قراءة نقدية في كتاب الجنوبي سعاد عبدالوهاب

قراءة نقدية في كتاب الجنوبي

حياة شاعر مشاكس كما ترويها زوجته
تأليف: عبلة الرويني

على رأس عشر سنوات من رحيل الشاعر أمل دنقل صدرت هذه الطبعة من "الجنوبي" وهو العنوان الذي اختارته زوجه الشاعر الأديبة الصحفية عبلة الرويني لتكتب تحته قصة الشهور التسعة التي قضتها معه قبل أن يختطفه منها غول السرطان المخيف.

"الجنوبي" هو الشاعر نفسه، أبن جنوب مصر "الصعيد" وهو- أيضا- عنوان إحدى قصائده المتأخرة، بل لعله عنوان القصيدة الأخيرة التي كتبها في "الحجرة رقم 8"، حيث كان يقيم عامة الأخير في مستشفى الأورام على شاطئ النيل، فالقصيدة- بموقعها في السياق الزمني- أشبه بالوصي، وإعادة التصور، وتشريح الشخصية، هي من أنضج قصائده. والزوجة الناقدة لا تتحفظ في إعلان إعجابها بالقصيدة، حتى وإن لم يشاركها الزوج الشاعر درجة الإعجاب، وقدم قصيدة أخرى، متأخرة أيضا، بعنوان "الخيول". وهنا أحب أن أفرق بين أمرين: الإعجاب بشعر أمل دنقل في ذاته، ومصدر هذا الإعجاب بالطبع- قراءة ديوانه، وما تجسد فيه من أنواع التجديد، أهمها الاهتمام بالموروث الحكائي الشعبي العربي، وتوظيفه- رمزيا- لأداء معان جديدة، أما الأمر الثاني فهو الإعجاب بما كتبته عبلة الرويني عن زوجهـا، بحيث جاء كتابها متوازنا، بين الموضوعية "التي تتجمل"، والذاتية التي لا بد أن تفرض نفسها على عقل ومشاعر زوجة محبة، فقدت زوجها "واقعيا" بعد تسعة أشهر من يوم الزفاف، وما عاشه بعد هذا إنما كان المرض الخبيث شريكا بغيضا يوشح كل شيء فيه، فهو محسوب على المعاناة، وليس على الحياة. وهذا الأمر الثاني هو الذي أكتب عنه هذه المقالة، إذ تحقق في كتاب "الجنوبي" توازن دقيق في تنويع المعلومات، وتسجيل الوقائع، ورعاية حقوق أصحاب العلاقة من أصدقاء الزوج الشاعر، والزوجة الصحفية.

حيث لا تخاذل

يفرض الإدراك الفني طريقته على صياغة عناوين الفصول (16 عنوانا) مثل: بديلا عن الانتحار (وتقصد بهذا البديل: الشعر)- البحث عن المحارب الفرعوني- وسادة المتعب- مبارزات الديكة (هذا العنوان صورة من إحدى قصائد الشاعر عن تأملاته في ساعات العزلة،- مأساة السمك النادر... إلخ، حتى حين تمكن المرض من الجسد المنهك ودخل في غيبوبة الاحتضار اختارت العنوان: "غيبوبة الموسيقى"، وقد خفف هذا الاختيار "الفني" من نزعة الشجن والميلودرامية، التي تجد فرصتها الكبيرة في مثل هذه المواقف، ولعل المؤلفة كانت تحقق رغبة زوجها الشاعر الذي حرص في شعره، كما في مرضه، على أن يستبعد أي تخاذل أو نغمة استجداء، وقد بلغ بهذا حد التطرف، في الشعر وفي السلوك معا.

تبدأ عبلة الرويني كتابها من حيث بدأت علاقتها بأمل، الشاعر المعروف بالصلف والحدة، وقد كانت محررة أدبية بدار أخبار اليوم رأت أن تجري معه حوارا، وقد ووجهت من إدارة الجريدة بمعارضة "جاهزة" ضد الشخص تحديدا. وصايا زميل صحفي قائلا: "حذار منه، ستجدينه سليط اللسان، شديد القبح مثل كل الشيوعيين، تشمين رائحتهم عن بعد" (ص 17) وأيأسها آخرون من الحصول على حوار معه، فإنه شديد التعالي، مغرور!! مع هذا ذهبت إليه على مقهى ريش، وتكرر الذهاب حتى عثرت عليه، لكنه قبل إجراء الحوار صدمها بكل ما يجعل ما قيل عنه صحيحا. قالت له مجاملة: "كنت أظنك أكبر قليلا. ضحك بصوت مرتفع: يبدو أن عندك عقدة الكترا. ولم استفز أيضا، بل ابتسمت: اطمئن، لن أحبك" (ص 19) وفي هذا اللقاء الأول حدق في وجهها - تلك التي ستكون زوجة - بطريقة غريبة - كما تقول - وسألها:

- "هل تخجلين من الحبوب المنتشرة في وجهك؟

وخجلت بالفعل، وارتبكت من السؤال المباغت حتى بادرني: أني أحب هذه الوجوه" (ص 82).

أكثر من صديقة

وتكررت اللقاءات، وفي اللقاء الرابع قال، دون أدنى مقدمات : "يجب أن تعلمي أنك لن تكوني أكثر من صديقة! حرك هذا التحذير الاستفزازي انفعالاتي، فبدت عارية:

ـ أولا أنا لست صديقتك، كما أنني لا أسمح لأحد بتحديد مشاعري متى تتزايد أو تتناقص، إنني وحدي صاحبة القرار في علاقاتي بأصدقائي" (ص 23).

لقد اهتمت الكاتبة بهذا المحور الخاص، طرفاه هي والشاعر، وهي تذكر أنه يكبرها بثلاثة عشر عاما، صراحة، ولكنها تظهر - ضمنا - كيف كانت ندا له حتى في ثوراته العارمة، بل كانت صاحبة الاختيار في الاقتران به، فلم تكن، (على الطريقة الشرقية) العضو السالب الفرح بأنه فاز بالتفضيل، بل كانت هي التي تحدت كل الظروف، بما فيها وضعها العائلي والوظيفي، واقترنت بشاعر، يصف حياته كما تنقل عنه أن "تاريخ الأرصفة هو تاريخه الشخصي" (ص 57). إن عبلة الرويني ستكون- بعد عدة لقاءات- شديدة التصديق لكل الصفات غير المستحبة، وربما الكريهة، التي ألصقت بالشاعر، ويكون السؤال: كيف تحول الحوار الصحفي في كلام في الحب، ثم إلى الحب ذاته، ثم في توحد له الألم حين أحاطت نذر الفناء بالشاعر الشاب؟ لقد لعبت "الرسائل" و"القصائد" منها ومنه دورا مهما في تقوية الإقناع الوجداني، وتعطيل حاسة النقد الاجتماعي والعقل، فقد كان البون شاسعا بينهـا وبينه في الشكل (الجمالي) والموقع الاجتماعي، تقول عن تلك المرحلة من علاقتهما: "خاصمني كثير من الأصدقاء لمجرد معرفتي بأمل، وحذرني الكثيرون من أصدقائه (!) وأصدقائي من الاستمرار في معرفة هذا الشاعر خوفا على سمعتي مع رجل لا سمعة له. سار ورائي رجلان من الجريدة - لا أعرفها ولا يعرفهما أمل- وراحا يغنيان بصوت عال أغنية عزيز عثمان: (الغراب خطف اليمامة)" (ص 57، 58). إن المؤلفة- الزوجة تصور موقفهـا في تلك المرحلة من الشاعر على أنه "جهاد" في سبيل الانتصار للمثل الأعلى، فقد خاصمت العالم من أجل نبالته الشديدة، وقلبه النقي. إن هذه النبالة، وهذا النقاء هما وحدهما تقريبا اللذان رأتهما واقتنعت بهما هذا الاقتناع القوي المؤثر، ولا نشك في أن الشاعر ذا المنطق الشعري الساحر في خطابيته الحالمة وتقسه الكاسح بالكبرياء والسمو قد استطاع أن يسدل على الواقع ستارا، نقصد هذا الواقع الاجتماعي الذي تكونت فيه أفكار الطفلة- الفتاة عبلة، وهذا الواقع المستمر بذاته من خلال العمل في الصحافة، بل في صحيفة بعينها لها لونها الاجتماعي والسياسي، وقد استطاع- بهذا الإسدال نفسه- أن يوقظ فيهـا وعيا خاصا، لا بد أن بذورا له كانت تسكن في أعماقها البسيطة، وفكرها المتمرد، تقول في عبارة لها معناها المحدد المثير: "كان العالم البرجوازي الذي قدمت منه يحكم عيوني، لكنه أبدا لم يسكن قلبي، فقد كنت منذ البداية أمتلك قلبا مستعدا لأن يبيع العالم كله من أجل هذا الشاعر الذي يملك بنطلونا واحدا اسود ممزقا، كان هذا الثقب الناتج من احتراق سيجارة يطل من فوق الركبة، وكان أمل يحاول مداراته دائما عن عيوني البرجوازية، بينما كنت ابحث دائما عنه، وأنا أكاد اعتذر عن ملابسي الأنيقة، (ص 53، 54) ولكي نستكمل هذا المحور في العلاقة الخاصة لا بد أن نتمشى مع مراحل الزواج ومعاناة السكنى في الشقق المفروشة والغرف المفردة في فنادق الدرجة الثالثة، ومعنى المبيت درن عشاء والاستغناء عنه بالغناء، واقتراض جنيهين للحصول على علبة سجائر دانهيل وسندوتش فول!! كل هذا ترويه عبلة الرويني بلا حساسية، وبلا تفاخر أيضا، وقد توجع القلب حين تذكر أن الغرفة التي خصصت لهما في مستشفى الأورام كانت أول غرفة يقيمان فيها معا مستريحين من قلق الانتقال أمام العجز عن دفع الإيجار!!

من منا بلا عيوب؟

إن هذه الحماسة التي تكنها عبلة الرويني لشاعرية زوجها لم تضللها أبدا عن عيوبه التي يرددها جمهور الأدب والشعر في القاهرة، إنه- هو نفسه- كان يذكر لها ما يقوله الناس عنه تحت شعار أنه يقطع الطريق على الآخرين حتى لا يضربوه من الخلف ويوقعوا بينهما. مع هذا لا نستطيع أن نصفهـا بالغفلة عن هذه العيوب (ولو تحت ضاغط الحب) فقد أحصت هذه العيوب وسجلتها عليه بصراحة، وأن خففت من فظاظتها بالكشف عن الدافع إليها، وعادة سيكون هذا الدافع بريئا، وربما مشروعا، وإنسانيا- كما تراه!! إن مشكلته الأساسية- في نظرها- أنه متناقض وترى أن هذا هو المدخل الحقيقة لشخصية أمل دنقل (ص 9) فهـو: فوضوي يحكمه المنطق، صريح وخفي في آن واحد، انفعالي متطرف في جرأة ووضوح، وكتوم لا تدرك ما في داخله أبدا، قلق لا يحمل يقينا، لكنه غير ملحد، لا يحب منطقة الوسط، ولا ينتمي للمناطق الرمادية؟ يحتقر الانفعالات الوسط، ويتحدى الطبقات الوسطى، إنه يبارك أو يلعن، هارب من مناطق الحياد التي تقتله. هذا هو الإطار العام الذي رسمته الكاتبة لزوجها، أما عيوبه الكثيرة فقد سجلت منها، وهذه عباراتها: "إنه يكره إلى درجة قسوة القلب وعدم المغفرة، استعراضي يبحث عن لفت الأنظار إليه دائما، يخاصم أصدقاء، إذا دخل عليه فلم يتهللوا واقفين جميعا في فرحة بلقائه، يقتحم الآخرين، انفعالي، الكل يكرهه، مغرور حتى التعالي على فيلسوف مثل زكي نجيب محمود الذي أرسل إليه بطلب دواوينه، فلم يرسلها قائلا؟ لست أنا الذي يرسل كتبه إلى أحد!!، حتى قال عنه أحد أصدقائه: إنه مريض بالكبرياء" (ص 12، 13، 14، 45، 51) أما تبرير ذلك عنده، وقد اقتنعت المؤلفة به فهو في زعمه أنه لو اكتشف الآخرون كم أنت رقيق فإنهم سيدوسونك بسنابكهم (ص 14) وهذا التبرير نفسه تنقصه النية الصالحة لأنه ينطوي على شك في أخلاق الناس، كلهم، وامتداح الذات فقط!!

الشعر والتماسك العقلي

لقد تتبعت الزوجة- المؤلفة هذه الصفات ذاتها في سلوكيات الزوج- الشاعر - وعلاقته بالأصدقاء، وبخاصة تقلباته وتناقضاته، وفي الكتاب فصول عن طفولة أمل، وثقافته، ومصادرها، ذات أهمية، كما أنها شهـدت لحظات حادة وصفتها كشاهدة بصدق مهما كان فيهـا من آلام، مثل ليلة وفاة الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور. ولكن يعنينا في الكتاب ما يتعلق بشعر أمل دنقل وبخاصة بعد أن رأينا أن هذا الشاعر الخشن الشكس لم يكن يتحدث إلى أحد، و لم يكن يحب أن يحبه الناس ويألفوه، أو يقتربوا منه. تقول عبلة الرويني عن الشعر بالنسبة لهذا الشاعر:

"الشعر هو التماسك العقلي والنفسي القوي، والاتساق الوحيد، والبناء الموضوعي الشديد الإحكام الذي حقق لأمل إعادة خلق العالم المرفوض حوله من جديد لحسابه الخاص" (ص 10) وتقول، لقد أدرك أمل دائما أن قوته الحقيقية هي شعره.. هو التوازن والسلاح القوى المشهر.. الزهو والثقة والكبرياء" (ص 11) وهو يرى أن الشعر معارضة مستمرة، "حتى لو تحققت القيم التي يحلم بها الشاعر، لأن الشعر هو حلم بمستقبل أجمل، والواقع لا يكون جميلا إلا في عيون السذج" (ص 21) والشعر يأخذ ماهيته الأساسية من صلته بالجمهور، ولأن له دورا اجتماعيا وسياسيا ينبغي أن يكون ملموس وملحوظا لا أن يكون ملغزا أو متعاليا على الجمهور (ص 48) ولهذا. وقف ضد من أسموا أنفسهـم شعراء السبعينيات ممن ارتدوا عباءة أدونيس، ووصف هذه العباءة بأنها مضللة (ص 9) "حيث يستخدمون الحداثة الفنية هروبا من الحداثة الفكرية، والتي لا تفعل أكثر من تحديث العين العربية، تاركة تحديث الفكر والوجدان العربي".

هذه جميعها أفكار مهمة تحتاج إلى بسط ومناقشة واستدلال، ليس هنا مكانها، لكنها تمثل ركيزة من وعي الكاتبة بما ينبغي أن تفضي به عن حياة الشاعر. وآراء أمل دنقل الشعرية، ومنطلقاته الفكرية والجمالية منتشرة في صفحات الكتاب وفصوله، وليست محصورة تحت عنوان واحد، فمثلا حينما كان يحضر إحدى الندوات، ويستمع إلى قصيدة لا تعجبهم، فإنه ما كان يتردد آن؟ يرفع صوته معترضا، وينزل الشاعر المسكين عن المنصة، وكما تقول عبلة الرويني: "كان يصفق من مقعده معترضا على جرح الشعر، ولقد اعتبر الكثيرون ذلك قسوة غير إنسانية من أمل، وكنت أعتبر ذلك قمة الرقي الإنساني حين يمارس صدقه، ويحترم أغلى قيمة، فالشعر لدى أمل لم يكن يحتمل أنصاف الموهوبين، ولا يسكن منطقة الوسط" (ص 47) إنني لا أقر الشاعر، ولا أوافق زوجته المعجبة على أن إنزال شاعر "وسط" أو متواضع الموهبة هو "قيمة" و "صدق"، أكثر من تشجيعه، وإعطائه فرصة أخرى لتحسين أدائه، وإشعاره بأنه حاول أن يكون جيدا، ولو في مرة قادمة!!

مصادر التجربة الشعرية

لقد طرحت المؤلفة موضوعات مختلفة تتعلق بشعر أمل دنقل، مثل: عمل الذاكرة ونشاطها في تكوين قصيدة (ص 75) وإعلاء قيمة الحرية (ص 65، 98) ومصادر ثقافته الأولى المبكرة (ص 71، 73) وإعجابه وتأثره بشعراء زمانه (ص 95، 96) وما يتعلق بقصائد الغرفة رقم 8، تلك التي كتبها وهو في عامه الأخير تحت العلاج بالمستشفى (ص 130 وما بعدها).. إلخ. ولكن أهم قضيتين طرحتهما مما يتعلق بالشعر: مصادر التجربة الشعرية ومفهومها عنده، وطريقته في كتابة قصيدة. بالنسبة للتجربة فإنه ينفر من الطرح المباشر، ويفضل إسقاط أفكاره ومشاعره على اقتباسات من التراث الشعبي أو الديني أو الأسطوري.. إلخ فمثلا حين كتب قصيدة: "مقابلة خاصة مع ابن نوح" اعتبر هذا الابن الكافر دينيا- العاق أبويا، رمزا لإيثار الوطن. والتمسك به، ورفض النزوح مع السفينة المهاجرة. وهذا يرتبط مع ما كان يعانيه الشاعر من تمزق بين البقاء في مصر فقيرا ضائعا، والنزوح إلى بيروت للعمل، وادخار مال يساعده على الزواج، وتقول الكاتبة إنها جندت عنده البقاء مع المعاناة. ولذا قال عن تلك القصيدة إنها أول قصيدة كتبها لمحبوبته، فلما قرأتها قالت: إنني لست فيها.؟ قال: كيف، إنك صلبها الأساسي، لقد استطعت أن كيف، إنك الإحساس قويا وجميلا بالوطن. إن سطورها الأخيرة هي أنت بالتحديد.

يرقد الآن تحت بقايا المدينة
وردة من عطن
بعد أن قال (لا) للسفينة
وأحب الوطن

وقد كان أمل - كما تقول عبلة الرويني - يؤثر الرموز الفرعونية ويحاول إعادة أساطيرها إلى الحياة في قصائده، لكنه بعد أن قرأ إحدى هذه القصائد للدكتور لويس عوض، فلم يفطن الناقد الكبير لما فيها من رمز، تأكد لديه أن الحياة الفرعونية بكل ما تنطوي عليه لا تمثل شيئا في الوجدان المصري، وإن الانتهاء الحقيقي للمصريين هو انتماء عربي وإسلامي بالأساس، فالبطل الوجداني المصري هو الحسين وخالد بن الوليد وليس أحمس أو أوزوريس، (ص 72 ، 73) ولهذا تحول إلى "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" و"خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين"... إلخ.

قد يسمع أمل تعليقا من الجمهور في ختام إحدى قصائده فيضيف هذا التعليق للقصيدة (ص 91) وقد يلح ناقد على حذف سطر أو كلمة فلا يهتم ولا يحذف (ص 92) وقد يحرر التجربة من دافعهـا الأول ويتركها للفهم العام، هكذا فعل في مرثيته لصلاح عبدالصبور (ص 107).

أما "طقوس" كتابته لقصيدة فإن شاعرا - في هذا الأمر بالذات - لن يشبه شاعراً آخر، ودون أن نتطرق لهذا الجانب، فإنه لا بد أن يكون متأثراً بهذه الحدة، وهذا التركيز العنيف على الذات الذي اتصفت به سلوكيات أمل دنقل، الذي ذهب مبكراً، وانتصر على الموت - كما يقول الدكتور يوسف إدريس في رثائه - إذ ذهب جسده، وأصبح صوتا خالصا.... صافيا.

 

سعاد عبدالوهاب

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




أمل دنقل - الجنوبي - غلاف الكتاب