أنهم يقتسمون الكعكة الجليدية! رجب سعد السيد

أنهم يقتسمون الكعكة الجليدية!

هنا قاع العالم.. حيث تصل سرعة الرياح في بعض الأحيان إلى 320 كم في الساعة، وحيث تهبط درجة الحرارة إلى (- 85) درجة مئوية.. إنها الأنتاركتيكا، أو القارة القطبية الجنوبية التي يمتد فصل الصيف فيها من أكتوبر إلى مارس، وتظل الشمس خلاله ساطعة.. ففي الثالثة صباحا لا تنتظر ليلا، بل نهارا مضيئا كما لو كان الوقت ظهرا. وعلى القادم الجديد إلى هذه القارة أن يجد لنفسه طريقة تنبهه إلى ضرورة أن ينال حظا من النوم، ولا ينتظر مقدم الليل، لأنه لن يأتي!.

يصف سائح أمريكي رحلته إلى الأنتاركتيكا، فيقول: وصلنا إلى منطقة القطب الجنوبي في الساعة الثانية من ليلة مشمسة.. إنها أقصى نقطة في جنوب الكرة الأرضية، وهي عبارة عن اتساع هائل من اللون الأبيض غير محدد الملامح. وكانت المنطقة تمر بموجة حارة، حيث سجلت درجة حرارة مقدارها (-23 مْ)!.. فكان علينا أن نعود بأقصى سرعة إلى مقر محطة الأبحاث الأمريكية، لنحتمي بجدرانها من ذلك الزمهرير، ولنستمتع فيها بالدفء، حيث تصل درجة الحرارة في الداخل إلى درجتين مئويتين كاملتين!.

حياة ظاهرة وخفية أيضاً

تبدو القارة الجليدية خالية من مظاهر الحياة. ولكن الاقتراب من تلك الأرض المجهولة - أو التي كانت مجهولة- يجعلها تفصح عن مظاهر حياة متعددة وغنية، على اليابسة، وفي البحر. وليس في الأنتاركتيكا سكان أصليون يحملون جنسيتها ويملكون السيادة عليها، ولكنها ملك لحوالي 16 دولة، هي التي سارعت بإعلان تملكها لأجزاء من القارة الخالية، وأقامت في كل أنحائها قواعد دائمة، الغرض المعلن من وجودها هو إجراء أبحاث علمية. وجاء العلماء ليحتلوا هذه القواعد أو المحطات العلمية التي يتناثر معظمها على سواحل القارة. ولم يقتصر الأمر على العلماء، فقد اجتذبت القارة البكر المتجمدة أفواج السائحين. ويخشى العلماء والمهتمون بشئون وصحة البيئة في القارة الجنوبية أن يلي هذا النشاط السياحي أنشطة التعدين والتنقيب عن النفط واستخراجه، فالعالم يعيش أزمة موارد طبيعية.. عندها، ستكون الطامة الكبرى، ويخسر العالم النظام البيئي الوحيد على سطح الأرض الذي يمكن وصفه بالاتزان والبراءة من التلوث. وعلى أي حال، فإن القارة الجليدية الجنوبية لم تعد - بأي مقياس- أنصع بقعة في ثوب الأرض، فلقد لحق بها شر الغول المخيف: التلوث.. تزامن ذلك - كما سبق أن ألمحنا - مع بداية النشاط البشري فيها، فتسرب النفط إلى المياه التي كان عليها أيضا أن تستقبل النفايات الآدميـة، وتزايدت أكوام القمامة، ولا سبيل للتخلص منها إلا بإحراقها. وعلى الرغم من ذلك، فإن القارة لا تزال، بالنسبة لما حاق بالعالم كله من فساد، تمثل الموقع الوحيد في العالم الأقرب إلى حالته الطبيعية الأولى. ومن هنا، أصبح حال البيئة في تلك البقعة النائية، محل اهتمام العالم كله.

جدل بيئي محتدم

ولا يزال الجدل مستمرا حول (اتفاقية ولنجتون)، وهي اتفاقية عالمية اجتمع للتوقيع عليها في عام 1988 بنيوزيلندا ممثلو عشرين دولة، استهدفت وضع قوانين تتحكم في عمليات البحث عن النفط والمعادن في القارة البكر. ويقول المؤيدون للاتفاقية التي تم إعدادها بعد مباحثات ومناقشات صعبة امتدت لست سنوات، إنها تحتوي على قواعد وقوانين صارمة تكفل حماية الحياة الطبيعية في القارة القطبية الجنوبية. أما المعارضون، وهم من العلماء وأعضاء جماعات صون البيئة، فيرون أن تلك المعاهدة هي أول خطوة في الطريق إلى إفساد البيئة في القارة الجنوبية، لأنها ستفتح الطريق أمام الدول والشركات العالمية لاستغلال الثروات التعدينية الخبيئة في القارة، وأن ذلك سيكون تحت شعار الالتزام بالاتفاقية. ومع توخي الحرص على نظافة البيئة، وهذا أمر مشكوك فيه، لأن أنشطة التعدين - مهما بلغت درجة الحرص على سلامة البيئة - لابد أن تسيء بشكل أو بآخر إلي الحياة الطبيعية.. وهكذا، ينتهي آخر أمل في آخر بيئة طبيعية مستقرة على سطح الأرض. ويتبنى هذا الفريق فكرة بديلة عن هذه الاتفاقية، تتمثل في الدعوة إلى تحويل القارة إلى (حديقة عالمية) يحرم فيها أي نشاط آدمي غير البحث العلمي، ورحلات سياحية محدودة. وترفض فرنسا واستراليا- وهما دولتان لهما (حضور) كبير في القارة (الفريسة)- ترفضان فكرة الحديقة الدولية، كما رفضتا التوقيع على اتفاقية ولنجتون. وثمة أصوات في الولايات المتحدة الأمريكية تدعو إلى عدم مساندة الاتفاقية (لماذا؟!).

وإلى أن ينتهي الجدل، فليس ثمة استراتيجية متفق عليها لحماية القارة من أنشطة التعدين (فهل هذا هو المطلوب؟!). وفي نفس الوقت، فإن بعض الأضرار التي حلت فعلا بالنظام البيئي للقارة، لن يكون من السهل إزالتها، وقد تكون لها - على المدى الطويل- عواقب وخيمة، ليس على البيئة في القارة فقط، ولكن على أحوال العالم كله. وعلى سبيل المثال، فقد ظلت مصانع الدول الكبرى، لسنين طويلة، تطلق في الجو مركبات الكلوروفلوروكربون الغازية، غير مدركة أو غير عابئة بالتدمير الذي تلحقه هذه الغازات بغلالة الأوزون التي تحيط بالغلاف الجوي وتحمي الأرض من الإشعاعات فوق البنفسجية الضارة. وقد عملت أنظمة التيارات الهوائية في الغلاف الجوي، على دفع هذه الغازات، الفائقة القدرة على الاحتفاظ بفعاليتها لسنين طويلة، إلى أقصى جنوب الأرض. فكان أول اكتشاف للضعف الذي حل بطبقة الأوزون قد تم فوق القارة القطبية الجنوبية في عام 1983، وتصاعدت أصوات العلماء تنبه إلى، وتحذر من، هذا الخطر القادم الذي سيتركز تأثيره على القارة الجليدية، غير أن العالم كله سيتعرض لنتائج هذا التأثير التي لا يعلم مدى أضرارها إلا الله، وفي مقدمتها ذوبان الغطاء الجليدي للقارة وامتلاء المحيطات بكميات إضافية من المياه، تزيد على طاقتها، فتطغى على اليابسة وتغرق السواحل التي هي، في الغالب، مراكز حضارية.

ويقول عالم البيئة البحرية (سيد السيد)، وهو مصري/ أمريكي، عضو البعثة العلمية العاملة بمحطة الأبحاث الأمريكية (بالمر)، الواقعة على طرف اللسان الأرضي الممتد في أقصى غرب القارة.. يقول: لقد وجدنا أن مستويات الأشعة فوق البنفسجية في القارة عالية، وهي تدمر مادة اليخضور في الكائنات النباتية، ومنها الهائمات البحرية النباتية، ولا غنى عن اليخضور في عملية التخليق الضوئي لغذاء النبات. من هنا، فقد تأثر معدل نمو هذه النباتات البحرية الدقيقة، وانخفض بنسبة 30%. ولهذا مردوده المعاكس على الكائنات البحرية الحيوانية التي تتخذ من الهائمات النباتية غذاء لها، مثل (الكربل)، وهو عبارة عن قشريات بحرية تشبه الجمبري، ويمثل حلقة أساسية في سلسلة الغذاء في البحر، فهو الغذاء الرئيسي لبعض الأسماك والطيور والثدييات البحرية.

ويعتقد العلماء أن للقارة تأثيرا كبيرا على مناخ العالم، وإن كانوا لم يتفقوا بعد على ملامح هذا التأثير. إن ثلوج القارة الجنوبية تعكس حرارة الشمس إلى الفضاء، فتبقى كتلة الهواء المغطية للقارة جافة باردة، وتتحرك بسرعة شديدة إلى البحار المحيطة، حيث تتحول، بتأثير حركة دوران الأرض، إلى زوابع وعواصف شديدة، كانت مصدر رعب للبحارة القدماء الذين أطلقوا عليها اسم الرياح الخمسينية، لأنها تسود في المنطقة بين خطي عرض 40 درجة و 60 درجة جنوبا. ويحاول العلماء حاليا الربط بين نشاط هذه الزوابع وأنظمة الرياح على سطح الأرض.

أضخم خزان للمياه فوق صحراء

وتثير القارة القطبية الجنوبية حماسة علماء الحفريات والجيولوجيا، ويرون فيها فصلاً خلاباً في تاريخ الأرض. وثمة نظرية ينتصر لها بعض هؤلاء العلماء تقول بأنه قبل مائتي مليون سنة، كانت القارة القطبية الحالية جزءاً من قارة أخرى ضخمة أطلقوا عليها اسم (جوندوانا لاند)، وكانت مستقرة شمالا في المنطقة المعتدلة، تحت خط الاستواء. أي أن القارة (الثلاجة) كانت، قديما، ذات مناخ أقرب إلى الاستوائي، وكانت مكسوة بالغابات وتغص بالزواحف والثدييات البدائية والطيور!. ومنذ 160 مليون سنة، بدأت الجوندوانا في التفكك، فأعطت وحدات منفصلة احتفظت بمواقعها الدافئة، هي: أمريكا الجنوبية، وإفريقيا، والهند، واستراليا. ولم يبق إلا جزء أطيح به إلى أقصى الجنوب، متجولا إلى الكعكة الجليدية الحالية المعروفة باسم القارة القطبية الجنوبية. وسبحان مغير الأحوال!.. من بقعة خضراء ذات مياه جارية وأمطار، إلى 14 مليون كيلومتر مربع من الوحشة والعزلة والجفاف، حتى أنها تعد من أشد (صحراوات) العالم جفافا. هذه حقيقة، لكنها- القارة- وفي نفس الوقت، تعد أضخم خزان للمياه العذبة في العالم. هل يبدو ذلك متناقضا؟. لقد تراكمت الثلوج فوق القارة على مر القرون، دون فقد، إذ لا يذوب منها ما يمكن ذكره، فتوافر للقارة غطاء ثلجي دائم، ينتظم 98 % من مساحتها، يبلغ متوسط سمكه سبعة أقدام. هل يمكننا- إذن- أن نتصور مدى ضخامة هذه الكتلة الثلجية "14 مليون كم2 2.155 × متر"!. إن هذه الكمية تمثل 90% من ثلوج العالم و 68% من مياهه العذبة التي يفتقر إليها بعض سكانها ويتقاتل البعض الآخر من أجلها!.

وقد وقع حادث غريب في عام 1987، حين انفصل عن ثلوج الأنتاركتيكا جبل جليدي يبلغ طوله 96 ميلا، يحتوي على كمية من الماء تكفل لكل فرد من سكان هذا العالم كوبين من الماء يوميا لمدة 1997 عاما!.

وكانت فرصة سانحة للعلماء لتتبع تحركات هذه الكتلة الجليدية الضخمة ومراقبتها بواسطة الأقمار الصناعية، لتساعدهم في تفهم اتجاهات التيارات البحرية التي تلعب دورا مهما في نقل الحرارة من وإلى القارة القطبية الجنوبية.. ويمكن أن يسهم ذلك في تفسير كثير من أحوال المناخ في الأرض.

والغريب، أن الشمس تكاد لا تغيب طوال شهور الصيف، غير أن أشعتها لا تدفىء الجو ولا تذيب الثلوج، لأنها تسقط بزاوية حادة جدا. إن أقصى درجة حرارة سجلت صيفا كانت "-13.6" درجة مئوية. أما أقل درجة حرارة، فقد سجلت شتاء في محطة الأبحاث الروسية "فوستك"، وبلغت 89.2 درجة مئوية تحت الصفر. أما أدفأ منطقة في القارة القطبية الجنوبية، فهي شبه الجزيرة التي تمتد إلى الشمال، في أقصى غرب القارة، وعلى مسافة 965 كم من أمريكا الجنوبية، حيث تصل درجة الحرارة فيها إلى 15 درجة مئوية. لذلك، فإن النوعين الوحيدين من النباتات الزهرية الموجودين في تلك القارة يستوطنان هذه المنطقة. وتحيط بشبه الجزيرة بيئة بحرية غنية، تشتمل على "35" نوعا من الطيور البحرية، وستة أنواع من الفقمات و 12 نوعا من الحيتان، وما يزيد على مائتي نوع من الأسماك.

مغامرون وصيادون

لقد كان غنى الحياة البحرية هو الدافع الرئيسي وراء تدافع الرحالة والمغامرين إلى القارة الجنوبية. ويذكر التاريخ أن أول هؤلاء المغامرين كان الإنجليزي جيمس كوك، الذي ارتاد القارة فيما بين عامي 1772 و 1775، وسجل في مشاهداته حشودا من الفقمات على الجزر المتناثرة حول القارة. ثم تقاطر الصيادون والمغامرون الباحثون عن الثروة والشهرة، وكانت النتيجة أنه في بدايات القرن العشرين، أوشك رصيد القارة من بعض الأنواع الحيوانية على النفاد، واقتربت أفيال البحر وفقمات الفراء فيها من حافة الانقراض، وفقد مخزن المياه القطبية الجنوبية ما يزيد على مليون حوت من مختلف الأنواع.

وكما شهدت القارة شراهة وجشع الصيادين والتجار، استقبلت، أيضا، نوعية أخرى من البشر لا يطمعون إلا في تحقيق متعة الاستكشاف والارتياد وتسجيل أسمائهم وأسماء أوطانهم في دفتر التاريخ، مقرونة بالمجد وفضل الريادة. من هؤلاء الرجال، المستكشف البريطاني جيمس كلارك روس، الذي كان أول من سعى للوصول إلى القطب الجنوبي في عام 1841، غير أن ذلك لم يتحقق إلا بعد مرور سبعة عقود، من خلال السباق المأساوي الشهير بين المستكشفين: البريطاني "سكوت" والنرويجي "رولد أماندسين". لقد اعتمد الأول على خيول منشوريا لجر الزلاقات بينما فضل الثاني الزلاقات العادية التي تجرها الكلاب. وخذلت الخيول "سكوت"، إذ غاص بعضها في الشقوق الثلجية، وتعرض البعض الآخر لقسوة البرد والجوع ونفق.. بينما تمكنت الكلاب من سحب أماندسين إلى نقطة القطب الجنوبي في 14 ديسمبر 1911. وقد وصل سكوت إلى نفس النقطة، ولكن بعد شهر كامل من وصول المستكشف النرويجي الذي لم ينس أن يرفع علم بلاده فوق النقطة الهدف، مؤكدا انتهاء السباق لصالحه. فعاد سكوت يجر أذيال الخيبة، تلاحقه الطبيعة القاسية، كأنما تعاقبه على تخاذله، فهبت عليه عاصفة ثلجية شديدة، وقف - مع اثنين من رجاله - مستسلما لها، وعلى بعد 18 كيلو مترا من أقرب نقطة إمداد وتموين، بلا طعام ولا وقود، فكانت النهاية!.

وبعدما يقرب من عشرين سنة من وصول زلاقات الكلاب إلى القطب الجنوبي، طار إليه المغامر الأمريكي "ريتشارد بيرد" في عام 1929، فكان أول آدمي يصل إلى القطب الجنوبي طائرا، في رحلة بدأت من الشاطىء الغربي للقارة، واستغرقت 16 ساعة. وفي بداية الثلاثينيات، افتتحت ألمانيا النازية الأطماع الاستعمارية في القارة القطبية الجنوبية، عندما طار فوقها مجموعة من الطيارين الألمان، وألقوا فوق أجزاء منها أوتادا تحمل علامة الصليب المعقوف، معلنين ملكية "الرايخ الثالث" للأراضي التي سقطت فوقها أوتادهم!. وقد انتهت المزاعم الألمانية بانتهاء الحرب العالمية الثانية، وحلت محلها ادعاءات أمم أخرى هي: الأرجنتين، وشيلي، وفرنسا، ونيوزيلندا، وبريطانيا، والنرويج، واستراليا. وثمة خلافات بين بعض هذه الدول حول حدود "السيادة" على مناطق في تلك القارة البعيدة. وعلى سبيل المثال، فإن كلا من شيلي وبريطانيا والأرجنتين، تدعي ملكيتها لشبه الجزيرة الواقعة في أقصى غرب القارة. ورغبة في تأكيد تلك السيادة، قامت بعض الدول بإنشاء مكاتب بريد، واستقدمت إلى القارة أطفالا أنشأت لهم المدارس على أرضها "!!". أما أغرب ما يمكن ذكره في هذا المجال فهو ما قامت به الأرجنتين، إذ نقلت بطائرة خاصة امرأة حبلى إلى قاعدة لها في القارة تسمى "مارامبيو"، حيث ولد أول طفل أرجنتيني على أرض القارة، مؤكدا ملكية بلاده لها!!.

لم تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن أطماع واضحة في أجزاء من القارة - ويبدو أنها تطمع في الكعكة كلها!! - فهي ترفض الاعتراف بحق أي دولة من الدول في أي جزء من أجزاء القارة الجنوبية. وقد قامت- في الوقت نفسه- بإيفاد العديد من البعثات إلى القارة المتصارع عليها. وحملت أضخم تلك البعثات اسم "عملية الوثب العالي" - (هل ينقل إليك الاسم دلالة معينة؟!). وقد تمت هذه العملية في عام 1946، في أعقاب الحرب العظمى الثانية، واستفادت بكل المعطيات التكنولوجية التي أفرزتها تلك الحرب، وضمت 13 سفينة، و 50 طائرة عمودية، وحوالي خمسة آلاف فرد!. وواضح أن الأمريكيين- في نشوة انتصارهم في الحرب- كانوا يريدون أن يوجهوا رسالة إلى الأمم المتنازعة حول القارة: نحن لا ندعي ملكية أي جزء من القارة، ولكن لدينا القدرة على تحقيق ما نريد!.

ويبلغ تعداد البشر في الأنتاركتيكا أقصاه في فصل الصيف، فلا يزيد على أربعة آلاف، لا يقيم منهم إقامة شبه دائمة إلا العلماء ومساعدوهم، وأغلبهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين، لتكون لديهم القدرة على تحمل المعيشة في أشد بقاع العالم برودة ووحشة. وقد لا يصدق بعضنا أن هذا العدد الضئيل من الآدميين يمكن أن يسيء إلى البيئة في قارة كاملة مترامية الأطراف، ولكن الحقائق تقول إن الصالح للسكنى من القارة لا يزيد على 2% من مساحتها، وهي مجموع البقع التي يذوب عنها الجليد في بعض أوقات السنة، فيحتلها هذا العدد. وبحساب الكثافة، تصبح المناطق المأهولة شديدة الازدحام. وإذا تزاحم البشر أنّت البيئة!.

إن الأنتاركتيكا قد تبدو في الخريطة بعيدة عنا، وإن كانت وسائل الاتصال الحديثة قد أحالت العالم كله إلى قرى متجاورة.. ولكن الحقيقة أننا أقرب ما نكون إليها، إذا أخذنا في اعتبارنا ارتباط مستقبلها بأحوال البيئة والمناخ في عالمنا الصغير!.

 

رجب سعد السيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




تشكيل صرحي من جبال الثلج في الأنتركتيكا





براميل فارغة كيف يمكن التخلص منها في أبعد مكان على سطح الكرة الأرضية





أحد العلماء يعالج جهازا لقياس شدة الإشعاع الشمسي في الأنتاركتيكا صيفاً





ماذا يفعل هذا العالم في هذه البقعة المنعزلة؟





خريطة توضح حدود وادعاءات الملكية في القارة القطبية الجنوبية





فقمات بحرية أوشكت على الانقراض نتيجة مذابح الصيادين والمغامرين في الأنتركتيكا





بعض سائحي الأنتاركتيكا يداعبون طيور البطريق





وصلنا إلى نقطة القطب الجنوبي وهذا هو علمنا يرفرف