مكسَّرات رمضان تحمي قلبك

مكسَّرات رمضان تحمي قلبك

شهر رمضان من أجمل شهور العام وأكثرها تميزاً، وهو شهر الرحمة والمغفرة والإحسان، وفيه يكون الإنسان أقرب إلى الله خشوعًا وصلاةً، وزكاةً، وصومًا، وقراءةً وتلاوةً للقرآن، فتتضاعف حسناته في هذا الشهر الكريم.

في هذا الشهر ليلةٌ من أعظم الليالي، هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها تتنزّل الملائكة من السموات العليا على البيت الذي يقرأ أهله القرآن الكريم، ويذكرون فيه الله قياما وقعودا، فيعمّه ويشمله الخير والفضيلة والحبّ والوئام والسلام النفسي.

رمضان ضيف رائع في فصل الصيف

وهذا الشهر الكريم إلى جانب كونه شهر صوم وعبادة وتلاوة آيات الله من الذكر الحكيم، فإنه أيضا شهر ينعم فيه الإنسان بالخيرات في مأكله ومشربه بعد نهار الصوم الطويل، وخاصة في فصل الصيف الذي يحل رمضان ضيفا رائعا فيه هذا العام، وما يتلوه من أعوام قادمة.

وفي شهر رمضان، تنتشر مظاهر الفرح الإنساني التي تتجلى في بعض العادات الاجتماعية مثل المسحراتي والفوانيس الملونة والزينات والأعلام، إلى جانب إسراع الكثير من الناس إلى إطعام الفقير والإحسان إليه، وتمتد الموائد الرمضانية في بعض الشوارع بالمدن والقرى، وتسميها بعض البلاد «موائد الرحمن»، التي تقام طوال أيام الشهر الكريم.

موائد رمضانية عامرة بالحلويات

وعلى هذه الموائد الرمضانية العامرة بالخيرات، تُقدم أصناف شتى من الأطعمة والأشربة وخاصة ذات المذاق الحلو والمشبعة بالسكريات، والتي يتميز أو يختص بها هذا الشهر الفضيل، حتى وإن وجدت طوال العام، مثل: التمور بأنواعها، والتين المجفّف، والمشمشية (المشمس المجفف)، والقراصية (البرقوق المجفّف)، والزبيب (العنب المجفّف)، وجوز الهند، والخروب، والعرقسوس، والخُشاف، وقمر الدين (وهو المشروب الشعبي الأكثر تناولا في رمضان في بلاد كثيرة)، والتمر الهندي، والكنافة، والقطايف، والمهلبية، وحلاوة الشمسية، والجلاش (البقلاوة)، والأرز باللبن، والمفروكة، وعيش السرايا، والمكسرات، وغيرها من المأكولات والمشروبات، التي يجب تناولها بكميات معقولة أو كميات محسوبة، حتى لا تترك أثرا عكسيا على صحة من يتناولها.

المكسرات

المكسرات أغذية نباتية تسمى في بعض البلاد: النُّقَّل، وهي أنواع من الأطعمة الصلبة بعض الشيء أو ذات الجدار (مثل البندق والفستق والجوز وعين الجمل)، وتؤكل نيئة في معظم الأحيان، ولا تفقد شيئا من عناصرها الغذائية إذا طُبخت.

والمكسرات مزيج مركب من البذور والفواكه، ومن المعروف أن معظم البذور تأتي من الفواكه، وبعض المكسرات يأتي من نويات البرقوق والخوخ والمشمش على سبيل المثال.

أنواع المكسرات

ومن أنواع المكسرات التي ارتبطت بشهر رمضان الكريم في بلاد كثيرة عربية وإسلامية: البندق واللوز والجوز وعين الجمل والفستق والفول السوداني والصنوبر والكاجو (أو الكاشو) وفصفص دوار الشمس (بذر دوار الشمس) وغيرها.

ومثل هذه المكسرات تُضاف إلى أنواع كثيرة من الحلويات الرمضانية التي عرفت في بلاد كثيرة من العالم العربي والإسلامي، مثل الكنافة والقطايف والأرز باللبن والسحلب، وبعضها يضاف على أنواع أخرى من أطباق الأرز واللحوم والمعجنات والأسماك والسلطات، كما هي دون طحنها، أو بعد طحنها ثم مزجها مع الأطعمة.

فوائد المكسرات

المكسرات مصدر مهم من المواد الغذائية، وهي غنية جدا بالفيتامينات والزيوت والدهون المفيدة لصحة الإنسان، أو الدهون غير الضارة، وهذه الدهون تسمى بالأحماض الدهنية، وهي تحمي القلب من الاضطرابات أو الأزمات القلبية، وتقلل من نسبة الكوليسترول (أي نسبة الدهون في الدم) فهي تساعد على تفتيت الدهون، فضلا عن أنها تحتوي على ألياف غذائية تساعد على علاج بعض الأمراض مثل: القولون وتصلب الشرايين وأمراض القلب، وبعضها يحتوي على نسبة عالية من عناصر (أو معادن) الكالسيوم والبروتين والحديد والبوتاسيوم، وبالتالي فهي مفيدة جدا ومهمة للأطفال والأمهات الحوامل، لأنها تساعد على النمو الصحي ونشاط العضلات وتكوين الجنين، كما أن بعضها يحتوي على عنصر الفسفور المفيد لتغذية المخ والعظام، ونجد أن البندق مثلا يعد عنصرا غذائيا شافيا للأطفال المصابين بفقر الدم الحاد.

وبصفة عامة فإن المكسرات تحتوي على نسب عالية من فيتامين س (سي)، وغنية أيضا بفيتامين ب (بي).

معادلات غذائية

ويقال إن نصف كيلو من الجوز يعادل في فوائده الصحية وقيمته الغذائية 20 كيلو جراما من لحم البقر أو الخراف، أو يعادل 3 كيلوجرامات من لحم الدجاج الخالي من الدهن، أو حوالي كيلوجرامين من البيض.

المكسرات تحد من الشعور بالجوع والعطش

والمكسرات موجودة في الأسواق طوال العام، وهناك بعض المحلات تشتهر ببيعها للمكسرات فقط، وخاصة في أسواق العطارين. ولعل اشتهار المكسرات وإقبال الناس عليها في شهر الصوم، يعود إلى أنها تحد من الشعور بالجوع والعطش، وأن زيوتها تساعد على الهضم وليونة المعدة وانتظام عملها.

من مضار المكسرات

لاشك أن زيادة استهلاك أي شيء عن الحد المعقول يجلب الكثير من المتاعب والمصاعب، وخاصة استهلاك المأكولات والمشروبات، فالمعدة، أو البطن، في النهاية لها طاقة استيعابية محددة ومحسوبة، إذا ملأناها وأتخمناها بكثرة الأكل والشرب فإنها تضطرب ويحدث سوء هضم يؤثر على نشاط الجسم.

وصدق أجدادنا عندما قالوا في المثل: إن الشيء الذي يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. والمثل نفسه ينطبق على المكسرات أيضا، فزيادة استهلاك المكسرات، يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى اضطراب ما في وظائف الجسم.

والسعر الحراري هو وحدة لقياس الطاقة الحرارية التي يحتاج إليها، ويكوّنها الجسم لكي يقوم بعمله بشكل عادي، وذلك عن طريق إحراق المواد الغذائية. فالإنسان يحتاج إلى الطاقة لعمل وظائفه الأساسية في الحياة, وهذه الطاقة مصدرها الأول هو الغذاء (الأكل والشرب)، وتختلف الأغذية في مقدار الطاقة التي تنتجها بناء على ما تحتويه من العناصر الثلاثة الأساسية في الغذاء وهي: الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. وقد لا يصلح تناول المكسرات بالنسبة للأشخاص البدناء أو أصحاب الأجسام السمينة أو القابلة للسمنة، والتي قد تتأثر بالزيوت والدهون الموجودة في أكثر أنواع المكسرات.

صحة وعافية

عدا ذلك، فللمكسرات كما رأينا فوائد كثيرة، ودهونها وزيوتها لا خوف منها على الإطلاق بالنسبة لجسم الإنسان العادي، متمنين لكم الصحة والعافية، وكل عام وأنتم بخير.

 

 

 

أحمد فضل شبلول