طرائف عربية

طرائف عربية

بشرى المنام وتأويل الأحلام
المعتضد وأتباع علي

رأى "المعتضد" وهو في حبي أبيه، كأن شيخا جالسا على دجلة، يمد يده إلى مائها فيصير في يده وتجف دجلة، ثم يرده من يده، فتعود دجلة كما كانت.

قال: فسألت عنه، فقيل لي: هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقمت إليه وسلمت عليه وقلت: يا أمير المؤمنين أدع الله لي. فقال لي: يا أحمد إن هذا الأمر صائر إليك "يقصد الخلافة" فلا تتعرض لولدي، وصنهم، ولا تؤذهم. فوثقت بأنني أتقلد الخلافة، وقويت نفسي، وزال خوفي. فما مضت إلا أيام يسيره حتى لحقت "الموفق" غشية فأخرجوني، فأتوا بي إلى البيت حيث "الموفق" فلما رأيته علمت أنه غير ميت، فقبلت يده فأفاق فلما رآني أفعل ذلك أظهر التقبل لي. ثم مات "الموفق" في ليلتـه تلك، ووليت مكانه فابتدأت بتقرير الأمور، ثم وليت الخلافة، بعدها تذكرت لقائي بالإمام في المنام.

قال "ابن خلدون": ما عرض المعتضد" في أيامه للعلويين، ولا آذاهم، ولا قتل منهم أحدا.

السيـف والرغيف

كان "ابن الفرات" (أبـو الحسن علي بن محمد) يتتبع (أبا جعفـر بن بسطام) بالأذية، ويضطهـده بالمكـاره، ويذل رجـولته أمـام الناس، وكانت أم "جعفر" قد عودته منذ كان طفلا أن تضع تحت مخدته التي ينام عليها رغيفا من الخبز، فإذا كان في الغد تصدقت به على الفقراء.

فلما كان بعد مدة من أذية (ابن الفرات) له حتى دخل (ابن الفرات) على (أبي جعفر) مفزوعا وقال له: (لك مع أمك خبر في رغيف؟) فأجابه: (لا). فقال (لا بد أن تصدقني). فذكر (أبوجعفر) الحديث على سبيل التطايب بذلك من أفعال النساء. فقال (ابن الفرات): لا تفعل فإني بت البارحة، وأنا أدبر عليك تدبيرا لو تم لاستأصلتك، فنمت، فرأيت في منامي كأن بيدي سيفا وقد قصدتك لأقتلك فاعترضتني أمك بيدها رغيف، رغيف تدافع به عنك وتدفعني بعيدا فما وصلت إليك.

بعد ذلك تصافيا، وقال له "ابن الفرات" والله لا رأيت مني بعدها سوءا أبدا.

ما رواه الحالمون

يحكي أحد الثقاة- والله أعلم-: أنه كان بالقاهرة رجل صاحب غنى، وكان مبسوط اليد فأضاعه، عدا بيت أبيه الذي ورثه عنه، اضطر للعمل لكسب قوته فأرهق ولم يكن ممن يتحملون. وفاجأه النوم ذات ليلة تحت تينة، فرأى في المنام رجلا يخرج من فمه قطعة من الذهب ويقول له: "ثروتك في فارس بأصفهان، فاذهب وابحث عنها". شرع الرجل في السفـر من يومه، وواجه أخطار الصحراء، وعبدة الأصنام، والريح والرمل، والمتاهات. وصل أصفهان فداهمه الليل فنام بالقرب من سور المسجد الذي كان يقع بجانب بيت سطا عليه اللصوص في ذات الليلة. استيقظ القوم واستغاثوا حتى جاء الضابط وجنوده، ففر اللصوص ووقع الرجل القادم من القاهرة في قبضة الشرطة وأشبع ضربا بالهراوات حتى كاد يهلك. ولما استعاد وعيه استدعاه الضابط وسأله (من أنت ومن أي أرض جئت؟). أجاب (إنني من مدينة القاهرة الشهيرة واسمي محمد المغربي المصري) سأله الضابط (ماذا أتى بك إلى فارس؟) أجاب الرجل بصراحة (أمرني هاتف في المنام أن آتي إلى أصفهـان لأن بها كنزي المخبـوء، وثروتي المنتظرة، وحظي المفتقد وحدد لي المكان، وأنا الآن في أصفهـان ولكنني لم أجـد شيئـا). لم يتمالك الضابط نفسـه من الضحك ثم قـال: (أيها الرجل الأخرق سريع التصديق لقد حلمت أنا ثلاث مرات بدار في مدينة القاهرة في قاعها حديقة، وفي الحديقة ساعة شمسية، وراءها تينة عظيمة، ووراء التينة عين ماء، وتحت عين الماء كنز، بيد أني لم أصـدق هذه الأكذوبة، وأنت يا نسل الشيطان تصدق). ثم أعطاه نقودا وصرفه. أخذ الرجل النقود وعاد إلى القاهرة، وفي داره التي بها الحديقة، والساعة الشمسية، والتينة وعين الماء (التي هي عين حلم الضابط) أخرج القاهري الكنز الدفين.

أي خليفة هو؟!

قال يعقوب بن داود: حبسني "المهدي" وكنت وزيره في بئر بنيت عليها قبة، فكنت فيها خمس عشرة سنة وكان يدلي لي كل يوم رغيفا وكوز ماء، وأؤذن بأوقات الصلاة، فلما كان قبل الفجر رأيت في المنام كأن قائلا يقول لي:

يا شفيق، يا رفيق، أنت ربي الحقيق، ادفع عني الضيق، إنك على كل شيء قدير. فقلتها، فما شعرت إلا بالأبواب تفتح، ثم أخذوني إلى قصر الخلافة وأنا خارج من ظلمة الزمان والبئر إلى شمس النهار الساطعة، لا أعرف من أيامي شيئا، ولا من حروف الدهر خبرا. قلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين "المهـدي"، ورحمة الله. فقـال: لست به. فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين "الهادي" ورحمة الله. فقال: لست به. فقلت: السـلام عليك يا أمير المؤمنين "الـرشيـد" ورحمة الله. فقال: عليك السلام: أتاني الذي أتاك. وخلى سبيلي.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات