التنوع الحيوي عند نقطة اللاعودة

التنوع الحيوي عند نقطة اللاعودة

في العام 2002، تعهدت حكومات العالم بتحقيق تخفيض كبير في معدل فقدان التنوع الحيوي بحلول العام 2010. وبالرغم أنه من الصعب قياس حجم التنوع الحيوي على كوكبنا، فإننا على يقين من أن هذا الهدف لم يتحقق. فالوطأة (بصمة القدم) الإيكولوجية لنا- ما نأخذه من كوكبنا- 3.1 مرة القدرة البيولوجية للأرض.

وهو ما يعني أننا على حافة نقطة اللاعودة. وبالتالي فإن ما سنفعله في العقدين المقبلين سيحدد ما إذا كانت البيئة المستقرة التي عاشت عليها الحضارات الإنسانية منذ العصر الجليدي الأخير، أي قبل 10 آلاف سنة"، ستبقى على حالها أم لا؟

وتتعرض النظم الطبيعية التي تساند الاقتصادات والحياة وسبل العيش في جميع أنحاء كوكب الأرض لخطر التدهور والانهيار السريعين، إلا إذا اتخذ إجراء سريع وجذري وخلاق، لحفظ تنوع الحياة واستخدامه المستدام على كوكب الأرض.

وهذا استنتاج أساسي لتقييم رئيسي جديد للحالة الجارية للتنوع البيولوجي وآثار ضياعه المستمر على رفاهية الإنسان.

ويؤكد ثالث تقارير «التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي(GBO-3)»، الذي تصدره «اتفاقية التنوع البيولوجي»، أن العالم فشل في الوفاء بهدفه بتحقيق خفض ملموس في معدل فقدان التنوع البيولوجي بحلول العام 2010.

ويستند التقرير إلى التقييمات العلمية والتقارير الوطنية المقدمة من الحكومات، والدراسة عن السيناريوهات المستقبلية للتنوع البيولوجي. ورهنا بعملية استعراض علمي مستقل موسع، فإن إصدار الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي يمثل واحدا من المعالم الرئيسية للسنة الدولية للتنوع البيولوجي، التي تحتفل بها الأمم المتحدة في العام الحالي.

ويصدر تقرير «التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي (GBO-3)» مرة كل أربع سنوات منذ العام 2002 بناء على قرار اتخذه مؤتمر الأطراف الأعضاء في «اتفاقية التنوع البيولوجي». وهو ثمرة لتعاون وثيق بين «أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي» و«المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة». وسيكون هذا التقرير من المدخلات الرئيسية في المناقشات التي سيجريها قادة العالم ورؤساء الدول في الاجتماع الخاص الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر المقبل. وستكون استنتاجاتها أيضا في صلب المفاوضات التي ستجريها حكومات العالم في قمة التنوع البيولوجي المقرر عقدها في ناغويا باليابان في أكتوبر المقبل.

وتضمنت المصادر الرئيسية التي استندت إليها الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي تحليلا للحالة الراهنة للتنوع البيولوجي واتجاهاته، أجرته «شراكة مؤشرات التنوع البيولوجي»، وهي شبكة من المنظمات التي يتولى التنسيق بينها المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ إلى جانب دراسة عن السيناريوهات والنماذج بخصوص التنوع البيولوجي في القرن الحادي والعشرين، اشترك في إعدادها طائفة واسعة من العلماء تحت إشراف شبكة Diversitas والمركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP-WCMC). وهذه الدراسة بعنوان: «سيناريوهات التنوع البيولوجي: توقعات التغير في التنوع البيولوجي وما يرتبط به من خدمات النظم الإيكولوجية في القرن الحادي والعشرين».

فقدان ساحق للتنوع البيولوجي

ويحذر التقرير من أن فقدانا ساحقا آخر للتنوع البيولوجي أصبح مرجحا بشكل متزايد، ومعه خفض شديد في كثير من الخدمات الضرورية للمجتمعات البشرية كلما اقتربنا من «النقاط الحاسمة»، التي تتحول فيها النظم الإيكولوجية إلى حالات بديلة، أقل إنتاجية، والتي قد يصعب أو يستحيل التعافي منها.

واعتمد التقرير على إحصاءات «الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة» والتي أظهرت أن خطر الانقراض يهدد 21 في المائة من كل أنواع الثدييات المعروفة، و30 في المائة من البرمائيات، و35 في المائة من اللافقاريات.

وتتضمن النقاط الحاسمة المحتملة التي تم تحليلها لغرض الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي ما يلي:

  • الموت التدريجي لمساحات كبيرة من غابات الأمازون، بسبب تفاعلات تغير المناخ، وإزالة الغابات، وحرائق الغابات، مع ما يترتب عليها من آثار بالنسبة للمناخ العالمي وسقوط الأمطار الإقليمي وانقراض الأنواع على نطاق واسع.
  • تحويل كثير من بحيرات المياه العذبة ومسطحات المياه الداخلية الأخرى إلى حالات التغذية، أو تغلب عليها الطحالب، بسبب تراكم المغذيات، وتؤدي إلى موت الأسماك على نطاق واسع وفقدان أسباب الراحة الترفيهية.
  • انهيار مضاعف للنظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية، بسبب مزيج من تحمض المحيطات، وارتفاع درجة حرارة المياه التي تؤدي إلى الابيضاض، والصيد المفرط والتلوث بالمغذيات؛ وإلى تهديد سبل العيش لمئات من الملايين الذين يعتمدون مباشرة على موارد الشعاب المرجانية.

غير أن التقرير يقول إن هذه النتائج يمكن تجنبها إذا اتخذ إجراء فعال ومنسق للحد من الضغوط المتعددة المفروضة على التنوع البيولوجي. فعلى سبيل المثال، هناك حاجة إلى إجراء عاجل لخفض التلوث على الأرض وممارسات الصيد التدميرية التي تضعف الشعاب المرجانية، وتجعلها أكثر تعرضا لآثار تغير المناخ وتحمض المحيطات.

وتلاحظ الوثيقة أن التحديات المترابطة لفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ يجب أن يعالجها صانعو السياسات مع إعطائهما أولوية متساوية وبتنسيق وثيق فيما بينهما، وذلك إذا رغبنا في تجنب أكثر التأثيرات شدة لكل منهما.

ويؤكد التقرير أن حفظ التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية يمكن أن يساعد على خزن كمية أكبر من الكربون، وخفض المزيد من غازات الاحتباس الحراري؛ وسيتمكن الناس بشكل أفضل من التكيف مع تغير المناخ الذي لا يمكن تجنبه، إذا جعلنا النظم الإيكولوجية أكثر صلابة ومع تخفيف الضغوط الأخرى.

استراتيجية جديدة

يصف التقرير استراتيجية جديدة ممكنة لخفض فقدان التنوع البيولوجي، مع التعلم من الدروس المستفادة من الفشل في الوفاء بهدف 2010. وتشمل هذه الاستراتيجية معالجة الأسباب الكامنة أو العوامل الدافعة غير المباشرة لفقدان التنوع البيولوجي، مثل أنماط الاستهلاك، وآثار التجارة المتزايدة والتغير الديموجرافي.

وتخلص الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي إلى أننا لا يمكن أن ننظر إلى الفقدان المستمر للتنوع البيولوجي على أنه مسألة منفصلة عن الشواغل الأساسية للمجتمع. فتحقيق الأهداف، مثل التصدي للفقر وتحسين الصحة، والثروة والأمن للأجيال الحالية والقادمة، سيتعزز كثيرا إذا أعطينا في النهاية للتنوع البيولوجي الأولوية التي يستحقها.

ويشير التقرير إلى أننا بإمكاننا استعمال جزء ضئيل من الأموال التي دبرتها حكومات في العالم على الفور في عامي 2008-2009 لتجنب انهيار اقتصادي، أن نتفادى حدوث انهيار أكثر خطورة وأشد أثرا في نظم دعم الحياة على كوكب الأرض.

وفي تصديره للطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي، كتب بان كي- مون الأمين العام للأمم المتحدة يقول: «يجب علينا لعلاج الأسباب الجذرية لفقدان التنوع البيولوجي، أن نعطي أولوية أعلى لجميع مجالات صنع القرار وفي جميع القطاعات الاقتصادية».

«وكما توضح هذه الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي، فإن حفظ التنوع البيولوجي لا يمكن أن يكون مجرد فكرة لاحقة بعد معالجة الأهداف الأخرى فهو الأساس الذي يقوم عليه الكثير من هذه الأهداف.

«ونحن في حاجة إلى رؤية جديدة للتنوع البيولوجي للحفاظ على صحة كوكبنا وخدمة مستقبل مستدام للبشرية».

أما أخيم شتاينر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فرأى أن هناك أسبابا اقتصادية رئيسية لعدم الوفاء بهدف التنوع البيولوجي لعام 2010.

ولاحظ شتاينر أن «العديد من الاقتصادات ما زالت غير مدركة للقيمة الهائلة لتنوع الحيوانات والنباتات وغيرها من أشكال الحياة، ودورها في وجود نظم إيكولوجية صحية وعاملة، من الغابات والمياه العذبة إلى التربة، والمحيطات وحتى الغلاف الجوي».

«إن بلدانا عديدة بدأت في إدماج رأس المال الطبيعي في بعض مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ذات العوائد الكبيرة، ولكن ذلك يحتاج إلى التنفيذ على نطاق أوسع بسرعة وبطريقة مستدامة».

«لقد اختلقت البشرية وهما مفاده أن بإمكاننا أن نعيش بطريقة ما دون تنوع بيولوجي أو أن التنوع البيولوجي له أهمية هامشية في عالمنا المعاصر: والحقيقة هي أننا بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى على كوكب يعيش عليه 6 بلايين شخص ويتجه إلى نحو ما يزيد على 9 بلايين شخص بحلول سنة 2050».

وقال السيد أحمد جغلاف، الأمين التنفيذي للاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي إن «الأنباء ليست سارة. فما زلنا نفقد التنوع البيولوجي بمعدل لم يسبق أن سجله التاريخ مطلقا وربما تكون معدلات الانقراض زادت 1,000 مرة عن معدلها الأساسي التاريخي».

«والواقع أن تقييم حالة التنوع البيولوجي العالمي لعام 2010، الذي يرد في الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي استنادا إلى آخر المؤشرات، وما يزيد على 110 تقارير وطنية مقدمة إلى أمانة الاتفاقية، والسيناريوهات للقرن الحادي والعشرين، ينبغي أن تكون جميعها صيحة تنبيه إلى البشرية. فاستمرارنا في اتباع أساليب العمل المعتادة لم يعد خيارا مقبولا إذا كان علينا أن نتجنب حدوث ضرر لا يمكن علاجه لنظم دعم الحياة على كوكبنا».

«ويجب للخطة الاستراتيجية الجديدة للاتفاقية، التي سيعتمدها مؤتمر قمة التنوع البيولوجي لعام 2010 في ناغويا، أن تعالج الأسباب الكامنة لفقدان التنوع البيولوجي. ويجب التصدي للتحديات المترابطة الناتجة عن فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وذلك على أساس إعطائهما أولوية متساوية والعمل على نحو تعاوني وثيق بشأنهما. فهناك حاجة إلى القيام بعمل مشترك لتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالتنوع البيولوجي وتغير المناخ ومكافحة التصحر وهي الاتفاقيات الثلاث التي انبثقت عن مؤتمر ريو لعام 1992. ولا شك أن مؤتمر القمة الذي سيعقد بعد 20 عاما من ريو، يوفر فرصة لاعتماد خطة عمل كفيلة بتحقيق هذا الهدف».

التنوع البيولوجي في 2010

تستعمل الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي خطوطا متعددة من الأدلة التي تصور عدم الوفاء بالهدف الذي وضعته حكومات العالم في العام 2002، وهو: «تحقيق خفض محسوس بحلول عام 2010 في المعدل الحالي لضياع التنوع البيولوجي على الأصعدة العالمية والإقليمية والوطنية».

وتشمل النتائج الرئيسية ما يلي، استنادا إلى تحليل خاص لمؤشرات التنوع البيولوجي أجراه فريق من العلماء، فضلا عن المؤلفات العلمية التي استعرضها النظراء، والتقارير من الحكومات الوطنية المقدمة إلى اتفاقية التنوع البيولوجي:

  • يمكن القول بأن أيا من الأهداف الثانوية الواحدة والعشرين التي تصاحب الهدف العام للتنوع البيولوجي لعام 2010 لم تتحقق نهائيا على المستوى العالمي، ولو أن بعضا منها قد تحقق جزئيا أو محليا. وتظهر عشرة من المؤشرات الرئيسية الخمسة عشر، التي وضعتها اتفاقية التنوع البيولوجي، تظهر اتجاهات غير مؤاتية للتنوع البيولوجي.
  • لم تدع أي حكومة أنها أوفت بالكامل بهدف التنوع البيولوجي لعام 2010 على المستوى الوطني، وأفاد نحو خُمس الحكومات صراحة بأنها لم تحقق هذا الهدف.
  • الأنواع التي رُشحت لخطر الانقراض تقترب في المتوسط من الانقراض، بينما تواجه البرمائيات أكبر الأخطار وتتدهور حالة أنواع الشعاب المرجانية بأسرع معدل.
  • هبطت وفرة أنواع الفقريات، استنادا إلى العشائر التي تم تقييمها، بحوالي الثلث في المتوسط بين السنوات 1970 و2006، وتواصل انخفاضها على المستوى العالمي، مع حدوث تراجع شديد على وجه الخصوص في المناطق المدارية وفيما بين أنواع المياه العذبة.
  • تواصل الموائل الطبيعية في معظم أجزاء العالم تدهورها من حيث النطاق والسلامة، ولاسيما الأراضي الرطبة للمياه العذبة، والموائل الجليدية البحرية، والأهوار الملحية، والشعاب المرجانية، والمعشبات البحرية، والشعاب المأهولة بالأسماك الصدفية؛ على الرغم من التقدم الكبير المحرز في إبطاء معدل الخسارة في الغابات المدارية والمنغروف، في بعض المناطق.
  • يواصل التنوع الجيني للمحاصيل والماشية انخفاضه في النظم الزراعية. وعلى سبيل المثال، تشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 60 سلالة من سلالات الماشية قد انقرضت منذ عام 2000.
  • مازالت الضغوط الرئيسية الخمسة التي تدفع إلى فقدان التنوع البيولوجي مباشرة (تغير الموئل، الاستغلال المفرط، التلوث، الأنواع الغريبة الغازية، وتغير المناخ) ما زالت إما ثابتة أو متزايدة في الكثافة.
  • أحرز تقدم كبير في زيادة عدد المناطق المحمية على اليابسة وفي المياه الساحلية. غير أن 44% من المناطق الإيكولوجية الأرضية (المناطق التي بها نسبة كبيرة من الأنواع وأنواع الموائل المتشاركة)، و82% من المناطق الإيكولوجية البحرية، تقع تحت نسبة الحماية المستهدفة وهي 10%. ومعظم المواقع ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي تقع هي أيضا خارج المناطق المحمية.

مستقبل التنوع البيولوجي للقرن الحادي والعشرين

اجتمع علماء ينتمون إلى نطاق واسع من التخصصات معا في سبيل إعداد الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي لتحديد النتائج المستقبلية المتوقعة للتنوع البيولوجي خلال القرن الحالي، استنادا إلى الاتجاهات الملحوظة والنماذج والتجارب. وتتضمن استنتاجاتهم الرئيسية ما يلي:

  • تظهر الإسقاطات بشأن أثر التغير العالمي على التنوع البيولوجي استمرار انقراض الأنواع الذي غالبا ما يحدث بخطى متسارعة، وكذلك فقدان الموائل الطبيعية، والتغيرات في توزيع وأعداد الأنواع، ومجموعات الأنواع والمناطق الأحيائية خلال القرن الحادي والعشرين.
  • هناك خطر عال لحدوث خسارة هائلة للتنوع البيولوجي وما يصاحبها من تدهور في نطاق عريض من خدمات النظام الإيكولوجي، إذا تم دفع نظام كوكبنا فيما وراء حدود قصوى أو نقاط حاسمة معينة.
  • قللت التقييمات السابقة من أهمية الشدة المحتملة لفقدان التنوع البيولوجي استنادا إلى سيناريوهات محتملة، لأن التأثيرات الناتجة عن تجاوز نقاط حاسمة أو حدود قصوى لتغير النظام الإيكولوجي لم تؤخذ في الاعتبار في السابق.
  • هناك فرص أكبر مما حددته التقييمات السابقة لمعالجة أزمة التنوع البيولوجي مع الإسهام نحو تحقيق الأهداف الاجتماعية الأخرى؛ وذلك مثلا بتقليل نطاق تغير المناخ دون استخدام واسع النطاق لأنواع الوقود الحيوي وما يصاحبه من فقدان للموائل الطبيعية.
  • يمكن منع التغييرات في التنوع البيولوجي والنظام الإيكولوجي، أو تخفيضها بشكل ملموس أو حتى عكسها إذا تم اتخاذ إجراءات قوية بصورة عاجلة، وشاملة وملائمة على المستويات الدولية والوطنية والمحلية.

العمل على إيجاد استراتيجية لخفض فقدان التنوع البيولوجي

تطرح الطبعة الثالثة من تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي عددا من العناصر التي يمكن النظر فيها في إطار استراتيجية مستقبلية لخفض فقدان التنوع البيولوجي، وتجنب أسوأ الآثار المترتبة على السيناريوهات التي جرى تحليلها في التقرير. ومن المرجح أن تشكل أساسا لمناقشة الخطة الاستراتيجية التي يجري النظر فيها حاليا لفترة السنوات العشر المقبلة لاتفاقية التنوع البيولوجي، والتي من المقرر أن يوافق عليها الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية، في ناغويا باليابان خلال شهر أكتوبر 2010. وتشمل هذه العناصر ما يلي:

  • تدخل مباشر مستمر ومكثف لخفض فقدان التنوع البيولوجي، وذلك مثلا من خلال توسيع وتعزيز المناطق المحمية والبرامج الموجهة إلى الأنواع والموائل المعرضة للخطر.
  • إجراءات مستمرة ومكثفة لتقليل الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي، مثل منع التلوث بالمغذيات، وقطع الممرات التي تؤدي إلى إدخال الأنواع الغريبة الغازية، وتطبيق ممارسات أكثر استدامة في مصايد الأسماك والغابات والزراعة.
  • كفاءة أكبر بكثير في استخدام الأراضي والطاقة والمياه العذبة والمواد لمواجهة الطلب المتزايد من أعداد السكان المتزايدة والأكثر رخاء.
  • استعمال حوافز السوق وتجنب الدعوم الضارة للتقليل من الاستخدام غير المستدام للموارد والهدر في الاستهلاك.
  • تخطيط استراتيجي للتوفيق بين التنمية وحفظ التنوع البيولوجي، والإبقاء على الخدمات المتعددة المقدمة من النظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها.
  • استعادة النظم الإيكولوجية لصون الخدمات اللازمة للمجتمعات البشرية، مع الاعتراف بأن حماية النظم الإيكولوجية الحالية من منظور التكلفة أكثر فاعلية من تركها تتدهور في المقام الأول.
  • العمل على ضمان تقاسم المنافع الناشئة عن استعمال والحصول على الموارد الجينية وما يرتبط بها من معارف تقليدية، وذلك مثلا من خلال تطوير العقاقير ومستحضرات التجميل، تقاسمها بإنصاف مع البلدان والثقافات التي أخذت منها.
  • الاتصال والتعليم وزيادة التوعية حتى يفهم الجميع إلى أقصى حد ممكن قيمة التنوع البيولوجي والخطوات التي يمكنهم اتخاذها لحمايته، بما في ذلك من خلال إدخال تغييرات في أنماط الاستهلاك والسلوك الشخصي.

ويذكر أن باب التوقيع على اتفاقية التنوع البيولوجي كان قد فتح في مؤتمر قمة الأرض التي عقدت في ريو دي جانيرو في العام 1992، ودخلت حيز النفاذ في ديسمبر 1993، وهي معاهدة دولية لحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام والتقاسم العادل للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية. وتتمتع الاتفاقية بمشاركة شبه عالمية من البلدان التي تلتزم بحفظ الحياة على الأرض، إذ انضم إليها 193 طرفا. وتسعى اتفاقية التنوع البيولوجي إلى معالجة جميع التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، بما فيها التهديدات من تغير المناخ، وذلك من خلال إجراء التقييمات العلمية، وإعداد الأدوات، والحوافز والعمليات، ونقل التكنولوجيا والممارسات الجيدة والإشراك الكامل والنشط لأصحاب المصلحة، بما فيها الأصلية والمحلية، والشباب، والمنظمات غير الحكومية، والنساء ومجتمع الأعمال.

وبروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية معاهدة تكميلية للاتفاقية تسعى إلى حماية التنوع البيولوجي من المخاطر المحتملة التي تشكلها الكائنات الحية المحورة الناشئة عن التكنولوجيا الأحيائية الحديثة. وحتى الآن، انضم 157 بلدا والجماعة الأوربية كأطراف في البروتوكول.

وقد أعلنت الأمم المتحدة سنة 2010 «السنة الدولية للتنوع البيولوجي» لزيادة التوعية بالأهمية الحاسمة للتنوع البيولوجي، والإعلام عن التكاليف البشرية لفقدان التنوع البيولوجي، وإشراك عامة الناس، ولا سيما الشباب، في العالم أجمع في الكفاح من أجل حماية أشكال الحياة على كوكب الأرض.

 

 

أحمد خضر الشربيني