اعتذار غير متأخر

اعتذار غير متأخر

شعر

في غابتي
وأنا أفتش عن غزالي
هبت روائحه
ومن؟ كل الجهات أتت
وحين عجزت أنجدني خيالي
أبصرته يرعى

وحين لمسته فر الحرير
وذاب لحم خائف
فقنعت أن أصابعي مسحورة أبدا
بغمز رشاقة هربت
وذوب نعومة غاضت
وطيف جمال
***
في الليل
غيرت الفراش فلم أنم
فسكوت من أرق جميل كان يلهمني
ولم أعبأ بما في الليل
من طرق ومن ترحال
خاصرت نفسي بالظلام وبالعمى
وغفلت عن قبس أضاء حيالي
وعن الذين تجمعوا لمسرتي
وأنا أبادلهم بسخف مطالي
حتى إذا غبر الزمان وجدتني
لا أستعيد سواهم في بالي
ومن الليالي كلها لم يبق لي
إلا مجالسهم
وبضع ليالي
***
في الحب
لم أبحث عن امرأة
إذا لاقيتها يوما إذن لعرفتها
حتى إذا صادفتها لم أنتبه
فنسبتها لسواي
ثم فقدتها
لفقت أحيانا عيوبا
لم تكن فيها
وحين محوتها أكدتها

ومحاسنا أوهمتها فتشكلت
حتى إذا أنجزتها صدقتها
وبكيت حتى ظن أني عاشق
وهي الدموع جميلة
فعشقتها
آه على دنيا كسرت زجاجها جهلا
ولو خيرت لاسترجعتها
وبنيت من ذاك الحطام مدينة
أو قرية
أو غرفة
وسكنتها
واليوم كل سعادتي في دمية
لا تستجيب
فكيف لو حركتها
والآن، في كل المآدب
في المعارض
في البساتين الثرية
لا أقارن بين فاكهة وفاكهة
إذا اتفقت مواسمها جميعا
واذا عشقت
فلا أسوغ شهوتي
أو عفتي
وإذا امتنعت فلن أجوعا
جسدي ذكي
حين أطلقه يحذرني سريعا
والعقل.. آه منه..
ما أذكاه منطلقا
وما أغباه هيابا جزوعا!
***
فلأعتذر للفجر
لم أنهض على إيقاعه
متجددا، متحولا
والشمس تولد

لم أكن في حفلة الميلاد
طائرها الخفيف الأولا
ولديمة لم أمش تحت رذاذها
متمهلا
ولكل عصفور تبلل
فاحتمى بنوافذ أغلقتها
ولكل أنثى شيّخت قابلتها
لم أعترف بشبابها الباقي
ولا جمّلتها
ولأطلب الغفران
من عشب طري لم أقبله
ومن نبع سخي لم أمجده
ومن طفل وحيد لم ألاعبه
ومن فرخ صأى في عشه ذعرا
ولم أصبح له أما
ومن أغراس لوز
شدها من شعرها وحش
ولم أضرب على يده
ومن بلد أمين
يستبد به
ولم أقرع له جرسا

فهل فات الأوان على اعتذاري؟
أم أن في صلب الحكاية
أن أضل وأهتدي
فأرى الهزيمة في انتصاري
وأرى انتصاري في انكساري
هي فوق إدراكي.. بلى..
لكنني من دون أن أدري
شريك في الحوار
وأنا الذي أضع التفاصيل الصغيرة
والجميلة
في كتاب الانتظار..