المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

  • ندوة.. سفراء العرب تجمعهم الرحلة اليمنية للثعالبي

بين السادس والعشرين من يوليو في العام 1923، والتاسع من يوليو في العام 1937، كان الشيخ عبدالعزيز الثعالبي (1876 - 1944)، المفكر والرحالة التونسي، قد طاف ببلدان المشرق وأوربا، منذ هاجر من وطنه تونس بإيعاز من المقيم العام الفرنسي، وأقام بروما، ورحل إلى اليونان، وسكن استانبول، وتحول إلى مصر، وعبر فلسطين، ومر بالحجاز، وقدم إلى عدن، وتردد إلى صنعاء، وغادر إلى الهند، ورأى مسقط ودبي، ودرَّس في بغداد، وجال ببورما والسيام والفلبين وماليزيا وسنغافورة، وعاد للقاهرة، ومنها إلى مارسيليا عبر بورسعيد، التي أسلمته في نهاية تلك الرحلات إلى تونس. مما يضع الثعالبي في مصاف الرحالة العرب الكبار، خاصة وأنه كتب عن تلك الرحلات، وساهم خلالها بالعمل الفكري والتنويري والتعليمي والسياسي. لذلك لم يكن مستغربًا أن يدعو الدكتور عبدالعزيز المقالح، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية اليمنية ورئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، إلى ندوة تتناول أحد أركان تلك الرحلة، التي خص بها الثعالبي اليمن بشطريه آنذاك كما لم يكن استثنائيا أن يجتمع جُلُّ سفراء العرب في الندوة التي أدارها وقدم لها المقالح، وتحدث في بدايتها السفير التونسي توفيق جابر عن رحلة العلامة الكبير.

قبل البداية، حرص السفير باسم عبد الله الأغا ممثل فلسطين في صنعاء، على إهداء الدكتور عبدالعزيز المقالح لوحة مقدسية .. بمناسبة احتفال المركز بالقدس عاصمة للثقافة العربية. وفي بداية الحديث استدعى الدبلوماسي توفيق جابر كلمات محقق الرحلة حمَّادي الساحلي في تقديمه للرحلة اليمنية التي استغرقت الأيام بين الثاني عشر من أغسطس، والسابع عشر من أكتوبر للعام 1924.

في تقديمه للمتحدثين حيا المقالح جهود المفكر والقائد الوحدوي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي وسعيه الواعي لإعادة تحقيق وحدة اليمن منذ 80 عامًا، فقد كان إعادة تحقيق وحدة اليمن أحد أهداف هذا المفكر العربي الجليل الذي حمل على عاتقه تجميع شتات الأمة المبعثرة وإزالة الخلافات بين قادتها وامرائها في خطوات مدروسة وعميقة لإقامة الدولة العربية الواحدة.

وأوضح المقالح أن المواقف القومية المبكرة لهذا المفكر والقائد الوحدوي العربي جسدت الروابط الوثيقة بين مغرب الوطن العربي ومشرقه، لأن رحلته إلى الاقطار العربية كانت بلا جوازات ولا تأشيرات، وأن اقل ما يجب القيام به في هذه الأيام التي تحتفل فيها اليمن بمرور 20 عاماً على استعادة الشعب اليمني لوحدته أن نحني رؤوسنا إجلالاً وتقديراً للشيخ الثعالبي وللرعيل الرائع من اعلام العروبة والإسلام الذين كانوا ينظرون الى الأرض العربية الممتدة من المحيط الى الخليج باعتبارها وطنا واحداً لأمة واحدة صهرها التاريخ المشترك واللغة العربية الواحدة والثقافة الواحدة.

وأشار الأديب الكبير عبدالعزيز المقالح إلى سدنة الأفكار التنويرية المجايلين للشيخ الثعالبي، كالشيخ محمد عبده في مصر، والأمير شكيب أرسلان في الشام، والمناضل عبدالقادر الجزائري في الجزائر، والمفكر عبدالكريم الخطابي في المغرب، باعتبارهم رموزًا نبيلة عبَّرت عن الشعور المشترك والإحساس العميق بوحدة المصير العربي وأهمية التمسك بالهوية العربية ليس لمواجهة الاحتلال الاجنبي فحسب وإنما لبناء الوطن الواحد المتكامل سياسياً واقتصاديا، مما يجعل من هؤلاء نماذج نقية صادقة، جديرة بالاقتداء.

وشرح الدكتور المقالح الظروف الصعبة التي أحاطت بالرحلة اليمنية للشيخ عبدالعزيز الثعالبي، إذ جاءها في فترة شبه مظلمة، لكنه رغمًا عن ذلك البؤس استطاع أن يطوِّف باليمن شمالاً وجنوباً وان يضع الاسس الاولى لاعادة الوحدة اليمنية ومقاومة الاحتلال الاجنبي لاستعادة استقلال اليمن المحتل، وإعادة إحياء اليمن المعتل، وقد شمل برنامج الثعالبي المهم والمثبت في كتابه المسمى بالرحلة اليمانية رؤى وحدوية متقدمة لم تقف عند التنظير الفكري وانما حددت المواقف العملية. وتجلى خلال ذلك العمل الوحدوي الجليل ما كان يمتاز به هذا المفكر من صبر وقدرة فائقة على الاحتمال والتوفيق بين وجهات النظر. واللافت ان تلك المحادثات وذلك الماراثون الوحدوي لم يتم بين شطرين ودولتين وإنما بين الإمام يحيى حميد الدين في صنعاء وعدد من الأمراء والسلاطين الذين كانوا يحكمون الجنوب المبعثر تحت الاحتلال البريطاني. إذ كان على الشيخ الجليل ان يقطع الجبال والوديان مشياً على القدمين أو على ظهور الجمال والبغال والحمير (لم تظهر أول سيارة في شمال الوطن إلا في منتصف الثلاثينيات وكانت مهداة للإمام من شركة فورد ولم يبدأ في استخدامها إلا في بداية الأربعينيات فقد اعتبر بعض المتشددين ركوبها حراماً يخالف ما نزل به القرآن الكريم وما سار عليه حال الأئمة عبر القرون!).

ورأى الشاعر الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح أن العودة إلى استحضار دروس هذه الوثيقة البالغة الأهمية عن المحاولات الأولى لتوحيد اليمن والمحادثات التي تمت في ذلك الوقت المبكر بين الأطراف المعنية يضعنا جميعاً أمام جهد عربي فردي حظي باهتمام عدد من مفكري الأمة وقادة الرأي في الوطن العربي وكان في طليعتهم أمير البيان شكيب أرسلان الذي كان على اطلاع بمهمة الشيخ الثعالبي وهو ما تؤكده الرسائل والاشارات المتبادلة بين هذين المفكرين الكبيرين وهي إشارة واضحة إلى تبادل الرأي في شئون الأمة والعمل على إصلاح أوضاعها وتوحيد صفوفها.

في الدراسات التمهيدية قدم محقق الرحلة الساحلي لرحلات الشيخ عبدالعزيز الثعالبي، لمحة عن البلاد اليمنية في زمانه، وانهيار الإمبراطورية العُثمانية، ونبذة من تاريخ اليمن. ثم وقف في فصول الرحلة اليمنية على محادثات الشيخ الثعالبي في عدن ولحج وسلطنة الحواشب وأرض القحطانيين وآب، وجبل بعدان، وصنعاء، وقرية المنازل، والبلاد الشافعية والزيدية، ويريم، وذمار، ومعبر، ومجلس الإمام، ولقاءاته مع الإمام يحيى، وزيارته للمخادر، وسفره إلى السياني، ووصوله إلى الحوطة، وانطباع الثعالبي عن رحلته اليمنية.

وكان مصدر هذه الرحلة اليمنية ملفاً احتفظ به الباحث الراحل الدكتور أحمد بن ميلاد ضم رسالة وجهها الثعالبي إلى صديقه محمد المنصف المنستيري عضو اللجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري التونسي، ووثائق تتعلق بجهود الثعالبي لدى الإمام يحيى وقادة المحميات البريطانية التابعة لمستعمرة عدن لتوحيد البلاد اليمنية، فضلا عن وثائق المهمة التي قام بها الثعالبي لتحقيق المصالحة بين سلطان نجد والحجاز عبدالعزيز

آل سعود (1880- 1953)، وإمام اليمن يحيى بن محمد حميد الدين (1868-1948). كما ضم الكتاب مراسلات الثعالبي مع أعلام عصره ومنهم الأمير شكيب أرسلان، والمجاهد الفلسطيني محمد علي طاهر.

وتحدث في الندوة الدكتور أحمد الأصبحي متناولا مشروع الإصلاح السياسي لدى الثعالبي في الرحلة اليمنية، وقدم الدكتور سمير العبدلي قراءة اولية في كتاب الرحلة اليمنية من منظور اسلامي، فيما ألقى قادري حيدر الضوء على الوحدة اليمنية في كتاب الثعالبي. واختتمت الندوة بمقتطفات من قصائد لعدد من الشعراء العرب حيوا بها الشيخ الثعالبي ألقتها الدكتورة بلقيس الحضراني.

وفي متون الرحلة نقرأ للثعالبي: «لم أكد أستقر في البيت حتى وافاني إليه الزائرون على اختلاف منازلهم وجاءني المداحون وطلاب العطايا والصلات، بحيث لم أتمكن من الغداء إلا وقت صلاة العشاء. وفي تلك الساعة آذنت العساكر ألا يسمحوا لأحد بمقابلتي، وعلمت فيما بعد أنهم كانوا يعتقدون أنني من رجال الدولة التركية، وقد جاءوا يتلمّسون الأخبار والتعليمات لأنهم ينتظرون منهم النجدة لتخليصهم من حكم الإمام!

منعت الناس من الخارج ولم أدر أن هناك جموعاً أخرى كانت تنتظر في الداخل. ففي الساعة التاسعة أقبل الحاج حسن ومعه نسوة كثيرات وقال: إن بناتك يردن زيارتك، فهل تسمح لهن، فأذنت لهن فدخل عليّ نحو اثنتي عشرة امرأة فلبثن في حضرتي إلى منتصف الليل، ولا أظن أنني التقيت برجال أسمى عقلاً من بعض الفتيات اللاتي كن بينهن، خصوصاً بنت الحاج محسن صاحب البيت، فقد كانت تتكلّم بصراحة عن كل شيء، وتنتقد أموراً كثيرة انتقاداً صحيحاً دعامتاه الفطرة والذوق. سألتني أولاً عن رأيي هل يعود الأتراك إلى اليمن، فأخبرتها أن الأتراك لا يعودون وإنما الواجب على أهل اليمن أن يكونوا هم أتراك بلادهم. فقالت: وكيف؟ ونحن جهآل لا نعرف شيئاً، لا نعرف كيف نعيش فضلاً عن كيف نشتغل ونكتسب، ولا أتكلّم عن مسألة تسيير الحكومة ووضع نظام للبلاد. إن أهل اليمن لا يهمّهم شيء غير الكسل وقتل الوقت في أكل القات، حتى إن الفقير الذي لا يجد مالاً لشرائه يبيع كساءه وطعامه ويشتري بثمنهما قاتاً. وهل تفتكر أن أمّة هذه حالها يوكل إليها أمرها وتؤتمن على سلامة بلادها؟ نحن نودّ الأتراك لأن وجودهم في البلاد ضمان لبقائنا فيها. فقلت لها: «هذه أمنية ثابتة، لكنها لا تكفي لحمل الأتراك على الرجوع إليكم، إذا لم تكن لهم في أنفسهم هذه الأمنية، وأنا لا أظنّها موجودة لأنهم لم يخرجوا من اليمن إلا بعد أن يئسوا منكم، فقد قتلتم من رجالهم في نحو اثنتي عشرة سنة نحو مائتي ألف عسكري من خيرة جيوشهم وأبطالهم حتى أنهم كانوا يسمّون اليمن «مقبرة العساكر التركية»، وهل هذه الحالة تشجّع على الرجوع إليكم؟. إن الأتراك لا يعودون إلى اليمن، وما على اليمنيين إن كانوا يريدون التخلص من الظلم إلا أن يخلصوا أنفسهم بأيديهم وإلا فهم جديرون ببكائكن وترحمّكن عليهم».

صنعاء: أشرف أبواليزيد

  • مسرح.. مهرجان طنجة الجامعي يكرّم عبدالجبار الوزير

العبور إلى طنجة يولد الحلم. هناك، في مكانين اسمهما المسرح البلدي محمد الحداد وقاعة صموئيل بيكيت، اجتمع مسرحيو العالم، فيما يشبه تواطؤا سافرا من أجل الاحتفاء بفن الركح. على مدى ستة أيام متواصلة، ستتلاقح الأصوات، وستعلن تمردها على الكائن، وسترحل إلى أقاص بعيدة، مدشنة حلما مشتركا، وهو إعادة الاعتبار إلى المسرح الجامعي. وحدها جمعية العمل الجامعي للمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة لجامعة عبدالمالك السعدي، بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشمال، من جعلت بلدان، المغرب، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، والسودان، وليبيا، والجزائر تعيش حلم الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح الجامعي بطنجة، تحت شعار: «كلنا لإحياء شعلة المسرح»، بهدف الدفع بمختلف أشكال التبادل عن طريق الإبداع والتعبير في المسرح؛ وكذا خلق منتدى للتبادل والتكوين؛ وتشجيع روح الإبداع والمبادرة؛ وأيضا فتح النقاش حول المكانة السامية التي أضحى المسرح يحتلها في الفضاء الجامعي.

انطلقت فعاليات المهرجان، بحضور ثلة من الأكاديميين والمسرحيين المغاربة. وقد تميز الحفل الافتتاحي الذي تألق في تقديمه كل من حميميد عبدالإله ومكوار حفصة بتكريم الفنان عبدالجبار الوزير الذي طبع ذاكرة المسرح والتلفزيون المغربي، عن طريق عرض وثائقي يؤرخ لمساره الفني قبل أن يصعد إلى المنصة، ويعرب في كلمة بالمناسبة، عن «فرحته الغامرة» بهذا التكريم الذي كانت وراءه مجموعة من الشبان الشغوفين بالمسرح، الذي كرس له الممثل مسيرة فنية تجاوزت 61 سنة. ويعتبر عبدالجبار الوزير، من بين رواد المسرح وأحد أعمدة الشاشة الصغيرة والكبيرة على السواء بالمغرب، حيث قام بأول خطوة في مشواره الفني سنة 1948 حينما انخرط في مجموعة الأطلس للمسرح الشعبي، ليتم اعتقاله بعد ذلك من طرف سلطات الحماية لمدة سنتين بعد انخراطه في صفوف المقاومة. واستأنف نشاطه الفني سنة 1958 رفقة صديق طفولته محمد بلقاس من خلال تكوين مجموعة «الوفاء المراكشية»، التي تميزت بأسلوبها الفريد الذي جمع بين فنون الحلقة الشعبية والتمثيل الاحترافي، ليعمل بعد ذلك على تصوير مجموعة من السكيتشات والبرامج لفائدة التلفزيون المغربي، حيث يزخر رصيده الفني بـ78 قطعة مسرحية والعديد من الأدوار التلفزيونية والسينمائية. بعد ذلك توالت الكلمات الرسمية لكل من السيد حذيفة أمزيان مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير معبرا عن التحدي الذي تخوضه مؤسسة جامعية غير متخصصة في المسرح أو في فنونه من أجل تنظيم مهرجان، ولكنها تصر على أن يزين المهرجان تخصصها في مجالات التجارة والتدبير. ونوهت كلمة السيد حسن الزباخ نائب رئيس جامعة عبدالمالك السعدي بالمكانة التي أصبح يحظى بها مهرجان طنجة للمسرح الجامعي من اهتمام تجاوز كل الحدود الجغرافية، وفي هذا الصدد أكد أن جامعة عبدالمالك السعدي تعبر عن استعدادها لإعطاء اهتمام أكبر بالتكوين المسرحي والفني عموما، وتوفير الإمكانات المادية واللوجيستيكية لتحقيقه في الفضاءات الجامعية. أما كلمة كريستي فوندروم مديرة المعهد الفرنسي لجهة طنجة تطوان فقد عبرت عن سعادتها بالنسخة الثالثة للمهرجان، مشيرة في نفس الوقت إلى أهمية اللقاء وتميزه، وتأثرها بتكريم أحد رواد المسرح المغربي. كما تميز حفل الافتتاح أيضا بتقديم مسرحية «الليير السوداني» لمحترف الرحالة بكلية البيان والعلوم والتقنيات بالخرطوم. كما تم كذلك خلال هذا الحفل، الإعلان عن لجنة التحكيم، التي يترأسها الفنان المسرحي عبدالحق الزروالي رائد المسرح الانفرادي بالمغرب، وتتكون من السينوغراف والقاصة سناء الشدال، والأكاديمي المسرحي حسن اليوسفي والأستاذ إبراهيم هناي بالمعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي، والكاتب المسرحي مكروم الطالبي. هذا، وتميز الحفل بمساهمات موسيقية من أداء نادي الموسيقى التابع للمؤسسة، لينطلق بعد ذلك العرض الأول ضمن المسابقة الرسمية من كلية آداب ابن مسيك بالدار البيضاء: مسرحية «العالم بالمقلوب».

طنجة: محمد العناز

  • شخصيات.. أسامة أنور عكاشة ونقطة النهاية

وضع الموت حداً لمعاناة الكاتب العربى الكبير أسامة أنور عكاشة مع المرض الذي تحفل صفحته بتاريخ طويل معه، فهو يعود إلى الطفولة حيث كاد مرض «التيفود» أن يقضي عليه في التاسعة من عمره لولا اكتشاف والده عينة من مضاد حيوي لم يكن متاحا في ذلك الوقت، ثم تعرضه لآلام شديدة في الكلى من جراء وجود عدة حصوات أدت إلى استئصال كليته اليمنى بمركز الكلى الدولي بالمنصورة في عام 2007، وهو نفس العام الذي أجريت له فيه ثاني عمليات القلب المفتوح.

رحل الأديب والكاتب الدرامي أسامة أنور عكاشة عن عمر يناهز 69 عاما يوم الجمعة 28 مايو الماضي في مستشفى وادي النيل للحالات الحرجة بالقاهرة الذي نقل إليه بعد إصابته بضيق في التنفس بسبب معاناته من وجود مياه على الرئة.

وهكذا أسدل الستار على حياة واحد من أهم كتاب الدراما التليفزيونية في عالمنا العربى بعد اجتيازه فصولاً متتالية من الألم ومحاولة الخلاص منه، فقد أدى به الإفراط في التدخين والوقوع تحت ضغوط المعاناة والتوتر إلى إصابته بانسداد في الشرايين والإصابة بعدة ذبحات صدرية مما ألجأه إلى إجراء عملية قلب مفتوح في كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية تبعها بأخرى في عام 2007 بسبب عودته إلى التدخين بشراهة إثر رحيل ثلاثة من أصدقائه المبدعين: المخرج محمد شاكر والسيناريست محسن زايد ومحمد شعلان.

وقد ربطتنى بأسامة أنور عكاشة علاقة خاصة جدا جعلته يعترف لي بأنه يشعر بالمرارة لسوء استقبال الساحة في مصر لإنتاجه الأدبى: «خارج الدنيا» (مجموعة قصصة) 1967، و«أحلام برج بابل» (رواية) 1984، و«مقاطع من أغنية قديمة» (مجموعة قصصية 1988)، و«منخفض الهند الموسمي» (رواية) 2000، و«وهج الصيف» (رواية)2001، في حين تحظى أعماله الدرامية بكل هذا النجاح الذي كان سببا في مزيد من الضغوط الإبداعية والتوترات النفسية التي ظل يعانى منها كمبدع وأدت إلى تردي حالته الصحية، فهو لم يكن يترك القلم من يديه، وكان يجلس إلى مكتبه أكثر من عشر ساعات كل يوم فضلا عن الساعات الأخرى التي يجامل فيها الأصدقاء ويتحدث إلى الصحفيين الذين يطاردونه ليدلي برأيه حتى في أتفه الأمور. ولعل هذا هو ما اضطره إلى أن يلجأ إلى الثغر ليقيم فيه طوال شهور الشتاء حتى يتمكن من إنجاز مشروعاته الإبداعية بعيدا عن إزعاج العاصمة.

لم يكن أسامة أنور عكاشة يخرج من بيته السكندرى أو يجلس على مقاهي الأدباء في الثغر أو يغشى ندواتهم، وهو ربما لم يغير هذا التعود إلا عندما دعوته إلى لقاء الجمهور السكندري مرة في الجامعة عندما كان صديقي الدكتور عبدالله سرور يدّرس بقسم اللغة العربية بكلية التربية، وأخرى عندما اتفقت مع صديقيّ الروائيين السكندريين: سعيد سالم، ومحمد الجمل على أن ننظم لأسامة أنور عكاشة ندوة في نادي سموحة يتحدث فيها عن إبداعه الأدبي المظلوم، وقالبه الدرامي المحظوظ، ونفسه في الكتابة، وكيف تولد فكرة مسلسلاته التليفزيونية؟ ومن أين يأتي بشخوصه؟ وما هو مقدار التفاهم بينه وبين مخرجه؟ ولماذا لم تنل أفلامه السينمائية: «كتيبة الإعدام»، و«الهجامة»، و«دماء على الأسفلت» نفس حظ مسلسلاته التليفزيونية؟ وما رأيه في ظاهرة الورش الإبداعية التي بدأت تستشرى في سوق التأليف في مصر؟

وأظن أنني سألته عن حدود تصرف الكاتب في المادة التاريخية ومدى مسئوليته عن تقديم أنماط شائهة فجاء رده بمنزلة قاعدة في التأليف عندما أجابني: «تنتفي الدراما عندما نقول إن «كل الناس حلوين»!».

وكان يلفتني دائما تواضع هذا الرجل الكبير وبساطته، وحكمته التي كانت تجري على لسانه محملة بخبرة السنين في قراءة المجتمع ورصده، ولعل هذا ما جعله يوظف موهبته الفذة في الكتابة الدرامية في إبداع أعمال تصور المتغيرات التي تطرأ على المجتمع المصرى دون أن يحس بها المصريون أنفسهم. وكلنا يدرك هذا من خلال مشاهدة مسلسلات مثل: «ليالي الحلمية»، و«ضمير أبلة حكمت»، و«الشهد والدموع»، و«زيزينيا»، و«الراية البيضا»، و«أرابيسك»، و«رحلة

أبو العلا البشري»، و«لما التعلب فات»، و«ومازال النيل يجري»، و«امرأة من زمن الحب»، و«أميرة في عابدين».

القاهرة: مصطفى عبد الله

  • معرض.. التشكيليون السودانيون يحتفلون بالقدس عاصمة للثقافة العربية

تحت رعاية وزارة الثقافة والشباب والرياضة ممثلة في إدارة الآداب وضمن احتفالات القدس عاصمة للثقافة العربية 2009م نظم الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين معرضا تشكيليا جماعيا سبقته ورشة فنية لإنتاج لوحات تشكيلية كمساهمة تضامنية من الاتحاد في هذه الاحتفالية والتي حشد لها 21 فناناً تشكيلياً (بكري بلال، عبدالكريم عيسى، عوض صديق الشيخ، تيسير عادل، إيثار عبدالعزيز، رغده عبدالخالق، حاتم مدني، داليا يوسف، إبراهيم كلباش، رندة عبد المطلب، خالد عبد الوهاب، أمير يوسف، عبادة جمعة جابر، علي الأمين محمد الحاج، صابر خليفة، إسراء سعيد، تيسير عبدالقادر سالم، عمار منصور، رأفت عمر، محمد عبدالرحمن هجام وإسماعيل حسن).

وقد قام التشكيليون بالتعبير الحر عن القضية الفلسطينة بآلامها وآمالها، وعقدت فعاليات المعرض بصالة المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون بالخرطوم.

وافتتح المعرض بتشريف كل من السيد وزير الدولة للثقافة والشباب والرياضة الدكتور أمين حسن عمر والسيد وزير التربية بولاية القضارف الأستاذ بشير جمعة سهل والسيد رئيس اللجنة العليا للاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية بالسودان الأستاذ صديق المجتبى والسيد رئيس الاتحاد الأستاذ عبدالرحمن نورالدين والأمين العام للاتحاد الأستاذ ابوبكر عبدالقادر وحضور مقدر من المسئولين ولفيف من أهل الفن والثقافة.

من ناحية أخرى قام الاتحاد العام للفنانين التشكيليين بمنح شهادات تقديرية لكل من ساهم في هذه التظاهرة التي نظمها كتذكار يبقيهم على عهد العروبة والنضال لنصرة القضية الفلسطينية والحفاظ على قدس أقداسهم الشريفة.

شهد المعرض حضورا مميزا للمواطنيين والجاليات العربية المقيمة بالسودان والجالية الفلسطينية الكبيرة إلى جانب عشاق الفن التشكيلي وكل المهمومين بالواقع الإنساني.

  • ملتقى.. إرث الروائي الطيب صالح في المنامة

نظم النادي السوداني في مملكة البحرين بمشاركة مركز عبدالرحمن كانو الثقافي في البحرين وبرعاية المستشار الثقافي لرئيس وزراء البحرين محمد المطوع أخيراً منتدى عن الروائي السوداني العالمي الراحل الطيب صالح، بحضور مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل.

وجاء الملتقى في إطار الاحتفاء بكبار الأدباء العرب الذين وصلت أعمالهم للعالمية من خلال ترجمتها لعدة لغات مثل الطيب صالح، نتيجة للمستوى الإبداعي الكبير الذي وصلوا إليه.

وافتتح مستشار رئيس الوزراء البحريني للشئون الثقافية محمد المطوع، الملتقى الأول للأديب الطيب صالح، وقال بهذه المناسبة «لقد رحل أديبنا الطيب الغني عن التعريف في مثل هذا الشهر من العام الماضي، وترك لنا سيرة عظيمة، وإرثاً كبيراً في الأدب السوداني، ستعيشه الأجيال من بعد، وعلى الرغم مما حظي به من شهرة واسعة، فقد كان جم التواضع، وزاهداً، فهو لم يقم أي حفلة لتدشين كتاب له»، مشيراً إلى مكانة الطيب صالح واتصاله بين العوالم، ومدى استفادته من لغة الغرب ومحافظته على لغة الشرق، إذ علّمنا المعاصرة في الثقافة، ومؤكداً أن الطيب صالح أفاد من حضارة الغرب وحافظ على روحه الشرقية، فاختفى الغربي منه وبقي الشرقي عصرياً.

ومن جهته أشاد مستشار رئيس جمهورية السودان الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ضيف الشرف بالجهد الذي بُذل لإقامة الملتقى وبالتلاقح الثقافي بين السودان والبحرين عبر التعاون المثمر بين النادي السوداني في مملكة البحرين ومركز عبدالرحمن كانو الثقافي في البحرين.

وأشار إسماعيل الى مكانة البحرين في تتويج العلاقات الثنائية مع السودان وبتعزيز الدور الثقافي في إنماء المشهد العام، مضيفاً أن الطيب صالح أتخذ ألواناً متعددة في الأسلوب والشكل والتعبير المتعدد لإبراز مواهب قلمه الفريد.

واكد اسماعيل استلهام شخصية الطيب صالح الثقافية والإنسانية، مبيناً أن الاحتفال بالطيب صالح دليل على تقدير الأديب الكبير، كما أكد صدور توجيهات رئاسية برعاية أسرة هذا الأديب ورعاية الدولة في السودان لمركز الطيب صالح الثقافي في الخرطوم، وأعلن عن تسمية أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة الخرطوم باسم الطيب صالح.

وأشاد محمد محمود أبوسن سفير جمهورية السودان لدى مملكة البحرين بثمرة الجهود الأصيلة والطيبة لمملكة البحرين في استضافة الملتقى الثقافي الذي أثرى المشهد الثقافي وعرّف بأهم ما اختص به الطيب صالح في اعماله الأدبية.

ومن ناحية اخرى، أكد البروفيسور سعد محمد سليمان رئيس النادي السوداني ورئيس اللجنة المنظمة أن اللجنة أرادت لهذا الملتقى أن يكون منبراً للتعريف ببعض ما قدم الطيب صالح في العديد من المجالات، مؤكداً على أن الملتقى ليس حفلاً تأبينياً نمطياً، بل هو ملتقى فكري ثقافي لدراسة ظاهرة الطيب صالح كأديب ومثقف، ومشيرا الى ان الكثيرين أبّنوا الطيب صالح ولكن في هذا الملتقى يحمل الأدباء في البحرين والسودان دورهم في هذا التأبين لتكريس المبادئ والقيم التي دعا إليها الطيب صالح.

وتضمنت جلسات الملتقى التي شارك فيها عدد من الأدباء والنقاد العرب نقاشا هادفا ومستفيضا، حيث عقدت جلسة النقاش الأولى بعنوان «الأسلوب الروائي عند الطيب صالح» واستعرضها الأديب السوداني والكاتب د.حسن أبشر الطيب وعقب عليها الناقد التونسي محمد النويري.

وأكد الطيب في ورقته على امتلاك الطيب صالح أدوات فنية مبدعة، مشيداً بناء متكاملاً يتداخل فيه الواقع بالخيال، وتتمازج فيه الأحلام مع الواقع الماثل، مستبطناً كثيراً من عناصر الرغبة في الكشف وارتياد آفاق غير مألوفة، مثيراً تساؤلات تستوحي إجابات بكراً، تنبني على الجدة.

وأوضح الطيب أن أسلوب الطيب صالح يتسم بالقدرة الباهرة في تأهيل الكلمات وحسن توظيفها، مؤكداً أن المتأمل لكل أعمال الطيب صالح يجد شاعراً كبيراً يمتلك أدوات فنه باقتدار، مشيرا الى أثر البيئة في أسلوب الطيب صالح مما يقدم دليلاً على التصاق الطيب صالح بالبيئة السودانية.

وشهدت جلسة اليوم الثاني من الملتقى عرضاً لفيلم وثائقي عن سيرة وحياة الطيب صالح اخرجه الشاعر والمخرج الدرامي قاسم ابو زيد، والذي جسد فيه سيرة الاديب الراحل بكل تفاصيلها ونال استحسان الحضور، ولقد اشتمل الفيلم على ما دار في اوراق العمل المقدمة مما جعل المشاركين ينحون منحى اخر في تناول الاديب الطيب صالح.

ومن ثم تلته ورقة عمل بعنوان «أعمال الطيب صالح في السينما.. تجربة عرس الزين نموذجاً»، قدمها نائب رئيس هيئة المسرح الدولي الممثل السوداني علي مهدي، وتداخل بالنقاش المخرج السينمائي البحريني بسام الذوادي.

أما اليوم الأخير من الفعاليات فقد بدأ بجلسة نقاش بعنوان «الصديق الكاتب... نبع الصفاء والمودة والحكمة» وتحدث فيها الفنان التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي وعقب عليها الناقد السوداني د. محمد المهدي بشري.

وتحدث الصلحي عن الطيب صالح قائلا: «المحبة كلمة طيبة جامعة، كثيراً ما سمعتها تتردد على فم الطيب صالح، وهي كلمة كبرى يلقيها في كلامه جزافاً، إذ هي ديدن حياته، وفي اعتقادي أنها المدخل الحقيقي النافذ مباشرة إلى لب شخصه وأدبه، عبر عنها كثيراً في كل ما كتب، كلمة أصلها ثابت في الأرض، وفرعها يعانق الهواء والإنسان والسماء».

المنامة: محمد خليفة صديق





المقالح يتسلم هدية السفير الفلسطيني باسم الأغا، لوحة جمل المحامل للفنان المقدسي سليمان منصور





المقالح وتوفيق جابر يتوسطان سفراء العرب وأدباء اليمن





جمهور طنجة في الافتتاح





تكريم الفنانين المشاركين





لوحة للفنان بكري بلال