فترة ما قبل الطمث: حزن أم مزيد من الجنون؟ راوية جمال الدين

فترة ما قبل الطمث: حزن أم مزيد من الجنون؟

ماذا يحدث في الفترة التي تسبق موعد الدورة الشهرية وما الذي يجعل المرأة على حافة الاكتئاب أو الجنون، هل هي ظاهرة طبيعية أم أن لها جانبها المرضي؟

"لا أستطيـع أن أتمالـك أعصابي، إنني أصرخ دون سبب، وأنام بلا راحة، وآكل بلا شهية، وأحس بالتوتر والعصبية لـدرجـة أكـون على وشك التشاجر.. باختصار أكون عاجزة تقريبا عن التفكير".

هكذا تتحدث إحدى السيدات وهي تصف ما تشعر به في تلك الفترة التي يطلق عليها فترة ما قبل الدورة الشهرية وهي الفترة التي تمثل الجزء الثاني من الدورة، أي أنها تبدأ في العادة من اليوم السابع وحتى اليـوم الـرابع عشر من الدورة، وتنتهي مـع حـدوث الطمث. والأعراض التي تظهر في هذه الفترة كثيرة، ربما تحدث كلها في وقت واحـد وربما يظهـر منها عرض أو كثر، وأبـرزها هو الإحساس بالقلق والتوتر وعدم القدرة على الاسترخاء، وقد تؤدي هذه الأعراض اذا زادت حدتها إلى الإحساس بالاكتئاب وآلام البطن والغثيان مصحـوبة بـالصداع والـدوران وتسـارع ضربـات القلب، وهناك أعراض أقل ظهورا مثل إقلال الشهية وحالات الأرق المتواصل.

حالة شائعة وأسباب غامضة

وأسباب حدوث هذه الحالات ما زالت غامضة، ولكن أكثر التفسيرات شيوعا هو زيادة كمية الأستروجين داخـل الجسـم المصاحبة لحالات التبويض عند المرأة، ويؤكـد بعض الأطباء أن هذه الأعراض هي مجرد أعراض جسدية مرتبطة فقط بالفترة التي يكون فيها مستوى الهرمون مرتفعا في الجسم، ولا توجد لها تأثيرات على المستوى النفسي، أي أنه يحدث فيه نوع من التداخل بين العوامل النفسية والعوامل الجسدية وهو يحدث بدرجات متفـاوتة عند النساء ولكنه لا يعني أي حـالة مرضية دائمة.

ومن المعتـاد أن ينصح الأطبـاء السيدات اللواتي يعانين من هذه الأعراض بالتزام الهدوء والبعد عن كل الأطعمـة التي تكثر فيهـا الأملاح، وبالتالي تشجع الجسم على اختـزان الماء، بل إن إعطـاء بعض المسهلات يساعد على الراحة ولكنه لا يساعد بطبيعة الحال على تهدئة حالات الهياج العاطفي، وقد لوحظ أيضا أن إعطاء كميات من هرمون الأستروجين سواء عن طريق الحقن أو الأقراص يحدث تأثيرا جيدا.

ولكن يبدو أن الأبحاث الأخـيرة التي أجريت على هـذه الفترة عند بعض النساء واللاتي يعانين منها بشكل مبالغ فيه قد أثبتت أن وهم الأعراض المؤقتة والسريعة الزوال مع حدوث الطمث يجانبها الصواب إلى حـد كبير، إنها فترة من القلق والجنـون والإحبـاط وعلينـا أن نتعامل معها بجدية بل وبحذر أيضا.

المرأة غير مسئولة!

فمن الواضح أن التأثيرات تتعـدى مجرد الارتفـاع المؤقت لمستوي الهرمون في الدم إلى إثارة مشكلات كثيرة بالنسبة للمرأة، وقد بالغ العلماء في قولهم إن مسئولية المرأة عن أعمالها في هذه الفترة تكون غير كاملة، بل إن بعض المحامين الذين يترافعون عن النساء المتهمات بارتكـاب جرائم العنف يدفعـون بأنها تكون غير مسئولة عن أعمالها لأنها واقعـة تحت تأثير صخـب الهرمونات التي تمور في جسدها.

وفي عام 1970 أعلن الدكتور إدجار بريان أن حالة ما قبل موعد الدورة الشهريـة كـانت في ذهنه عنـدما أعلن أن المرأة مخلـوق غير مناسب لتولي المناصب القيادية بسبب "تذبذب التأثيرات الهرمونية داخل جسدها".

وقد أكدت هذا الرأي الدراسات التي أجـرتها الجمعية الأمـريكية للطب النفسي حيث قـالت في أبحاثها إن المرأة التي تعاني بشدة من أعراض مرحلة ما قبل الدورة تعاني بالتالي من حالات اضطرابات نفسية عميقة، وبقول آخر إنه عندما تكون حالات القلق والتوتر مصاحبة بحالات من البكاء وسوء المزاج فإن هذا لا يعني سوء حظ على المستوى البيولوجي فقط ولكنه يعني أيضا وجود نوع من الاضطراب العقلي.

والاقتراحات المتداولة في مواجهة هذه الحالة هي أن التدخل العـلاجي وفق الأسس النفسيـة يمكن أن يكـون مفيدا، ولم يعد من الممكن القول إن المرأة التي تعاني من هذا الاكتئاب ليست في حاجة إلى استشـارة الطبيب، بل على العكس من ذلك فإن التدخل الطبي يكـون مفيدا جدا لأن هناك مضاعفات لهذه الحالة تزيد من حدتها كل شهر.

وللتوصل إلى التشخيص الدقيق لهذه الحالـة يجب أن تكون هنـاك دراسة مبكـرة لطابـع شخصية المرأة نفسها ويستلزم الأمر القيام بعدة اختبارات للشخصيـة قبل أن نحدد نوع التدخل العلاجي المطلوب.

المرأة تعترض

تقول الطبيبة "بـولاكـابلين" المستشـارة السابقـة للأمـراض النفسية: "مثل هذه الأعراض يجب ألا تصنف في أي كتب أصـلا، إنها دورات طبيعية من تغير المزاج تمر بها المرأة، ولكن الـرجـال كعـادتهم يبالغون في كل الأمور التي تخص المرأة كي يـؤكـدوا أنهم الجنس الأقـوى والأعقل، وسوف يكون الأمر مضحكـا عندما تختار المرأة لأي منصب من المنـاصـب وتقف رافعة يدها بالقسم بأنها خـالية من اضطرابات ما قبل الدورة! ".

والأمر ما زال مثيرا للجدل حتى أن أطباء الجمعية الأمريكية قرروا أن يؤجلوا هذا الموضوع أكثر من مرة وأن يعقد مؤتمر خاص لمناقشة هذه القضية، وأن يكون السؤال المطروح عن أسبـاب هذه الحالـة: هل هي اضطـراب في الهرمونـات، أم أنها عيوب أساسية داخل الشخصية؟

 

راوية جمال الدين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات