مساحة ود أحلام محمد

مساحة ود

على جناح الدفء

فنجـان قهوة الصباح، أنتظره بشوق كل يـوم، أشربه برويّة وتمهل، وأتذوقه بنشوة قـدسية،.. طعمه القديم لم يفقد متعته وخصوصيته أبدا، كل صباح نتبادل الصمت والأشجان، ونتابع حديثاً قديماً بدأناه،... فجأة يصير جديداً، تتغير نكهته المعهودة، وينتشر في الجو عطر سحري يجعل الحوار بيننا همساً شجياً مليئاً بالغموض والدهشة والسرية، فينفتح العالم المغلق، وتتغير الدنيا من حولي.. وأنا قابعة في الركن لم أزل، أرشف قهوتي الصباحية....!

***

ينهمر المطر دائـما، زخات المطر نفسها كل يوم في أيام الشتاء العادية،... فجأةً ولسبب بسيط جداً، كاستنشاق الهواء بعمق، أو إغماض العينين وفتحهما في رفة انتعاش سريعة ،أو حتى بدون أي سبب،... فجأة..، تغدو قطرات المطر رائعةً لدرجة لا توصف، تحمل فرحاً مبهماً لا يمكن إدراكه ولا يمكن تجاهله.. أقف في الطريق مبهورةً، أتساءل بدهشة: لماذا يجري الناس مذعورين هكذا...؟ ألم يدركهم الحنان المبعثر حولهم..؟ ألم تتشرب مسامهم هذه النفحات الرقيقة وتغسل ما علق في نفوسهم من هم وكدر..؟، أتابع طريقي على مهل وقد امتلأت نفسي بالراحة والبهجة والأمل الواسع...

***

في مساء شديد البرودة، وأنا أسرع الخطى عائدةً إلى المنـزل، أضع يـدي في جيـوب المعطف وأحتمي بياقته المرفـوعـة من لسع الهواء، تحدث مجادلـة صـامتـة بيني وبين الطبيعة، أستمر في محاولتي اتقاء البرد القارس بصلابة وعناد، وتستمر البرودة في التغلغل حتى العظم غير عـابئـة بكـل جهـودي.. وخلال هذه المحاورة تشع السعادة فجأةً، تصير الدروب القديمة جـديدة وكأني أطرقها لأول مـرة، فأتأمل حجـارة الـرصيف وانعكاس نور المصابيح وأسمع همهمة الريح الباردة، فأستريح من عناء ومن تعب، وكأني فى إغفاءة ناعمة توصلني على جناح الدفء إلى غرفتي الصغيرة.

 

أحلام محمد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات