إلي أن نلتقي

هي أيضا.. بلاد الشمس المشرقة

.. كانت؛ وما زالت؛ التجربة اليابانية في شرق آسيا مثار إعجاب العالم وتقديره.. ذلك أنها انتصبت نموذجا عملاقا للإرادة والتحدي؛ ودليلا وشاهدا على الإعجاز البشري الذي يؤكد عدم الاستكانة والخضوع لظروف الانسحاق والدمار.

فلقد خرجت اليابان منهزمة من حرب عالمية ضروس؛ ونالها حظ أوفر من الدمار، ربما تمثلت ذروته في القنبلتين الوحيدتين اللتين ألقيتا على مكان ما في الأرض، (لا أعاد الله هذه التجربة)!! ولم تسقط الروح بعد أن تهدم هيكل الجسد، فقام الإنسان في اليابان بمعجزته الاقتصادية التي ألحقت الهزائم- في ميداني الاقتصاد والعلم - بالمنتصرين عليه عسكريا في أوربا وأمريكا.

وحين يجيء يوم الكويت الوطني الحادي والثلاثون..؛ وتسطع شمس الخامس والعشرين من فبراير (شباط) على الكويت المحررة، يتجلى إنجاز آخر للإنسان - العربي هذه المرة -.. فقد رصد أشد المتفائلين ثلاثة أو أربعة أعوام زمنا يستغرقه إطفاء حرائق الآبار النفطية التي أشعلها القد الغازي. وتضافرت جهود أبناء الكويت، والشرفاء من العالم، لتحدي الدمار، والزمن!! تفجرت الطاقات الكامنة وانتظمت في ملحمة عطاء. (ولعل الاستطلاع المنشور داخل العدد للأستاذ وليد الجاسم يعطي انطباعا أعمق وتفاصيل أدق).. وبدأ العطاء الثقافي يتجدد؛ والبناء إثر البناء يتشامخ، وواكب بناء الإنسان بناء الوطن. وكلاهما يتفاعل مؤثرا في الآخر، فلا وطن بدون إنسان، كما أن الإنسان بلا وطن ضياع بلا مدى.

ومن هنا تأتي صعوبة اندمال الجرح في النفس البشرية،. وإذا كان التحدي؛ في البناء ماديا؛ صعبا. فإن بناء الإنسان من أصعب المهام التي تواجه الأمم والشعوب، خاصة بعد الكوارث التي تستهدف كيانه وكينونته.

وإذا كانت الكويت العائدة قد أنقذت العالم من استمرار الكارثة البيئية، ممثلة في حرائق الآبار النفطية؛ فإن في ذلك النجاح بشائر ودلائل الصحة على قدرة الإنسان الكويتي العربي على تجاوز كارثة تدميره أو تفسخه؛ وهي الكارثة الأعمق أثرا والأشد هولا. فمرحى للسواعد التي تجدد عطاءها.

وليس في اليابان وحدها.. ينتصر الإنسان..