السفر إلى الفضاء .. والاتصال بالحضارات الأخرى أحمد مدحت إسلام

هل سيصبح السفر في الفضاء وسيلتنا للاتصال بالحضارات الأخرى- إن وجدت- في هذا الكون الرحيب؟ سؤال داعب الخيال البشري، وصار يتلمّس الواقع.

التحليق في الهواء والسفر في الفضاء حلم قديم من أحلام البشر.

وقد تعددت محاولات الإنسان في هذا المجال منذ زمن بعيد، نذكر منها محاولة "إيكاروس" الذي صنع لنفسه أجنحة من الريش، وثبتها بواسطة الشمع، ولكن الشمع ذاب فانحلت الأجنحة وسقط هو في البحر. كذلك كانت هناك محاولات "عباس بن فرناس"، وتجارب "ليوناردو دافنشي" وغيرها، وهي التي أدت في نهاية الأمر إلى نجاح محاولات" إخوان رايت" الذين كان لهم سبق التحليق في الهواء. وقد مهدت تجربة "إخوان رايت" الطريق للانطلاق في الجو، فظهرت بعد ذلك الطائرات المروحية، ثم الطائرات النفاثة، ثم الصواريخ ذات الدفع الذاتي التي استطاعت أن تتجاوز الغلاف الجوي للأرض، وأن تنطلق إلى الفضاء الخارجي.

عبر خيال الأدباء

وقد امتزج موضوع السفر في الفضاء، في أول الأمر، بكثير من الخيال، ولم يتوقف ذلك على الكتاب والأدباء، بل تعداه إلى بعض العلماء، فنجد مثلا أن عالما فلكيا مثل "كبلر"، قد وضع كتابا أسماه "سومنيوم" Somnium أي "المنام"، وافترض فيه أن الأرواح هي التي تحمل الناس إلى سطح القمر، خاصة عند حدوث خسوف للقمر، وكان يظن في هذه الحالة، أن جسراً هائلا يمتد من الأرض إلى القمر، وأنه يمكن أن تتم عن طريقه عملية العبور، كذلك كان من المعتقد في ذلك الحين أن الغلاف الجوي للأرض يمتد حتى القمر.

كذلك كتب بعض الفلاسفة والأدباء قصصا خيالية عن السفر في الفضاء، ومن أمثلتها القصة التي كتبها "جول فيرن" عام 1865 بعنوان "من الأرض إلى القمر" واستخدم فيها مدفعا ضخما لدفع سفينة الفضاء، فقد كان المدفع هو السلاح المسيطر في ميادين القتال في ذلك الوقت، كما كتب "جول فيرن" قصة أخرى بعنوان "هر وسنجاب" تحدث فيها عن إرسال حيوانات إلى الفضاء.

كذلك قام الكاتب الإنجليزي "ه . ج . ويلز" بكتابة قصة عن السفر إلى الفضاء بعنوان "أول إنسان على سطح القمر"، كما كتب قصة أخرى عنوانها "حرب العوالم"، تخيل فيها أن سكان كوكب المريخ بأجسامهم النحيلة وبأرجلهم الثلاث، قد قاموا بغزو إحدى مقاطعات إنجلترا، ولم يستطع أحد أن يتغلب عليهم وأن يقاوم هذا الغزو، ولكن البكتريا التي تعيش على سطح الأرض استطاعت أن تقضي على هؤلاء الغزاة.

من الأسهم الصينية إلى الصواريخ

وربما كان "كونستانتين إدوار دوفتش تسيولكو فسكي"، وهو مدرس روسي هو أول من قدم دراسات حقيقية عن السفر إلى الفضاء، فقد وضع كتابا باسم "خارج الأرض"، قدم فيه بعض الأفكار عن الطاقة الشمسية والأقطار الصناعية، ووصف فيه صاروخا متعدد المراحل يعمل بالوقود السائل، ويستطيع أن يتغلب على جاذبية الأرض، واقترح في هذا الكتاب، استخدام النباتات في الحصول على الأكسجين اللازم لركاب هذا الصاروخ.

وقد كان العالم الأمريكي "روبرت جودارد" هو أول من قام بتجربة عملية في هذا المجال عام 1926، فقد صنع صاروخا يعمل بالكحول والأكسجين السائل، وأطلقه في الهواء، ولكن ارتفاعه في الجو لم يتعد أكثر من ميل واحد.

وقد عرف الصينيون الصاروخ منذ زمن بعيد، وكان على هيئة أنبوبة محشوة بالبارود ومقفلة من أحد طرفيها، يلهو بها الأطفال، ثم استخدم بعد ذلك في صنع الألعاب النارية، كما استخدم في بعض الأحيان في الحروب لإشعال النيران في سفن الأعداء، وقد عرف العرب الصاروخ بعد ذلك وأطلقوا عليه اسم "الأسهم الصينية".

ولم يتصور أحد في ذلك الوقت أنه ستكون هناك علاقة وطيدة بين هذه الصواريخ التي يلهو بها الأطفال، وبين صواريخ اليوم التي تنطلق في الفضاء.

وقد غيرت هذه الصواريخ مفهومنا للسرعة، فقد كنا نسافر فيما مضى بين القاهرة والإسكندرية، وهي مسافة لا تزيد على 250 كيلو مترا، في عدة أيام، ولكننا نقطع اليوم المسافة بين الأرض والقمر، وهي تبلغ نحو 385 ألفا من الكيلو مترات، في نفس هذه المدة من الزمن.

كذلك كانت المراكب الشراعية تعبر المحيط الأطلنطي في عدة شهور، بينما تقطع سفن الفضاء التي تدفعها الصواريخ، المحيط الفضائي الذي يفصل بين الأرض والكواكب الأخرى مثل الزهرة والمريخ والمشترى، في نفس هذا الزمن، ويمكننا أن نعتبر أن سفن الفضاء الحديثة، امتداد للمراكب الشراعية التي عبرت المحيطات في الماضي.

جمعيات للسفر الفضائي

وترجع أهمية السفر في الفضاء بالنسبة للإنسان إلى أنه سيحقق له استكشاف كواكب المجموعة الشمسية والتحقق من وجود سكان بها، كما أنه قد يسمح له في يوم من الأيام بالاتصال ببعض الحضارات الأخرى التي قد توجد في أرجاء هذا الكون الرحيب.

وقد تكونت عدة جمعيات للسفر في الفضاء في النصف الأول من هذا القرن في كل من ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكانت أنشط هذه الجمعيات هي جمعية الرحلات الفضائية التي أنشئت في ألمانيا عام 1927، والتي رأسها عالم الفضاء الشهير "هرمان أوبرت"، الذي أصدر كتابا في السنوات التالية بعنوان "الصاروخ في فضاء ما بين الكواكب"، تجاوز فيه أفكار كل من سبقوه في هذا المجال، وتحدث فيه عن محطات الفضاء التي تدور في مدار ثابت حول القمر أو الأرض ويسكنها رواد من البشر.

وقد حالف النجاح الجانب الألماني، فاستطاع فريق من العلماء وعلى رأسهم واحد من أشهر علماء الفضاء في هذا القرن، وهو "فون براون"، أن يصنعوا صاروخا ضخما يدفع بالوقود السائل، عرف باسم "ف1" ثم طوروه بعد ذلك إلى صاروخ آخر حمل اسم "ف2".

ولم تكن هذه الصواريخ تصلح للسفر في الفضاء، فلم تكن سرعتها كافية للتغلب على جاذبية الأرض، ولكن الألمان استخدموها كسلاح مدمر في الحرب العالمية الثانية، وأطلقوها على لندن وبعض المدن الإنجليزية الأخرى عبر بحر المانش، واعتبرت هذه الصواريخ سلاحا حربيا متطورا، ولذلك بدأت بحوث الصواريخ بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

ألسنا على متن سفينة فضاء ضخمة؟

وقد ألهبت الإمكانات التي تمثلها هذه الصواريخ، واحتمالات استخدامها في السفر في الفضاء، خيال كل من العلماء والكتاب، فظهرت مئات من القصص التي تروي مغامرات الإنسان في الفضاء، وتكلم فيها الكتاب عن نقص الأكسجين وعن حالة انعدام الوزن، وعن الحاجة إلى الطعام والشراب في أثناء الرحلات الفضائية الطويلة، وقد أثار اشمئزاز كثير من الناس أنه قد تكون هناك حاجة إلى فصل الماء من فضلات رواد الفضاء لإعادة استخدامه في الشرب مرة أخرى، ونسوا أن مثل هذه الدورة تحدث على سطح سفينة الفضاء الكبرى التي نعيش عليها، وهي الأرض، فمياه الفضلات تعود إلى البحار والمحيطات، ثم تسقط على هيئة أمطار كي نستخدمها مرة أخرى للشرب.

والأرض سفينة فضاء متتالية، فغلافها الجوي يوفر لنا الأكسجين اللازم للحياة، كما يوفر لنا هذا الغلاف الحماية من الشهب ومن الأشعة فوق البنفسجية وغيرها من الإشعاعات الواردة من الفضاء، كما أن الأرض تحمل معها طعامها وشرابها الذي يكفيها لاستمرار الحياة عليها ملايين السنين، وهي تتيح لنا رؤية جزء كبير من الكون في أثناء دورانها حول الشمس وفي أثناء حركتها معها.

قهر الجاذبية الأرضية

وقد أدت البحوث التي أجريت على الصواريخ في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى ظهور أجيال جديدة من الصواريخ تزيد سرعتها على 11.2 من الكيلومترات في الثانية، أي تصل سرعتها إلى نحو 40 ألف كيلو متر في الساعة، وهي السرعة التي تجعل الصاروخ يتغلب على جاذبية الأرض وينطلق إلى الفضاء، وقد استطاعت بعض هذه الصواريخ أن تحمل أقمارا صناعية إلى مدارات ثابتة حول الأرض، كما حمل بعضها الآخر سفن فضاء وحمل بعضها إنسانا إلى القمر.

ونظرا للمسافات الشاسعة التي تفصل بين الأجرام السماوية، فإن الزمن يعتبر عاملا رئيسيا في رحلات الفضاء، فأقرب النجوم إلينا مثلا وهو "ألفا سنتوري" يبعد عن الأرض بنحو 40 مليون مليون كيلو متر، وعادة ما تقاس المسافات الكونية بالزمن اللازم لأشعة الضوء التي تنطلق بسرعة 305 ألف كيلو متر في الثانية، لقطع هذه المسافة، وفي حالة "ألفا سنتوري" يحتاج الضوء الصادر منه إلى نحو 4.3 سنة للوصول إلى الأرض، ولذلك يقال إنه يبعد عنا بمقدار 4.3 سنة ضوئية.

وما نراه الآن ليس إلا الماضي

وتعني هذه الظاهرة أننا عندما ننظر إلى أجرام السماء، فإننا نراها كما كانت عند صدور أشعة الضوء منها، ولكننا لا نعرف شيئا عن حالها الآن، أي أننا ننظر دائما إلى الماضي ولا نعرف شيئا عن الحاضر. وتبدو هذه الظاهرة في أجلى صورها عندما ننظر إلى بعض الأجرام السماوية الموجودة في أغوار الفضاء مثل تلك الأجرام المعروفة باسم "الكازار" أو أشباه النجوم، فهي تبعد عنا بنحو 10 آلاف مليون سنة ضوئية، أي أن الضوء الصادر منها والذي يصل إلينا اليوم، قد صدر منها منذ 10 آلاف مليون سنة، أي قبل أن تولد شمسنا التي يقدر عمرها بنحو 5 آلاف مليون سنة، وربما حتى قبل أن تتكون المجرة التي نعيش فيها والتي يقدر عمرها بنحو 10 آلاف مليون سنة، ولذلك فنحن نرى هذه الأجرام كما كانت في الماضي السحيق، ولكننا لا نعرف شيئا عن حالتها اليوم. والنظر إلى الماضي ليس مقصورا على الأجرام السماوية فقط، ولكنه شيء يتعلق بسرعة الضوء، وبالزمن الذي يقطعه شعاع الضوء للوصول من الجسم الذي ننظر إليه، إلى العين. ولو أننا ننظر مثلا إلى جسم ما على بعد ثلاثة أمتار منا، فإننا نراه في حقيقة الأمر كما كان منذ جزء من مائة مليون جزء من الثانية، وهو الزمن اللازم لوصول الضوء من هذا الجسم إلى عيوننا، ولهذا فإن كلمة "الآن" التي نقولها دائما ليست دقيقة بشكل كاف، بل هي تعني الحدث الذي وقع منذ برهة ماضية.

السرعة المستحيلة

ويحتاج الإنسان إلى سرعة فائقة للسفر في الفضاء ولكي يقطع مثل هذه المسافات. الشاسعة التي تفصل بين الأجرام السماوية، ونظرا لأن سرعة الضوء تعتبر هي الحد الأقصى للسرعة في هذا الكون، فإنه لا يمكن لأي جسم متحرك أن يتعدى هذه السرعة، أو حتى أن يصل إليها، فمن الممكن نظريا أن تصل سرعة الجسم إلى 99.9 % من سرعة الضوء، ولكن الجزء الصغير المتبقي وهو لا يزيد على 0.1% هو الجزء العسير جدا، والذي لا يمكن الوصول إليه مهما كانت القوة التي تدفع هذا الجسم.

وأسرع السفن الفضائية التي نعرفها اليوم، مثل سفينة الفضاء الآلية "فويدجر" التي تنطلق الآن بين كواكب المجموعة الشمسية، لا تزيد سرعتها على 30 كيلو مترا في الثانية، وهي سرعة بطيئة جدا ولا تزيد على جزء من عشرة آلاف جزء من سرعة الضوء. ولا تصلح مثل هذه السفن البطيئة للسفر في الفضاء ولقطع المسافات الهائلة التي تفصل بين النجوم، فهي تحتاج إلى نحو 40 ألف سنة أو أكثر للوصول إلى أقرب النجوم إلينا وهو "ألفا سنتوري"، ولو أن بعض هذه السفن تحمل ركابا، فمن المتوقع أن تنتهي حياة هؤلاء الركاب، مهما طالت أعمارهم، في السنوات الأولى لرحلة الفضاء.

تمدد الزمن

كذلك فإن المعلومات التي قد تحملها مثل هذه السفن ستصبح قديمة جدا ولا معنى لها عند وصول السفينة إلى هدفها، وبذلك تفقد مثل هذه المعلومات والرحلات أهميتها، وتتضح من ذلك ضرورة البحث عن سفن ذات سرعات أكبر من ذلك حتى يمكن التغلب على عامل الزمن في الفضاء.

ولقد تنبأت نظرية النسبية التي وضعها العالم "أينشتاين" بحدوث ظواهر غريبة عند زيادة سرعة الأجسام واقترابها من سرعة الضوء، وإحدى هذه الظواهر هي ظاهرة تمدد الزمن بزيادة السرعة، ويعني ذلك أن المسافر في سفينة فضاء تقترب سرعتها من سرعة الضوء، سيشعر بامتداد الزمن، أي أن الزمن بالنسبة له سيبطئ بشكل كبير. ومثال ذلك أنه لو كان هناك توأمان يبلغان من العمر عشرين عاما، بقي أحدهما على الأرض على حين انطلق الآخر في سفينة فضاء تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء، ومتجهة إلى نجم يبعد عن الأرض بنحو 36 سنة ضوئية، فإنه بالنسبة للأخ الذي بقي على سطح الأرض ستستغرق هذه الرحلة 72 عاما كي تقطع رحلتي الذهاب والإياب، بينما بالنسبة لراكب السفينة فإنه سيشعر بأن الرحلة قد استغرقت يوما واحدا فقط، وعند عودة راكب السفينة من رحلته سيجد أن أخاه التوأم الذي بقي على الأرض قد أصبح عمره 92 عاما (72 +20) بينما لم يزد عمره هو إلا بمقدار يوم واحد فقط.

وليس من المتوقع حاليا بناء سفن فضاء بهذه السرعات الفائقة، وقد تصل سرعة بعض هذه السفن في المستقبل القريب إلى نصف سعة الضوء، وعند هذه السرعة لن يكون هناك تأثير واضح لظاهرة تمدد الزمن، فهذه الظاهرة لا تتضح إلا عندما تصل السرعة إلى نحو 80% أو 90% من سرعة الضوء.

ذهاب بلا عودة

وحتى لو نجح الإنسان في صنع سفن تقترب سرعتها من سرعة الضوء، فإنها لن تصلح لحل مشكلة السفر بين المجرات، وهي قد تصلح للسفر بين النجوم القريبة التي تقع في مجرتنا، ولكنها لن تصلح للسفر إلى النجوم الأخرى التي تفصلها عنا ملايين السنين الضوئية.

وحتى مثل هذه الزيارات أو الرحلات المحدودة ذات المسافات القصيرة لن تكون هناك فائدة حقيقية منها، فعلى الرغم من أن رواد الفضاء قد يبقون على قيد الحياة في داخل سفنهم نتيجة لتمدد الزمن، إلا إنهم عند عودتهم سيجدون أن الأرض قد تغيرت كثيرا، وسيعودون على الأغلب في زمان غير زمنهم، ولذلك فإن ركاب هذه السفن سيكونون في الأغلب مستعمرين، أي أنهم سيقومون برحلة بلا عودة، وستكون رحلتهم رحلة ذهاب فقط، فإن وجدوا الظروف مناسبة لحياتهم على سطح كوكب الوصول، امتدت حياتهم، وإن لم يستطيعوا الحياة على سطح هذا الكوكب فستنتهي حياتهم على الفور، ولن يتبقى منهم على هذا الكوكب إلا بعض البكتريا التي كانت عالقة بملابسهم وأجسامهم، ويتبين من ذلك أن مثل هذه الرحلة الفضائية لن يرغب في القيام بها الكثيرون، حيث يندر أن يوجد من يريد أن يدفع هذا الثمن الباهظ.

وقد تستطيع سفن الفضاء التي تقترب سرعتها من سرعة الضوء أن تصل إلى بعض المجرات القريبة منا مثل مجرة " الأندروميدا" التي تبعد عنا بنحو مديوني سنة ضوئية، وقد تصل إليها هذه السفن في زمن قصير لا يزيد على 28 عاما فقط، وبذلك تحتاج رحلة الذهاب والإياب إلى 56 عاما فقط، ولكن لن تكون هناك فائدة حقيقية ترجى من عودة ركاب هذه السفن إلى الأرض، فسيجدون أن الأرض قد انقضى عليها أربعة ملايين سنة، ولن يجدوا أحدا في استقبالهم وقد لا يجدون حتى مدينتهم، وسيعتبرهم سكان الأرض من أهل الماضي السحيق!!!

وهناك من يرون أن تبريد أجسام ركاب هذه السفن الفضائية قد يساعد على حل مشكلة الزمن، فسيساعدهم هذا التبريد على بقائهم أحياء "أجلا" طويلا، ثم يقوم حاسب إلكتروني مبرمج بتسخين أجسامهم ليبعث فيهم الحياة مرة أخرى عند محطة الوصول، وقد لا يرضى عدد كبير من الناس عن أن يصبحوا عبيدا لأحد الحاسبات الإلكترونية، وقد يفشل هذا الحاسب الآلي في إيقاظهم عند محطة الوصول، وبذلك تتحول سفينة الفضاء إلى نعش طائر يحمل أجساد الرواد ويتجول بهم في الفضاء الكوني إلى الأبد.

وهناك من يعتقدون أن كل هذه الصعوبات لن تفت في عضد الإنسان وأنه قد يستطيع أن يتغلب عليها في المستقبل عند زيادة معرفته وتقدمه العلمي، ويستند أصحاب هذا الاعتقاد إلى أنه قبل بداية هذا القرن بقليل، كانت العربات التي تجرها الخيول هي أهم وسائل الانتقال، وكانت السيارات شيئا نادر الوجود، وكانت القطارات لا تزيد سرعتها على كيلو متر واحد في الدقيقة، ولم يكن يطير في السماء إلا الطيور والخفافيش وكان عدد المتعلمين في أغلب البلدان يمثل نسبة صغيرة جدا بالنسبة لعدد السكان، أما اليوم، وقبل أن ينتهي هذا القرن بسنوات قليلة، فقد حدث تطور هائل في جميع المجالات وزادت أعداد العقول المدربة تدريبا عاليا في مختلف المجالات، واستطاع الإنسان أن يكتشف الليزر ويستغل الطاقة النووية وأن يغزو الفضاء.

ولا شك أن كل هذا التقدم الذي أحرزه الإنسان خلال هذا القرن ليبشر بكثير من الخير ويفتح باب الأمل في قدرة الإنسان مستقبلا على تخطي كثير من مشكلات السفر في الفضاء.