طرائف عربية

طرائف عربية

مأساة الحسن والجمال

عندما قابلها هشام بن المغيرة في سوق الحرير فقد رشده. كان جمالها يحاكي الشمس. سألها عن أسمها فقالت:

- أنا "ضباعة بنت عامر" وزوجي "عبدالله بن جدعان". ذهبت وقد وقرت في قلبه. لبست "ضباعة" ثوب الحرير بعد أن خاطته، وعندما لامس بدنها شعرت بأنها لن تنسى صاحبه.

طوف العاشق بالديار شمسا بشمس وليلا بليل، تتبعه عين الزوج وتراقبه، ذلك هو زوجها الهرم، الرميم، العقيم كذكر النخيل في البادية الجرداء. أرسل لها "هشام" يدفعها لطلب الطلاق "لماذا تضيعين عمرك مع هذا العقيم؟". طلبت من الزوج الطلاق. وعندما ضاق بإلحاحها صرخ في وجهها:

- أطلقك بشروط: إلا يتزوجك "هشام" من بعدي رفضت أن تعطيه العهد، وأصرت أن تتزوج بمن تشاء. أجابها بخبث وكأنه يقرأ طالعها:

- إن كان عليك أن تتزوجيه فعليك أن تطوفي بالبيت كما ولدتك أمك، وتنسجي له ثوباً طوله المسافة بين الجبلين على أطراف مكة، وأن تنحري مائة من الإبل. ولما كان "هشام" قد أمضه العشق فوافق. نحر مائة من الإبل وتركها للإنسان والوحش والطائر الجارح. وجمع النسوة فغزلن الثوب بطول المسافة المطلوبة. وكان على "ضباعة" نفسها أن تنفذ الشرط الأخير. تجردت من ثيابها وطافت، وبذل "هشام" المستحيل كي يبعد العيون، ولكن هيهات، حدقت فيها عيون مكة، وتألقت "شمس النهار عليه. تزوجها "هشام"، ولكن !!!... كان الجسد حديث المضارب، وأحياء مكة، وقد اقتحمته العيون. حديث المنازل والديار المسكونة بالعشق والهوى. مجالس شعراء المجون وقصائدهم تضيف إليه مخيلات الشعراء ما يشعل النار في القلوب. اكتشف "هشام" أنه تزوج امرأة مسكونة بأحلام الجميع ورغباتهم، وعندما يجمعها الفراش يحس بأنفاس القبيلة، ويري عيونها.

عند ذلك أدرك فداحة انتقام الشيخ الهرم. وطلقها "بن المغيرة"، ولكن هذه المرة بغير شروط.

فراش الخيانة

حاصر "أردشير" ملك العجم ملك "السواد" زمناً لا يجد إليه سبيلا، وتعاقب عليه الليل والنهار وهو في موقعه من الحصار حتى كل جنوده وتعبوا. رقيت بنت ملك "السواد" سطح قصرها فرأت "أردشير" فعشقته، وأخذت نشابه وكتبت عليها "إن أنت رضيت بزواجي، دللتك على موضع تفتح فيه هذه المدينة بأيسر حيلة وأخف مئونة".

ثم رمت بالنشابة نحو "أردشير" فكتب الجواب في نشابة: "ذلك الوفاء بما سألت"، ثم ألقاها إليها، فكتبت إليه تدله على الموضع. فأرسل إليه "أردشير" فافتتحه ودخل هو وجنوده، وأهل "السواد" غافلون، وقتل ملكها وتزوجها. وعاشت جميلة الجميلات في كنف الغازي، ترتدي ثوب خيانتها لأبيها المسفوح دمه، ولقومها الأداء، فبينما هي ذات ليلة في فراشه استخشنت مكان نومها، ولم تنم ليلها، وعندما بحثوا في الفراش وجدوا تحت الحشية ورقة خشنة من زهرة الآس قد أثرت في جلد الجميلة. سألها "أردشير" عن ذلك، وعما كان أبوها الملك يغذيها به؟. فقالت "كان أكثر غذائي الشهد والزبد والمخ، فقال "أردشير": "ما أحد ببالغ لك في الإكرام مبلغ أبيك. ولئن كان جزاؤه عندك على جهد إحسانه مع لطف قرابته وعظم حقه جهد إساءتك، ما أنا بآمن لمثله منك".

ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرس شديد المراح جموح، ثم يجري. ففعل ذلك حتى تساقطت عضوا عضوا.

أم الملك وكاهن اليمن

الرحلة من "تهامة" حتى جبال اليمن واسعة مثل صحراء تقطعها الإبل وعلى ظهورها "هند بنت عتبة ونسوة ورجال بني "مناف" برءوس منكسرة، وقلوب واجفة. في الناحية الأخرى أبل "بني مخزوم" ورجالها يتوسطهم زوجها السابق "الفاكه بن المغيرة". صرخت بنت عتبة بصوت مكتوم "من يدفع الظلم عني". يدفعونها إلى كهانة اليمن لتظهر براءتها. كان زوجها قد اتهما بالزنا وعليها الآن أن تبرئها الكهانة. قال لها أبوها: لو كان زوجك صادقا دسست له من يقتله فتنقطع الأقاويل، وأن كان كاذبا حكمته إلى كهان اليمن. أقسمت أنها صادقة لذا اتفقت القبيلتان على الرحيل لسماع حكم الكهان. عندما لاحت جبال اليمن ارتعشت وتغير لونها. قال أبوها: تغيرت وما هذا إلا لمكروه يسكنك. قالت: لا والله لكني بين يدي بشر يخطئ ويصيب. رحلة عبر الصحراء. عن الفقر وانتظار المجهول. بداخلها أسئلة عن البراءة والإدانة، والنصر والهزيمة، والصحراء ليست بذات دليل. عندما جلست بين يدي الكاهن مع بقية نسوة القبيلة، قال أبوها: انظر في هؤلاء النسوة. أخذ الكاهن يضربهن على أكتافهن ويقرأ الطالع، وعندما وقف بقربها عرف أنها صاحبه القضية. نظر في عينيها وقال بصوت سمعه الجميع: "انهضي غير رسماء ولا زانية ولتلدن ملكا يسمى معاوية" نهضت "هند" وقد أشتد عودها، ونهض زوجها ووجهه يطفح بالبشر وأمسك بيدها يطلب الغفران، لكنها أزاحت يده وقالت بحزم في وجهه "والله إني لأحرص على أن يكون هذا الملك من غيرك".

ومن أقوالهم في الشباب والحسن

قال "أبوعمر بن العلاء": ما بكت العرب شيئا ما بكت على الشباب وما بلغت به ما يستحقه.

وقال "الأصمعي": أحسن أنماط الشعر المراثي والبكاء على الشباب.

وقال "عبدالله بن عباس": الدنيا العافية، والشباب الصحة.

وقال "ابن أبي حزم":

ولّى الشباب فحل الدمع ينهمل

فقد الشباب بفقد الروح متصل

لا تكذبين في الدنيا بأجمعها

من الشباب بيوم واحد بدل

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات