عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

مفارقة ديسمبر

  • عزيزي القارئ..

بين يديك عدد ديسمبر، الذي يعني نهاية عام من عمر المجلة، ونهاية عام في عمر الزمان.

لكن كل نهاية من عمر الزمان، تعني بداية جديدة.

فالعام الواحد من هذا التقويم- شأن تقويمات سنوية عديدة- يشير إلى أن الأرض تتم دورة كاملة حول الشمس، وكما نعرف فإن نهاية دورة تعني بداية دورة جديدة.

هذا منطق دورات الأفلاك، ودورات الزمان، ودورات الحياة والنشاط الإنساني.

ولقد شهد هذا العام عدة نهايات على مستوى الحياة العربية، نختص منها بما حدث في المشهد الثقافي من غياب لرموز كان آخرها الكاتب والناقد الدكتور علي شلش، أحد كتّاب المجلة وأحد رموز التبادل الثقافي بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، فقد كان سفيرا للأدب العربي في إحدى عواصم الغرب "لندن"، وكان سفيرا للأدب الغربي والأدب الإفريقي في ساحة الثقافة العربية، ولقد كانت وفاته المفاجئة بعد إلقائه بحثا في مؤتمر الشعر العالمي بوطنه "مصر" تشبه عودة نهائية لطائر مهاجر أعياه الرحيل.

لكن الكاتب- أي كاتب- لا ينتهي بوفاته، فالكتابة مثل الزمن تنتهي لتبدأ وتدور دورات جديدة بين يدي من يقرأونها.

ومع نهاية هذا العام أيضا تشهد مجلتنا نهاية تفضي إلى بداية جديدة، فلقد انتقلت المجلة من مبناها القديم الذي شغلته ردحا من الزمان، إلى مبنى جديد في شارع الصحافة بمنطقة الشويخ، وبقدر ما يبدو الانتقال مؤثرا لمغادرة موقع ألفته أسرة التحرير طويلا، يبدو المكان الجديد واعدا بأمل في التجدد، وهذا ما نحسه ونطمح إليه، ونعمل له، وفي نقطة النهاية التي تطل على نقطة البداية، نلتقي مع محتويات هذا العدد، بادئين بحديث الشهر عن العام المنصرم 1993 "انكسار الأجنحة" ومنتهين بالصفحة الأخيرة التي تحتفي بخيالية الحب بين "الحقيقة الُمرّة والكذبة الحلوة" في "إلى أن نلتقي".

وما بين البداية والنهاية تترى مواد عددنا هذا، عزيزي القارئ..

ولعل المفارقة هي سمة الكثير من هذه المواد، فالاستطلاع الخارجي يذهب بنا إلى أيرلندا لنقف بين "الزهور والألغام" والاستطلاع العربي يأخذنا إلى صلالة العُمانية لنشهد الجمال رغم الخريف، أما الاستطلاع المحلي فإنه يغوص بنا لنلمس كنزا حيا- هو الروبيان- في قاع الخليج.

وفي مجال العلوم نعثر أيضا على المفارقة، بين العلم المعاصر "والتنجيم في الطب"، وفي العصا الصماء التي "تقرأ سر الأرض"، وفي إلكترونيات الحاسوب التي تحترم "خصوصية الإنسان".

أما موضوعات الأدب والفن، فالمفارقة فيهما سر بناء قديم، ينتقل من عصر إلى عصر، متجددا ومتطورا، وتكنزه القصص والأشعار التي لا يبخل علينا بها هذا العدد.. عدد ديسمبر الذي يعني نهاية عام 1993.

ومن هذه النهاية نتوجه إليك- عزيزي القارئ- متمنين لك ولنا: بداية جديدة سعيدة.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات