خارج السيطرة عامر ذياب التميمي

خارج السيطرة

هل أصبح الاقتصاد العالمي خارج سيطرة السياسيين؟ قد يكون هذا السؤال من أكثر الأسئلة محورية خلال السنوات القليلة المتبقية من هذا العقد أو هذا القرن، لم يعد بالإمكان التحكم بمعدلات النمو أو مستويات التضخم أو مستويات البطالة، وقد يكون للتطورات التكنولوجية المتسارعة دور رئيسي في الوضعية الحالية التي يتميز بها الاقتصاد الدولي.

إن الافتراضات الكمية والنوعية قد لا تأخذ بعين الاعتبار إمكانات التحسن في الأداء الناتج من التحديث التكنولوجي، ولذلك فإن علم الاقتصاد قد يتطلب مراجعة شاملة بحيث يواكب ما حدث خلال هذا القرن من تحولات، وخصوصا في العقود الأخيرة. فلم يعد بالإمكان استخدام أدوات القياس التي طورت في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر أو العقود الأولى من القرن العشرين.

من أهم العناصر التي تأثرت، من حيث القدرة في العملية الاقتصادية، دور الدولة في تحديد المسار الاقتصادي. كما هو معلوم فإن الإدارات السياسية في الدول الرأسمالية تتدخل بقوة عندما ترى أن هناك انكماشا أو ركودا يمكن ان يتحول إلى كساد مزمن، وتستخدم هذه الإدارات ما يطلق عليه بالأدوات المالية مثل: زيادة الإنفاق أو تقليص الضرائب بمختلف أنواعها وإجراء تعديلات تشريعية على القوانين لتحفيز نشاط أصحاب رءوس الأموال. وقد اتبعت هذه الوسائل في اليابان خلال السنوات الأخيرة ورصدت عشرات البلايين من الدولارات لتنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة ودفع المستهلكين لزيادة إنفاقهم الشخصي والعائلي، لكن النتائج - حتى الآن على الأقل- لم تبين مردودا مناسبا يوازي التكاليف المالية الحكومية. ولم تبخل إدارتا الرئيسين ريغان وبوش في الولايات المتحدة خلال اثني عشر عاما من حكمهما باستخدام الأدوات المالية، خصوصا أداة تخفيض الضرائب، لإنجاز التحفيز المنشود، إلا أن النتائج كانت متواضعة في أغلب الأحوال.

مطلوب فكر اقتصادي حي

ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي تواجه العالم اليوم بعد نهاية الحرب الباردة، قد تتطلب فكرا اقتصاديا حيا يمكن أصحاب القرار ورجال الأعمال من الوصول إلى نماذج اقتصادية قادرة على الحيوية والنشاط، وقد مر النظام الرأسمالي العالمي في فترة الثلاثينيات من هذا القرن بأزمة حادة تم تجاوزها بفضل العديد من العوامل وجاءت ظروف الحرب العالمية الثانية لخدمتها. بيد أنه يجب عدم إغفال دور الاقتصادي البريطاني جون ميراند كينز الذي تجاوز النظرية الرأسمالية الكلاسيكية وحدد أساليب جديدة للمعالجة وأهمها استخدام أدوات الإنفاق الحكومي العام. في ذلك الحين كان الكساد- ومن نتائجه البطالة السافرة- من أهم الأسباب التي دعت إلى التفكير مليا في الأوضاع الاقتصادية، وتجاوز أدوات المعالجة التقليدية، لذلك فقد استخدمت الأموال العامة في إقامة مشاريع تهدف أساسا لخلق فرص عمل وتوسيع دائرة الإنفاق، وبذلك تمكنت الحكومات في الدول الرأسمالية الكبرى من تجاوز أزمة كان يمكن أن تعصف بالنظام، خصوصا، أن الحركة الاشتراكية في ذلك الحين كانت قوية ومؤثرة في الأوساط الثقافية وفي تجمعات العمال والكسبة.

بيد أن الظروف الراهنة تختلف كثيرا عما كان سائدا في ثلاثينيات هذا القرن، ففي الكثير من الدول الصناعية تواجه الحكومات عجوزات مزمنة في الموازنات وتضطر للاقتراض من الأسواق المالية لتمويل التزاماتها المتعددة، ولذلك يصبح التوسع في الإنفاق العام كابوسا ثقيلا على الحكومات، بل إن هذه الحكومات تعمل في الوقت الراهن على تخصيص العديد من المرافق التي كانت، حتى في ظل الرأسمالية، ملكية عامة للدولة ومنها مرافق الطرق والخدمات الكهربائية والمواصلات والاتصالات وبعض مرافق العلاج والتعليم، وإذا كان العديد من المرافق المذكورة مملوكا من القطاع الخاص في الولايات المتحدة، فالحال ليس كذلك في الدول الأوربية.

ويضاف إلى تلك المرافق ومسألة تخصيصها أن هناك عوامل سوف تدفع نحو المزيد من تقليص الإنفاق العام، وعلى سبيل المثال فإن نهاية الحرب الباردة قد بدأت في تحفيز الحكومات على وضع حد للإنفاق الكبير على التسلح والمؤسسات العسكرية، وتقليل أعداد العساكر، وإغلاق القواعد العسكرية المحلية والخارجية.. ولا ريب في أن هذا التوجه سينجم عنه انخفاض في الطلب على الأعتدة والمعدات والأسلحة من قبل المؤسسات العسكرية في هذه الدول ويدفع الجهات المنتجة إلى إعادة النظر في خططها وبرامجها وأعداد العاملين فيها، وبذلك يدفع بعض هؤلاء العاملين إلى جيوش العاطلين. ولن يكون أمام هذه المنشآت العاملة في الصناعات العسكرية، إلا تنويع قواعدها وخطوطها الإنتاجية كي تتمكن من الاستمرار، والحفاظ على قدرتها في تحقيق الأرباح المناسبة لمساهميها.

من جانب آخر كانت السياسة النقدية في الدول الرأسمالية من الأدوات الحيوية للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية المتغيرة. ففى الوقت الذي يحدث فيه انكماش وركود تقوم البنوك المركزية بتخفيض أسعار الخصم ومن ثم أسعار الفائدة للأجلين القصير والطويل من أجل تحفيز رجال الأعمال على الاستثمار وتمويل مشاريعهم عن طريق الاقتراض بأسعار معقولة. كما أن السلطات النقدية تعمل على تقليص الأموال في قنوات الاقتصاد عندما تبرز ظاهرة التضخم، ولقد حاولت مختلف الدول الصناعية استخدام الأداة النقدية المذكورة لتحفيز النشاط الاقتصادي، خلال السنوات الماضية، بيد أن ما حدث هو أن الأموال التي توافرت للمستثمرين وظُّفت لاقتنَاء أسهم الشركات أو السندات المدرجة في الأسواق المالية، مما يعني اقتناء أصول موجودة ولذلك لم يحدث ذلك التوسع المنشود في القطاعات الإنتاجية والخدمية، والذي ينتج عنه خلق فرص عمل، ويخفف من ضغوط البطالة وما ينتج عنها من تكاليف على الخزينة العامة في هذه البلدان، أو ما يترتب عليها من معضلات سياسية للإدارات الحاكمة.

المأزق المهم في السياسة النقدية هو تحقيق التوازن المعقول بين التضخم والبطالة، حيث إن تخفيض سعر الخصم ومن ثم سعر الفائدة قد يؤدي إلى التضخم، لكن رفع السعر ربما ينتج عنه بطالة، ولقد برزت ظاهرة جديدة خلال السنوات المنصرمة وهي أنه بالرغم من انخفاض سعر الخصم إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة، إلا أن معدلات التضخم لم ترتفع كثيرا، فمثلا كانت الفائدة لفترة ثلاثة شهور على الأموال المقترضة بالدولار الأمريكي في حدود 3.2 في المائة في نهاية الربع الثالث من العام الماضي في حين كان معدل التضخم 3.2 في المائة أيضا في العام المذكور، مما يعني أن التكلفة الحقيقية للأموال قصيرة الأجل تعادل صفرا، وهذا الأمر يؤكد أن التكاليف المنخفضة للأموال لم تحفز المستهلكين والمنتجين على زيادة الإنفاق والاستثمار ومن ثم لم يحدث تضخم في أسعار السلع والخدمات بمختلف أنواعها، بشكل يؤدي إلى فزع سياسي. لكن معدلات البطالة ظلت تحوم بين 6.5 إلى 7 في المائة، وهي نسبة لا تثير القلق، إلا أنها جديرة بالاهتمام خصوصا في ضوء عمليات إعادة الهيكلة الجارية في العديد من المنشآت الصناعية الكبرى، وفي ظل التكاليف الاقتصادية لبرامج التعويضات الخاصة بالعاطلين.

الوظائف أم الأجور؟

ولقد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تستحق التوقف، وهي أن النقابات العمالية النشطة في مختلف القطاعات أخذت تركز في مفاوضاتها على حماية العاملين من الفصل بدلا من المطالبة بزيادة الأجور. ولقد أدت ظروف الركود إلى تراجع المطالبات وأصبحت مسألة الحفاظ على الوظائف أهم من كل زيادة في الأجر. من جانب آخر، حدث تحول في مقاييس البطالة المناسبة، فقبل سنوات كان معدل الخمسة في المائة من العمالة كنسبة للبطالة هو المقبول أما اليوم فإن الدول الأوربية تتحدث عن معدل العشرة في المائة.

هناك أيضا حديث في بعض الدول الأوربية لمواجهة أزمة البطالة من خلال تقصير أسبوع العمل من خمسة إلى أربعة أيام وتخفيض الرواتب والأجور، بحيث يصبح هناك إمكان لاستيعاب عدد أكبر من العاملين وضمن تكاليف محتملة من قبل الشركات والمنشآت.

وتشير هذه التطورات الاقتصادية الناجمة عن الركود إلى إمكان حدوث تحولات وتبدلات في القيم المجتمعية، وتغيرات في الأعراف الاجتماعية السائدة.. لقد كان من نتاج التحولات الصناعية في أوربا وبقية الدول الصناعية منذ بداية هذا القرن أن أصبح نمط العائلة هو العائلة النووية الصغيرة، التي ينحو فيها الأبوان إلى إنجاب عدد محدود من الاطفال الذين لا يتجاوزون الثلاثة. لكن السنوات الأخيرة أضافت ظواهر اجتماعية جديدة مثل تأخر سن الزواج لدى المرأة، بعد انخراط الكثير من الإناث في سوق العمل، وكذلك تأخير الإنجاب بعد الزواج، لذلك فإن معدلات الإنجاب انخفضت كثيرا، وأصبح معدل النمو الطبيعي فى العديد من البلدان الصناعية لا يتجاوز الصفر. بيد أن التطورات الأخيرة قد تضيف ظواهر اجتماعية أخرى ومنها العزوف التام عن الزواج أو التوقف عن الإنجاب لكي لا يتحمل الأبوان التكاليف المتوقعة لرعاية الأطفال وتربيتهم.

يضاف إلى ما سبق ذكره أن موارد التأمينات الاجتماعية أصبحت تعاني من الانخفاض نتيجة لزيادة أعداد السكان الذين تجاوزوا سن التقاعد، في ذات الوقت فإن أعداد العاملين الذين يؤدون أقساط التأمين تتناقص بفعل التغيرات الاقتصادية والديمغرافية.. ولا شك أن هذه المسألة ستكون من القضايا الشائكة التي ستواجهها الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وعدد آخر من الدول الصناعية التي تعاني من عوامل مشابهة، فهل ستضطر الحكومات إلى زيادة الضرائب لتوفير الأموال اللازمة والكافية لتغطية معاشات التقاعد، وتوفير مخصصات للتأمينات الاجتماعية ورعاية المسنين صحيا؟ يبدو أن هذا الاحتمال هو أكثر الاختيارات واقعية أمام حقائق الماليات العامة في تلك الدول الصناعية، وإذا كان واقع الدول الصناعية المتقدمة يدل على صعوبات اقتصادية واضحة فماذا هو الحال في العالم النامي؟ لا بد من التأكيد على حقيقة وهي أن العالم بأشمله أصبح يمثل وحدة اقتصادية متكاملة، هناك أطراف تتمتع بظروف أفضل من الأطراف الأخرى، وهناك بلدان تتوافر لديها إدارات اقتصادية جيدة، في حين تعاني بلدان أخرى من سوء الإدارة. إلا أنه من المؤكد أن بلدان العالم الثالث أو الدول النامية تعاني من صعوبات اقتصادية شديدة الوطأة قياسا بما تعانيه الدول الصناعية.

الاقتصاد وافتقاد الديمقراطية

لا تقتصر معاناة الدول النامية على البطالة، أو انخفاض معدلات الاستثمار في المشاريع الجديدة، لكن هناك مشكلات هيكلية لا يمكن تجاوزها خلال العقود القادمة دون إصلاحات رئيسية وقد تكون مؤلمة. ومن أهم المعضلات التي تواجه معظم الدول النامية عدم توافر المناخات الديمقراطية التي توفر الإشراف على الأداء الاقتصادي بصورة فاعلة.. قد تكون بعض الدول الآسيوية وعدد من دول أمريكا اللاتينية قد قطعت أشواطا جيدة في تعديل التركيبات السياسية لتتلاءم مع الإصلاحات الاقتصادية المنشودة ومن ثم توفير الرقابة السياسية الضرورية، بيد أن الكثير من بقية دول العالم الثالث لا تزال تعاني من ديكتاتوريات غاشمة، وإدارات فاسدة.

هناك أيضا معضلة النمو السكاني الرهيب في هذه الدول التي لا تسمح بتحسين ظروف المعيشة فيها حيث لا يتواكب النمو الاقتصادي مع الزيادة السكانية المطردة. وإذا كانت عوامل نمو البطالة في الدول الصناعية ناجمة من التطور التكنولوجي وتبدل أساليب الإنتاج بما يخفف الحاجة للعمالة البشرية، فإن عوامل النمو السكاني في الدول النامية تساهم في زيادة طوابير الراغبين في الحصول على العمل دون أن تتفتح فرص جديدة أمامهم لقصور قدرات برامج التنمية.

لقد جاءت ظروف الدول النامية فى السنوات الأخيرة لتعقد عملية التنمية بشكل يثير اليأس أحيانا.. فلقد تدهورت أسعار المواد الأولية التي اعتمدت عليها لسنوات طويلة من أجل توفير موارد مالية لمواجهة التزامات تلك البلدان، كذلك فإن توسع الإدارات الاقتصادية في البلدان المذكورة في الاقتراض من الأسواق المالية الخارجية أدى إلى تراكم ديون كبيرة لا تستطيع مواجهتها دون إهمال متطلبات التنمية، لذلك تعجز البلدان الإفريقية وعدد من الدول الآسيوية وأخرى من أمريكا اللاتينية عن تحقيق تطورات في برامج التنمية بسبب تلك العوامل.. ولهذا تضطر هذه الدول إلى الاستعانة بمؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير من أجل مساعدتها على إصلاح أوضاعها المالية والاقتصادية وتمكينها من مواجهة معضلاتها المزمنة.

مأزق التمويل الدولي

وقد لا يتمكن العديد من دول العالم الثالث من مواجهة متطلبات التنمية وتسوية التزامات الديون الخارجية في آن، وربما يتطلب الأمر أن يوفر العالم المتقدم أموالا طائلة لدعم الاقتصادات النامية وتمكينها من النمو وتحسين عوامل المعيشة. لكن هل يمكن للدول الصناعية في ظل أزماتها وعجز موازناتها أن توفر الأموال، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر عن طريق مؤسسات التمويل الدولية، لمساعدة الدول النامية؟ هناك الآن مطالبات سياسية لتقليص الأموال المخصصة للمساعدات والمنح والقروض الميسرة في الكثير من المجالس النيابية في الدول الصناعية، ويثير هؤلاء أن الأموال يجب أن تخصص لتطوير المشـاريع والبنى التحتية في مدن وقرى بلدانهم، بدلا من أن تدهب إلى بلدان بعيدة، بيد أن هذه المواقف السياسية، بالرغم من وجاهة بعضها، تفتقر إلى النظرة الشمولية حيث إنه مثلما ذكرت أن العالم أصبح وحدة اقتصادية متكاملة لا يمكن إهمال جزء منه دون التأثير على بقية الأطراف، ولا شك أن هناك مصلحة للعالم الغني في مساعدة الدول الفقيرة لمواجهة عوامل الضعف الاقتصادي الهيكلي لديها.

قد يقول البعض إنه يجب إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة في الدول النامية حتى يمكن تبرير دعمها اقتصاديا. ذلك قول حكيم، ولكن لا يمكن القبول بمقولات العزلة وعدم الاكتراث بما يجري في أي دولة من دول العالم، وإذا قررت الدول الصناعية أن توقف مساعداتها لهذه الدول النامية، وإذا توقفت تدفقات المساعدات والمعونات والقروض الميسرة فإن إمكانات التطرف السياسي وعدم الاستقرار ستصبح مؤكدة، ولن تستطيع دول العالم الصناعي وضع حد لها من خلال دعم الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان النامية سياسيا وعسكريا.. بل إن الدول الصناعية قد تشهد موجة من الهجرات من العالم الثالث لن تتمكن من وقفها دون أن تتجنى على قوانين وقيم حقوق الإنسان التي تتبناها.

الركود ومخاوف الكساد

ويبدو الآن أن العالم ما زال بعيدا عن وضع تصورات عقلانية وواقعية للمعضلات التي تواجهه، ويتطلب الأمر تسخير أفضل العقول البشرية للمساعدة في رسم البرامج الاقتصادية والسياسية من أجل وضع حد للركود قبل أن يتحول إلى كساد قد لا نتمكن من مواجهته أو تحديد مدته.. لقد تحدث العديد من المفكرين الاقتصاديين عن أرباح السلام بعد نهاية الحرب الباردة، وحلموا بعالم يستفيد من موارده من أجل بناء التنمية في ظل السلام، لكن هذا الأمل ما زال بعيد المنال في ظل التداعيات الاقتصادية في السنوات القليلة المنصرمة.. وقد نتساءل: هل أصبحت الأمور خارج السيطرة بحيث لا يستطيع العالم مواجهة أزماته ووضع حلول لها؟!.

 

عامر ذياب التميمي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات