تواطؤ والي القدس وصمت السلطان عبدالحميد وراء ضياع أراضي فلسطين

  تواطؤ والي القدس وصمت السلطان عبدالحميد وراء ضياع أراضي فلسطين
        

"عازوري" حذر في بداية القرن العشرين
من خطورة الاستيطان الصهيوني

على الرغم من أن السلطان عبدالحميد أصدر قراراً يمنع بيع أراضي الفلسطينيين لليهود, فإن مساحات شاسعةمن المدن والقرى تم الاستيلاء عليها في عهده!!

           كان اللبناني الجنوبي نجيب عازوري أول مَن كشف معالم الخطر الصهيوني على فلسطين في كتابه "يقظة الأمة العربية" الذي صدر بالفرنسية في باريس عام 1905. وهو وعد أكثر من مرة في كتابه بإصدار كتاب آخر بعنوان "خطر اليهود العالمي" في العام التالي.

          ولكن الكتاب لم يصدر, أو أنه صدر وتولّت الحركة الصهيونية جمعه. ومن المؤكد أن عدم ظهور الكتاب شكّل خسارة إعلامية كبيرة على صعيد نكبة فلسطين, لأن عازوري كان معاوناً لحاكم ولاية القدس منذ 1898 حتى 1904, وبالتالي عالماً بأسرار كثيرة تتعلق بالمسألة الفلسطينية في تلك المرحلة.

          إلا أن ملف عازوري في الخارجية البريطانية احتضن تقارير عدة تشير إلى أن حكم الإعدام الذي أصدره الوالي بحقه كان نتيجة مقالات عدة نشرها في جريدة "الإخلاص" التي كانت تصدر في القاهرة. والجدير أن عازوري نفسه يشير إلى الحكم والجريدة في كتابه "يقظة الأمة العربية" من غير أن يقول إن الحكم قد تناوله أو أن يكون هو كاتب مقالات "الإخلاص".

          عثرت على مقالات عازوري في مجموعة جريدة "الإخلاص" المحفوظة في دار الكتب القاهرية, وفي إحدى المقالات, وردت معلومة تفيد أن عازوري نشر في الوقت نفسه سلسلة  مقالات في جريدة "المقطم" الشهيرة حول الموضوع نفسه. وسرعان ما نبشتها في مجموعة مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت.

          إن مقالات "المقطم" و "الإخلاص" تتضمن الكثير من المعلومات الثمينة حول المسألة الفلسطينية, ومنها معلومة تشرح كيفية تملّك مساحات شاسعة من أراضي فلسطين خلال فترة حكم السلطان عبدالحميد, مما يحرج كثيراً موقف بعض المؤرخين الذين يتغزلون فيه انطلاقاً من الإرادة السنية التي تمنع بيع شبر واحد من الأرض الفلسطينية للأجانب.

          فيما يلي عرض لبعض ما ورد في مقالات عازوري المجهولة والمهمة:

فضيحة بداية القرن

          "لا يخفى على الناقد البصير أن عطوفة كاظم بك متصرف لواء القدس الشريف من يوم تعيينه لهذا المنصب الجليل, أخذ يستبد ويظلم حتى فاق تيمورلنك الشهير بالفظائع, وذلك أنه يستورد من الرشوة أموالاً طائلة ولها عنده أبواب جمّة يستحلّ فيها على أهون سبب, وينتحل لها طرقاً شتى منها بيع الوظائف بجميع أنواعها, وله تداخل كبير جداً في مسألة الانتخابات لمجالس الإدارة والتجارة والبلدية وغيرها, فضلاً عمّا يأويه تحت سقف داره من السارقين ومهرّبي الأصناف الممنوعة حتى القاتلين أيضاً".

          بهذه المقدمة يصدّر نجيب عازوري مقالته المنشورة في العاشر من يونيو 1904, حيث يتناول فيها أخطر وأقذر أعمال الوالي وهي تسهيل بيع أراضي الفلسطينيين لليهود "على غير رغائب جلالة سلطاننا الأعظم, وقد وردت بشأنها إرادة سنية مراراً عدة قاضية بعدم السماح لليهود أن يتملكوا شبر أرض في تلك الأراضي المقدسة". بل إن أوامر السلطان عبدالحميد بمنع شراء اليهود للأراضي الفلسطينية قد تكررت مع التشديد, في عهد الوالي كاظم بك, ولكن العكس قد حصل بسبب حب الوالي "للأصفر الرنان الذي ملأ خزائنه منه بواسطة مأموريه الذين لا يخالفون له أمراً مع شركائه كحضرة بشارة أفندي حبيب ويوسف جزدار وغيرهما".

          متى تمت عمليات البيع وكيف?

          في العام 1903 ألزم الوالي "فلاّحي جهة اليهودية وياسور وبيت دفان وجهات أخرى بأن يبيعوا أراضيهم إلى المستعمرين السيونست" أي الصهاينة, ومع أن عمولة العملية كبيرة جداً, فإن "الخائنين لم يكتفوا بما فعلوه.. حتى عقدوا أخيراً مع المدعو ألبير عقيقي الوكيل في القدس الشريف عن شركة اليهود السيونست في باريس, وقد تعهد به كاظم بك, فوسّط شركاءه في استمالة عرب بير سبع إلى بيع أراضيهم لليهود المذكورين بأقل من قيمتها أضعافاً, ومساحتها تبلغ مائة ألف دونم. فتأمّل"!

          أيضاً, فإن الوالي وشركاءه قد تعهدوا لممثل الحركة الصهيونية "بأن يقنعوا فلاحي غزة ببيع مائة ألف دونم إلى الشركات اليهودية بطريقة الوعيد والتهديد والقوة الجبرية, حتى أن تلك الشركات أصبحت تمتلك تقريباً النصف من أحسن الأراضي في أقضية يابا والثلاثة أرباع من أراضي حيفا وصفد وطبريا ومرجعيون, وما ينيف على عشر ضيعات من الضياع الكبيرة, في جهات حوران". أما ثمن هذه الصفقة الكبيرة, فقد بلغ خمسين ألف ليرة للوالي, وعلى أساس "ربع ليرة عثمانية على كل دونم", إضافة إلى عشرة آلاف ليرة تقاضاها "بشارة حبيب والجزدار وباقي الوسطاء الخونة". وإذا استمر الحال على المنوال ذاته, فإن "أرض فلسطين, من جبل حرمون إلى لبنان إلى عريش مصر, ومن البحر المتوسط إلى البادية العربية, ستصبح ملكاً "حلالاً" لليهود, ويصبح بنو إسرائيل هم أصحاب الحول والطول, فتسود كلمتهم ويعود مجدهم في أرض الميعاد".

          ونشرت "الإخلاص" في العدد نفسه رسالة أخرى لعازوري مؤرخة في 6 يونيو 1904, تعهد فيها بالاستمرار في فضح أمر الوالي حتى "يتأكد جلالته أن أولئك الخونة سيكونون سبباً في خراب الدولة وفقدانها من أيدي المسلمين".

          وفي 24 يونيو من العام نفسه, نشر نجيب عازوري مقالة أخرى أضاء فيها على مفاسد الوالي ومعاونيه, فقال إن كاظم بك تسلّم منصبه في أواخر فبراير 1902, وفي مارس أصبح الفلاح الفلسطيني "في حالة يرثى لها, فعهد إلى الصيارف والمرابين اليهود, وأخذ منهم المال بالربا الفاحش إلى المحصول القادم. وإن سألتني عن قيمة الربا أقول إن المائة بثلاثمائة". وقد زاد في الطين بلة "ظهور الهواء الأصفر الذي وقع لدى عطوفة الكاظم موقع الاستحسان, لأنه هو المتسبب به نظراً لرفعه الحجر الصحي عن واردات القطر المصري.

          وبهذه الطريقة دخل الوباء وفتك بالأهالي فتكاً ذريعاً حيث بلغت الوفيات حسب الإحصاء الرسمي نحواً من عشرين ألف نسمة ذهبوا ضحية غايات المتصرف الذي كان ربحه فيها ما ينيف على العشرين ألف ليرة كما هو معلوم لدى الأكثرين الواقفين على دخائل الكاظم. فكأن كل روح هلكت بهذا الداء كان عليها ليرة واحدة للمتصرّف".

          ونتيجة الكوارث الطبيعية والبشرية ومنها زحف الجراد "بخيله ورجله حتى غطى الفضاء وكسا الأرض" تعذّر على الفلسطينيين تسديد المال للمرابين اليهود في الموعد المحدد, فاضطروا بضغط من الوالي إلى بيع أراضيهم لدائنيهم "بطريق المزاد".

          وختم عازوري مقالته بنداء إلى السلطان عبدالحميد كي يبعد كاظم بك عن ولاية القدس قبل أن يهجرها اللبنانيون".

          تحت عنوان "إيرادات كاظم بك وشركاه الشهرية من دم أهالي فلسطين" أكّد نجيب عازوري في "الإخلاص" بتاريخ 8 يوليو 1904, , أن الوالي اخترع نظاماً ضرائبياً لا يوجد نظيره في جميع أنحاء السلطنة العثمانية".

          لذلك أطلق عليه تسمية "الضرائب الكاظمية", فقد فرض على قائمقام الخليل مائة ليرة عثمانية, ومدير بيت لحم 150 ليرة عثمانية, وقائمقام غزة 400 ليرة عثمانية, وقائمقام بير السبع 80 ليرة عثمانية", ثم إن المأمور في المتصرفية يقبض المبلغ الشهري المرقوم "من اليهود الأجانب المهاجرين من أوربا والذين يقصدون فلسطين دون تذاكر, فيتساهل معهم ويدخلون البلاد آمنين". أما ترجمان الولاية بشارة حبيب, وهو عديل عازوري فإنه يجبي لنفسه وللوالي أضعاف جباية المأمورين وذلك عبر "مهاجري اليهود الأجانب الذين يعتبرونهم تارة أجانب وطوراً عثمانيين والترخيص لهم بالبناء بالرغم من الإرادات السنية".

          وختم عازوري سلسلة مقالاته في "الإخلاص", حيث ردّ بتاريخ 22 يوليو 1904 على نعت الوالي للعرب بـ"سقط المتاع" مستعيناً بما قاله الشاعر:

وما نقموا منا بني العرب خلّة

سوى أن خير الخلق لم يك أعجماً

          وانتقل في مقالته إلى مثلبة أخرى عند الوالي, حيث أعاد تعيين أحد الموظفين الفاسدين لقاء مائتي ليرة عثمانية, وعندما اعترض عازوري على إعادة تعيينه, أجابه الوالي: "إن حكومتنا في حالة فوضى, والدولة في اختلال كلي, والجميع من السلطان إلى الصعلوك يستخدمون الفساد والرشوة في أعمالهم. فهل تريد أنت أن أصلح لك وحدي المعارف العمومية في يافا"?

وعيد وتهديد

          كانت المقالة تلك الأخيرة في "الإخلاص", ولكنها لم تكن كذلك في حملة عازوري الصحافية. فقد نشر سلسلة مماثلة في جريدة"المقطم", تساءل في أولى حلقاتها حول كيفية انحلال الدولة, وأجاب بلسان بزرجمهر أن ذلك يعود إلى أن "ملوكها قلّدوا كبار الأعمال لصغار العمال". وقال في المقالة المنشورة بتاريخ 25 يونيو 1904 "ان اتباع جادة الباطل صار من لوازم الإدارة وأدوات الحكم في البلاد العثمانية.

          فالحسّ والنظر يشهدان بأن الأرض تباع في دائرة متصرفية القدس للأجانب رغماً عن إرادة أصحابها من المسلمين والمسيحيين, تارة بالوعيد وطوراً بالتهديد. فالآستانة والذين فيها يؤيدون ذلك الصياد الماهر لأنه يصيد لنفسه ولهم كما لا يخفى". هنا يكرر الكاتب ما بدأه في "الإخلاص" ولكنه يضيف معلومة أساسية ومهمة عندما يقول إن الوالي "يلقي بذور الخصومات وبث النزاعات بين الطوائف المختلفة, لأن الخصام والنزاع بين الطوائف يسهلان الطريق على الأجانب للوصول إلى ابتياع الأراضي".

          "أملاك الدولة بالمزاد" كان عنوان المقالة المنشورة في "المقطم" بتاريخ 5 يوليو 1904 . وكما في "الإخلاص" يتوجه الكاتب إلى السلطان, مع فارق أنه في "المقطم" يحمّله مسئولية امتلاك الأجانب للأراضي الزراعية "في جهات فلسطين ونواحي بيت المقدس". ذلك أن هذه المسألة الخطيرة التي تهم الدولة "ولها مساس كبير بالسياسة العثمانية من أوجه دولية, يتعلق أمرها بجلالة السلطان رأساً, وهو وحده الفاتق والراتق في تلك الرقعة الممتازة. فإذا كان لابد من ترك الأهالي يتسامحون بشيء من تلك الأملاك, فالأمر بيده يصرفه كما يشاء ولا معارض له في أحكامه كما يعلم الراسخون في سياسته". ويكرر الكاتب هنا, ما سبق أن نشره في المقالة الأولى في "الإخلاص", ولكنـه يحمّل السلطان مداورة, مسـئولية ما جرى ويجـري, عبر قوله أن "رجال المابين شركاء كل حاكم يبتز الأموال ويقسمها حصصاً". إلا أنه استمر في منهجه التكتيكي حين قال إن غرضه من "كشف المخبآت وإيضاح الحقائق علّها تبلغ آذان مولى الولاة والمتصرّفين". وكأنه بـذلك مازال متوقعاً أن يتم عزل الوالي وإيقاف بيع الأراضي. وعازوري يرتكز في تفاؤله على أكثر من قرار عادل اتخذه عبدالحميد رغماً عنه. وعلى سبيل المثال, فقد قرّر نقل والي حلب جميل باشا عام 1886 الذي نكّل بعبد الرحمن الكواكبـي وسائر الوطنيين الحلبيين, رغم أن والد الوالي نامق باشا كان مستشاراً في قصر يلدز.

          كانت المقالة الثالثة بعنوان "المتصرفون في السلب" وقد نشرت بتاريخ 22 يوليو 1904. تحدى الكاتب في سياق مقالته إحدى الجرائد المصرية التي مدحت الوالي وأنكرت "ما يجري علناً تحت سماء بيت المقدس ويعرفه كل صادق حرّ يغار على سمعة الدولة". ويعود إنكارها إلى "المائة ليرة التي أرسلها إليها كاظم بك عندما نوّهت بطرف من مساوئه". وختم عازوري واعداً القرّاء بإلقاء مزيد من الأضواء على "مساوئ الإنسان الذي كاد أن يجود بأرض فلسطين ويهبها صفقة خاسرة للأجانب".

مكافأة لا عقاب

          والسؤال الآن: هل عاقب السلطان عبدالحميد الوالي كاظم بك كما فعل مع والي حلب, خصوصاً أن جريمة الأول أفظع من جريمة جميل باشا, لأنه خالف قراره بشأن أرض فلسطين والقدس, فانتقلت خلال ولايته وبإرادته, مساحات شاسعة من الأراضي إلى اليهود?

          يجيب نجيب عازوري عن السؤال في كتابه "يقظة الأمة العربية" الذي ظهر في باريس, وبعد عام من حملة "الإخلاص" و "المقطم", وقد كشف عن سرّ خطير يتعلق بحياته, قال عازوري في الصفحة (187) من النسخة المترجمة إلى العربية: "لقد استنبط كاظم, حاكم القدس وسيلة جديدة ليرضي ذوق سيده, وفي الوقت نفسه, ليروي غليله الشخصي, هو ذا عمله ببساطة إذا كان لا يستطيع تكذيب الفضائح الكاسحة التي تكتبها جريدة "الإخلاص" القاهرية حول تتابع الابتزازات والاختلاس وخرق العدالة وأفعال عصابات سعادته, فبدل أن يقيم دعوى تشهير ضد الجريدة, تلك التي لا تنقصه المقدرة عليها لو كان صادقاً, حث رئيس محكمة الجنح سراً على توقيع حكم يقضي بقتل الكاتب المفترض لمقالات "الإخلاص" ورمى بهذا الحكم إلى رجل أمن أرسله إلى القاهرة بمهمة المطالبة بالكاتب الذي ارتكب الجريمة المزعومة. استعلم الأمن العام, قبل أن يصدّق مطالب المبعوث التركي, وقد فوجئ بعدم إمكان حصول هذه التهمة غير المتقنة ضد شخص عرف بفضله. فأجيب بأن هذا القرار قد اصطنعه رئيس المحكمة سرّاً ودون دعوى, وهو بالذات يحتج على عدم صدق هذا القرار, وقد أرغم عليه تحت تهديدات كاظم بك, يضاف إلى ذلك أن هذه السفالة كانت معروفة في البلاد وأثارت سخطاً كبيراً, وخاصة لدى القناصل الأجانب والبطاركة وذوي المكانة, حتى أن كاظم بك بذل قصارى جهده للانتقال بواسطة التلغرام, وبفضل مبالغ طائلة أرسلها إلى القسطنطينية ليترك مركزه في مقاطعته حيث كان موضع احتقار الجميع, وذلك بعد أقل من عشرة أيام. حينئذ, وبناء على طلب المفترى عليه, فتّش رجال الأمن المصريون عن الموظف التركي لوضعه في السجن, بغية إقامة دعوى نظامية, ولكنه هرب عندما لاحظ شكّ رجال الأمن المصري بحقيقة مهمته, وقد علم فيما بعد, في القاهرة, أن رسول كاظم بك قد اصطحب اثنين من قطّاع طريق يافا وعد كلا منهما بمبلغ ألفي فرنك إذا توصّل إلى القضاء على الشخص المقصود".

          أكثر من ذلك, فإن الآستانة لم تكتف بالموافقة على إعدام عازوري, بل وافقت أيضاً على مكافأة الوالي, يقول عازوري في كتابه "يقظة الأمة العربية" - "222"  - "أن كاظم بك كان يقدم في كل فرصة تسنح له كشفاً يسأل فيه تلطيفات لبعض الأفراد الذين يحكّون له على الجرب, ويضع اسمه في رأس القائمة إشارة إلى استحقاقه هذا الإنعام, لأنه أتمّ نعمته على بيت المقدس وجعل متصرفيته تصارع أعظم ولاية في الإيرادات الغزيرة. وفي ذات يوم, وردت إليه برقية يقولون له فيها إن مولانا السلطان قد ضجر من كثرة الشكايات التي كانت ترد إليه يومياً من كل ناحية من نواحي المتصرفية, وأنه سوف يستدعى قريباً للآستانة ليسأل عمّا يفعل, فاجتهد حالاً بإرسال حوالة مالية بألفي ليرة لمقام عال في المابين لا نود ذكر اسمه الآن. ولم يمرّ شهر حتى ورد عليه الانعام بالوسام العثماني العلي الشأن".

          ولكن, كيف يمكن تفسير أو حلّ لغز التناقض بين القرار السلطاني بمنع بيع أرض فلسطين لليهود, ومخالفة هذا القرار خلال حكم صاحبه أي السلطان عبدالحميد منذ 1876 حتى 1908, بحيث تمكّن اليهود من شراء أراض شاسعة من كل المدن والقرى الفلسطينية?

          عندما تنتقل أراض شاسعة لأيدي اليهود, وتُشاد مستعمرات كثيرة للصهاينة, خلال 32 سنة من حكم عبدالحميد, فإن الاستنتاج بأن القرار بقي حبراً على ورق, هو مشروع علمي, ومما يعزز الرأي بأن السلطان لم يكن ضد الاستيطان اليهودي في فلسطين, موافقته على القرار القاضي بإعدام نجيب عازوري لأنه كشف تواطؤ الوالي في استيطان الحركة الصهيونية لجزء من فلسطين, ومنحه الوالي وساماً رفيعاً بدلاً من إنزال أشدّ العقوبات به.

 

جان دايه   

 
 




صورة الغلاف





نجيب عازوري





أحد مؤلفات عازوري





الصحفة الأولى من جريدة الإخلاص





صفحة من ملف نجيب عازوري لدى الخارجية الفرنسية