جامعة السلطان قابوس أصالة تراثية.. وطموح حضاري

جامعة السلطان قابوس أصالة تراثية.. وطموح حضاري
جامعة السلطان قابوس أصالة تراثية.. وطموح حضاري

تصوير: طالب الحسيني

لم تكن مجرد مؤسسة تعليمية, ولكن جامعة السلطان قابوس كانت عنوانا على دخول عمان إلى عصر جديد تمتزج فيه العراقة القديمة بتطورات العصر الحديث. لقد اختصرت الجامعة خلال عقد من الزمن عشرات التجارب الأكاديمية وزرعت بذرة البحث العلمي في الأرض العمانية, ودخلت في جدل حضاري دائم مع المجتمع الذي تعيش فيه من أجل مزيد من التنمية والتقدم.

ومن أجل إنجاز هذا الصرح التعليمي السامق تكونت لجنة تأسيسية للجامعة عام 1981, وُكِل إليها وضع الدراسات التخطيطية للمباني المقترحة والمناهج الدراسية ومتابعة الخطوات التنفيذية لتشييد الجامعة, وبعد مضي خمس سنوات اكتملت الإنشاءات وبدأت الدراسة الفعلية في 2 سبتمبر 1986. لقد جاء استطلاعنا لجامعة السلطان قابوس بعد مضي عقد على افتتاح الجامعة, وتخريج الدفعة السابقة من طلابها وطالباتها, لقد أجمع الخطباء والمتحدثون في كلماتهم بأن مضي عقد من الزمان كان مرحلة كرست للاختيار والاختبار, الاختبار للعديد من نماذج الدول التي سبقت السلطنة في مجال التعليم العالي وللاختيار لما يتفق منها ويتواءم مع ظروف السلطنة وبيئتها وهويتها وتطلعاتها إلى المستقبل, لقد وجدت الجامعة رصيدا من هذه الخبرة بين هيئاتها الأكاديمية والفنية العاملة من ذوي الخلفيات الحضارية والتربوية المتنوعة, حيث التقت هذه الخبرات وانصهرت في تمازج أكسب الجامعة خصوصيتها الوطنية وهويتها العلمية المميزة. انفتاح على العالم ومن التجارب التي استوحتها جامعة السلطان قابوس ذلك الانفتاح العلمي على العالم, وبناء الصلات والروابط العلمية وتدعيمها بين جامعة السلطان قابوس والجامعات الأخرى في مختلف الدول الشقيقة منها والصديقة, وقد تمثل ذلك في علاقة الجامعة بالمؤسسات العلمية وتوسيعها من خلال التفاعل الإيجابي والمشاركة الفعلية على مختلف المستويات, وذلك بالانضمام إلى عضوية مجالس الجامعات الإقليمية والعالمية, والمؤسسات البحثية المختلفة وتشجيع الكليات على تمثيل الجامعة في المناسبات ذات الأهمية, والارتباط برسالتها العلمية. وقد بلغ عدد الاتفاقيات الثنائية القائمة على مستوى الجامعة مع غيرها من الجامعات العلمية في الفترة من 1990 حتى 1996 أربع عشرة اتفاقية عدا برامج التوأمة الجامعية, واللجان المشتركة والاتفاقيات الثنائية الأخرى التي تعقدها الكليات لتشجيع التعاون العلمي في مجالات الأنشطة الأكاديمية عبر أقسامها المتخصصة.

كليات سبع

تتألف جامعة السلطان قابوس من سبع كليات أولها كلية التربية والعلوم الإسلامية, وهي من أكبر كليات الجامعة نظرا لتعدد تخصصاتها وكثرة عدد طلابها. يقول عميد الكلية الدكتور رشدي أحمد طعيمة: ربما تكون كلية التربية والعلوم الإسلامية الكلية الوحيدة في عالمنا العربي التي تحمل هذا المسمى إذ تضم قسما للعلوم الإسلامية يختص بإعداد معلم التربية الإسلامية, كما أنها تقوم بإعداد البحوث في مجال الدراسات الإسلامية والتربوية, وتهتم ببرامج تطوير التعليم في السلطنة. ويضيف عميد الكلية قائلا: توجد بكلية التربية والعلوم الإسلامية التخصصات التالية:
التربية الإسلامية, واللغة العربية, واللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا, والاقتصاد المنزلي, والرياضيات, والفيزياء, والكيمياء, والأحياء والتربية الرياضية, والتربية الفنية, وقد كان العدد الكلي للطلاب الذين تخرجوا في الدفعة الأولى 1989 ـ 1990, 1017 طالبا بينما ارتفع هذا العدد في العام الجامعي 1995 ـ 1996 إلى 2030 طالبا وبزيادة 100%, وقد أدت الزيادة في أعداد الطلاب المقبولين بالكلية إلى زيادة في عدد أعضاء هيئة التدريس بالأقسام المختلفة بلغت 206%.

أما كلية الطب فهي تلبي احتياجات السلطنة من الأطباء المؤهلين علميا وعمليا, والذين يتمتعون بالمعرفة المتخصصة للأمراض المتوطنة في المجتمع العماني, وتلبية ما تحتاج إليه السلطنة من رعاية صحية وتقوم كلية الطب بدعم الخدمات الصحية في السلطنة بالتعاون مع وزارة الصحة لنشر الوعي الصحي بين المواطنين وتطوير الرعاية الصحية. يقول عميد كلية الطب البرفسور جيل هزل تاين وهو من الجنسية الأمريكية: تضم كلية الطب نحو 21 قسما منها قسم التشريح والطب الباطني وأمراض النساء والولادة والعيون والعظام والجراحة. وتستمر الدراسة في الكلية سبع سنوات, منها أربع سنوات هي سنوات البكالوريوس وثلاث سنوات أخرى تخصصية, ثم سنة واحدة امتياز. ويضيف العميد قائلا: إننا نركز في برامجنا على صحة الأسرة والمجتمع, وكنا مع بداية افتتاح الجامعة لا نأخذ أكثر من 51 طالبا وطالبة, أما الآن فقد ارتفع العدد ليصل إلى 65 أو 70 طالبا وطالبة في كل عام.

أما برامج كلية الطب فهي مأخوذة ومقررة من المجلس الطبي البريطاني, كما أن قسما من هذه البرامج يوضع في الولايات المتحدة وكندا, ومعظم طلبتنا الذين تخرجوا في الجامعة يكملون دراستهم في كندا أو أستراليا, في فروع الطب المختلفة. ومن المرافق التي تتبع كلية الطب مستشفى جامعة السلطان قابوس, وهو من أحدث المستشفيات التخصصية في السلطنة وأحد أهم المرافق المشاركة, فهو مجهز بأحدث التقنيات والمعدات التي توصل إليها العلم الحديث في الحقل الطبي والعلاجي والمستشفى بالإضافة إلى تقديمه الخدمات الطبية كمستشفى مرجعي تخصصي تحول إليه بعض الحالات من المستشفيات الأخرى في السلطنة, والمستشفى يقوم أساسا بتدريب وتعليم طلاب كلية الطب وتأهيلهم حتى يصبحوا أطباء قادرين على تحمل المسئولية, كما يقوم باستقبال متدربين من عدة مؤسسات صحية أخرى.

كلية الهندسة والصاروج العماني

أما كلية الهندسة فتضطلع بدور ريادي متقدم في توفير القوى البشرية القادرة على تحمل المسئولية لخدمة المجتمع العماني والمساهمة في عملية التنمية, وذلك من خلال تقديم التعليم اللازم لإعداد مهندسين متخصصين عمانيين قادرين على تحمل مسئولية تطوير وتطبيق العلوم الهندسية بعد التخرج, وتقوم الكلية بإعداد الخطط والندوات البحثية المتعلقة بالتطورات التقنية بالسلطنة, وتزويد العاملين في القطاع الصناعي بنتائج البحوث للاستفادة منها, ويتم ذلك من خلال البرامج الدراسية للأقسام المختلفة التي تتكون منها الكلية وهي: الهندسة المدنية, وهندسة الكهرباء والإلكترونيات والهندسة الميكانيكية وهندسة النفط والمعادن. يقول المدير الإداري للكلية: تبلغ مدة الدراسة في الكلية خمس سنوات أو عشرة فصول دراسية يجتاز فيها الطالب 162 ساعة معتمدة, وتعتمد الدراسة على الجانبين النظري والتطبيقي في جميع الأقسام, وتوجد في الكلية مختبرات مجهزة بأحدث الأجهزة التعليمية والتدريبية, وقد خصصت الكلية فترة تدريب عملي خلال إجازة الصيف بعد الفصلين الدراسيين السادس والثامن ولمدة شهرين ليتعرف الطالب على المؤسسات الهندسية الوطنية, وعلى الصناعات القائمة في السلطنة, وفي السنة النهائية يقوم كل طالب بإعداد مشروع في مجال تخصصه وفي موضوع له صيغة علمية وتطبيقية للدراسة الهندسية التي أنجزها.

وقد التقينا في أحد مختبرات كلية الهندسة بالدكتور عمر الرواس وهو من أساتذة كلية الهندسة ومن أبناء عمان حيث يقوم بإجراء بعض التجارب على نوع من الأسمنت معروف في عمان باسم الصاروج, وتجاربه تنصب في محاولة لتطوير هذا النوع من الأسمنت بإضافة بعض المواد إليه حتى تزداد مقاومته وينتفع به إلى أقصى حد. يقول الدكتور الرواس: المعروف أن الصاروج العماني يستخدم منذ آلاف السنين في بناء القلاع والأفلاج, وهذا النوع من الصاروج معروف بقدرته الكبيرة على مقاومة الطقس الحار بالإضافة إلى قلة نفاذية هذا الأسمنت بالنسبة للمياه ونحن في تجربتنا نحاول أن نضيف إليه الصلابة والقوة فهو أقل من الأسمنت العادي في الصلابة ونحن في تجربتنا نحاول أن نتغلب على هذه السلبيات الموجودة في الصاروج, وأن نطور هذا النوع من الأسمنت بأن نزود من صلابته وقوته, وفي الوقت نفسه نحافظ على خاصيته في مقاومة الطقس الحار, أما فريق العمل في هذا المشروع فهم ثلاثة من أساتذة القسم بالإضافة إلى طالبين يعملان في مشروع التخرج.

كلية الزراعة والأسماك

ومن الكليات المهمة في الجامعة كلية الزراعة والتي تهدف إلى إعداد جيل من الخريجين المؤهلين في مجال الزراعة والأسماك كما يقوم بإجراء العديد من البحوث والتجارب الأساسية والتطبيقية من أجل زيادة الإنتاج وحل المشكلات والمعوقات التي تواجه هذين القطاعين, مع التركيز على المتطلبات الخاصة بسلطنة عمان. حدثنا الأستاذ سالم الجابري المدرس المساعد في كلية الزراعة قائلا: تنقسم كلية الزراعة إلى عدة أقسام منها قسم الاقتصاد الزراعي, والدراسات الريفية والميكنة الزراعية, وعلوم الحيوان والأغذية وعلوم وتقنيات الأسماك, وعلوم النبات وعلوم التربة والمياه.

ويضيف الأستاذ سالم الجابري قائلا: في الكلية نحو 100 أستاذ ومدرس من مختلف الجنسيات وأغلبهم من أمريكا وبريطانيا وأستراليا وجنوب إفريقيا بالإضافة إلى بعض الإخوة السودانيين, أما مناهج الدراسة فقد وضعت كي تناسب طبيعة الحياة العمانية ومنتجات عمان مثل أشجار البلح وجوز الهند, أو ما يعرف باسم النارجيل, وكذلك اللبان العماني, كما يهتم المنهج بالبيئة العمانية مثل تنمية مصادر المياه والتركيز على مياه الأفلاج الآبار, واستخدام الري الحديث, وقد قامت كلية الزراعة بالتعاون مع وزارة الزراعة والأسماك بالعديد من الأبحاث على أشجار النارجيل والنخيل وأشجار اللبان لأن أغلب المساحة المزروعة في عمان من هذه الأنواع, وهذه التجارب انحصرت في طرق التلقيح وطرق التكثير الجديد ثم الأمراض المختلفة التي تصيبها هذه الأشجار, أما طريقة التكثير عن طريق الأنسجة خاصة في أشجار النخيل فيطبقها الطلبة في مشاريع أبحاثهم وهم يولون هذا النوع من إكثار النخيل اهتماما كبيرا في بحوثهم. حدثتنا لطيفة الخروجي الأستاذة في كلية الزراعة عن إكثار النخيل عن طريق الأنسجة قائلة:

لا يخفى أن هناك مجموعة كبيرة من أشجار النخيل في عمان أشهرها الإخلاص والإخصاب, وكذلك البرحي, إلا أن الإخلاص هي أشهرها على الإطلاق, ونحن نحاول إكثار هذا النوع من النخيل بطريقة الأنسجة, حيث نقوم بزارعة النسيج النباتي, ثم نضع هذه الأنسجة في أمكنة مخصصة تتوافر فيها الحرارة والرطوبة ونوفر لها بيئة مناسبة للنمو, ثم ننقل هذه الأنسجة إلى الأرض, كما نقوم كذلك بزراعة الموالح وخاصة الليمون الذي تشتهر به عمان, وكذلك شجر اللبان. والهدف من هذا النوع من الإكثار هو التخلص من بعض المشاكل التي تواجه أشجار النخيل من الموالح, ومن المعروف أن الزراعة النسيجية تكنيك بدأ مع ثلاثينيات هذا القرن في أمريكا وأوربا, وفي الخمسينيات ظهر علماء أبدعوا في هذا المجال, وتطورت هذه التقنية حتى شملت جميع أنواع النباتات, والهدف منها هو زيادة الإنتاج في فترة قصيرة والتخلص من بعض الأمراض التي تصيب هذه النباتات.

وأثناء تجوالنا في كلية الزراعة تقابلنا مع الأستاذ علي بن أحمد الرئيس وهو أحد خريجي الكلية ويعمل الآن مديرا للمختبرات, وقد قال لنا: لقد نجحنا بالتعاون مع بعض الهيئات العالمية للزراعة ووزارة الزراعة بالقضاء على حشرة النارجيل السوداء واسمها (أوريكتس رينو ترس), وهذه الحشرة تقوم بقص أوراق شجرة النارجيل أو تترك ثقوبا على شكل خط مستقيم على كل ورقة من أوراقها. مما يؤدي إلى فقدان ثمار النارجيل, ولما كانت منطقة صلالة في السلطنة هي المنطقة التي تكثر فيها زراعة النارجيل فقد قامت وزارة الزراعة مع كلية الزراعة بنقل التجارب التي قامت بها بلدان جنوب شرق آسيا وجزيرة مدغشقر حيث قضوا على هذا النوع من الحشرات بنوع من الفيروسات عن طريق تغذية الحشرات بالفيروس ثم إطلاق هذه الحشرات, وعن طريق التزاوج بين الحشرات السليمة والحشرات المصابة تم القضاء على هذه الحشرة, وخلال سنتين من التجربة وجدوا أن الأمراض التي تصيب أشجار النارجيل قد قلت بصورة واضحة, وبهذه الطريقة تمت مقاومة هذه الحشرة.

علوم وآداب واقتصاد

وتقوم كلية العلوم بإعداد متخصصين في مجالات العلوم البحتة والتطبيقية لتغطية احتياجات السلطنة من المدرسين والمساهمين في البحوث العلمية وإعداد جيل من الباحثين والعلماء. أما كلية الآداب فتهدف إلى إعداد جيل من المتخصصين في اللغات وآدابها والعلوم الإنسانية والاجتماعية مع الاعتناء بالثقافة العامة والتركيز على المستوى العلمي المتميز والاهتمام بالبحوث العلمية المرتبطة باحتياجات المجتمع العماني, وتضم الكلية عشرة تخصصات هي: اللغة العربية وآدابها واللغة الإنجليزية وآدابها والتاريخ والجغرافيا والاجتماع والفلسفة والصحافة والإعلام والمكتبات والوثائق والفنون المسرحية والآثار وملحق بالكلية جملة من مدرجات التدريس التي تستوعب أعدادا كبيرة من الطلبة بالإضافة إلى عدد من المعامل اللغوية للأقسام المختلفة مثل معمل اللغات ومختبرات الكمبيوتر ومعامل لقسم الجغرافيا بالإضافة إلى استديوهات الراديو والتلفزيون ثم استديو للتصوير الضوئي, وقاعات لتدريب قسم الفنون المسرحية على التمثيل.

أما كلية التجارة والاقتصاد فهي أحدث الكليات في جامعة السلطان قابوس, وقد أنشئت لتواكب حركة النمو الاقتصادي في السلطنة, ولتمد القطاع الخاص والحكومة بما تحتاج إليه من مهنيين ومتخصصين في المال والاقتصاد.

يقول المدير الإداري للكلية: إن كلية التجارة والاقتصاد تستخدم أحدث تقنيات الأجهزة السمعية والبصرية المتطورة لخدمة وسائل التعليم التجاري والإداري, كما أنها تقدم منهجا دراسيا يعتمد على أحدث الأفكار التي تطبق في كليات التجارة والاقتصاد في العالم, أما التخصصات الموجودة في الكلية فهي المحاسبة والاقتصاد والمالية ونظم المعلومات والإدارة والتسويق وإدارة الإنتاج والعمليات والإحصاء.

المراكز المتخصصة

وقد حرصت جامعة السلطان قابوس منذ افتتاحها على توفير جملة من الأقسام والمراكز لدعم العملية الأكاديمية بالجامعة وتوفير كل ما من شأنه أن يسهم في دعم العملية التربوية والتعليمية في الجامعة, وتمدهم بما يحتاجون إليه في مجال تخصصاتهم وبحوثهم كحافز لبذل المزيد من الجهد والعرق, كما تقوم هذه المراكز والأقسام بمساعدة الهيئات الأكاديمية على تطوير فاعلية التعليم وتحسينها, وتهدف أيضا إعداد المواد والبرامج التعليمية وإنتاجها واختيار الوسائل المناسبة, وكذلك تزويد الفصول الدراسية وقاعات المحاضرات والمعامل والمختبرات بالوسائل والأجهزة التعليمية المختلفة.

ومن هذه المراكز الموجودة مركز اللغات حيث يقدم خدماته في مجال تدريس اللغة الإنجليزية التي تعد اللغة الأولى بعد العربية في سلطنة عمان, ومركز اللغات يقدم خدماته لطلاب الكليات العملية مثل كلية الزراعة والهندسة والطب وكلية التربية والعلوم الإسلامية بالإضافة إلى كلية التجارة والاقتصاد.

أما مركز تقنيات التعليم فهو من المراكز المهمة في الجامعة, وهو مجهز بأحدث أجهزة تقنيات التعليم, وقد وضعت جميع أجهزة المركز في خدمة الهيئات الأكاديمية ويقوم المركز بمساعدة الهيئات الأكاديمية على تطوير فاعلية التعليم وتحسينها بتطبيق نظرية التعلم. يقول مدير مركز تقنيات التعليم ألن جون بريل الذي كان في استقبالنا عند زيارتنا للمركز: إننا نقوم بإعداد المواد والبرامج التعليمية وإنتاجها, ثم اختيار الوسائل المناسبة لتزويد الفصول الدراسية وقاعات المحاضرات والمعامل والمختبرات بالأجهزة التعليمية المختلفة, ومن هذه الأجهزة جهاز العرض العلوي OH Progect وجهاز عرض الشرائح الشفافة Slider وجهاز الفيديو, وتعد هذه الأجهزة الثلاثة أكثر الأجهزة التعليمية استخداما في الجامعة ويفضلها العاملون في هيئات التدريس. ويضيف مدير المركز قائلا: والحق أن الوسائل السمعية والبصرية أصبحت في أيامنا هذه جزءا لا يتجزأ من عمليات التعلم والتدريب الحديثة, وذلك لما توفره من جهد ووقت إذا ما أحسن استخدامها وتوظيفها.

مركز الحاسب الآلي

ومن المراكز التي تزخر بها جامعة السلطان قابوس مركز الحاسب الآلي, وقد أصبح معلوما أن تقنية الحاسب الآلي تقف خلف حركة المجتمعات باتجاه عصر المعلومات مؤثرا بذلك في كل مجالات الحياة الحديثة.

حدثنا الدكتور حيدر علي رمضان مدير مركز الحاسب الآلي قائلا: إن مركز الحاسب الآلي في جامعة السلطان قابوس يهدف إلى خدمة الجامعة في مجال تكنولوجيا المعلومات, وذلك عن طريق توفير الحلول المتكاملة لأدوات الكمبيوتر المستخدمة في الأغراض العلمية والتدريب. إن مركز الحاسب الآلي يقدم خدماته لتشجيع البحث العلمي والمناهج التعليمية بالإضافة إلى الأنظمة الإدارية والمالية, وأنظمة المستشفيات وبرامج تسجيل وقبول الطلاب وخدمات المكتبة الرئيسية. وأضاف الدكتور حيدر رمضان قائلا: لقد قام المركز خلال السنتين الماضيتين بتحديث البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والكمبيوتر في الجامعة, إذ تهدف الجامعة من وراء هذا إلى تحقيق مجموعة من الأنشطة الفاعلة في عالم الكمبيوتر منها: تنشيط البحث العلمي, وإدخال تكنولوجيا الحواسيب الجديدة ضمن المجالات الأكاديمية, ثم المساعدة في تطوير التدريب الأكاديمي بواسطة الكمبيوتر لطلبة الجامعة, ثم تحديث أجهزة الكمبيوتر في الجامعة وربطها بشبكة الإنترنت العالمية, ثم إعادة تطوير تطبيقات الجامعة الإدارية والمالية باستخدام الأساليب والنظم الحديثة.

المكتبة الرئيسية

تحتل مكتبة الجامعة مبنى خاصا يتوسط مباني الجامعة, حيث تقدم خدماتها للطلاب وأعضاء هيئة التدريس, وتلعب المكتبات الجامعية دورها المهم والمميز في تقدم وازدهار التعليم والبحث العلمي, خصوصا بعد أن تغيرت طرق وأساليب التعليم وأصبحت تعتمد على التحصيل الذاتي عن طريق الاطلاع والبحث المستمر. وفي جولتنا في المكتبة حدثنا الأستاذ موسى بن ناصر المفرجي نائب مدير المكتبة الرئيسية للخدمات العامة قائلا: إن جامعة السلطان قابوس بها ثلاث مكتبات منظمة على أسس علمية دقيقة لكي تدعم مناهج الدراسة بالجامعة وهذه المكتبات هي مكتبة كلية الطب, وهي مكتبة متخصصة تحتوي على الكتب الطبية المرجعية بجميع فروع الطب, ومكتبة كلية التجارة والاقتصاد وهي الأخرى مكتبة متخصصة في مجال الكتب والمطبوعات الخاصة بالتجارة والاقتصاد, ثم مكتبة مسجد الجامعة وتزخر بالكتب الدينية وكتب السيرة والفقه والتاريخ والأدب.

أما المكتبة الرئيسية فهي المكتبة الأم حيث تبلغ مقتنيات المكتبة حتى عام 1996 ما يربو على مائة ألف عنوان و6 آلاف مادة سمعية وبصرية بالإضافة إلى نحو 1444 دورية تشارك بها المكتبة, وكذلك بعض المجلات والدوريات القديمة التي تقتنيها المكتبة وهي مسجلة على الميكروفيلم والميكروفيش.

تقدم المكتبة العديد من الخدمات فهناك الإعارة الخارجية والداخلية لكل من يحمل البطاقة الجامعية, كما أن هناك تعاونا بين المكتبة الأم والمكتبات داخل السلطنة وخارجها, وللمكتبة عدة منافذ خارجية ودولية منها منافذ في الولايات المتحدة الأمريكية ومكتبة الكونجرس وشبكة u.m.i وشبكة الإريك بالإضافة إلى بعض المعاهد الأخرى, كما أن هناك تعاونا وثيقا مع المكتبة البريطانية وشبكات أخرى في كل من ألمانيا وهولندا بالإضافة إلى تعاون على جميع المستويات مع مكتبات جامعات دول الخليج العربي, وبصفة خاصة بين مكتبة جامعة الإمارات وجامعة البترول والمعادن في السعودية وكلية الهندسة في الكويت. أما قسم المراجع فيقدم خدماته عن طريق استخدام الأقراص المدمجة المعروفة باسم (السيدروم) وتقديم المساعدة فيما يتعلق بتيسير الوصول إلى مصادر المعلومات المختلفة مع التركيز على المجموعات المرجعية, ويقوم قسم خاص بالمكتبة بإعداد الأدلة والبيبليوجرافيات الخاصة بالمكتبة.

وفي المكتبة قسم خاص يسمى (غرفة عمان) وهذه الغرفة تحتوي على الكتب العمانية والمطبوعات الحكومية والرسائل الجامعية والمخطوطات والخرائط, والمواصفات القياسية, وأدلة الجامعات والمقالات العلمية المنشورة في الدوريات العربية والأجنبية التي تتحدث عن سلطنة عمان.

أما قسم الوسائل السمعية والبصرية فيحتوي على مجموعة من الأفلام العلمية والشرائط الصوتية والشرائح التي تتعلق بموضوعات الدراسة بالجامعة والنواحي المختلفة من الثقافة العامة, ويمكن لرواد المكتبة استخدام هذه المواد داخل المكتبة, كما يمكنهم استعارة أفلام الفيديو والأشرطة الصوتية للاستخدام خارج المكتبة. وقد استحدثت المكتبة الرئيسية نظاما جديدا في الإعارة أطلق عليه نظام (دوبس ليس) وهو نظام متكامل يستخدم لعمليات الفهرسة والتصنيف والتزويد والدوريات والإعارة والاسترجاع وذلك عن طريق استخدام جهاز مسح إلكتروني موصل بجهاز الحاسب الآلي الذي يقوم بقراءة شفرات الخطوط المقروءة آليا, وتكون ملصقة على مصادر المعلومات وعلى بطاقات المستعيرين, وفور تمرير جهاز المسح الإلكتروني على شفرة بطاقة المستعير تظهر كل البيانات الخاصة به, وبعد عملية مراجعة لملفه ومراجعة القوانين واللوائح تتم عملية الاستعارة والتأخير بمجرد إرجاع المواد المستعارة, ويتيح هذا النظام أيضا حجز أي كتاب لا يراد إخراجه من المكتبة.

العربي تحاور رئيس جامعة السلطان قابوس

ولإعطاء تصور كامل عن جامعة السلطان قابوس كان لابد لنا من لقاء مع معالي وزير التعليم العالي رئيس جامعة السلطان قابوس حيث دار معه حوار تناول شئون وشجون هذه المؤسسة العلمية الفتية بعد عقد من الزمان مضى على افتتاحها.وبداية كان سؤالنا:

* ما هي الفكرة التي كانت وراء إنشاء جامعة السلطان قابوس?وما هي المراحل التي تطورت فيها هذه الجامعة?

- جاءت فكرة إنشاء جامعة السلطان قابوس متزامنة مع مرحلة انطلاقة جديدة في مسيرة النهضة العمانية التي يقودها السلطان قابوس بن سعيد, فقد شهدت السنوات السابقة لإنشاء الجامعة اكتمال خطتي التنمية الأولى والثانية وانتهاء المرحلة الأولى من مشروعات الخدمات الأساسية بما في ذلك تكامل الخدمات التعليمية ومضاعفة مخرجاتها بحيث أصبح إنشاء مؤسسة تعليمية على المستوى العالي ضرورة ملحة لفتح آفاق جديدة في مسار التعليم وتوفير الكوادر البشرية المدربة لمواصلة البناء والتعمير. وتولي مهام ومسئوليات مواقع الإنتاج في السلطنة بعد حصولهم على الدرجات العلمية المناسبة.

وبدأ تكريس الجهود بوضع الاستراتيجيات والخطط وبرمجة العمل عبر مراحل التخطيط والإنشاء والتنفيذ. وتم افتتاح الجامعة رسميا في التاسع من نوفمبر عام 1986م, لكليات خمس هي التربية والعلوم الإسلامية, والزراعة, والطب, والعلوم, والهندسة.

أما أهم المستجدات التي استحدثت في الهيكل الأساسي للجامعة فكانت كلية الآداب وكلية التجارة والاقتصاد وأقسام جديدة في بعض الكليات وتأسيس وتطوير برنامج الدراسات العليا على مستوى الماجستير وإنشاء برامج البحوث والنشر العلمي.

* هل سارت الجامعة في تطورها على نمط الجامعات العربية التقليدية أم أنكم بدأتم من حيث انتهت إليه هذه الجامعات بالنسبة لتحديث المناهج الدراسية واستخدام التكنولوجيا ووسائل البحث العلمي?

- إن تجارب المؤسسات التربوية شأنها شأن أي مؤسسات اجتماعية أخرى, لابد أن تكون مستجيبة للبيئة المحيطة بها من حيث أهدافها الرئيسية وطبيعة دورها ومسئوليتها في المجتمع وقد يفرض عليها ذلك نوعا من الخصوصية التي تمليها عليها بيئتها المباشرة. ومن ناحية أخرى قد تفرض البيئات المتشابهة ـ كما هو الحال في منطقة الخليج ـ درجة من التماثل بين الجامعات دون أن يكون في ذلك دليل على النمطية أو التقليد المقصود. وجامعة السلطان قابوس تقوم على أسس من الثوابت والمتغيرات تحقيقا للتوازن بين أصالتها التراثية وطموحاتها الحضارية ولا يستبعد أن يكون هذا هو أيضا مبدأ أساسيا تقوم عليه مؤسسات مشابهة في مناطق أخرى من العالم. أما بالنسبة للمناهج فإن المعيار المعمول به هو مدى استجابتها لمستلزمات إعداد الكوادر المؤهلة من الشباب العماني في مجالات علمية محددة, مع مراعاة الاهتمام بتطوير وتنمية شخصية الطالب والعمل على إبراز ورعاية مواهبه وصقلها, وتنمية قدراته لتسهيل المعارف والخبرات والمهارات, ومقومات المواطنة الصالحة فيه تجسيدا لمبدأ الثوابت في التعليم الجامعي مع المرونة والقابلية للتكيف مع التطورات السريعة في مجالات المعرفة والاتصالات والاستخدامات التكنولوجية تجسيدا لمبدأ المتغيرات, كما سبقت الإشارة إليه.

* كيف ترى التفاعل بين الجامعة والمجتمع العماني?هل ساهمت في تطوره?وهل لبت الجامعة حاجة السلطنة من الكوادر العلمية والفنية التي تحتاج إليها في نواحي الحياة المختلفة?

- إن أهم إسهام للجامعة في تطوير المجتمع العماني يأتي بالطبع عبر القيام بالإعداد النوعي الأمثل للكوادر المتخصصة من طلابها كأولوية في رسالتها التربوية, كما أن سجل الجامعة في المشاركة المباشرة في تطوير المجتمع اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا يعتبر متوازيا مع طموحها في هذا المجال ومع توقعات المجتمع العماني منها, وتصل خدمات الجامعة للمجتمع عن طريق عدة قنوات من بينها الأبحاث التطبيقية والتي تراعي الإسهام في حل مشاكل البيئة في مجالات التنمية المختلفة والاستشارات الفنية بما يسهم في تطوير الإنتاج وتحقيق استخدام أمثل للموارد والطاقات المتاحة, وكذلك في نشر الوعي التربوي والثقافي والصحي, والمشاركة في تجسيد شعارات التنمية من خلال أنشطة الطلاب المختلفة وخلق نوع من التفاعل المتبادل والمستمر بين الجامعة ومؤسسات المجتمع المختلفة, وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات.

* كيف تطورت الكوادر العمانية التي تقوم بالتدريس في الجامعة?وما هي نسبتها الآن?وكيف يتم التفاعل بينهم وبين الأساتذة الوافدين?

- توجد خطة للجامعة لاختيار العناصر المتخرجة منها سنويا للعمل في كوادرها المختلفة التي من أهمها الكادر الأكاديمي على مستوى المعيدين من خريجي البكالوريوس والليسانس وأيضا من خريجي برامج الدراسات العليا لدرجة الماجستير. كما تقوم بابتعاث أعداد من موظفيها العمانيين لنيل شهادات جامعية من الخارج, وقد بدأت خطة (التعمين) في الجامعة منذ المراحل الأولى. والعنصر العماني يؤدي دورا إيجابيا وفاعلا مع هيئات التدريس من غير العمانيين, والقيام بتوثيق الصلة بينهم وبين البيئة العمانية عن طريق التعريف بها مباشرة, خدمة لأهداف الجامعة في التدريس الميداني والتطبيقات العملية والأبحاث العلمية وغيرها.

* كيف تم ربط الجامعة بسوق العمل العماني?

- يتم الربط بين الجامعة وسوق العمل العماني من خلال آليات للاتصال والتنسيق تم تطويرها خلال السنوات العشر الماضية, وبعض هذه الآليات لجان مشتركة قائمة منذ إنشاء الجامعة بين الكليات والأقسام من جهة, ومؤسسات المجتمع الاقتصادية والخدمية من جهة أخرى, في القطاعين الحكومي والخاص, ومن خلال نشاط برامج الآليات المشتركة المذكورة تتوافر للجامعة المعلومات والبيانات والاتجاهات المختلفة في المجتمع مما يمكنها من إعداد الخطط والبرامج على خلفية من الواقع الفعلي.

* في إطار محافظ مثل المجتمع العماني كيف حلت الجامعة مشكلة الاختلاط.. وهل نجح هذا الأسلوب?وهل أقبلت الفتاة العمانية على الدراسة في الجامعة?

- منذ المراحل المبكرة للتخطيط للجامعة قررت اللجنة التأسيسية التقدم بتوصية ذات أهمية خاصة ألا وهي المتعلقة بأسلوب تنفيذ فكرة التعليم المختلط الذي كان مقررا تطبيقه في الجامعة, وقد راعت اللجنة في تصورها قيامه أساسا ومبدئيا على احترام الأسس الدينية والعادات والتقاليد العمانية وجعل ذلك هو الأساس الأول لتطبيق سياسة التعليم المختلط في الجامعة, وينطبق ذلك فيما يتعلق بأوضاع السكن والمواصلات واستخدام المكتبات والتربية الرياضية. وحددت اللجنة أوضاعا أخرى يتم فيها الفصل الجزئي حيث تتوافر الشروط اللازمة للتحصيل العلمي المشترك دون مساس بالمبادىء السابق ذكرها ـ كما هو الحال في فصول الدراسة, وقاعات المحاضرات, والمناسبات العامة ـ ولا يخفى ما لهذا النظام من خفض للتكلفة المالية دون أن يكون ذلك على حساب الإخلال بمبادىء الدين والعادات الاجتماعية. وقد برهنت التجربة على نجاحها التام من جميع النواحي, أما فيما يتعلق بمدى إقبال الفتاة العمانية على الدراسة في الجامعة, فيكفي أن نشير إلى عدد الطالبات الخريجات هذا العام الذي بلغ نسبته 61% من مجموع الخريجين ككل ذكورا وإناثا.

*ما هي مراكز البحث العلمي التابعة للجامعة وما هي مساهمتها في تطوير الصناعة والزراعة العمانية?

- على الرغم من حداثة الجامعة وتكريس الجهود في سنواتها المبكرة على أولويات التدريس وتطوير الأنظمة الأكاديمية ومتابعتها وتقييمها, فقد كان النشاط البحثي من أبرز معالم الحياة الأكاديمية في الجامعة, ويتمثل هذا النشاط في الإنتاج المكثف للأبحاث العلمية منذ افتتاح الجامعة ومن خلال الجهود الفردية والجماعية لأعضاء هيئة التدريس, وقد أبرز مسح قامت به إدارة الجامعة لمنجزات الجامعة خلال عقدها الأول مدى الجهد الذي بذل في النشاط البحثي والذي انعكس في مئات الأبحاث الجادة وذات الاتجاه التطبيقي الميداني على البيئة العمانية على وجه الخصوص وغيرها من البيئات في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد, والعلوم والآداب, وذلك للارتقاء بالمستوى الثقافي والمعيشي للإنسانية بعامة وللمجتمع العماني بخاصة.

وانطلاقا من حرص الجامعة على الاهتمام بالدراسات والبحوث العلمية, ومواكبة لحركة التطور العلمي والتقني فقد قامت الجامعة أخيرا بإصدار مجلة جامعة السلطان قابوس للبحوث العلمية (العلوم الزراعية), وهي بصدد إصدار مجلة جامعة السلطان قابوس للبحوث العلمية في مجالات العلوم الهندسية. وتحتوي هذه المجلات على مقالات محكمة للأبحاث الأساسية والتطبيقية في مجالات العلوم المختلفة لتخدم قطاعا واسعا من المتخصصين والباحثين, وستتوالى هذه الإصدارات لتشمل سائر التخصصات الموجودة بالجامعة.

*هناك اهتمام واضح في الجامعة بالكليات العملية على حساب الكليات النظرية. هل نجحت هذه التجربة ولم تحدث نوعا من الاختلال وما هو الهدف من وراء ذلك?

إن سياسة الجامعة الرامية إلى توطين التخصصات العلمية هي أولوية تمليها ضرورة خفض التكلفة العالية المترتبة على ابتعاث الطلاب إلى خارج السلطنة لدراسة هذه التخصصات, ولا يعني هذا بالضرورة أن هنالك تمييزا بين هذه التخصصات والتخصصات ذات الطبيعة النظرية, كما أن الكليات النظرية بالجامعة بها العديد من التخصصات التي تلبي ـ في مجموعها ـ الكثير من متطلبات سوق العمل المحلي من الكوادر المؤهلة.

ويجدر القول هنا إنه مهما تعددت أهداف هذه الكليات علمية كانت أم نظرية, فإنها تتفق مع ما تهدف إليه الجامعة في هذا المقام الأول وهو القيام بدور فاعل ومباشر في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع العماني والتجاوب مع احتياجاته ومتطلباته الآنية والمستقبلية.

*ما هي الخطط المستقبلية لتطوير جامعة السلطان قابوس بحيث تكون مواكبة دائما لروح العصر?

- استكملت جامعة السلطان قابوس العقد الأول من عمرها في العام الجامعي 1995/1996, وذلك بعد أن تكاملت فيها عناصر ومتطلبات العمل الأكاديمي الجامعي الحديث. وخلال العقد المنصرم كانت معطيات الجامعة الرئيسية الثلاث هي مخرجات الجامعة من الطلاب من حيث النوعية والمواءمة مع متطلبات سوق العمل, ومجال البحث العلمي من حيث نوعيته وقابليته للتطبيق الفعلي, وتجربة الدراسات العليا من حيث إسهام التجربة في توفير العناصر المناسبة والملائمة للعمل في الحقل الجامعي أو مواقع العمل الأخرى, ومن هنا فإن الرؤية المستقبلية تتركز على تجديد وتطوير هذه المجالات التي برهنت على نجاحها مع متابعة وتقييم الأداء في مجالات أخرى كالنشر العلمي وأساليب الإرشاد والإشراف ونوعية الأداء التدريسي وتحديثه وتطويره والاهتمام بإدخال المستجدات في حقل المعلومات وتقنياتها, أو باختصار الحرص على مواكبة الجديد في مسئولية ودور وكفاءة التعليم العالي على النطاق العالمي, مع توسيع دائرة العلاقات الإقليمية والدولية للجامعة كسبا للمزيد من الخبرات وتبادلها مع الآخرين.

 

 

صادق يلي