الشاعر أحمد سويلم وأحمد فضل شبلول

الشاعر أحمد سويلم وأحمد فضل شبلول

رولينج استوعبت «ألف ليلة وليلة»
فنسخت عملها الكبير «هاري بوتر»

  • الجوائز لا ترتقي بما يُكتب للطفل العربي
  • نحن في أشد الحاجة إلى فريق من شباب النقاد في مجال أدب الأطفال
  • النقد يهتم بأعمال الكبار ولا يهتم بأدب الأطفال
  • ماذا يريد منا الأطفال؟ سؤال يقلب موازين المعادلة

قدم الشاعر المصري أحمد سويلم أكثر من ثلاثين عملا إبداعيا للأطفال العرب، ما بين شعر ومسرح وحكايات معاصرة وحكايات من التراث، فضلا عن قيامه بتقديم عدد من الدراسات الأدبية المهمة عن الأعمال المكتوبة للأطفال، ودراسات أخرى عن أطفالنا في عيون الشعراء، وشعراء كتبوا للأطفال، والفكر الإسلامي في ثقافة الطفل. وهو إلى جانب ذلك عضو في أكثر من لجنة متخصصة في ثقافة الأطفال وأدب الأطفال، سواء في المجلس الأعلى للثقافة، أو اتحاد كتاب مصر، أو مكتبة مبارك العامة. حول أدب وقضايا الطفل العربي كان هذا اللقاء الذي حاوره فيه أحمد فضل شبلول، من أسرة تحرير العربي.

  • لقد دعوتم أخيراً إلى عقد مائدة مستديرة بمشاركة أكاديميين ومتخصصين في مجال أدب الأطفال وصحافة الأطفال، لبحث إمكان إيجاد أو تأسيس منهج نقدي لأدب الأطفال، فهل نحن في حاجة إلى منهج نقدي لأدب الطفل العربي؟ وهل يوجد بالفعل نقاد لأدب الأطفال في عالمنا العربي؟

- في ظل الطفرة التي بدأت منذ الألفية الثانية في مجال أدب الأطفال نشأت الحاجة إلى وجود منهج نقدي يفرز تلك الأعمال الكثيرة التي تملأ الساحة هنا وهناك. والغريب أن النقد يهتم بأعمال الكبار، ويضع لها معاييرها الفنية والجمالية. ولا يلتفت إلى أدب الأطفال. ومن ثم ثار تساؤل - في إحدى الجلسات البحثية - عن معايير النقد في أدب الأطفال، وهل هي المعايير نفسها التي نطبقها على الأدب الموجه للكبار؟ أم أن لها قيما جمالية أخرى مختلفة؟ وحاول الباحثون الإجابة عن هذا السؤال، واختلفت الآراء والرؤى، لكن الأمر يتطلب البحث العميق عن هذه المعايير التي تتناسب مع هذا اللون من الإبداع، تتعلق باللغة والمجاز، وتكوين الجملة، والموسيقى الشعرية، والفكرة، والجانب التربوي، وغيرها من العناصر التي ينبغي أن توضع في الحسبان عند أي محاولة لتقويم أي عمل نقدمه للأطفال.

ولن يتحقق ذلك- في تصوري- بهؤلاء النقاد الأكاديميين الذين يتعلقون بالحداثة ومعطياتها، وإنما يتحقق بنقاد آخرين مارسوا هذا الإبداع .. تجربة.. وتخصصاً.. ودراسة, مؤمنين بأن الساحة الأدبية - في مجال الطفولة - تستحق التقويم والفرز والمعاصرة - خاصة بعد دخول التكنولوجيا إلى عالمنا.

ومن ثم فنحن في أشد الحاجة اليوم إلى فريق واع من شباب النقاد في مجال أدب الأطفال يضعون المعايير التربوية والجمالية في ألوان الإبداع المختلفة بعيداً عن الغموض والتعقيد.

  • هل أدباء الطفل العربي قادرون بالفعل على مخاطبة هذا الطفل في مراحل سنه المتعاقبة؟

- كاتب الأطفال العربي لا يختلف عن كاتب الأطفال الأجنبي فهو قبل أن يكون كاتباً هو إنسان ورب أسرة وأب لأطفال يحاول تربيتهم وتثقيفهم.

إذن هو لديه البنية الأساسية للتعامل مع الطفل، فإذا أضفنا الموهبة والثقافة والوعي بسيكولوجية الطفل العربي وعالمه الخاص كان قادراً على مخاطبة الطفل بلا صعوبة.

ولدينا كتاب مرموقون - كباراً وشباباً - يحتلون مكانة جيدة فى هذا المجال، يشهد عطاؤهم على وعيهم وفهمهم وقدرتهم على مخاطبة الطفل في مراحله المختلفة.

  • إذن ما الذي ينقص الكاتب العربي الذي يكتب للأطفال كي يصبح مثل الكتاب الأجانب الذين يكتبون لأطفالهم، هل التقدير من الآخرين؟ هل الموهبة، هل التقنية؟ هل الثقافة؟ هل معايشة الأطفال؟.. أم غير ذلك؟

- ربما ينقصه قدر من كل هذا إلى جانب تقدير الدولة له ولما يكتب، وتقدير دور النشر واحترام موهبته ومكافأته مكافأة لائقة بجهوده.

ولا نود أن نخرج المناخ الثقافي السائد في مجتمعنا العربي عن هذه المسئولية، فهذا المناخ ينقصه الكثير في ظل ما يطلق عليه (الإلهاء الإعلامي) والذي يتمثل في تسطيح العقل، وإشغال الأطفال والشباب بما يخاطب غرائزهم دون عقلهم، والاهتمام بكرة القدم والغناء والرقص الشبابي، والتطرف الديني، وكذا انصراف أجهزة الدولة عن الثقافة وتهميش المثقفين، مما ينعكس - سلباً- على تربية أطفالنا وتثقيفهم.

إن إصلاح التعليم يجئ في مقدمة العوامل التي تفتح شهية الطفل إلى القراءة الجادة. ومن ثم فإن وجود الكاتب الجيد لا ينفصل عن وجود الطفل القارئ الجيد أيضا.

  • أدب الأطفال بين الجانب التربوي والجانب الجمالي أو الفني، كيف استطاع الشاعر أحمد سويلم تحقيق تلك المعادلة في أعماله التي كتبها للأطفال والتي تعدت الثلاثين عملا إبداعيا، غير الدراسات والمقالات والأبحاث؟

- أرى أن الجانبين - التربوي والجمالي- لا ينفصلان ونحن نكتب للأطفال. فالطفل يمثل براءة الخلق، وبراءة الدهشة، وبراءة السلوك، وعلى كاتب الأطفال أن يكون واعيا بسيكولوجية هذا الكيان الصغير وأن يدرك تماماً أنه لا يختلف عن الكبار في إمكاناته وحاجاته النفسية والثقافية إلا فى الدرجة أو الجرعة التي يتلقاها.

ويبدو أن الخطأ في التعامل مع هذه المرحلة العقلية يكمن في أن الكبار الذين يكتبون للصغار لا يسألون أنفسهم: ماذا يريد منا الأطفال؟ وإنما هم واقفون عند حدود: ماذا نريد نحن للأطفال. وأحسب أن التعرف على: ماذا يريد منا الأطفال، سيقلب موازين المعادلة.

وقد حاولت أن أفعل ذلك في كل ما أكتب بقدر كبير. فأتحدث - غالباً- بلسان الصغير. وأشبع (الأنا) لديه. وأفجر شيئا من طاقاته. معتمدا على البساطة فى العرض والجمال الذي ينبع من الطبيعة التي هي جزء من عالم الطفولة، وتقدير واحترام عقلية هذا الصغير ومعاملته على (أنه رجل صغير السن).

  • هل لا تزال النظرة إلى الكاتب الذي يكتب للأطفال على أنه كاتب من الدرجة الثانية أو الثالثة هي السائدة الآن؟ أم تغيرت تلك النظرة لمصلحته؟

- على الرغم من المحاولات المضنية في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من أجل الارتقاء بأدب الأطفال، فإن التحول في هذه النظرة مازال بطيئا، ويتطلب مزيداً من الجهد المخلص لكي يرتفع كاتب الطفل إلى مرتبة كاتب الكبار، وينال ما يستحق من تقدير.

وأظن أن هذه النظرة الخاطئة هي نتيجة التخلف الذي يسود حياتنا الثقافية والمتمثل في عدم الاهتمام بمراحل الطفولة المبكرة في مؤسساتنا التعليمية، وكذا في وسائل الإعلام المختلفة حيث يتولى تعليم هذه الفئة العمرية مدرسون ليسوا على المستوى التربوي ولا العلمي المطلوب لتنشئة هذه الفئة. وأيضا يتولى برامج الطفولة في وسائل الإعلام أو الصحافة إعلاميون لا يملكون خبرة التعامل مع الطفل، بل ينظرون إليه على أنه كيان متخلف صغير يستحق التدليل والتعامل معه على أنه جاهل أو أمي. وهذه نظرة خاطئة، تسببت في وجود هذه الحالة المزرية التي تنظر إلى كاتب الأطفال على أنه غير كفء وغير مثقف، ومن ثم فهو في الدرجة الثانية أو الثالثة.

وأرى أن كتاب الأطفال أيضا عليهم جزء من هذه المسئولية ويرتبط ذلك بغياب حركة النقد التي تعلن عن الكاتب الجيد والكاتب الردئ.

  • الجوائز العربية لأدب الطفل .. هل تلاحظ أنها أسهمت في الارتقاء بما يكتب للطفل العربي؟

- مع الأسف نجد الجوائز العربية - لكتاب الكبار أو الصغار- تحكمها معايير غير عادلة في أغلبها. ويشوبها المجاملات والمصالح المشتركة، ويتصارع حولها الكتاب من أجل الفوز بقيمتها المادية أكثر من الفوز بقيمتها الأدبية، ومن ثم فإن تأثير هذه الجوائز غير ملحوظ في الارتقاء بما يكتب للطفل العربي.

ويبدو أن كبار كتاب الأطفال - وهم الفائزون دائما في هذه المسابقات - يحصدون هذه الجوائز ويسدون الأبواب أمام الأجيال التالية، بل قد يحاربونهم ويقاومون وجودهم في الساحة، مع أن الساحة تتسع للجميع.

  • ما اللذة التي يشعر بها كاتب الأطفال عندما يبدع عملا لهم؟

- لقد وضعت يدك على حالة شعورية سحرية أشعر بها حين أكتب للطفل. ويكفي أن أقول لك إنني أتوق دائما إلى العودة إلى الطفولة ولا يتحقق ذلك إلا حينما أتمثل هذا الطفل الذي أكتب على لسانه، وهي متعة لا يدانيها أية متعة أخرى، حيث ينسلخ الإنسان من واقعه الردئ ويعيش عالماً من الحلم والأمل.

  • ترى ما الأسباب وراء ذيوع وانتشار روايات مثل «هاري بوتر» التي أصبحت ظاهرة عالمية، ورأينا الأطفال الأجانب يقفون بالطوابير أمام المكتبات لحجز نسخهم فور سماعهم بصدور جزء جديد منها؟ هل قوة الإعلام؟ أم أنها تلبي حاجة لديهم سواء كانت نفسية أو خيالية أو عقلية؟

- أظن أن الطفل المعاصر غارق حتى أذنيه في التقنيات الحديثة التي تقدم له الرعب والقتل واللعب المتسم بالصراع والمنافسة القوية، مما أبعده عن أجواء الخيال الذي كنا نقرؤه ونحن صغار في «ألف ليلة وليلة»، و«بلاد العجائب»، و«جلفر»، وغيرها.

وأرى أن كاتبة (هاري بوتر) حينما أدركت ذلك، أدركت أيضا حاجة الطفل إلى الانخلاع قليلاً من هذه الأجواء السوداء إلى حالات من الخرافة والخيال والمتعة عن طريق الخوارق والسحر وغيرها.

وقد أفلحت ج. ك. رولينج في ذلك، وأظنها استوعبت أولا «ألف ليلة وليلة»، وما فيها من سحر وخوارق، ونسجت على غرارها عملها الكبير (هاري بوتر) في وقت تعب فيه عقل الصغار من الأرقام والعنف واللعب القاتل، فأقبلوا على هذا العمل يستريحون فيه قليلا، فوجدوه يقدم لهم هذه العناصر جميعا، ولكن بصورة خيالية ممتعة تشبع نفوسهم وعقولهم معا.

وأريد أن أؤكد لك أن مثل هذه الأعمال تعيش تماماً كما تعيش أحدث أساليب الكتابة العلمية، لأنها تحدث تكاملاً في شخصية القارئ.

  • إذن ما دور الخيال وحجمه في الأعمال الموجهة للأطفال العرب؟

- تقوم الثقافة العربية منذ وجدت على الخيال، يتجلى ذلك في تراث الشعر العربي، وفي الروايات الرومانسية وغيرها من الأعمال التي تهتم بالخيال.

والطفل أكثر الكائنات رغبة في التخيل، فهو في صغره قد يشغف بالمكعبات، والألعاب الخيالية، وجمع القطع المرسومة لتكوين أشكال جديدة، واللعب في الرمال على الشاطئ لتكوين بحيرات وأنهار، واختراع الحكايات مع الجماد والعرائس القطنية، وركوب العصا على أنه جواد يطير، إلى آخر هذه الأحلام الصغيرة التي تؤكد أن وجدانه مشحون بالخيال.

ولهذا فإن الكاتب الذي يدرك ذلك في تكوين شخصية الطفل لا يمكنه أن يغفل هذا الجانب الذي يشبع للطفل وجدانه وتفكيره معا. وكلما اهتم الكاتب بذلك استطاع أن ينمي حاسة الخيال لدى الطفل وجعله يفجر موهبته الفنية التي لا تتفجر من دون خيال.

  • هل ترى أن العودة إلى استلهام التراث العربي، أم اللجوء إلى الخيال العلمي، هو الأكثر مناسبة للطفل العربي في القرن الحادي والعشرين؟

- أعتقد أن كليهما مطلوب في تثقيف الطفل، فالطفل عليه أن يعرف تراثه وحضارته وتاريخه وقيمه الباقية، وأيضاً لا بد أن يتعرف على إنجازات عصره، ومن هذا وذاك تتكون حاسته الثقافية، وتتكامل. أما إذا قدمنا له جانبا دون آخر، لأصبحت ثقافته ناقصة عرجاء.

  • ما المطلوب من الشاعر الذي يكتب للأطفال الآن كي تصل قصيدته بيسر وسهولة إلى الطفل العربي في كل مكان؟

- هنا يسأل الشاعر نفسه: إلى أي مرحلة عقلية يكتب. وما هو المعجم اللغوي المناسب لهذه المرحلة. وإلى أي حد تكون الموسيقى، وتكون الصورة، ويكون المجاز، وتتلون كلماته بألوانها الجميلة لتكون جذابة وشائقة.

وفي كل الأحوال، فالشاعر الموهوب هو الذي يستطيع أن يحدد كل ذلك، وهو يكتب فيختار المستوى اللغوي المناسب، والموسيقى الشعرية الملائمة، والصور البسيطة المؤثرة، وقبل ذلك الموضوع أو المضمون المستمد من عالم الطفل نفسه، وبذلك تتحقق المعادلة الإيجابية ويستمتع الطفل بالشعر وموسيقاه.

  • من واقع تجربتك في الكتابة للأطفال، أيهما الأقرب إلى عالمه القصة؟ أم الشعر؟ أم التشكيل؟ أم المسرحية؟

- لكل جنس أدبي تأثيره في الطفل. ونحن نعرف أن الشعر هو أسبق الفنون إلى وجدان الصغير من القصة. وفن ترقيص الأطفال أسبق من كل الألوان الأخرى. وفي مرحلة تالية يستوعب الطفل الشعر- مضمونا وموسيقى- ويستوعب القصة، ثم المسرح.

لكن في كل الأحوال أستطيع أن أؤكد أهمية أن يعيش الطفل - في النص المقدم له - عالماً خيالياً ممتعاً. ومن ثم فسواء كتبنا شعراً أو قصة أو مسرحاً، فإن عنصر الخيال هنا له أهمية كبيرة في جذب وجدان الطفل، بالإضافة إلى وجود موقف أو قصة أو حدث ينجذب إليه الطفل. وهذا لا يفرق بين شعر أو قصة أو مسرح.

  • مجلات الأطفال في الوطن العربي .. كيف تراها؟ هل استطاعت اجتذاب الطفل، لتجعل منه قارئا ومثقفا صغيرا؟ أم أنها مجرد شكل أو «سد خانة»؟

- كانت مجلات الأطفال في النصف الثاني من القرن العشرين مؤثرة وإيجابية في تنشئة الطفل، ابتداء من «سندباد» ومرورا بـ«ماجد»، و«سمير» و«العربي الصغير»، وغيرها من المحاولات الجادة المشابهة.

لكن يبدو أن دور المجلة اليوم قد انحسر أمام زحف الكومبيوتر والتكنولوجيا المعاصرة، فضلاً عن أن معظم القائمين على مجلات اليوم غير متخصصين في تثقيف الأطفال. ولا يعني هذا أن المجلة- ليست مهمة للطفل. بل على العكس تماماً. لكن المهم أن تكون لها خطة متطورة. ووعي بكل جديد في عالم الطفل- عربياً وعالمياً- حتى يقبل عليها الأطفال، بدلاً من هذه المادة التي تتسم بالتقليدية والتي تمثل كما تقول «سد خانة».

  • من واقع خبرتك ما هي المجلة العربية للأطفال التي استطاعت تحقيق احتياجات الطفل العربي الثقافية والأدبية والفنية؟

- لا يوجد الآن مثل هذه المجلة. لكنني أشهد أن مجلات: سندباد وسمير وماجد والعربي الصغير، حققت جانباً كبيراً من احتياجات الطفل العربي الثقافية والأدبية والفنية، وقامت بدور مهم في هذه المجالات، وتخرج فيها جيل كبير هو الذي يملأ الساحة الآن في مجالات الحياة المختلفة.

  • ما أهم ملاحظاتك على كتب الأطفال التي تصدر الآن في العالم العربي؟

- شهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في إخراج كتب الأطفال العربية. وتسابقت دور النشر لجذب وعي الطفل إلى الكتاب المقروء بأحدث الوسائل التكنولوجية والرسوم والإخراج.

ويجب أن نعترف بهذه الطفرة الفنية التي حدثت، لكن الناشرين- خاصة القطاع الخاص- قد يحكمهم العامل الاقتصادي فيلجأون إلى تلبية رغبات خارجية بعيدة عن رغبات الطفل العربي- كما حدث في مشروع المعونة الأمريكية - ومن ثم يتوقفون عن إنتاج الجديد للطفل العربي، مكتفين بشروط هذا المشروع الذي في تصوري أحدث صراعاً في علاقات الناشرين بعضهم البعض نتيجة الصراع على كعكة الإنتاج، وعلى مزيد من الكسب، ومن ثم كسب البعض وخسر البعض الآخر. لكننا نأمل أن يعود الناشرون إلى صوابهم ورسالتهم من أجل تثقيف الطفل العربي ومنافسة الكتاب الأجنبي، ويواصلوا بذلك دورهم الذي بدأوه منذ سنوات.

  • متى يستطيع كتاب الطفل العربي أن ينافس مثيله في المعارض والأسواق الدولية؟

- من الظلم أن نتهم الكتاب العربي للأطفال بعدم المنافسة، ويشهد على ذلك المعارض الدولية وجوائز الناشرين في هذه المعارض التي نالوها على الإخراج والمادة معا.

الأمر إذن يتطلب مزيداً من الإخلاص والاستمرار في تطوير الكتاب، وهذا ليس شاقاً ولا بعيداً على الناشرين العرب.

  • ما قولك في أدب الأطفال الإلكتروني المتمثل في عدد من المواقع والمنتديات المخصصة للأطفال وثقافتهم على شبكة الإنترنت، والأعمال الموجهة لهم من خلال الأسطوانات المدمجة على سبيل المثال؟

- أعتقد أن أدب الأطفال الإلكتروني له أهمية كبيرة في هذا العصر، ونحن نرحب به إلى جانب الكتاب الورقي، وحتى تتحقق فيه الفائدة، ينبغي أن يقوم عليه متخصصون وفنيون لا تقل كفاءتهم عن كتاب الأطفال للكتاب الورقي أو رسامي هذه الكتب، إلى جانب اختيار المادة المناسبة والتعبير عن ذلك بلغة سليمة بسيطة، وبرسوم مناسبة، وبذلك تتكامل الصورة بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني.

  • هل ترى ضرورة اللقاء بين كتاب الطفل ومهندسي البرمجة للوصول إلى أعمال إلكترونية على المستوى المطلوب وتنافس الأعمال الواردة من الخارج في صورة أسطوانات مدمجة أو في صورة مواقع على الإنترنت؟

- يمكن بالطبع أن يحدث هذا، ولم لا؟ لأن هذا اللقاء سيفيد كلا الطرفين، فيدلي كل منهما برأيه أو رؤيته التي تفيد الآخر في عمله، وأنا شخصياً أرحب بذلك.

  • أخيرا .. ترى ما أهم القضايا المطروحة الآن في عالم أدب الأطفال؟

- القضية الأولي هي كيف نقيم منهجاً نقديا لأدب الطفل، وهي قضية أساسية يتفرع منها كل القضايا الأخرى في الكتابة أو الرسم أو الإخراج أو النشر.

- أحمد سويلم

- مواليد بيلا / كفر الشيخ - مصر، حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر 1989، والدكتوراه الفخرية في الآداب من الأكاديمية العالمية للثقافة والفنون 1990 "كاليفورنيا"، وجائزة كافافيس 1992، وجائزة أندلسية للثقافة والعلوم 1997، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب 2006.

- كتب للأطفال: حكايات من ألف ليلة وليلة، وعشر مسرحيات شعرية، وقصص 30 مثلا عربيا بعنوان «حكمة الأجداد» ومدائن إسلامية، وطفولة عظماء الإسلام، وديوان الطفل ما قبل المدرسة، وبستان الحكايات (10 قصص شعرية) وديوان الفتى العربي، وتعالوا نغني حروف الهجاء، ومجموعات شعرية تحت عنوان: أحب أن أكون، وأنا وأصدقائي، وفلسطين عربية، وواحة الحيوان، وأحلامي، ويحكى أن.

- وفي مجال الدراسات في أدب الأطفال أصدر: أطفالنا في عيون الشعراء، ومحمد الهراوي شاعر الأطفال، والتربية الثقافية للطفل العربي، والفكر الإسلامي في ثقافة الطفل العربي، وشعراء كتبوا للأطفال، ورحلة مع قطار الشعراء. كما أصدر حكايات وأغاني شوقي للأطفال، وعالم الحيوان للصغار، وأشهر الأساطير والملاحم الأدبية .. وغيرها.

-------------------------------

قالَ العَوَاذِلُ: هَل تَنهاكَ تَجرِبةٌ،
أما تَرَى الشِّيبَ وَالأخدانَ قد دَلَفُوا
أما تلمُّ علىَ ربعٍ بأسنمةٍ
إلاّ لعَيْنَيْكَ جَارٍ غَرْبُهُ يَكِفُ
يا أيّها الرَّبْعُ قَد طالَتْ صَبَابَتُنَا،
حتى مللنا وأمسى الناسُ قد عزفوا
قد كنتُ أهوى ثرى نجدٍ وساكنهُ
فالغورَ غوراً بهِ عسفانُ فالجحفَ
لمّا ارْتَحَلْنَا وَنَحْوَ الشّامِ نِيّتُنَا،
قالتْ جعادةُ هذي نيةٌ قذفُ
كَلّفْتُ صَحبيَ أهْوالاً عَلى ثِقَةٍ،
للهِ درهمُ ركباً وما كلفوا
ساروا اليكَ منَ السهبيَ ودونهمُ
فيحانُ فالحزنُ فالصمانُ فالوكفُ
يُزْجونَ نَحْوَكَ أطْلاحاً مُخَدَّمَةً
قد مسها النكبُ والأنقابُ والعجف
في سيرِ شهرينِ ما يطوى ثمائلها
حتى تشد إليَ اغراضها السنفُ
ما كانَ مذْ رحلوامنْ أهلِ أسمنةٍ
غلاَّ الذميلَ لها وردٌ ولا علف
لا وردَ للقومِ إنْ لمْ يعزفوا بردى
إذا تجوبَ عنْ أعناقها السدفُ

جرير





الشاعر أحمد سويلم (يساراً) وأحمد فضل شبلول





 





الشاعر أحمد سويلم