العلـم واللغـز

العلـم واللغـز

مثل الضوء الكاشف، أنار العلم مساحات مما كان معتما وغاضا أمام الإنسان في مسائل الكـون، لكن اتسـاع مساحات الضوء يـدل على غموض جديد.

لقد أصبح من المؤكد الآن، أن التركيب الكيماوي لجو الكواكب الصلبة (بخلاف الكواكب العملاقة)، هو وليد سيرورات جيولوجية (مظاهر بركانية) جد كثيفة. هذا بعد مرحلة للسحب التي أنتجت هذه الكواكب ولم يعد هناك تقريبا أثر للجو البدائي للأرض. فلقد حرر انفجار البراكين كميات هائلة من غاز الفحم (CO2) وبخار الماء (H2O) اللذين تسببا في تسخين الأرض بفضل عامل "البيوت البلاستيكية"، وتحت تأثير الإشعاع الشمسي، إذ لم تكن الأرض آنذاك محمية من الأشعة فوق البنفسجية. وحسب الباحث م. هارت، فإن نسبة إزالة غاز CO2 كانت بالقدر الكافي الذي جنب الأرض تجمدا مكثفا ونهائيا. وكانت درجة الحرارة على سطح الأرض آنذاك حوالي23 درجة مئوية، مما سمح بتحويل بخار الماء إلى سائل، مشكلا بذلك المحيطات. وحسب هارت الذي طور نماذج لتشكل الأجواء، فإن تكون المحيطات كان أساسيا لظهور الأكسجين الجزيئي (O2) في الجو الأرضي. فقد يكون تكوين الطحالب في كتل الماء، قد أدى إلى خفض كمية CO2 عن طريق التركيب الضوئي، مع تحرير الأكسجين الجزيئي. إذ إن الأكسجين الجزيئي عنصر أساسي لا بد منه لتطور حياة عاقلة. ولعل عدم حدوث هذه السيرورة على كوكب الزهرة، قد تسبب في ارتفاع كبير لدرجة حرارة سطحه (420 درجة) تفوق درجة غليان الماء. الأمر الذي جعل جو كوكب الزهرة جوا كثيفا غنيا بالـCO2 الذي يمنعنا من مشاهدة سطحه. ومن خلال نماذج هارت،يمكننا الاستنتاج أنه لا يمكن للأكسجين الجزيئي الظهور على كوكب ما إلا إذا كان واقعا على مسافة معينة من الجرم المركزي (الشمس مثلا). ومنها مفهوم "المنطقة القابلة للسكن باستمرار" وظهرت الحياة على كوكبنا لأن الأرض وجدت داخل هذه المنطقة ! ثم إن وجود هذه المنطقة غير ممكن إذا كان للكوكب حجم جد صغير أو إذا كانت كتلة النجمة المركزية دون 8 أعشار كتلة الشمس (إذ تكون كمية الإشعاع صغيرة فلا تسمح بتسخين كاف للكوكب). ويجب أخذ نتائج دراسات هارت بحذر، فستزداد معلوماتنا سنة 2003 عندما يقوم المسبار الفضائي كاسني بالدوران حول تيتان أحد أقمار زحل. لكن رغم ذلك، فقد كان لهذه الدراسات الفضل في إبراز تعقد سيرورة ظهور الأكسجين الجزيئي، وهو عامل لا غنى للحياة العاقلة عنه. وبالتالي فإن تطور الحياة على كوكب ما ليس بالأمر البسيط. وهو الأمر الذي ندركه جيدا في المجموعة الشمسية. وتبرز هذه الدراسات من جهة أخرى الميزات الخاصة للأجرام المرشحة لاحتضان الحياة. وفي دراسة حديثة له، قام لاسكار بقياس التغيرات القرنية لزاوية ميل دائرة الكسوف عن خط الاستواء السماوي والتي لها مقدار 23 درجة و27 دقيقة. فهذا الميل هو الذي يضبط ويخفف في الوقت نفسه من تلقي الإشعاع الشمسي. فإذا كان الميل ضعيفا فلن يكون سوى فصل واحد في الأرض. وقد حاول لاسكار أيضا دراسة التأثير الجاذبي للقمر في تغيرات الميل. وبينت نتائج لاسكار أنه في غياب القمر تكون تغيرات الميل كبيرة، الشيء الذي لا يخلو من عواقب على مدة إشراق الشمس على الأرض. فمن المحتمل أنه لو غاب، لأدى ذلك إلى تسخين معتبر للأرض.

البحث عن حياة عاقلة خارج الأرض

مهما بلغت درجة ترابط الدراسات النظرية، فإنها بالتأكيد لن تستطيع إثبات وجود كائنات حية على كوكب آخر، إذ إن الدليل على ذلك لا بد أن يأتي بالمشاهدة أو الرصد. بيد أن البحوث النظرية تبقى هي المسيرة لأي مشروع تجريبي حول البحث عن حياة خارج الأرض.

وتعود الأفكار الأولى التي وجهت الأبحاث حول الحياة خارج الأرض إلى ككوني ومورسن، التي نشرت في مقال مشهور في مجلة "الطبيعة" المرموقة سنة 1959. افترض الفيزيائيان الفلكيان أنه: إذا كانت كائنات عاقلة موجودة في الكون، فإنها سوف تحاول الاتصال بنا، ومن المحتمل أنها ستقوم بذلك عن طريق إشارة راديو معروفة في الكون كله، وأبسط مثال لذلك هو الإشعاع الهيدروجيني ذو طول الموجة المقدرة بـ 21سم. ويبقى الاتصال هو الوسيلة الوحيدة الفعالة للتأكد من وجود حياة خارج الأرض، نظرا لاستحالة أي سفر بعيد في الفضاء حاليا. ولا يوجد أي سبب يجعل كائنات عاقلة في مكان ما لا ترغب في الاتصال بنا. تلك هي الفرضية الأساسية التي ستشجعنا على التقاط إشارات صادرة عن كائنات عاقلة.

ونذكر بأن المسبار الفضائي جاليليو الذي وصل إلى جوار المشتري في ديسمبر 1995، قد التقط إشارات واضحة لوجود الحياة على الأرض على علو 960 كلم. وقد أظهر طيف الإشعاع ما تحت الأحمر امتصاصا كبيرا عند طول موجة تساوي 0.76 ميكرومتر يدل على وجود نسبة عالية للأكسجين الجزيئي. كما كشف هذا المسبار الفضائي عن وجود كلوروفيل على القارات، بالإضافة إلى غاز الميثان. وهذا الأخير، لا يمكن أن تفرزه سوى البكتيريات. كما تمكن من التقاط إشارات راديو مضمنة -إذن هي اصطناعية- مبينة بذلك عن وجود نشاط عاقل على الأرض. هذه الملاحظات المهمة، هي بمنزلة اختبار لمراقبة مدى قدرة المسبار على البحث عن الحياة خارج الأرض.

وكانت الأبحاث التجريبية عن عوالم سماوية قد انطلقت سنة 1961 عندما وضع دريك مشروع "أزما" الذي كان يهدف إلى البحث عن إشارات راديو صادرة عن سكان محتملين للكواكب. أقر دريك أنه كان لا بد من رصد إشارات راديو من كل جهات السماء لمضاعفة احتمال استقبال إشارات "عاقلة"، فاستلزم ذلك تسخير كل مراصد الراديو لهذا الغرض، وهو أمر غير واقعي. والتقط دريك نفسه عام 1961، وهو يوجه مرصد غرين بنك في اتجاه نجم tceti لالتقاط إشارات اصطناعية. واعتقد مباشرة بعد ذلك أنها إشارة عاقلة. لكن تبين بعد الدراسة أنها صادرة عن مرور طائرة على ارتفاع كبير. وأخبر مرصد كامبريدج سنة 1967 عن إنذار أكثر أهمية هذه المرة، حيث سجلت الباحثة ج. بال إشارات راديو متغيرة بانتظام مذهل. هذه الإشارات الفريدة من نوعها التي كانت آتية من كوكبه نجوم الثعلب الصغير تسببت في طرح مشكلة حقيقية. فبعض علماء فيزياء الفلك ذهبوا إلى الجزم بصدورها عن كائنات عاقلة، إلا أنها في الواقع، كانت تشكل أول اكتشاف للنجوم النيترونية.

ومن جهة أخرى وفي 16 نوفمبر 1974 أرسل دريك، رائد هذه الأبحاث، بواسطة المرصد راديو الكبير في أرسيبو (الذي يبلغ مداه 300م) إشارة في اتجاه الكوكبة الكروية M13 الواقعة على بعد 25 سنة ضوئية. وقد تضمنت هذه الرسالة عددا من العناصر المتعلقة بالبنيات الأساسية للحياة، كما كانت تدل على مصدر عاقل للإشارة. وتضمنت أيضا هذه الرسالة المتكونة من 169 حرفا، الأعداد الكتلية لبعض العناصر الكيماوية، كالهيدروجين، والكربون، والآزوت، والأكسجين، بالإضافة إلى الصيغة الكيماوية للحامض النووي الريبي ADN، وطول الإنسان والمجموعة الشمسية. وستصل هذه الرسالة بعد 24980 سنة!

وتزايد انشغال العلماء بوجود حياة عاقلة خارج الأرض، وأخذت المسألة بكل جدية. ففي سنة 1965 أنشأت الأكاديمية الدولية لعلم الفضاء أول لجنة للبحث عن حياة متطورة في الكون. كما تم خلال جمعية عامة للاتحاد الدولي لعلماء الفلك (IAU) ببتراس (اليونان) في سنة 1982 وضع أسس علم الفلك الإحيائي، وهو علم يقوم عموما على مبدأ "عدم الإقصاء":

1) الحياة سيرورة طبيعية لتطور الكون.

2) ما حدث على الأرض يمكن أن يحدث في مكان آخر.

3) ليس الذكاء الإنساني بالضرورة قمة ما أنتجه الكون. وهكذا فإن مشروعا تجريبيا للبحث الواسع عن الحياة العاقلة في الكون بات أمرا ضروريا وملحا، بعد تزايد عدد الأعمال النظرية وتتابع المؤتمرات الدولية. وبعد تردد كبير منح الكونغرس الأمريكي في سنة 1990، ميزانية محدودة لتموين صناعة كاشف مكيف ومعد خصيصا للبرنامج SETI وهو المحلل الطيفي المتعدد القنوات.

ويتمثل برنامج SETI أساسا في الاستماع الدائم لجوف السماء بغية التقاط إشارة "عاقلة"، تقدم تواترها كإشارة إلى مصدرها الاصطناعي. فإذا أرادت حضارة بعيدة الاتصال بنا بواسطة موجة كهرومغناطيسية (إذ سرعة انتشارها هي أكبر ما يمكن إيجاده في كل الكون، وهي بالتالي الوسيلة الأكثر فعالية) أي تواتر (أو طول الموجة) ستختار؟ إنها مسألة بالغة الأهمية. لقد اقترح علماء فيزياء الفلك العديد من الحلول وبالتالي، يصعب الاختيار. اعتبر علماء الفلك أول الأمر خط الهيدروجين الذي يقدر طول موجته بـ21سم (أي تواتر يساوي 1420 ميغاهرتز)، وهو إشعاع موجود في كل الكون، نظر التوافر عنصر الهيدروجين (73% من كتلة الكون). وهناك حظوظ كبيرة لكي تتبنى حضارة متقدمة هذا التواتر. ولكن يمكن اختيار موجات أخرى، وإن كانت غير أساسية، لا تقل أهمية عنها مثل خط 17سم للجذر OH المميز للبث ما تحت الأحمر للمجرات، وهنا أيضا خط 13سم لبخار الماء (H2O)، كون الماء أساسيا للحياة. حتى الخط الموافق للإشعاع الكوني بـ 3 درجات كلفن (أي طول موجة تساوي 1.7ملم) الموجود في كل مكان في الكون. يظهر من الوهلة الأولى أن مجموع كل الطيف الكهرومغناطيسي يمثل ميدانا ممكنا لبث الإشارة، بعبارة أخرى هناك عدد لا حصر له من التواترات. لكن انتشار هذه الإشارات على مسافات شاسعة، يجب أن يكون دون امتصاص في مجال ما بين النجوم، وزيادة على ذلك يجب إقصاء جميع الإشارات الراديو كهربائية لأجهزة البث الأرضية. وتبقى التواترات الراديوية الواقعة بين 1 و10 غيغاهرتز (أو 3سم - 30سم) هي الوحيدة التي تلبي هذه الشروط. والظاهر أنه من الصعب تقليص هذا الميدان، وليس لدينا اختيار آخر غير تحليل كل تواترات المجال الطيفي المختار. وتبقى مشكلة تقلي كمية هائلة من المعلومات (10 غيغابت/ثا) التي يجب معالجتها في زمن حقيقي (فمن المؤكد أنه لا يمكن تخزينها).

هكذا يتصور علماء الوكالة الفضائية الأمريكية المحلل الطيفي المتعدد القنوات (MCSA) الموجه للبحث فقط، وهو ثمرة ثلاثين سنة من العمل. والمحلل الطيفي عبارة عن جهاز كشف شعاعي طيفي أسرع من جهاز حاسوب من نوع CRAY. فبالـ8.4 مليون قناة التي يتكون منها، بإمكانه تحليل 10 ملايين من التواترات في الثانية! كما أنه يلتقط النشاط الكهرومغناطيسي للأرض على كوكب يقع على مسافة خمس سنوات ضوئية وعلى مدى أكبر من 5000 سنة ضوئية. فجهاز المحلل الطيفي يحقق في دقيقة ما كان يتحقق في قرن سنة 1962!!

انتهى التنفيذ الفعلي للمحلل الطيفي المتعدد القنوات MCSA في سنة 1992، وتم تركيبه في 12 ديسمبر 1992 بالمرصد الراديوي العملاق لـ Arecibo ببورتوريكو. وسيتم تركيب جهاز الكشف الشعاعي لاحقا على مراصد راديو أخرى. واختيرت في أول الأمر 800 نجمة من النوع الطيفي القريب من الشمس (من نوع G, F وK بتعبير أدق) والواقعة على مسافة أقل من 80 سنة ضوئية. ويقدر زمن الاستماع لكل نجمة بـ20 ساعة وهو زمن كاف لتغطية كل ميدان الترددات المختارة. وفي البداية اتفق على أن يدوم مشروع SETI عشر سنين، لكن الكونغرس الأمريكي علق ميزانية تسيير المشروع (حوالي 100 مليون دولار سنويا) ابتداء من سنة 1995.

بيد أن مؤيدي هذا المشروع لم ييأسوا في إيجاد مصادر تموين أخرى (خاصة)، والدفاع مرة أخرى عن المشروع أمام الكونغرس في السنوات القادمة. وإلى الآن فشلت البحوث، برغم أن عددا من إشارات الراديو ذات الميزات الخاصة هي الآن قيد الدراسة. وفي حالة إنذار صادر عن الباحثين في هذا المشروع فسوف تصوب كل المراصد راديو عبر العالم نحو الاتجاه المعين. وفي حالة إنذار إيجابي ستقوم لجنة من الخبراء (علماء الفلك، علماء الأحياء، علماء النفس...) بتقويم الرسالة ثم يعلن عن فحواها لسكان الأرض عن طريق مجلس الأمم المتحدة.

نذكر في الأخير أن العديد من العلماء يصفون مشروع SETI بأنه "أنثروبي" بنسبة كبيرة وجزافي، ويمثل نافذة جد ضيقة على البحث عن الحياة خارج الأرض. ومن الأحسن مساندة مشاريع أو تجارب ملموسة (فهم تكون الكواكب، النشاط الإحيائي على المريخ..) ومن جهة أخرى، فإن مشروع SETI يعتمد أساسا على معرفتنا لعلم الفلك الراديوي الذي لم يبرز إلا في بداؤة الثلاثينيات.

هل تجاوزنا أجدادنا؟

ومع التقدم الذي أحرزته العلوم في هذا الميدان هل بإمكاننا أن نقول إننا أقرب إلى الإجابة عن ذلك التساؤل الأساسي من أجدادنا؟ صحيح أنه برغم التطورات العلمية ليس بمقدورنا بعد تقديم جواب قاطع، ولكننا صرنا نفهم الموضوع جيدا على الأقل. فنعلم مثلا بأنه لا يمكن وجود أي شكل من الحياة على القمر، وعطارد والزهرة، ومن غير المحتمل بأن تكون هناك حياة حول النجوم العملاقة.

قد يقول البعض إن نتيجة دريك - سيجن قليلة الفائدة. فهي تتنبأ بعدد من الحضارات المتقدمة متراوح ما بين صفر وأكثر من 100 مليون. فإذا كان العدد الحقيقي جد ضعيف فلا جدوى من البحث. بل قد نشكل الحضارة العاقلة الوحيدة في كل المجرة. ولقد رأينا أن العلم لم يستبعد هذا الإمكان ما دامت سيرورة تقدم الحياة رهينة شروط متغيرة. فالحياة نتيجة عدد لا يحصى من العوامل المتتابعة الملائمة. وبالنسبة للبعض لا يمكن إخفاء تدخل "خارجي". وتوافق وجهة النظر هذه الفكرة الدينية من عدة جوانب. فهي أولا : تدعم فرضية وجود إله خالق للكون. وثانيا: فكرة المكانة الخاصة للإنسان في الكون، التي تذهب إلى أن الإنسان هو الغاية القصوى للخلق.

وبرغم أن الفلسفة المعاصرة تتقبل بصعوبة مكانة الإنسان هذه، لأنها تؤدي إلى طرح أسئلة أساسية يصعب الإجابة عنها، فإننا رأينا في السنوات الأخيرة بروز مدرسة فلسفية تجمع أتباع مبدأ وجود الكون من أجل الإنسان (Anthropic Principle) الذي يصب في قالب الأديان وفكرة الله والإنسان. بل إن أحد التنبؤات الممكنة لهذا المبدأ هو غياب أي شكل من الحياة العاقلة في الكون.

ونقول في الأخير إ،ه إذا كان الإنسان هو المعمر الوحيد للكون، فإنه يمثل وعي الخلق وبالتالي يجب فعل أي شيء للحفاظ على الجنس البشري.

وتفترض كذلك نتيجة دريك - سيغن أن عدد الحضارات المتقدمة قد يكون جد مرتفع. ومن المؤكد أن هذا العدد جد بعيد عن التقدير المتفائل لدريك وسيغن (حوالي 100 مليون)، وإلا فإن عددا من الحضارات ستكون جد قريبة منا (بضع سنوات ضوئية فقط). أين سكان الفضاء إذن؟ لا يوجد حاليا أي دليل ملموس يبين مرورهم بجوار الأرض أو عليها. ومن جهة أخرى ونظرا للنشاط الكبير لقنوات الاتصال (تلفزة، إذاعة..)، فإنه يمكن التقاط الأمواج التي تبثها الأرض على بعد عدة سنوات ضوئية (وهو ما يسمى بمجال دايسن). وباعتمادنا على هذه الحجج البسيطة نستنتج بالتأكيد أن عدد الحضارات المتقدمة جد ضئيل، إلا إذا افترضنا أن الحضارات المتوقعة ليست على قدر كبير من التقدم وبالتالي فهي عاجزة عن الاتصال بنا. ويمكن كذلك أن تكون أكثر تقدما منا وأن وسائل اتصالاتهم تفوق تكنولوجيتنا، ويجب أن تساءل كذلك: هل لسكان الفضاء الرغبة في الاتصال أم أنهم يعتقدون أ،÷ لا جدوى من ذلك؟ ولكننا هنا قد دخلنا مجال التخمين المحض. ونقول في الختام إنه إذا تمكنا في يوم ما من تقديم حجج دامغة على وجود سكان الفضاء، فمن المؤكد أن البشرية ستتعرض لتحول ثقافي لا سابق له.

هل سكان الفضاء موجودون أم أنهم غير موجودون؟ أجاب ككوني ومورسن عن ذلك بقولهما: "إذا لم نقم بالبحث فإن وجودهم (بالنسبة لنا) لن يتحقق أبدا..".

 

نضال قسوم