الانشاد في الزفة الصنعانية

 الانشاد في الزفة الصنعانية
        

          لا يوجد عمل تفعله دون أن يتعبك فعله بل ينشطك إلا الانشاد، والدندنة بالأناشيد، وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحادي بالإبل الرفق بالنساء، فقال: «يا أنجشةُ، رويدك سوقك بالقوارير، يعني النساء لشدة تأثرهن، وفي بعض الروايات «رفقا بالقوارير». ومن هنا فإن الذي لا يطرب أضل في ذوقه من البعير. وقديما قيل: كل كريم طروب. قال جار الله الزمخشري: أي: أن الأريحية تهزه، وليس كاللئيم الذي تمكنت القساوة والجفاء من طبعه. وقال في نفح الطيب

          لا تلمني بأن طربت لشجوٍ
                                        يبعث الأنس فالكريم طروب
          ليس شق الجيوب حقا علينا
                                        إنما الشأن أن تشـق القلوب

          ويقول المتنبي:

          أصخرةٌ أنا؟ ما ليَ لا تغيّرني...
                                        هذي المُدام، ولا هذي الأغاريدُ!

          إن المنشد هو دعامة الفرح وعماده، وعليه اعتماده، وبه نجاحه وإنجاحه وإسعاده، وهو صوته الشادي، وعنوانه البادي، وسرور الرائح والغادي.

          يتضمن التراث العربي العديد من قصص الإنشاد وأخباره ومنها أن لصين دخيلين على عالم الانشاد، احترفا النصب عن طريق التزيي بزي النشادين، فحضرا عرسا، وكان كل منهما يشير على صاحبه ما يسرقه من خلال النشيد، فكان منهما هذا المشهد، رأى أحدهم فأسا وراء الباب فقال لصاحبه منشدا:

          أُلقط الفا من قفا البا
                                        يا رفيقا بالسـلامة

          قوله: (الفا) اختصارا لكلمة الفأس و(البا) اختصارا لكلمة الباب، والذي حمله على الاختصار الوزن والتمويه على الحضور.

          وكان زميله قد التقطه وخبأه في كيسه ويسمى المسب، فقال:

          قد لقطناه للمسبا
                                        فاتركن عني الملامة

          المسب وعاء يضع فيه الشخص متاعه أو ما يأخذه من المتاع، وتنطق للمسبا خلافا لحكم النحو الذي يقتضي الكسر، وذلك لتوافق القافية مصراع البيت السابق.

أقسام النشيد:

          ينقسم النشيد من حيث المكان إلى إنشاد في الديوان، وإنشاد في الزفة، ومن حيث الأداء إلى الموال والأنشودة والمشرب ويختم بالدعاء بعده، وهذا تفصيل بذلك:

          زفة الحناء: تتم زفة الحناء في أول ليلة من ليالي العرس، يؤخذ الحناء فيخلطه المزيّن أو أحد أصدقاء العريس، ثم يأتي المنشد فيزف حيث يقوم بالإنشاد بصوت مرتفع، وعاء الحناء من المكان الذي خلطوه فيه إلى العريس، حيث يكون حامل وعاء الحناء وسط حلقة الزفافين للحناء، ومدة زفة الحناء قصيرة متوسطها ربع ساعة، ويقدم فيها ملخص لأناشيد الزفة.

          ويستمرون في زفة إناء الحناء حتى يضعوه بين يدي العريس، فيمد يده، ويضعون لطخة من الحناء فيها، في اليد كلها، كهيئة غسل اليد إلى الرسغين، ثم يمد قدمه فيصنعون به كذلك ويلطخون رجله كاملة إلى الكعبين. ثم ما بقي من الحناء يتنازعه الشباب في صورة مرح ومزاح وفكاهة رائعة.

          زفة الديوان: وهي المقطوعات الإنشادية التي تلقى في مجلس القات أو القاعة، وهناك أناشيد تختص بزفة الديوان، وأناشيد تختص بزفة الليل، وأناشيد تقال في الزفتين.

          وتتميز زفة الديوان بالدعاء للعريس وللضيوف والحضور بعد كل أنشودة، وأن الأنشودة تختم بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) يؤديها الجمهور مع المنشد، وهذه الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) موضعها قبل الدعاء، وحال نشاط الناس، فإذا ضعف حماس الناس، صلى المنشد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لحاله، ووصل الدعاء بها، وأما زفة ليلة الدخلة فتُلقى كلها تباعا، لا يفصل بينها شيء.

          يضاف إلى ذلك أن زفة الديوان تلقى فيها الأناشيد التي لا تحتاج إلى ترديد من الناس، والإكثار من الموَّالات.

زفة ليلة الدخلة:

          وهي الزفة الكبرى، وفيها الوصلات الإنشادية الكبيرة، والألحان المتعددة والمتنوعة، التي تحتاج إلى ترديد وتمتاز بالحيوية والحماس، وفيها يُكرم العريس غاية الإكرام، ويلبس عقود الفل، ويتوج بالعكاوة «العكاوة إكليل الشذاب والزهور والفل يوضع على رأسه ويحمل على الأعناق، والسيف في يده أو البندقية الثمينة، والمنشد يزفه، والناس حوله، ويأخذون صورا تذكارية معه».

          وتأخذ الزفة شكل الحلقة الكبيرة، كأنها عقد لؤلؤ واسطته العريس، يقف العريس في جهة، والمنشد في جهة مقابلة له، والناس في صفين ممتدين، وربما جلس العريس على كرسي، وأنشد المنشد أناشيده بين يديه، تجعله الأناشيد أميرا. يقول له المنشد: أنت فينا الأمير ونحن الرعية. وتختتم زفة ليلة الدخلة عادة بأنشودة يتحلق الناس فيها حول العريس، ويتراقصون، وربما ابترعوا أيضا (رقصة حربية بالخناجر) إنها ذروة الفرحة، وفوران الزفة، وتمام البهجة، واكتمال السرور، وربما انقسم الحضور إلى صفين، ويمشي العريس من بينهم يدخل إلى داره كأنه ملك.

          أما أقسام النشيد من حيث الأداء فهناك: الموال، وهو انشاد مفرد بلحن جميل، وأداء جليل، وصوت ممدود، يلقيه المنشد بين يدي الأنشودة، وهذا قد يقال وقد يترك، ثم الأنشودة نفسها، ويختتم بالـمَشْرَب، وهو موال آخر يلقى بعد الأنشودة، وهذا غالبا ما يقدمه المنشد ونادرا ما يتركه، وبعد المشرب، الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) بصورة جماعية أو فردية، ثم الدعاء.

شروط المنشد:

          هناك شروط عدة للمنشد هي الصوت الحسن، وتَمكّنه من اللحن، والتنوع في الألحان، وجودة التلاوة، وحفظ الأدعية المأثورة والمناسبة؛ لكل حالة من حالات الفرح، وهذا بيانها:

1. الصوت الحسن:

          وهو شرط وجود؛ بمعنى أنه بوجوده يكون منشدا؛ فالمنشد هو الصوت، وكلما كان صوته أحلى كان سعره أغلى.

2. تَمكّنه من اللحن:

          إن الانشاد صوت ولحن مُزِجا أداء رائعا، وتكاملا تكاملاً بديعا، ولا سيما اللحن الصنعاني، فهو رأس الألحان، ووجه الإنشاد، وواجهة النشيد وهو ركن الألحان الأعظم، وعمدتها الأهم، يغني بوجوده عما سواه، ولا يغني عنه من الألحان غيره.

          ولكن الذي نرمي إليه هنا هو جودة التمكن من اللحن حتى يذل على لسان المنشد، فيطيل فيه، ويقصر منه، ويزيد ويحذف ويعلي ويخفض، وهو في إطاره لا يذهب رونقه ولا يؤثر في جماله بل يبلغ من التمكن حدا يجعله يقلِّب اللحن كيفما يشاء ويتصرف فيه كما يريد كأنه عجينة.

3. التنوع في الألحان:

          لابد للمنشد من تنويع الألحان، وكلما كثرت أنواع الألحان لديه زادت رغبة الناس فيه، وتعاظم دخول السرور عليهم منه، واشتاقت له القلوب، وتشنفت لسماعه الآذان.

          إن على المنشد أن يكون سلطانا في التنوع والتواضع، لأن التنوع لون مهم من ألوان الغنى والكثرة، فالمنشد كثير الألحان منشد غني، يطرب سامعيه، ويريح مستمعيه، ويحيي فرحه بما تلذه الأسماع، فيقطف لحنا من صنعاء، ويرسل بلحن لحجي، ويتبعه بآخر حضرمي، ويجعل بينهما لحنا تهاميا يحرك به الأشجان، ومن أبرزها لحن: صلوا على من زكي عقله، والذي غزى اليمن، وأطرب كل أذن.

          ولا تغيب عنه وصلة من لحن شامي، وآخر خليجي، وثالث مصري، ورابع مغاربي، وخامس عراقي، قد أحسن انتقاءها، وتفنن في أدائها، فجعلها تحت سيطرة الذائقة اليمنية، لها نسبٌ إلى أهلها، وجمال الفن اليماني باد عليها، فيجمع لك الدنيا في مقام واحد، وأخص منها الألحان الصوفية ففيها عجائب رائعة.

4. جودة التلاوة:

          إن أحق ما تكون التلاوة، وأجدر ما توجد في صاحب الصوت الحسن، فقد أوتي هبة عظيمة، فالناس يقدمونه للصلاة بهم بين يدي ربهم ، أو أمام جموعهم في احتفالاتهم ليقرأ عليهم، فيلزمه أن يحضر دورات التحفيظ، ويقرأ على أيدي المشايخ، وإن كنت لا أقنع حتى يحفظ المصحف، وإلا فأجزاء كثيرة منه، ويحسن به أن يقلد لونا من ألوان القراءة، وبخاصة القراء المصريين أمثال الحصري والمنشاوي والطبلاوي فيكثر من سماعهم، وحسن التأسي بتلاوتهم، وربما قلد بعض أئمة الحرم، فللحرم مكانته، ومع جودة التلاوة يحتاج المنشد إلى روائع الدعاء، وهذا ما يتناوله الشرط الآتي.

          حفظ الأدعية المأثورة والمناسبة لكل حالة من حالات الفرح:

          ومن أحسنها جمعا، وأعظمها ترتيبا، وألذها أداء أدعية أئمة الحرم المكي، غير أنه ينتقي منها ما يناسب الحالة، فللأعراس مثلا أدعيتها من لَـمِّ الشمل، والدعوة بالبركة، والجمع على الخير والرزق بالأولاد ونحوه، ويدعو للحضور وللإسلام والمسلمين، ويدعو للمجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها.

          إن المنشد الجيد ليس صوتا فقط، بل يلتمس من العلوم الشرعية واللغوية، فيكون له طرف فيها.

صفات المنشد:

          هناك عدة صفات ينبغي توافرها في المنشد ومن أهمها: المرح وانبساط الوجه؛ حسن الخلق، الحيوية والنشاط، والفطنة والذكاء، وقوة التحمل على الإنشاد وقت طويل، والادخار والكسب والأناة، وعدم التسرع بالمدح والذم، وهذا بيانها:

1. المرح وانبساط الوجه:

          إن المرح والانبساط أمر مهم في المنشد، بل هو مصدر رزق له؛ لأنه سبيل لخطف القلوب إليه.

          من المهم التأكيد على قول القائل: كل واحد يشتي سلاه، (يشتي أي يشتهي) يقصد كل إنسان يريد ما يسليه ويرضيه، فالإنسان الحق يسمو فوق آلامه ويضحِك غيره، ويدخل عليه السرور.

2. الحيوية والنشاط:

          إن الحيوية والنشاط علامة بارزة في جذب القلوب؛ بحيث يصبح المنشد محور الارتكاز، ونقطة الإشعاع، وينبوع الابتهاج، ونهر العطاء الفياض، فيتراقص بألحانه، ويتلاعب بالعقول بجميل صوته، ويريح الأنفس بنشاطه، ويحرك الأشجان.

          قال جرير الخَطَفي: ما عشقت قط، ولو عشقت لنسبت نسيبا تسمعه العجوز فتبكي على ما فاتها من شبابها. (النسيب شعر يذكر صفيه النساء والغزل)، وهكذا المنشد يحرك الشجون، حتى يذكر الشيخ الهرم يوم شبابه، ويذكِّره ما مضى، ويرسم صورة الأفراح في كل نفس.

          إن الحيوية أمر يتعدى النشاط إلى حسن استخدامه، فحركة اليدين، والرأس، والعين، وتحركات الجسد، كل ذلك من الحيوية التي ينبغي للمنشد أن يستفيد منها، بحيث يصبح صانع اتجاهات الفرح، ومحركها.

          ومن المهم أن يكون المنشد خفيفا في حركته، وأن يكون نشيطا لقيامه وجلوسه، وأن يتجنب الكسل، وأن يخدم نفسه بنفسه، فإن الإنسان النشيط محبوب مرغوب، وأما الكسلان فهو عالة على الناس، يَمَلُّه كل من يجلس معه، أو يبتلى بمصاحبته.

3. الفطنة والذكاء:

          إن المنشد الجيد الحاذق ذكيٌّ فطنٌ، ومن فطنته أنه يرحبُ بالضيوف، ويختصهم بالتحية بين الحين والحين، وأقصد بالضيوف كل من حضر العرس فكلهم ضيوف العريس، وأن يتفطن لدخول الضيف الكبير، ويذكر في دعائه صاحب المقام إذا كانوا في ديوان فتحه صاحبه للعرس تكرمة للعريس واحتفاء به.

          ومن الفطنة أن ينتقي ألفاظه، ويتخير كلماته، ويبتعد عن المعاني المبتذلة، ومواضع الخلاف، ودواعي الاختلاف، بل يصنع من أناشيده وَشْيا محبرا، وعقد لؤلؤ مطرزا، ويجعل ألحانه مما تألفه الأذن، ويستطيعه الناس، ويتمكن من حفظه الجمهور، فهذا كله من الفطنة. وهذه أمثله في التفطن للانتقاء الكلام والغفلة عنه:

          ومن الذكاء أن يصنع الشاعر التابع للفرقة أبياتا يخص فيها العريس بأبيات فيها باسمه واسم أبيه، ويجعل منه محورا للقصيدة، واسم قريته وعشيرته، وأنسابه إن استطاع ولم يكن فيه إحراج.

          ومن الذكاء أن تكون الأناشيد متعددة الألحان، وقد سبق ذكر ذلك قَبْلًا، ولكن المراد هنا هو الذكاء الفني في التنويع وطرب الألحان.

4. قوة التحمل على الإنشاد وقت طويل:

          إن جهة رزق المنشد من صوته، واحتياج الناس له متعلق بقوة تحمل صوته للأداء لوقت طويل، فهو سوف ينشد في مجلس القات، وفي الزفة، وهذا يستغرق وقتا طويلا، فلا بد أن يدرب نفسه على ذلك.

          إن قوة التحمل تأتي من المران والدُّربة، فيأخذ نفسه شيئا فشيئا، حتى ينشد الوقت الطويل، ويستطيع الاستمرار الزمن المتسع، وكلما آنس من نفسه قدرة على وقتٍ تجاوزه إلى أوسع منه.

          قال أعرابي: الصبر قطب الأمر الذي عليه تدور الأمور، وليس علم من أعلام الفضل إلا والصبر سببه ومسببه. وقال ميمون بن مهران: ما نال عبد شيئا من جسم الخير من نبي أو غيره إلا بالصبر. وقال ثابت البناني تلميذ أنس بن مالك: كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بـها عشرين سنة.

          ومن قوة التحمل أن يدرب نفسه على طول النَّفَس، ويكون ذلك من خلال انغماسه في الماء حتى يستجمع من النفس ما يبلغ الدقيقتان والثلاث وزيادة، ثم يدرب نفسه الاقتصاد في إخراجه، وحسن الانتفاع به، والتحكم فيه، وإن ذلك لضروري له، حتى يمد صوته في النشيد كيف أحب، ويتلاعب فيه كيفما يريد. وفي هذا فائدة طبية تمرن صمامات القلب.

          وسأضرب لك مثلا: انظر المقرئ الشهير عبد الباسط عبد الصمد, يقرأ بنَفَس واحد تجويدا من سورة الشمس حتى يبلغ سبع آيات بتلاوة مديدة، يحبرها تحبيرا، هذا وحرف الهاء يستنزف الهواء، ويقرأ آيات عدة من سورة التكوير بنفَس واحد، حتى قال أحد المستمعين هذا بداخله خزان هواء.

5. الادخار والكسب:

          إن الادخار والكسب من أهم الأمور التي ينبغي للمنشد إتقانها وتعويد نفسه عليها، فليست الحياة أكلا وشربا ودخولا للحمام؛ لتفريغ ذلك، وليس ما جمعناه أكلناه، إنه لا بد من جمع مال وكسب عقار وغير ذلك.

6. الأناة، وعدم التسرع بالمدح والذم:

          قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لا تعجلوا بحمد الناس، ولا بذمهم؛ فلعل ما يسرّكم منه اليوم؛ يسوؤكم غدا، وما يسركم اليوم؛ يسوؤكم غدا، فإن الناس يحبرون، فإنما يغفر الله الذنوب.

          أقول: الأصل ابتعاد المنشد عن الذم أبدا، فالحياة دائرة، والألفاظ متناقلة.

7. حسن المظهر:

          إن المظهر هو الرسالة الأولى التي تنم عن شخصية الإنسان، وتدل على عقله وذوقه، وتعطي للشخصية رونقا، وقد قيل: يُقبِل الرجل بشكله، فإذا تكلم أفصح عنه عقله.

8. العلم بالعربية، والصحة اللغوية نطقا وكتابة:

          إن الصحة اللغوية، تعطي المتحدث بها فخامة وأَلَقًا، وتجعل المنشد واثقا من نفسه، قويا في أدائه، جميلا في عباراته؛ لأن الصحة اللغوية من حسن المظهر، لا تجد من يعيرك لسانه.

          إن المنشد يرفع عقيرته بالكلام ويمد صوته ملحنا به، فينبغي له تحري الصواب، والصحة اللغوية، وعدم الخطأ في النحو أو الصرف، والنحو يتعلق بأواخر الكلمات والصرف يتعلق ببنية الكلمات، فإنه يرفع صوته بالخطأ وبمكبرات الصوت، فيكون خطؤه مشهودا على مسامع الخلق.

          قال عبد الملك بن مروان: اللحن في الكلام (أي الخطأ في النحو أو الصرف) أقبح من الجدري في الوجه، وأوصى بعض العرب بنيه، فقال: يا بَني أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيتجمل فيها فيستعير من أخيه دابته، ومن صديقه ثوبه، ولا يجد من يعيره لسانه.

          نقل عن أبي الأسود الدؤلي أن ابنته رفعت وجهها إلى السماء، وتأملت بهجة النجوم وحسنها، ثم قالت: ما أحسنُ السماءِ؟ على صورة الاستفهام، فقال لها: يا بنية «نجومها». فقالت: إنما أردت التعجبَ. فقال لها: قولي: «ما أحسنَ السماءَ» وافتحي فاك.

          وخلاصة القول إن الزفة بالإنشاد تعد أبرز الفنون الفرائحية في العرس، ويتم العناية بها والاعتناء لها بما يجعلها لوحة فنية تذكارية في حياة كل عريس، يصدق معها قول المنشد في الزفة: إنها ليلتي، وحلم حياتي.

 

 

محمد عبدالله الحاوري   





الصور من أرشيف العربي.. تصوير سليمان حيدر





اللحن الصنعاني هو رأس الألحان وعمدتها





الزفة الصنعائية.. تتنقل بين الألحان الحضرمية واللحجية والعربية





زفة الحناء كانت ولا تزال مصدراً لإلهام الفنون الشعبية اليمنية