إلى أن نلتقي أنور الياسين

إلى أن نلتقي

"رفيعة هانم" تشغل أمريكا

"رود أيلاند" هي ولاية أمريكية، وفي هذه الولاية تقوم عاصفة من النقاش الساخن تجتاح باقي الولايات. السبب هو أن إحدى محاكم الولاية أصدرت حكما على الحكومة المحلية يقضي بأن تدفع تعويضا لإحدى السيدات يصل إلى 100 ألف دولار. لماذا؟ لأن وزن السيدة يصل إلى 145 كيلوغراما، ولأن حكومة الولاية المحلية رفضت توظيف السيدة "رفيعة هانم" بسبب وزنها.

القاضي العادل اعتبر أن السيدة تعرضت إلى ما يسمى "التمييز السمني"- نسبة إلى السمنة- وهو مثل التمييز العنصري الذي يعتمد اللون، ومثل التمييز الجنسي الذي يعتمد الذكورة والأنوثة، ومثل التمييز المذهبي الذي يعتمد المذهب.

الحكومة المحلية استأنفت الحكم، ومحكمة الاستئناف رفضت مبدأ دفع التعويض، ولكنها أوصت بتعيين السيدة البدينة "مشرفة" في إحدى المصحات العقلية "!".

ولكن القيامة التي قامت لم تقعد بعد، فالسابقة قد وقعت و"اللوبي السمين" بدأ نشاطه في الكونغرس، بينما رجال القانون بدأوا مناظرات حول تعريف "السمين" أو "البدين" أو "التخين"، بعضهم طرح أن شرط "السمنة" هو أن يكون صاحبها ضعف الوزن العادي قياسا لطوله، فلو كان طوله مثلا 150 سنتيمترا لكان وزنه الطبيعي 50 كيلوغراما، أما إذا بلغ 100 كيلو غرام فإنه يستحق تعريف "السمين" بحكم القانون.

آخرون رأوا أن السمنة تشكل إعاقة، وهذه الإعاقة تبدأ عندما يزيد الوزن بمقدار النصف وليس الضعف.. كما أن هؤلاء المعوقين يستحقون أن تشملهم تعويضات الإعاقة التي تدفعها الحكومة، ويحتاجون إلى برامج إعادة تأهيل تصرف عليها الحكومة، وبالطبع فإن إعادة التأهيل تعني أن ينتسبوا إلى النوادي ودور التجميل كي يستعيدوا رشاقتهم.. وعلى حساب الدولة"!".

وهنا طرح بعضهم السؤال: ولكن كيف تستطيع الحكومة أن تميز بين "السمين بالولادة" و"السمين بالإرادة"، بين واحد يشكو من أمراض في الغدد، أو أمراض نفسية "!" تدفعه لالتهام علبة كاملة من الشوكولاتة في جلسة واحدة، وبين آخر لا يستطيع أن يقاوم إغراء الآيس كريم فيندفع للغرق فيه؟..

.. والسجال ما زال مستمرا، وأعتقد أنه سوف يفتح أبوابا أخرى غير محسوبة، فالقصير مثلا قد يقوم بمقاضاة ناد لكرة السلة لأنه لم يوظفه في فريقه، والأصلع يمكن أن يشكو الكوافير أو الحلاق إذا رفض أن يستخدمه في عروضه أو كاتالوجاته، أما السيدة "رفيعة هانم" فيمكن أن تطلب تعويضا من دار عروض الأزياء إذا رفضت مواهبها. وهكذا يمكن أن يتحول كل أمريكي إلى مضطهد- بفتح الهاء- أو.. معاق.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات