المشكلة الغذائية في العالم

المشكلة الغذائية في العالم

الأستاذ الدكتور رئيس التحرير..

اطلعت على ما كتبه الدكتور محمد دياب على صفحات مجلة العربي الغراء العدد 618 الصادر في مايو (أيار) 2010 في باب قضايا عامة حول «المشكلة الغذائية في العالم : من مالتوس إلى الشركات العابرة للقومية» وبالرغم من كل ما ورد في المقالة لابد من القول إنني ومنذ أكثر من سنتين من الآن كنت من المهتمين بهذا الموضوع الخطير.

وقبل نحو ثلاثة شهور وبالتحديد في 29 أبريل (نيسان) كانت هناك حلقة نقاشية في كلية الحدباء الجامعة في الموصل حول هذا العنوان الواسع والخطير ويبدو أن الكل مجمع على معطيات معينة لا يستطيعون الخروج عليها ومنهم كاتب المقال.

لقد أشار الكاتب إلى جوهر المشكلة بعد أن شخصها في ما سماه حق الإنسان في الحصول على الغذاء وليس على كمية المواد المنتجة أو المتوافرة في البلد أو المنطقة التي يقطنها واستطرد الكاتب بضرورة توافر فرص العمل للأفراد وقدراتهم الشرائية وأسعار تلك المواد، مما يعني أنه بغياب الشروط الأخيرة فالجوع هو النتيجة الطبيعية، وهذا يؤكد ما خرج به الكاتب في نهاية مناقشته لجوهر المشكلة مما يعني، بعبارة أخرى لم يوضحها الكاتب، غياب السياسات الاقتصادية العقلانية الرشيدة المستندة إلى نظم اقتصادية وسياسية مستقرة تستطيع أن تؤتي ثمارها لمجتمعاتها.

وبعد أن شخّص الكاتب جوهر المشكلة عاد ليؤدلج القضية ولاسيما في مناقشته للعوامل المؤثرة في الوضع الغذائي في العالم فطرح عوامل هي أبعد ما تكون عن قضية الجوع مثل التقسيم الدولي للعمل والأهم من ذلك الشركات عابرة القومية من حيث دخولها الدول النامية وسيطرتها على أسواق المواد الغذائية وكسرها نمط الإنتاج الزراعي التقليدي المتوارث والذي ما فتئ ينتقده الكاتب لأنه يجعل قدرة إنتاجية العمل محدودة على تأمين طعام لشخصين فقط في الدول النامية بينما في الدول الغربية فإن إنتاجية العامل تؤمن الغذاء لأكثر من 80 فرداً ليصل إلى 100 فرد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يكتفي الكاتب بهذا بل يتهم السوق وآلياته ووفقاً لذلك فإن الغذاء ينتج للربح وليس لإطعام الناس، ويسترسل الكاتب متجاهلاً الدور الكبير والمهم الذي مارسته ومازالت تمارسه الشركات متعدية القومية في عدد غير قليل من الدول النامية منها الصين والهند ونيجيريا وبقية دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من حيث التدريب والتطوير ونشر التكنولوجيا الزراعية، وهذا ما يعرضه تقرير الاستثمار العالمي 2009 والذي جاء متزامناً مع الأزمة الغذائية التي يعانيها العالم.

تجاهل الكاتب دور الصناعة الغذائية التي تعد اليوم أحد أهم مقومات توفير الغذاء والصيد والمحافظة على المصادر البيئية والطبيعية والمياه والتنمية البشرية وتوعية الفرد ولا ننسى دور القوى المجتمعية وما تجربة محمد يونس في بنغلاديش والذي نال جائزة نوبل للسلام؛ إلا دليلاً ساطعاً على ذلك وكذلك دور بعض المؤسسات الاقتصادية الخليجية في عدد غير قليل من الدول ولاسيما الأفريقية، إذن لا بد من الإيمان بأن المشكلة لا تكمن في الآخرين من الدول والمجتمعات المتقدمة وبعض الدول النامية الغنية والشركات عابرة القومية وإنما تكمن في الدول والمجتمعات النامية والمتخلفة التي لا تدرك حاجاتها ولا تدرك قدراتها وموقعها ضمن خريطة التطور.

سرمد كوكب الجميل
الموصل - العراق