قبّليني

 قبّليني
        

ترجمة: حسين سرور

          ـ ما اسمك، وما عملك؟

          مصطفى... عاطل، فدائي!

          - كيف تعرفت على (مرضية)؟

          كنت على موعد مع صديقي حسن بداية زقاق (فشاري) لنوزع المنشورات، كنا نرتدي ملابس شباب يعاكسون الفتيات ونجلس في بداية الزقاق، وفي اليوم التالي للقائنا في ذلك الزقاق، حيث كنا نتحدث عن طبع المنشورات في أحد الفنادق الشعبية بواسطة جهاز استنساخ يدوي، انتبهنا إلى أن إحدى دوريات الشرطة تتابعنا.

          توقع  صديقي حسن أن تكون السيارة من دوريات (السافاك)(1)، ومن أجل التمويه، أخذ ينظر إلى مجموعة من طالبات الإعدادية العائدات من المدرسة، وقال لي: (انظر إليهن يا مصطفى حتى تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية).

          رفعت رأسي أنظر إليهن في الظاهر، بينما كانت عيناي تنظران في الحقيقة إلى كتابة على الجدار خلفهن (تفريغ بالوعات الصرف الصحي، بسرعة). كأن حياتي الذاتية والرغبة في النضال تطغيان على سائر مشاعري الأخرى.

          ذهبت الفتيات وكذلك السيارة، في حين كان الجالسون فيها لايزالون يحدّقون فينا إلى آخر لحظة. جلسنا على مصطبة أحد الدكاكين، قال حسين: (القماش الناعم أفضل في الطباعة اليدوية من القماش السميك، لأن الحبر ينفذ فيه بسهولة، فالمنشورات السابقة لم تكن طباعتها جيدة). سمعنا صوت توقف سيارة أخرى، رفعت رأسي لأرى هل هي السيارة الأولى، كانت سيارة أجرة تنزل مسافريها، وإلى جانب السيارة كانت هناك فتاة تنظر إليّ، وفي لحظة التقت نظراتنا، ابتعدت الفتاة خطوتين أو ثلاثا ثم اتجهت إلينا مباشرة، كانت ترمقني وكأنها تعرفني منذ زمن، حسن أيضاً انتبه إلى أن الفتاة تتجه صوبنا ثم حوّلت الفتاة كتبها من يدها اليمنى إلى الأخرى، ثم صفعتني على وجهي دون أي مقدمة.

          ارتبك حسن، قالت لي الفتاة: ألا تخجل? لماذا لا تتركني وشأني? سأقول لأبي كي يوقفك عند حدّك.

          نهض حسن وأمسك بيدها، وقال: (لقد أخطأت يا آنسة). أجابت الفتاة: (أأنا التي أخطأت?! منذ شهر وهو يتابعني). قالت ذلك ثم ذهبت.

          كنت مذهولاً بعض الشيء، وقد احمرّ وجهي حتى أذناي من الخجل. قال حسن (هل كانت لك سابق معرفة بها؟) قلت: (لا وحياتك، قد اشتبهت في، هل تصدقني؟) فضحك وقال: (واضح، إن شكلنا يشبه الشباب الذي يعاكس الفتيات).

          لكن قلبي كان مندملاً، قلت لنفسي: قد يتصوّر حسن أنني لاأزال غير مستغرق في النضال، لذلك قلت له: (منذ الغد لن يكون لقاؤنا هنا). فقال حسن: (أتخاف أن تأتي إليك ثانية?). قلت: (لا طاقة لي بهذا الكلام، ألا يوجد مكان أفضل من هذا حتى نتجنب ما حدث).

          كان موعدنا في الغد بداية زقاق (صفاري)، كنا منشغلين بالحديث، فإذا بالفتاة نفسها تظهر ثانية، نظرت إلينا قليلاً من بعيد، ابتعدت خطوتين أو ثلاثا أو أكثر ثم عادت إلينا.

          قلت لحسن: (هذه المرة سأردّ عليها). قال: (اضبط أعصابك)، وقفت الفتاة أمامنا، كانت تحوّل كتبها من يد إلى أخرى، ثم قالت: (لماذا لا تتركني وشأني؟)، نهضت من مكاني واقفاً، أجلسني حسن وقال: (يا آنسة، قلت لك بالأمس إنك مخطئة). قالت الفتاة: (لم أكن مخطئة أبداً، إنه يتبعني دائماً ويقول لي: أعشق عينيك السوداوين، أريـد أن آخذك وأهرب بك بعيداً).

          قلت لحسن: (ألبستني هذه الملابس المشينة.. وهذه النتيجة).

          قال حسن: (اهدأ).

          ثم أخذ الفتاة جانباً وتكلم معها وسرّحها. قلت له: (حسن لا طاقة لي بهذا المحمل الشريف، أنا مستعد لبيع الشمندر الأحمر على عربة كي يمكننا التجوال والكلام بحرية، أما الوضع الحالي، فلا أطيقه من بعد).

          وفي الأيام التالية، كنت أبيع الشمندر ويأتي إليّ حسن على أنه مشتر، فنتحدث في أمورنا ثم يذهب، وفي اليوم الخامس على بيعي الشمندر كبائع متجوّل، جاءت الفتاة، انتظرت حتى أتمّ أحد المشترين أكله وذهب، ثم قالت: (متى تريد أن تأتي لتخطفني وتهرب بي). نظرت إلى عينيها بحدّة وودت لو رميتها بتلك الشمندرات الحارّة، وصببت على رأسها ماء الشمندر الحار. رأيتها تبكي. كان لعينيها سحر غريب، أمسكت بيدي وقبّلتها فأحببتها.

          - تنكر أن علاقتك بها كانت سياسية أكثر من كونها عاطفية؟

          كانت (مرضية)، تدرس الفرع الأدبي، وكنت بالنسبة لها مهماً كأسطورة حب ليلى والمجنون أو (شيرين وفرهاد)(2). لكنني لم أكن قد خلقت لكي أعشق وأحب، كانت مشاهدة أحد المتسولين في الشوارع تؤثّر فيّ أكثر من جمال فتاة، لكنني لا أنكر أنني أيضاً أحببت براءة عينيها. أنا متديّن، كنت أنظر إلى عينيها مكرهاً، لأنني كنت أعلم أن لا زواج في الأمر، لكن عينيها لم تكونا لتدعاني في خيالاتي، كنت أتجنب إثارتها، كانت في البداية تعطيني رسائل غرام فكنت أجيبها بمنشورات سياسية، بعد ذلك كانت تكتب لي منشورات، فكنت أجيبها برسائل غرام، كانت تقول: (الشاه سيّئ لأنه يقف بوجه حبّنا)، فهي لم تكن يوماً سياسية، ولو كنت عضواً في (السافاك) لكانت هي ممن يوالون الشاه، كانت عاطفية رقيقة تحيا في عملها الأدبي بدل الأكل!

          - إذا كانت علاقتك بمرضية عاطفية فقط، ما الذي أوصلها إلى وكركم حتى تُعتقل هناك?

          لم أعطها العنوان، كانت تطاردني باستمرار، وفي أحد الأيام، رنّ جرس البيت (الوكر) فخفت، لأن رفاقي أيضاً لم يكن لديهم عنوان وكري.. جهّزت مسدسي وأخذت موضعاً خلف الشباك، فتكرر رنين الجرس، صعدت إلى السطح لكي أهرب، تصوّرت أن الوكر محاصر من جميع الجهات، أرسلت نظري من حافة السطح فرأيت مرضية تحمل في يدها باقة ورد.

          - هل كانت لكم علاقات غير شرعية في الوكر؟

          كنت قد قتلت مثل هذه المشاعر في نفسي، كانت تلقي بنفسها على قدمي، وداعبت أصابعها شعري مرتين، كانت تقول دائماً: (إنني مغرمة بهذا الشعر الأشعث!)، بين يديكم مجموعة من رسائلنا التي تبيّن نوع علاقتنا.

          - ما الذي يرويه حسن عن معتقل اللجنة الثلاثية لمكافحة التخريب؟

          في اليوم الذي جاءوا بمرضية إلى الزنزانة المجاورة لزنزانتي، لم أكن قد أتممت مرحلة الاستجواب بعد. كنت قد تحملت الكثير من السياط، كانت رجلاي مضمدتين، لم أكن أعرف سبب انكشاف المجموعة، لكنني عرفت بالتدريج أن جميع أعضاء المجموعة أو مَن كانت له علاقة بها، ألقي القبض عليهم. كانت مرضية أبسط أعضاء هذه الشبكة، حتى إنني كنت أعجب لمصطفى كيف استطاع جرّها إلى ساحة العمل السياسي، خاصة مع طريقة التعرّف عليها المضحكة في الشارع. كنت أدرك أن للقضية بعداً عاطفياً أكثر. وقد حذرت مصطفى مرات عدة، فأجابني بأنه (حذر).

***

          كان بودي أن أسأل مرضية عن سبب القبض عليها، لكن وضع السجن لم يكن ليسمح بالحديث ما بين زنزانتين، كانوا يعاقبون حتى الذين يتلون القرآن أو يغنون بصوت مرتفع، لأنهم اكتشفوا تبادل معلومات عن هذا الطريق، فكان الحرّاس يقظين تماماً. وفي زنزانتي الصغيرة التي لم يزد طولها على مترين وعرضها على متر ونصف، كان هناك ثلاثة سجناء آخرين، مضمدة أرجلهم جميعاً، ومن شدّة التعذيب لم يكن بإمكانهم الوقوف عليها، فكنا نحن الأربعة نزحف قعوداً على الأرض، كان الحراس يتناوبون كل أربع ساعات، وكان كل واحد منهم يفتح باب الزنزانات مرّة واحدة لنذهب إلى دورات المياه، كان بعضهم يبدأ من الطرف الآخر للقاعة، فيما يبدأ البعض الآخر من هذا الطرف. ولهذا كانت فترة الذهاب إلى دورات المياه تستغرق أحياناً ثماني ساعات. بينما تعاني الأغلبية من الاسهال بسبب الخوف من الاستجواب الذي كنّا نمر به، وكان أكبرنا سنّاً نحن الأربعة يعاني من مرض الزحاري، لكننا لم نجرؤ على مخاطبة الحرّاس ليسمحوا للشيخ أن يذهب مرة إضافية إلى دورة المياه. الحقيقة أننا قمنا مرّة بذلك، فضربونا نحن الأربعة بالسياط وسط القاعة، لأننا طرقنا الباب بشدّة، لكن مرضية لا تفهم هذه الأمور، فمنذ اللحظة التي جاءوا بها إلى الزنزانة، وبعد أن تعرضت لتعذيب شديد، بدأت تطلب اللقاء بمصطفى .الحارس الأول الذي كان السجناء يسمّونه (حسن الإنجليزي) صاح بوجهها (اخسئي واسكتي)، لكن مرضية قالت له: (أريد أن أرى مصطفى)، فسحبها خارج الزنزانة وأخذ بضربها وركلها، لكنها كانت مصرّة على كلامها، أما الحارس الثاني، فقد أخذها للاستجواب، فعادت وهي تزحف على الأرض، لكنها ما إن وصلت إلى الزنزانة حتى أخذت تنادي مصطفى بصوت أجش، ومهما حاولت إفهامها بوضع السجن لم أفلح. أردت أن أقول لها إن الحرّاس لا يدركون حبّك لمصطفى كما أنهم ليسوا أصحاب القرار هنا. فما مصطفى بالنسبة لهم سوى سجين رهن الاستجواب لم تنتزع معلوماته بعد، كما أنها أيضاً مجرد سجينة أخرى، ولا يمكن لهذين السجينين أن يلتقيا من وجهة نظرهم، إنها لا تدرك وجود عشرات المناضلين المهمين في هذه الزنزانات والمعتقلات الذين لم يتفوّهوا بشيء رغم شدة التعذيب الذي يلاقونه، وإنهم مجبرون على الصمت لكي لا تسوء الأوضاع أكثر.

          على مدى أربعة أيام بلياليها، كان الحرّاس يتغيّرون كل أربع ساعات ولجميعهم مشكلة مع مرضية، كانوا يضربونها، يجرّونها إلى غرفة الاستجواب، لكنها لم تدرك أن عليها ألا ترفع صوتها في قاعة المعتقل، والعديد من الحراس نسوا مرات عدة فتح أبواب زنزاناتنا لنذهب إلى دورات المياه من شدّة غضبهم واصطدامهم معها، فاضطررنا الى ان  نسمح للشيخ بأن يقضي حاجته في الوعاء الذي كنا نأكل فيه، وفي اليوم الخامس، كان دور الحراسة لحسن الإنجليزي مرة أخرى، فتح زنزانة مرضية وقال لها: (ما الذي رأيت في مصطفى حتى تندبينه دائماً؟).

          فأجابته مرضية: (أحبه). فقال حسن الإنجليزي: (لا يحب الإنسان لهذا الحد، وإلا فلماذا لا تحبينني أنا؟)، أجابته مرضية: (لكنك لست مصطفى).

          قال حسن الإنجليزي: (ألا يحب الإنسان إلا من كان اسمه مصطفى?! ماذا فعل لك? هل جاء لخطبتك أم لا؟).

          قالت مرضية: (أنا التي ذهبت لخطبته).

          فقال حسن الإنجليزي: (عجباً، لابد أنك قدمت له مهراً أيضاً!).

          لم نذهب لدورة المياه خلال حراسة حسن الإنجليزي، فقد قضى حسن الإنجليزي ساعات حراسته الأربع يتحدث إلى مرضية، والظاهر أنه استأنس بالحديث معها، للحد الذي قال فيه مرّة: (مستعد أن أقتل نفسي فداء لشخص يتحمّل كل هذا التعذيب ويصرّ على التضحية من أجلي).

          انتهت فترة حراسة حسن الإنجليزي، لكنه لم يذهب وبقي مكانه.كانت الساعة الواحدة ظهراً عندما فتح حسن الإنجليزي زنزانة مرضية التي كانت تجهش بالبكاء، وقال: (مصطفى هذا الذي تحبّينه، هل كان ينوي قتل الشاه؟)، فأجابته مرضية: (لا). قال لها حسن الإنجليزي: (لو جئت به دون علم أحد، هل تسكتين؟).

          فقالت له مرضية: (نعم).

          ذهب حسن الإنجليزي، فخيّم الصمت على أرجاء القاعة، وخمد صوت مرضية. شعرت أن جميع معتقلي القاعة رقم (3) راحوا ينصتون لسماع نهاية هذه القصة.

          قال الشيخ الذي كان معنا في الزنزانة: (إنها تحب مصطفى أكثر من حبّنا للنضال، وهو ما توحي به جرأتها). أما رفيقنا الآخر وهو طالب جامعي، فقال: (كلما أسمع صوت هذه الفتاة أتذكر خطيبتي، لكنني الآن نادم على تلك الخطبة، فلو كان هذا هو الحب، فعلينا أن نعيد النظر في الكثير من أمورنا). وكنت أشعر أن الجميع يحبّون مرضية، وأخذوا ينسون أنهم معتقلون وخاضعون للاستجواب. كنت مسئولاً عن مصطفى في التنظيم، وددت حقاً لو كان هو المسئول، وكنت أنا تحت إمرته.

          قال حسن الإنجليزي: (انتهت فترة اللقاء يا مصطفى، هيا نذهب، ففي ذلك مسئولية عليّ. هناك آلاف الجواسيس في هذه الزنزانات، وأن تقاريرهم تشملنا نحن أيضاً). تضرّعت إليه مرضية أن يبقى مصطفى عندها. لكن حسن سحب مصطفى وأغلق زنزانة مرضية، بعد ربع ساعة، رجع حسن الإنجليزي إلى مرضية وقال لها: (الآن هل رضيت عني؟)، قالت له: (لماذا، هل حلقت شعر رأسه؟). وأجهشت بالبكاء.

          أجابها حسن الإنجليزي: (أأنا الذي حلق شعر رأسه؟)، قالت مرضية: (لابد أنك ألقيت بشعره في سلة الأوساخ؟!)، فأجابها: (وهل تتصوّرين أنني أرسلته ليصنعوا منها باروكة؟).

          فقالت له: (بالله عليك حاول أن تعثر عليه).

          غضب حسن الإنجليزي: (ومن أين لي أن أميّز شعر مصطفى بين الشعر الموجود في سلة الأوساخ؟). قالت مرضية: (أنا أعرفه، لكن أين ذهبت به هو؟).

          قال لها: (في الزنزانة (20) آخر القاعة). قالت مرضية: (لو غنيت فهل سيسمع صوتي؟)، قال حسن الإنجليزي: (لو غنيتي سآخذك للاستجواب). فأجابته مرضية: (هـل سـتأتي لي بـ (مصطفى) لأراه؟). قال لها حسن الإنجليزي: (يا لك من وقحة، أخلاقك تشبه الد...ت)، وبدأت مرضية تغني بصوت مرتفع قصيدة (قبّليني).

          أخذ حسن الإنجليزي يهددها حتى أننا شعرنا أنه وضع يده على فمها لأن صوتها كان يتقطع، كنت غاضباً وشعرت أن ذلك ما يشعر به المعتقلون الآخرون، أردت أن أصيح وأشتم الحراس، لكنني تمالكت نفسي.

          سمعت صوت صفعة حسن الإنجليزي، وارتجّ صوتها عندما قرأت: (في الطوفان اصمد مع الملاحين). لم ينقطع بعدها صوت صفعات حسن الإنجليزي وركلاته، نهضت من مكاني وضربت باب زنزانتي بقوة، شعرت أن جميع الزنزانات  ترتج، لقد شاركنا في ذلك المعتقلون الآخرون.

          ارتعب حسن الإنجليزي، وكفّ عن ضربها، لكن مرضية لم تكف عن الغناء، وفي زحمة أصوات الضرب على الأبواب وصوت شتائم حسن الإنجليزي، سمعت صوت مصطفى وهو يغني مع مرضية (يا فتاتي الجميلة، أنا ضيفك الليلة...).

          صرت أنا أيضاً أغني معهم، ثم تبعنا المعتقلون في زنزانتي، طبعاً تأخر الشيخ عن ذلك قليلاً، ثم سرى ذلك إلى جميع الزنزانات التي أخذت تغني بصوت مرتفع قصيدة (قبّليني).

          في اليوم التالي، صدّق جميع المعتقلين خبر موت مرضية، إلا مصطفى، لذلك أخذ ينادي مرضية من الجانب الآخر للقاعة، ويردد: (قبّليني) دون انقطاع...

قبليني، قبليني..
للمرّة الأخيرة..
مع السلامة
سأذهب إلى المصير
لقد انتهى ربيعنا
وانتهى الماضي
إنني أبحث عن المصير
في الطوفان أصمد مع الملاحين
لابد أن أجتاز الطوفان ببسالة
في منتصف الليل، لي عهد مع رفاقي
أن أضرم النار في الجبال
وأسافر في الليل الحالك
أن أجتاز الطريق المظلم
انظري إليّ يا زهرتي
ولا تنثري حولي الأحزان
يا فتاتي الجميلة!
أنا ضيفك الليلة
وسأبقى عندك
يا فتاتي الجميلة!
من سنا نظرتك
ودموعك الطاهرة
تضاء ليلتي هذه).

          مؤلف هذه القصة هو المخرج الإيراني العالمي محسن مخملباف الذي كان واحداً من أنشط المخرجين ووضع السينما الإيرانية على خريطة السينما العالمية، خاصة بعد قيام الثورة، وأخرج حوالي 50 فيلماً طويلاً وقصيراً عرضت كلها في المهرجانات، وفازت بالعديد من الجوائز. وقد ولد في أحد الأحياء الفقيرة في طهران عام 1951، وترك المدرسة في سن الخامسة عشرة لينضم إلى الجماعات المناهضة لحكم الشاه ووضع في السجن ولم ينقذه من الإعدام إلا صغر سنّه.

          وقد أفرج عنه بعد قيام الثورة، وباشر نشاطه السياسي والفني والسينمائي. له حوالي 28 قصة قصيرة وثلاث روايات وعشر مسرحيات وكتابان في المقالات.

 

محسن مخملباف