عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

غياب لا حيلة فيه

عزيزي القارِئ ...

"... هذا وقد طال غياب مجلة العربي علينا منذ الاعتداء الظالم من العراق على الكويت حيث انقطعت عنا، وبعد تحرير الكويت اطلعت على بعض أعداد منها في القاهرة وباريس وتونس منذ مدة لأنها لا تباع في الجزائر، ويتعذر علينا الاشتراك فيها لصعوبة تحويل العملة الصعبة نظرا لظروف الجزائر التي تقرأون عنها..".

سطور قليلة من رسالة مطولة بعث بها إلينا الدكتور تركي رابح عمامرة أستاذ ورئيس مجلس البحث العلمي بجامعة الجزائر المركزية، وهي واحدة من عشرات الرسائل والفاكسات والمكالمات الهاتفية التي ترد إلى المجلة من هذا البلد الشقيق تسأل عن الأسباب التي تمنع توزيع المجلة في الجزائر، وبقدر ما يسعدنا هذا الاهتمام فإنه يصيبنا بالحزن، لأننا عاجزون بسبب ظروف لا حيلة لنا فيها عن الوصول إلى قراء أعزاء على القلب، فالعربي وهي تواصل مسيرتها بعد ثلاثة أعوام من التحرير، مازالت تسعى إلى هدفها الأساسي وهو الوصول إلى كل بيت عربي كجزء من رسالة الكويت الثقافية، ومن دينها لأمتها العربية، ولكن يبدو أن تداعيات العدوان العراقي الغاشم ما زالت تترك آثارها، فالحرب لم تطل أرواح البشر وأموالهم فقط ولكنها طالت أيضا نفوس القراء المتعطشين إلى المعرفة، وما يقوله أستاذ الجامعة عن عدم توافر العملات الصعبة يثير أسئلة حول بعض الأنظمة العربية العتيدة فهي تنذر الأموال الطائلة لصفقات السلاح، وتبخل بالدراهم على توفير الزاد الثقافي للآلاف من أبنائها، ولا تدري هذه الأنظمة وهي تواجه موجات الإرهاب والتطرف أن التهديد والقمع والسلاح وسائل غير مجدية في مثل هذه الحالة، وأن مطبوعة كمجلة العربي تفتح كل شهر نوافذها على الفكر الإنساني والحوار العقلي الخلاّق، هي أجدى من كل ضروب الأمن التي تحيط بها هذه الأنظمة نفسها.

إن العربي تعد قارئها وبقية قرائها في الجزائر أنها سوف تحاول للمرة الثالثة والرابعة حتى تجتاز هذه الحواجز التي تغرم بعض الأنظمة العربية بإقامتها، خاصة وهي تحتفل الآن مع شعبها العربي في الكويت بعيد التحرير الثالث والعيد الوطني الثالث والثلاثين، ومع شعبها الإسلامي بقرب مقدم شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا بالخير.. ووسط هذه المناسبات فإن العربي تواصل دورها التنويري لتلقي الضوء على تجربة الديمقراطية على شَوَاطِئ الخليج في الكويت، وتوجه في حديث الشهر خطابا عقلانيا إلى الأمة العربية حتى تخرج من نفق الخلافات المظلم، ثم ترحل إلى بقعة عربية غالية من أرض سيناء شهدت هي أيضا عدوانا ودمارا واحتلالا دام لسنوات وهي تستعد الآن لإقامة أهم مشروع تشهده مصر بعد السد العالي، ثم تقدم زادا دينيا وروحيا في ذكرى هذا الشهر الكريم الذي فرضه الله جهادا للنفس وضد كل نوازع التعصب والتطرف. إن العربي تتمنى أن يسود العالم الإسلامي المنهك سلام حقيقي فتتوقف المذابح في فلسطين المحتلة والبوسنة والهرسك والصومال وكشمير، وأن تجف أنهار الدم الإسلامي التي تجري بلا طائل، وتواصل العربي جهادها من أجل تنوير العقل كما أن شهر رمضان هو تنوير للروح.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات