عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

أتاك الربيع

عزيزي القارئ

ما يكاد الربيع يقبل؟ حتى تندفع إلى الخاطر أبيات شاعرنا " البحتري" الأثيرة عن الربيع. وتردد الصدور أصداء بيته الشهير:

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا

من الحسن حتى كاد أن يتكلما

ومن أبواب المفارقة، أنه كثرا مـا يدخل الشعر فيخرج الواقع. ويتساءل المرء عن حقيقة استمرار الربيع طلقا، وضاحكا، وناطقا بالحسن.. وتأتي الإجابة- على الأغلب- ممزوجة بتنهيدة الأسى، إذ إن الربيع يمضي على الأرض العربية، في اتجاه معاكسة لما يخطر عادة في قريحة الشعر العربي المعتق. هذا إذا تناولنا مفهـوم الربيع من زاوية الهموم السياسية العربية، لكن السياسة تظل مجرد قشرة على سطح الحياة بكل أعماقها الدافئة بالحركة والواعدة بإمكانات الجمال. فسواء خمدت الحرب الباردة أو تأججت، وسواء انطفأت الحرب الساخنة أو تتابعت حرائقها، فإن الزهرة تظل على موعدها في الربيع، والنسمة تحافظ على طراوتها باتجاه الربيع. فهل نحن في حاجة إلى استعارة يقين الأرضي في دورة الفصول، لتثبت أقدامنا على هذه الأرض؟!. بعض من التفاؤل يمنحنا بعض القدرة على مواجهـة الهموم. يبدو أننا في حاجة إلى ذلك.. في حاجة إلى ارتشاف حلاوة ألوان الدنيا الربيعية؟ في رفيف أجنحة الفراشات، وبهاء وريقات الزهر، وتمايل العشب، ورقرقة المياه، لعلنا نأخذ من قوة يقين الأرض بعضا ليقيننا الذي كثيرا ما عصفت وتعصف به الأهـواء والأنواء العربية، أو الأحزان العربية. وليست مصادفة أن يجمل هذا العدد في جوهر تكوينه استطلاعا عربيا عن الجولان، يستشرف آفاق عودة هذا الجزء العزيز إلى الأرض العربية السورية. والجولان أرض مدهشة، تنطوي طبيعتها وطبيعة أهلها على رموز شتى توحي بكل ما هو قوي وجميل وخصب. فهي أرض التواصل بين وشائج الأهل برغم قطيعة الاحتلال، وفي خزان المياه الرائقة والتربة السخية برغم غراس الأسلاك الشائكة والأوتاد والألغام. وهل هناك من شك- مهما كان مسار عملية السلام في الأفق القريب أو البعيد- أن العشب في ثرى الجولان طالع، وأن الزهر مع الربيع منير، وأن الفراشات ترف؟ والعصافير تشدو.. كل بميعاد.. كل بميعاد؟. فلنتفاءل تفاؤل الأرض، لنجتاز امتحاناتها التي لم يستطع نسيانها حتى عددنا هذا، عدد الربيع!!، فلم يخل من حديث عن " الزلازل" ومأزق "الهوية"، وارتجاف "شعاب المرجان"، وحزن "الجنوبي"، وتعذيب " البشرة " للبشر. (وإن تناول "حديث الشهر" ببعض التفاؤل إمكانية الثقافة في احتضان مجموعات مختلفة من الشعوب في موضوع المسكوت عنه في حياة المرأة المسلمة").

لنتفاءل- عزيزي القارئ- ولو قليلا، ففي جراب الأرض الساحرة السحري- مع مجيء الربيع- ألف داع وداد اعلما واقعية التفاؤل .

فأهلا بذلك الربيع، وأهلا بك، عزيزي القارئ!

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات