إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

تجارة نفايات

يعاني ألمانيا من قلة نفاياتها. الصين تستورد نفايات أمريكية. نفايات أوربا تتحول إلى كنوز في العالم الثالث.

هذه هى بعض العناوين الني طالعتنا بها وسائل الإعلام الدولية خلال الأسابيع الماضية، ونقلت عن ألمانيا أن عدداً من مدنها أعد تشريعات يمنع بموجبها الشركات من تصدير نفاياتها إلى الخارج. وأبرز الأسباب لهذ الترشيد النفاياتي هو أن معظم البلديات في ألمانيا أنشأت مصانع تكلفت مئات الملايين من الماركات لتدوير النفايات وإعادة استخدامها، ولكن المصتع الذي كلف فرانكفورت حوالي 400 مليون دولار يكاد يتوقف حاليا عن العمل،والسبب هو فقدان المواد الأوليه، أي النفايات، وبعد أن تعاقدت المصانع والشركات الألمانية على تصدير نفاياتها إلى مصانع في بلجيكا، مقابل أن تدفع 240 دولاراً - الشركات وليس بلجيكا - عن الطن الواحد. وتقوم هذه المصانع بمفاوضات مع البلديات حالياً بحثا عن أسعار مخفضة باعتبار أن العرض والطلب هو في مصلحة المصانع وليس البلديات.

أما في الصين فقد تسببت النفايات في أزمة مع أمريكا حيث تبين أن أحد التجار الأمريكيين من أصل صيني كاد يستورد النفايات الأمريكية باعتبارها كيماويات يمكن استخدامها وإعادة تدويرها.

ولكن كما اكتشف رجال الجمارك فيما بعد أن هذه النفايات يتم التخلص منها في أراضي الصين بما يلحق ضرراً بالبيئة، ويقول أحد رجال المارك الصينيين: كدت أختنق وأنا أكشف على البضاعة، كانت الرائحة نفاذة، وتبين لى بعد الكشف أن الحاوية تحتوي على "حفاضات مستعملة" للنساء والأطفال .. فهل يمكن تنظيف هذه الحفاضات وإعادة استخدامها؟

أما عن العالم الثالث الذي يبحث عن كنوزه في نفايات العالم الصناعي، خاصة النفايات المشعة أو الملوثة التى تحتاج إلى تكاليف عالية لمعالجتها، فإن آخر الإحصاءات تقول إن هناك مافيا دولية مهمتها تصدير هذه النفايات إلى دول العالم الثالث. وهذه المافيا تتعامل سنوياً بما لا يقل عن 400 مليار دولار. والرقم يبدو من نوعصدق أو تصدق، ولكن عندما نعرف حجم الإنتاج الصناعي في العالم المتقدم وقسوة اللوائح التي تحدد شروط الإنتاج في تلك الدول المسكونة اليوم بهواجس المحافظة على البيئة فإننا نصدق الرم، ولنأخذ نموذجاً بسيطاً : في أمريكا إذا أردت أن تتخلص من احد إطارات سيارتك، وتستبدل به واحد جديدا، فعليك أن تدفع دولارين للتخلص من الإطار القديم. ولكن مافيا الإطارات لا تقوم بإحراق هذه الإطارات بالمصانع أو بإعادة تدويرها، وهو ما يكلفها مبالغ كبيرة من المال، بل تقوم بتصديرها إلى دول العالم الثالث باعتبار أنها "سكند هاند" يعني صالحة للاستعمال، وإذا لم تكم كذلك، فإنه بإمكان البائع في العالم الثالث أن يلقيها أين يشاء: في البر أو في البحر أو في النهر أو حتى في حديقة جاره .. ولن يجد هناك من يحاسبه

هذا عن الإطارات النافعة فما بالك بالنفايات السامة؟

هل نسمع الألمان يصرخون قريباً : نفايات مال الله؟

 

أنور الياسين