سلامة البشرية في سلامة البيئة

الصين تقهر الصحراء

الصين عرضة للتصحر كغيرها من الدول، فهي تعاني من عوامل التعرية والتجوية وزيادة ملوحة التربة ناهيك عن زحف الرمال، تماما كغيرها، مع فارقين، أولهما الضخامة، فالتصحر في الصين ضخم، إن لم نقل عملاقا، ككل شيء صيني. وثانيهما العزيمة التي لا تلين، وقد اشتهرت بها الصين في شتى الأعمال والحملات التي قامت بها سلطاتها ومازالت تقوم، وتجلت أكثر ما تجلت في الحرب التي تخوضها ضد التصحر منذ منتصف القرن العشرين، وقد أحرزت الكثير من المكاسب في حربها البيئية هذه، حتى اعتبرت الدولة الرائدة المتفوقة في مجال التشجير.

فهذه الدنيا الخضراء التي ترى في الصورة إن هي إلا جزء يسير من الحزام الأخضر الذي شرعوا في إنشائه قبل نحو ثلاثين سنة، والذي كبحوا بواسطته الصحراء وأوقفوا زحف الرمال، فهو بحق سور الصين العظيم، ولكنه سورها العظيم الأخضر كما يسمونه. فهو يمتد مئات الأميال في اتجاه الشمال والشرق والغرب، أي في مهب الريح. وهو يبلغ في العرض أضعاف ما يبلغه سور الصين الحجري، فعرضه يقاس بالأميال لا بالأمتار. وحسبنا الإشارة إلى أن هذا الحزام الأخضر قد نجح في حماية العاصمة بكين من العواصف الرملية التي طالما هبت عليها في الأمس القريب، وضمن الوقاية أيضا لحقول القمح والأرز الشاسعة التي كانت مهددة بالتصحر، والتي لا تقل مساحتها عن 8 ملايين هكتار.

وتجدر الإشارة إلى أن الأشجار التي حرصوا على غرسها في الحزام الأخضر هي من ذوات الجذور الطويلة التي تمتد في الأرض 6 أمتار أو تزيد، وقد غرسوا بينها الكثير من أشجار الصنوبر، ومن طريف ما يذكر أن سلاح الطيران الصيني قد أسهم هو الآخر في تلك المعركة.