إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

ضحايا و.. أبطال

"أنت لا تستطيع أن تكون ضحية في الشارع وبطلا في السرير" العبارة أطلقها عميد الأطباء النفسانيين في البرازيل "موسير كوستا" الشهر الماضي، تعليقا على استبيان طرحته وزارة الصحة بالمشاركة مع وزارة الداخلية، وكان هدف الاستبيان معرفة مدى تأثير الأزمة الاقتصادية وأحداث العنف التي ترتكبها العصابات في الشارع على الحياة الجنسية لدى المواطنين، وبالتالي على مستوى الخصوبة لديهم.وتبين، نتيجة لهذا الاستبيان، أن معدل تواصل الأزواج مع زوجاتهم قد انخفض من 5 مرات أسبوعيا، قبل عقد من الزمن، إلى معدل وسطي لا يزيد على مرة و"نصف" في الأسبوع.

وتوقع أصحاب الاستبيان انخفاض نسبة الولادة في السنوات المقبلة، مقابل ارتفاع عدد المرضى الذين يلجأون للعيادات النفسية.

وهذا الربط بين "الفحولة" وبين الشعور بالأمن والحرية ربما يكون قاعدة علمية تستحق منا أكثر من وقفة. في الهند مثلا هناك طائفة من الناس تولد في مواسير المياه الأسمنتية وتتزوج فيها، وتلد فيها، و.. تموت فيها، ولا أعرف إذا كانت تلك المواسير الهندية تمنح من الأمن لساكنيها أكثر مما تمنحه بعض أنظمة الحكم البوليسية، ففي نهاية المطاف هناك برلمان في الهند، يقوم على مبدأ الانتخاب الحر، وربما كان هذا المبدأ وحده يثير في الهنود "فحولة" مميزة، لا تعرفها إلا الأمم الديمقراطية.

أما في الصين حيث يعيش المرء على حفنة من الأرز يوميا، فإن الحكومة تبذل جهودا كبيرة وتسن عقوبات صارمة لمنع المواطن من إنجاب أكثر من طفل واحد، ومع أن الصين يحكمها الحزب الواحد، إلا أنه ربما كان في عدد السكان الذين يزيدون على مليار و 200 مليون نسمة يتوزعون على مساحات شاسعة من الأراضي، ولكنهم يعيشون في ظل دولة واحدة، متساوين في الحقوق والواجبات من دون حروب أهلية، عرقية أو دينية.. ربما كان في وحدة تلك البلاد وكثافة سكانها ما يمنح المواطن فيها فحولة تجهلها الجماعات المتحاربة داخل الوطن الواحد.

أما في وطننا العربي، فإن هناك نموذجين على الأقل يؤكدان صحة هذه القاعدة، الأول في العراق، حيث دعا حاكم نظام بغداد شعبه إلى ضرورة زيادة المواليد، وهي دعوة تكشف عن مدى العقم الذي يمكن أن يصيب الإنسان في ظل القمع والاستبداد وانعدام الأمن، أما الثانية فهي دعوة السلطان قابوس المواطنين إلى تحديد عدد أفراد الأسرة بخمسة بدلا من سبعة أفراد، وهو ما يكشف عن فحولة إضافية لدى أهلنا في عُمان نتيجة للشعور بالأمن و.. الحرية.

... وتبقى سلبية واحدة لهذه القاعدة الذهبية، وهي أن بعض فرسان السرير تضيق بهم الساحة المحلية فيوسعونها باتجاه الشرق الأقصى.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات