إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي (12 أكتوبر 1952) ومهمته بحث المشروعات التي تتعلق بالتنمية زراعيا وصناعيا وتجاريا.

وفي نوفمبر 1952 تقرر تعطيل بورصة عقود القطن بالإسكندرية على أن تتولى الحكومة شراء القطن وبيعه لحسابها وترد لمنتجيه ما قد تحصل عليه من أرباح. وكان التلاعب بأسعار القطن والمضاربة عليه قد بلغ مبلغا عام 1951 أثار الرأي العام زمن حكومة الوفد الأخيرة (1950-1952)، ثم أعيد افتتاح البورصة في سبتمبر 1955 بسياسة جديدة تضمن حداً أدنى للأسعار.

وفي الوقت نفسه عملت حكومة الثورة على اجتذاب رأس المال الأجنبي للمساهمة في عمليات التنمية الشاملة وليس فقط في مجال الخدمات، فتقرر بالقانون رقم 120 لسنة 1952 تخفيض نسبة رأس المال المخصص للمصريين في الشركات إلى 49%بدلا من 51% كما كان قد تقرر من قبل في عام 1947. وأكثر من هذا تقرر السماح بإعادة تحويل رأس المال الأجنبي إلى الخارج في حدود 20%سنويا من قيمته بعد خمس سنوات من تاريخ وروده. كما أجاز لصاحب المال أن يطلب إعادة تحويله بالكامل إلى الخارج إذا حالت دون استثماره صعوبات عملية (2 أبريل 1953).

كما تم تشجيع رأس المال المصري للمساهمة أيضا في التنمية حين تقرر جواز إعفاء الشركات المساهمة وشركات التوصية من الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية والقيم المنقولة لمدة سبع سنوات، إذا كان غرضها إنشاء مشروع لازم لدعم الاقتصاد القومي في الصناعة أو التعدين أو القوى المحركة (قانون رقم 43 لسنة 1953). وفي إطار سياسة التشجيع تم تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد الآلات والمواد الخام وإلغاء بعضها، وزيادتها على المواد الكمالية والمصنوعات التي لها نظير في البلاد حماية للصناعة الوطنية.

وإلى جانب المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي تقرر إنشاء مجلس دائم للخدمات العامة (17 أكتوبر 1953) لوضع الخطط الرئيسية للتعليم والصحة والعمران، وبمقتضاه تكونت الوحدات المجمعة في الريف والأحياء الشعبية. وبدأ تشجيع البحث العلمي لتستند إليه سياسة الدولة، إذ تم إنشاء المعهد القومي للبحوث (1953) تحول إلى المركز القومي (1955)، وأنشئت مؤسسة الطاقة الذرية عام 1960 نجحت في 1961 في إنشاء أول مفاعل نووي لإنتاج النظائر المشعة. كما أنشئت عدة معاهد نوعية للبحث العلمي: معهد الصحراء، وعلوم البحار والمصايد، وبحوث البناء، والأرصاد. ومن نتائج هذه الدراسات كان مشروع الوادي الجديد الموازي للوادي الحالي، وذلك بإصلاح الأراضي البور الممتدة من منخفض القطارة غرب النيل إلى جنوب أسوان ومساحته 10 ملايين فدان، وكذا مصانع الحديد والصلب بحلوان وسلسلة المصانع الحربية ومجمع الألومنيوم بأسيوط.

تقييد الاستيراد وتيسير التصدير

وبفضل تقييد الاستيراد وتخفيض رسوم التصدير على أغلبية السلع وفتح أسواق في بلاد مختلفة تحسن الميزان التجاري وكان العجز فيه عام 1952 قد بلغ 72 مليون جنيه انخفض في 1953 إلى 37 مليون جنيه وإلى 20 مليوناً وستمائة ألف جنيه في عام 1954 ثم ارتفع عام 1955 إلى 41 مليوناً وثلاثمائة ألف جنيه بسبب زيادة استيراد أدوات الإنتاج كالعدد والآلات والأنوال والعدادات الكهربائية وأدوات البناء، ثم ارتفع في عام 1956 إلى 43 مليوناً وثمانمائة ألف جنيه، ثم انخفض في 1957 إلى 11 مليونا وهو أقل عجز منذ عام 1941.

وفي أعقاب تأميم قناة السويس (26 يوليو 1956) قرر عبد الناصر أن تقوم الدولة بكامل الدور الاقتصادي في الاستثمار. وكانت البداية فرض الحراسة على المؤسسات الإنجليزية والفرنسية وعددها 1500 مؤسسة من بنوك وشركات تأمين وبترول وتعدين في أعقاب العدوان الثلاثي في أكتوبر-نوفمبر 1956، وتأسست وزارة الصناعة لتوجيه شئون التصنيع واستغلال الثروة المعدنية. وبعد انسحاب القوات المعتدية في 23 ديسمبر 1956 تم إنشاء مجلس التخطيط الأعلى (13 يناير 1957) ليتولى تحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة وإقرار خطط التنمية في مراحلها المختلفة، تفرعت منه لجنة التخطيط القومي لإعداد الخطة العامة للتنمية، ثم أدمج فيها كل من مجلس تنمية الإنتاج القومي ومجلس الخدمات العامة.

ومع قرار إنشاء مجلس التخطيط الأعلى (13 يناير 1957) تم إنشاء المؤسسة الاقتصادية للإشراف على المؤسسات المؤممة. وفي اليوم التالي لإنشاء هذه المؤسسة تقرر تمصير البنوك (14 يناير)، وكان رأس مال هذه البنوك في آخر ديسمبر 1956 مثلا لا يزيد على 5,2 مليون جنيه ومع ذلك تتحكم في نحو 100 مليون جنيه مصري من جملة ودائع البنوك التجارية التي تزيد قليلا على 195 مليون جنيه وتبلغ ودائع المصريين فيها من 70-100 مليون جنيه. ثم تلا ذلك تمصير شركات التأمين وكان عددها 135 شركة حسب إحصاء 1954 منها 123 شركة غير مصرية تملك 20 مليون جنيه من مجموع أصول شركات التأمين وقدرها 38 مليون جنيه. كما تم تمصير الوكالات التجارية وقصر مزاولة أعمالها على المصريين أو الشركات المساهمة، بحيث تكون أسهمها للمصريين.

منع الاستغلال الرأسمالي

وكان لهذا الدور الاقتصادي للدولة نتائج ملحوظة، ففي تقرير لمنظمة العمل الدولية عام 1959 أثبت أن الدخل الفعلي للعامل المصري ارتفع بنسبة 21%، وفي عام 1960 احتلت مصر المرتبة الثالثة في المؤتمر العلمي العالمي الذي نظمته الأمم المتحدة بالنسبة لعدد الأبحاث العلمية التي تقدم بها علماؤها ونوقشت في المؤتمر. ثم أقدمت حكومة الثورة على تأميم جميع وسائل الإنتاج الكبيرة الأجنبية والمصرية في يوليو 1961 وإقامة القطاع العام للقيام بالمشروعات التي يتردد رأس المال الخاص في إقامتها. ولم يكن القطاع العام يستهدف الربح، وإنما كان يستهدف منع الاستغلال الرأسمالي ولهذا كانت السلعة تقدم للمستهلك بتكلفتها تقريبا ولو كان يستهدف الربح لكان من السهل تسعير منتجاته تسعيرا رأسماليا. وقد سجلت الإحصاءات في أبريل 1962 أي بعد حوالي عشرة أشهر من التأميم زيادة قدرها 9,2% في إنتاج الشركات المؤممة. وفي أول مايو 1965 أعلن جمال عبدالناصر أن الخطة الخمسية الثانية سوف تبدأ في يوليو وتستهدف الصناعة الثقيلة والادخار، وهذا معناه زيادة الإنتاج وتوفير النفقات بإنهاء استيراد المستلزمات الأساسية للإنتاج، وتشجيع التصدير حتى يصبح الميزان التجاري في مصلحة الدولة ويصبح الاستقلال مصونا.

وعلى هذا كان منتصف الستينيات قمة إنجازات ثورة يوليو في بناء اقتصاد وطني مستقل وبدأ تنفيذ الخطة الخمسية الثانية التي استهدفت بناء قوة صناعية كبرى. لكن هذه القوة الصناعية المحتملة لمصر كانت هاجس الإمبريالية الأمريكية، وكانت سبب سعي أمريكا لتصفيتها حتى تحتفظ بالسوق المصرية تابعة، ومن ثم السوق العربية لمصلحة المنتجات الرأسمالية الأمريكية. ومن هنا تم تدمير تجربة عبد الناصر في بناء اقتصاد وطني مستقل, وبرحيله بدأ عصر الانفتاح الثاني وعادت مصر سوقا للاستهلاك بعد أن كانت قلعة للإنتاج.

 

 

عاصم الدسوقي 




التصنيع الدوائي في مصر، كان من علامات توطين الاقتصاد





أينما ذهب كانت هناك تحية لراعي الاقتصاد الوطني





ميناء نهري لنقل الأسمدة عن طريق النيل، تكامل المرافق من أجل التصنيع





الإصلاح الزراعي، 9 سبتمبر 1952، عربون الحرية للفلاحين، عناق شعبي للزعيم





مشروعات الإصلاح الزراعي خصص لها في 1965 نحو 400 مليون جنيه، والصورة لمزارعتين على غلاف ملحق مجلة المصور للتعمير في العام نفسه





المحرك الصاروخي للنفاثة القاهرة 300، تجربة في تصنيع السلاح في غرف عازلة للصوت