جمال العربية

جمال العربية

"تصويبات لغوية"

في كتابات كثير من علماء العربية المعاصرين التفات إلى تصويب كثير من الأخطاء الشائعة على الألسنة والأقلام، والإشارة إلى النهج الصحيح الذي يجب التزامه.

من بين هذه الأخطاء التي التفت إليها أحد هؤلاء العلماء- وهو الدكتور مازن المبارك في كتابه "نحو وعي لغوي"- خطأ يتصل باستعمال الكلمة العربية في تركيب معين، فيبعدها هذا الاستعمال عن دائرة الصواب في مثل قول القائل: اتخذت فلانا كصديق، والصواب أن يقال: اتخذت فلانا صديقا، وقول القائل: تحادث فلان مع فلان، والصواب أن يقال: تحادث فلان وفلان، وقول القائل: لا يهتم سوى بالعلم، والصواب أن يقال: لا يهتم بسوى العلم، وقول القائل: هؤلاء قوم يحبون بعضهم، والصواب أن يقال: هؤلاء قوم يحب بعضهم بعضا.

ويخطئ البعض في استعمال (طالما)، فيقولون خطأ: لن أحضر طالما أنني مريض، أو: طالما هو سافر فلن أراه، والصواب في مثل ذلك استعمال ما دام بدلا من طالما، فيقال: لن أحضر ما دمت مريضا، ولن أراه ما دام مسافرا، أما طالما فهي بمعنى طال وكثر.

يقال: طالما حدثتك عن الأمر: أي طال حديثي عن الأمر، وطالما قلت: أي طال وكثر قولي.

ويقول البعض خطأ: هذا الحادث أثر عليه، والصواب أن يقال: هذا الحادث أثر فيه، لأن أثر تحتاج إلى حرف جر "في" وليس "على"، فيقال أثر فيه وليس أثر عليه.

ويقولون أيضا: يلزمني كذا وكذا، بمعنى أريد كذا وكذا، والصواب أن يقال أحتاج إلى كذا وكذا، أو يعوزني كذا وكذا.

أما قولهم: يلزمني كذا بمعنى أريد كذا فهو استعمال خاطىء، لأن معنى لزمني أي صار ملازما لي، وليس في الكلمة ما يفيد معنى الاحتياج.

ومن الأخطاء الشائعة أيضا أن يقال: أخطأ فلان عن الصواب، والصواب أن يقال: أخطأ فلان الصواب، دون استعمال حرف الجر "عن".

ومثل ذلك قولهم: أدمن فلان على الشراب، وأدمن على صنع كذا، والصواب أن يقال: أدمن الشراب وأدمن صنع كذا.

ويقول البعض خطأ: مزقته إرَبا إرَبا- بفتح الراء، والصواب أن يقال إرْبا إرْبا- بسكون الراء- والإرب هو العضو، وعلى ذلك يستقيم المعنى، ويصبح مزقته عضوا عضوا وقطعة قطعة.

ويخطئ البعض في التمييز بين الكلمتين: قارس وقارص، فيقولون خطأ: البرد قارص، والصواب أن يقال: البرد قارس أي البرد شديد، أما قارص فمعناها: الحامض أو الذي تغير طعمه، يقال: لبن قارص أي حامض.

ويخطئ البعض فيقول: ضربت بهذا الأمر عَرض الحائط، وسارت السفينة في عَرض البحر- بفتح العين في كلمة عرض- والعرض والطول من الأبعاد المعروفة، ولكن الصواب أن يقال: ضربت بهذا الأمر عُرض الحائط، وسارت السفينة في عُرض البحر- بضم العين، وعَرض هنا بمعنى: وسط، وهي غير عَرض: التي تقابل الطول والارتفاع في القياس.

وتحرص "صفحة لغة" في باب "جمال العربية" على أن تقدم بين الحين والحين مزيدا من هذه التصويبات اللغوية بعد أن كثرت الأخطاء على الألسنة والأقلام، واتسعت المسافة بين الواقع الذي يمارسه الكتّاب- في استخدامهم للفصحى- والمثال الصحيح الذي يتطلب الدقة والوضوح فضلا عن ونرجو أن يكون من هذه التصويبات دليل لغوي عصري إلى الصحة والفصاحة، يفيد منه- في حال نشره مجموعا ومتكاملا- شداة الأدب، والدارسون في المدرسة والجامعة والحريصون على جمال العربية وسلامتها في آن.

 

فاروق شوشة

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




العقاد