الرياضة والصحة

  الرياضة والصحة
        

 شـتـاء بـلا أنـواء

  •  الإصابة بالزكام في الشتاء يسببها أكثر من 200 فيروس، والزكام مستنقع يجمعها ويوزعها.

           كما الأنواء التي تهب على الأرض في موسم الشتاء بالريح والبرد والمطر، تهب على أجساد كثير من البشر جوائح تجعل الرءوس تثقل وجعاً وحمى، والأنوف ترشح وتقطر، والمفاصل تعصف بها آلام عابرة وأخرى مقيمة. وإذا كنا نحصن بيوتنا ضد أنواء الطبيعة في الشتاء، فهل نستطيع تحصين أجسادنا ضد انعكاسات هذه الطبيعة علينا؟

الطريق إلى المناعة

         يجيب عن هذا السؤال الدكتور (كينيث بوك) أحد مؤسسي مركز الطب التطوري بنيويورك والمتخصص في الطب المتكامل وصاحب كتاب (الطريق إلى المناعة) يقول بادئاً إجابته بتساؤل: هل يختزلك طقس الشتاء في مجرد كائن عاطس راشح متوجع؟

         لا تقلق، فثمة فرصة لاجتياز هذا الموسم دون حاجة لزيارة الطبيب. هذه الفرصة يحققها برنامج لتعديل الغذاء وتخفيف الضغوط النفسية، ومن ثم تحفيزالجهاز المناعي للإفلات من هجمات البرد والرشح، أو على الأقل سرعة التعافي إن وقعت في براثن هذه الهجمات.

         بدءا بالغذاء، وحيث إن السكر المكرر صناعياً وكيماوياً الذي نضيفه إلى القهوة والشاي أو نحلي به المياه الغازية والحلوى والأشربة والمربات المحفوظة، يمكن أن يثبط قدرة الخلايا البالعة أو خلايا الدم البيضاء على اكتشاف وتدمير الأجسام المضادة كالبكتريا والفيروسات فيما يعرف بعملية البلعمة، وحيث إن الشحوم المهدرجة والمتحولة الموجودة في السمن النباتي والمخبوزات يمكن أن تتقاطع مع عمليات التمثيل الغذائي الطبيعية فتربك ردود الفعل المناعية، فإن تحاشي السكر والشحوم المهدرجة الضارة، وإحلال بدائل أكثر طبيعية منها في غذائنا كالمحليات الطبيعية (وأشهرها عسل النحل)، والاعتماد أكثر على زيت الزيتون، يمكن أن يحسنا من مقاومتنا لأمراض الشتاء.

         وهناك إضافات غذائية طبيعية يمكنها أن تساعد في إطلاق الخلايا القاتلة الطبيعية التي تعمل كذراع للجهاز المناعي يطال الخلايا المصابة بالفيروسات، وبعضها يرفع نسبة الخلايا التائية التي تنخرط في دور متخصص ضمن ردود الأفعال المناعية وتنتج مواد مضادة للفيروسات كالانترفيرون. ومن أفضل مانعات نزلات البرد التي تحفز جهاز المناعة يأتي عنصر السيلينيوم الموجود في دقيق القمح الكامل، والحبوب، والمأكولات البحرية، وصفار البيض، والكبد والكلاوي، والثوم. وإضافة لتأثير هذا العنصر الحافز لجهاز المناعة فإنه مع فيتامين E يلعب دوراً مضاداً للأكسدة يحافظ على حيوية الخلايا الحية كما أنه مضاد للسموم يواجه مواد ضارة كالرصاص والزئبق. وثمة دور مهم يمكن أن يلعبه فيتامين A ضد أمراض الشتاء أيضاً، وهو موجود في البرتقال مع فيتامين C المهم، وفي الجزر والطماطم وزيت السمك.

         أما الثوم فهو صديق مخلص للجسد ضد أمراض الشتاء، ليس كمجرد حافز للجهاز المناعي بل أيضا كمضاد للجراثيم ومطهر ومزيل لاحتقان الأنف إذا مسحت فتحات الأنف من الخارج بقليل من عصارة فصوصه الطازجة.

         وفي حال الوقوع في قبضة أمراض البرد فعليا، فإن كل ما سبق يخفف الأعراض ويعجل بالشفاء.

         بالتوازي مع تعديل برامج التغذية ثمة سلاح طبيعي آخر ضد أمراض الشتاء هو فهم العلاقة بين العقل والجسم وتوظيفها من أجل المقاومة.

         فمعاناة الضغوط النفسية المزمنة تحبط عمل الجهاز المناعي بإفراز هرمونات الضغوط مثل الكورتيكوستيرويدات. فالضغوط تمنع الخلايا الليمفاوية ـ التي تعتبر مفتاح الجهاز المناعي ـ من الانقسام والتكاثر في مواجهة دخيل كالفيروسات، كما أنها تضعف نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية، وكل هذا يجعلك عرضه أكثر للإصابة بأمراض الشتاء. أمام ذلك فإن التعامل بتسامح ومقاربة أمور الحياة في صعودها وهبوطها بنفس راضية وفعل شريف وتسليم ما هو خارج قدرتنا البشرية لله صاحب القدرة يشكل دفعاً بأجسادنا إلى مقاومة أفضل.

 حكمـة البرتقـال

         من يعرف كفاية عن البرتقال يدرك عمق الحكمة في وجوده، وفي موسم الشتاء تحديداً، فكأن الله قدر الشتاء بما فيه من يسر وعسر، ولطف بالبرتقال بما فيه من فائدة وطعم. ومن حسن حظنا في العالم العربي أن بلادنا العربية الملتفة حول جنوب المتوسط وشرقه وتلك التي تظاهرها حتى عمق الصحراء، هي ساحة يجود فيها البرتقال بأثمن أنواعه في العالم ويسخو بأثمان زهيدة بين أيدينا حتى يحسبه كثيرون فاكهة الفقراء رغم غناها المذهل.

         بداهة وبداية، البرتقال هو أحد أفراد عائلة الحمضيات، وهو فاكهة شبه استوائية فكأنه يأخذ صفاته من الجنوب ويتحلى ببعض صفات الشمال. قشرته عصية على الهضم لهذا يحسن تقشيرها قبل الالتهام أو العصر والحفاظ على الجلد الأبيض تحت القشرة الملونة لاغتنائها بالـ (بيوفلافونويدز) أو فيتامين P، كما أطلق عليها المجري الحائز جائزة نوبل ومكتشف فيتامين (ج) الدكتور البرت جيورجي. ووجود البيوفلافونويدات مع فيتامين ج بجعلهما يقويان الشعيرات والأوعية الدموية، ويدعمان مقاومة الجسم لأمراض الشتاء بتأثير النشاطات المناعية ضد الفيروسات والبكتريا وضد التحسس كما تحتوي الحمضيات على فيتامين (أ) أيضا وإن بنسبة أقل.

         البرتقال هو أشهر حمضيات الفواكه وأكثرها قبولاً لدى الناس. وعصيره الطازج أكثر فائدة من المعلب الذي يتعرض للبسترة التي تقتل الإنزيمات كما أن فيتامين (ج) الطبيعي تتلاشى فعاليته بعد وقت قصير فيضطر المصنعون إلى إضافة فيتامين (ج) صناعي إلى معلبات عصائر البرتقال. ويظل الطازج أفضل وأفعل.

         في عصير البرتقال كنز من فيتامين (ج) والفلافونويدات إضافة لفيتامين (ب) المركز وعناصر البوتاسيوم والزنك والفوسفور والسكر الطبيعي. وشربه طازجا ونقيا يمد الجسم بمغذيات متوزانة تحمي من البرد والرشح ونوبات القلب والسكتات الدماغية كما أن احتواء هذا العصير على مضادات الأكسدة يطيل عمر خلايا الجسم ويحميها من انهيارات الشيخوخة الناتجة عن تأثير الشوارد الحرة والسميات.

         ورغم أن برتقال كاليفورنيا الأمريكي خال من البذور، وبرتقال اليابان النادر الحبة منه بحجم حبة الكرز وتؤكل بكاملها، يظل برتقال فلسطين (اليافاوي) هو أزكى أنواع البرتقال الفاخر برغم أن إسرائيل تسوقه في العالم باسمها بعد أن نزعت عنه اسمه الحقيقي، فالبلطجة لم تستثن حتى اسم البرتقال!

         يقطف البرتقال بدءاً من شهر أكتوبر ويظل يجود حتى شهر أبريل وأفضل أنواعه المستدير ذو القشرة الرقيقة الملساء التي تنم عن اغتناء قلب الحبة بالعصير علي عكس خشنة وسميكة الجلد فهي كثيرة الليف قليلة العصير.

         يحتوي البرتقال على 88 % ماء، و 0.5% بروتين و11% نشويات ونسب الفيتامينات فيه هي: 50 ج، 0.1 ب1، 04ر0 ب2، و 0.15 كاروتين.

         إضافة للتأثيرات الوقائية من أمراض الشتاء السابق ذكرها يمثل البرتقال أحد المهضمات المهمة في تأثيره الحمضي الداعم لنشاط المعدة، وهو غذاء صحي في حالات الحميات خاصة حمى الأمعاء (التيفوئيد). وهو يحمي الأسنان من النخر.

         وكان عصيره يوصف قديما لإيقاف قيء الحامل. وكانت أوراقه وأزهاره تستعمل لتخفيف آلام الرأس والخفقان وملاشاة الأرق والتوتر. وقيل إن مربى قشر البرتقال مفيدة في حالات الإمساك وأمراض الكبد، وشرابه مع الماء الحار يفيد في حالات الزكام والانفلونزا، ومحروق قشر البرتقال يمتص روائح مازوت التدفئة ودخان السجائر في الغرف المغلقة.

         استخدامات كثيرة، لكننا نوصي منها بما يمنح التأثيرات الواقية والشافية عبر الطازج من عصيره والتهامه كاملاً وهو أفضل إذ يضيف عبر أليافه فوائد تحريك الأمعاء وسرعة التخلص من الفضلات وامتصاص فيتامين (د) فيؤدي بذلك أدواراً إضافية مضادة للسرطان والإمساك وترقق العظام مما ذكرناه في عددنا السابق عن فوائد الألياف الغذائية في الأطعمة النباتية.

تمـرين

         لتقوية عضلات الفخذ الأمامية (رباعية الرءوس)، لف وسادة رمل (تباع في محال الأدوات الرياضية) وزنها 10 أرطال حول رسغ القدم، واجلس مستقيماً على مقعد يسمح بوضع القدمين مستريحتين على الأرض، ارفع احدى القدمين حتى تصبح الساق مفرودة عند الركبة وفي وضع أفقي، ثم اهبط بالقدم بطيئاً إلى وضعها الأول على الأرض، وكرر التمرين بالساق الثانية، وأعد التمرين 15 مرة لكل ساق. ويمكن أداء التمرين دون أثقال وسائد الرمل، لكن في هذه الحال يستحسن تثبيت الساق عند رفعها إلى الوضع الأفقي بضع ثوان دون حد الاجهاد.

8 خطوات لسلامة الرُكب

         لا شيء يصرخ داخل أجسادنا من برد الشتاء مثل الركب المصابة بالتهاب المفاصل العظمى OSTEOARTHAITIS والتهاب المفاصل عموما ARTHRITIS يعتبر من أسباب المعاناة الشائعة في فصل الشتاء ومع الإقلال من الحركة الذي يستسلم له الكثيرون في هذا الفصل تغدو المعاناة مضاعفة. حتى أن التهاب المفاصل صار السبب الأول للإعاقة بين كبار السن في الولايات المتحدة كما أنه السبب الأكبر وراء الاستخدام المفرط للأدوية المكافحة للألم مثل الأسيتامينوفين ومضادات الالتهاب غير الاستيرويدية التي لا ينبغي تناولها إلا بوصفة طبيب ولفترات محدودة، فالاستخدام الطويل لهذه الأدوية يمكن أن يسبب نزيف وقرح المعدة والأمعاء.

الخروج من القفص

         ولأجل الخروج من قفص التهاب المفاصل الأليم توجهت مجلة الصحة الوقائية الأمريكية ببرنامج لتخفيف معاناة مصابي هذا الالتهاب يتكون من ثماني نصائح هي:

         1ـ خفف عبء وزنك: فالتخلص من بضعة أرطال من وزنك، والتي تساوي بضعة كيلو جرامات أقل، لابد أن تكون على رأس قائمة أولوياتك الصحية. فبموجب دراسات الميكانيا الحيوية التي باشرها الدكتور دويت كوني مستشار جمعية التهاب المفاصل بأطلنطا ثبت أن كل رطل زائد من وزن الجسم يشكل 8 ـ 10 أمثاله ثقلاً على مفاصل الركبتين والرسغين والحوض. ومن ثم فإن التخلص من 5 أرطال (2 كيلوجرام) من الوزن الزائد يعتبر تخفيفاً لضغط كبير على المفاصل وبالتالي تقلل كثيرا من الألم الذي يسببه هذا الضغط.

         2ـ نظف مفاصلك وغذها: جرب المشي ـ هذا ما تقول به الدكتورة ماريان مينور الأستاذة بمدرسة الصحة بجامعة ميسوري ـ فإضافة إلى فائدة تقليل الوزن يقوم المشي حرفيا بتنظيف وتغذية مفاصل القدمين والركبتين والحوض، فالغضاريف في تلك المفاصل ليس لها إمداد دموي خاص، ومن ثم تعتمد على ميكانيكية حركة المشي لتخرج ما بها من (عوادم) بالعصر، وبين الخطوة والخطوة تسترخي الغضاريف كأسفنجة فتمتص مغذيات جديدة من السائل المحيط بها في محفظة المفصل.

         جرب المشي إذن، أربع أو ست مرات أسبوعياً بشكل معتدل ومقياس هذا الاعتدال أن تظل قادراً على المحادثة مع زميل يمشي إلى جوارك، أو تظل قادراً على الغناء ـ !! ـ وأنت تمشي دون أن تتقطع أنفاسك. والمطلوب هو مراكمة 30 دقيقة من رياضة المشي يومياً. ولا بأس من تقسيم هذه الدقائق لتصير 10 دقائق من المشي ثلاث مرات يوميا.

         3ـ ابن عضلاتك: فبناء العضلات يمنع آلام المفاصل لأن العضلات القوية تحمي المفاصل، فهي تمتص الصدمات الموجهة إلى المفاصل أثناء الحركة أو الحمل، كما أنها تدعم ثبات هذه المفاصل. ولقد بينت إحدى الدراسات أن ضعف عضلات الفخذ الأمامية (رباعية الرءوس) يمكن أن تكون سبباً في نشوء وتفاقم التهاب مفصل الركبة. وفي هذا تقول مصممة لتمارين اللياقة عمرها 70 عاماً واسمها بيجاي جانيجا وهي أمريكية من أصل هندي: (كنت أعاني من التهاب المفاصل في سن 45 عاماً، لكنني منذ انخرطت في تمارين الرقص لم أعد أعاني الآلام القديمة، اللهم إلا عندما أقوم بقفزات عالية)!

         4ـ وسع حدودك: أي حرك مفاصلك لتبلغ مداها الطبيعي من الانبساط والانطواء فتبعد عنها التيبس المسبب للألم، وهنا يحسن الحصول على هذه التمارين عبر مختص بالعلاج الطبيعي أو مدرب لتمارين تاي شي الصينية أو اليوجا الهندية. وفي حال تعسر ذلك يمكن التمطي ببطء مع زيادة مدى التمطي في كل مرة وفي اتجاه الحركة الطبيعية للمفاصل.

         5ـ لاطم الماء برفق: يقول روجرسيزور ـ 78 عاما ـ الذي جرب فوائد العلاج بالماء وصار خبيراً فيه: (العلاج بالماء هو تدليك سائل للمفاصل المتألمة). في هذا العلاج تدفأ المياه حتى درجة 80 فهرنهيت، وهي قريبة من الدفء الذي يجعل الإنسان يحس بأن عضلاته تسترخي، عندئذ قم بتمارين تليين العضلات وتقويتها. ولا تنس أثناء ذلك أن تدعم مفاصلك بأربطة ضاغطة مناسبة.

         والعلاج بالماء ينبغي أن يكون تحت إشراف مختص، لكن لا بأس من القيام بتمارين بسيطة في ماء دافئ (بالبانيو) في حمام المنزل مع الانتباه إلى تدرج الانتقال من دفء الماء إلى برودة المنزل خاصة في الشتاء.

         6ـ اكسب اصدقاء جدداً: والمقصود هو أصدقاء مما يسمى في أمريكا (جمعيات من يمكنه المساعدة) (WCH)، حيث يتصادق الإنسان مع آخرين عانوا مما يعانيه أو يهتمون بما يعانيه. لكن اكتساب الأصدقاء والاحتفاظ بهم ـ في كل الأحوال ـ يمنع الشعور بالعزلة وانقطاع العون اللذين يفاقمان الشعور بالألم.

         7ـ ليساعد عقلك جسدك: مارس كل ما يتضمن الاسترخاء العميق كاليوجا أو حتى التأمل، فالاسترخاء العميق يساعد على تخفيف الآلام المزمنة لأن له تأثيرا مباشرا لإرخاء العضلات المشدودة التي تضاعف آلام المصابين بالتهاب المفاصل.

         هذا ما يؤكده الدكتور دينيس تورك أستاذ التخدير وأبحاث الألم بجامعة واشنجتون بسياتل. كما أن التركيز في تمارين الاسترخاء العميق يجـعل الإنسان يركز على ما يؤديه من تمارين بدلاً من التركيز على الإحساس بالألم.

         8ـ احم مفاصلك: وأفضل ما يمكن أن تحمي به مفاصلك التي تتحمل أثقال جسدك، كالركبتين والقدمين والحوض، هو أن ترتدي أحذية رياضية أو طبية جيدة التوسيد تمتص الصدمات.

 

محمد المخزنجي   

 
 




الزحام أكبر مصدر للعدوى وانتقال الفيرسات الميكروبات بين بني الانسان





التهام البرتقال كاملا بعد تقشيره أفضل من شرب عصيره





تقوية عضلات مقدمة الفخذ تحمي الركبة





المشي هو الوسيلة الوحيدة من أجل تنظيف مفاصلك وتخفيف وزنك