الكويت استضافت مؤتمرا دوليا لبحث احتمالات المستقبل: البيئة دفعت ثمنا فادحا

الكويت استضافت مؤتمرا دوليا لبحث احتمالات المستقبل: البيئة دفعت ثمنا فادحا

تصوير: فهد الكوح

سنوات طويلة سوف تمر, قبل أن تتضح أبعاد ما أصاب البيئة في الكويت ومنطقة الخليج العربي من أضرار, جراء إشعال الحرائق في مئات الآبار النفطية, وسكب ملايين البراميل من الزيت الخام في مياه الخليج.

الآثار المباشرة التي عاناها بعض السكان الذين عايشوا تلك الأيام التي قام خلالها جيش صدام حسين, قبل انسحابه بهذا العمل الشائن, وكذلك الاحتمالات المستقبلية التي يبحثها المتخصصون في شئون البيئة, هي ما دعا إلى عقد مؤتمر دولي شارك فيه علماء وخبراء بيئيون من مختلف دول العالم, واستهدف على مدار ثلاثة أيام دراسة الآثار (السلبية) بعيدة المدى الناتجة عن حرب الخليج على البيئة.

المؤتمر الذي قام بتنظيمه معهد الكويت للأبحاث العلمية اشتمل على 55 ورقة علمية تم خلالها مناقشة موضوعات شديدة الأهمية تناولت البيئة البحرية والنظم الإيكولوجية لها, إضافة إلى مسح الملوثات, وتأثير حرب الخليج على البيئة الساحلية, والبحث في كيفية إعادة تأهيل تلك البيئة وتجاوز حجم الدمار الذي تعرضت له.

واستهدف المؤتمر ـ الذي شارك فيه باحثون من المملكة العربية السعودية, ودولة الإمارات العربية المتحدة, إضافة إلى البحرين وقطر ومصر وسوريا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيران وإيطاليا واليابان وهنغاريا وباكستان والهند إلى جانب الدولة المضيفة ـ الكويت ـ التعرف على سلوكيات ونمط انتشار وتحرك الملوثات المختلفة في إطار البيئة الكويتية ومنطقة الخليج العربي, وتحديد آثار السموميات في البيئة بشكل عام, إلى جانب تقييم المخاطر البيئية الناجمة عن تلك الملوثات, وفي الوقت نفسه إلقاء الضوء على الأبحاث المستقبلية والتطورات الإدارية الخاصة بإعادة تأهيل البيئة.

رئيس اللجنة التنظيمية العليا للمؤتمر الدكتور صالح محمد المزيني أوضح لنا حين التقيناه عقب افتتاح المؤتمر الذي رعاه النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح, أن التقارير أوضحت أن كمية النفط التي كانت تحترق في دولة الكويت عقب إشعال النيران في الآبار النفطية, بلغت من خمسة إلى ستة ملايين برميل في اليوم الواحد, وهو ما تصل قيمته إلى 120 مليون دولار, كما أن كمية الدخان المتصاعد من 732 بئرا نفطية تم إحراقها على أيدي قوات الاحتلال الصدامي, قد قدرت بنحو 650 ألف طن, مشيرا, إلى أن الكويت استطاعت ـ بفضل من الله ـ أن تسيطر على هذه (الكارثة) البيئية في زمن قصير فاق أكثر التوقعات تفاؤلا, كما أن الآثار المترتبة على تلك الحرائق لم يتم التعرف عليها بعد, وأن هناك بركا نفطية تنتشر على مساحة 700 كيلومتر من الأراضي الكويتية لاتزال موجودة, وهو الأمر الذي يتطلب مزيدا من الدراسات العلمية الدقيقة والمتابعة المستمرة لتقييمها وإزالة آثارها.

تشريعات ضرورية

فعاليات المؤتمر كانت قد بدأت بكلمة للشيخ صباح الأحمد أكد فيها أن الشعب الكويتي لايزال يعاني من الآثار الصحية والبيئية والاقتصادية الناتجة عن ذلك العمل المدمر, مشيرا إلى الكلمة التي كان صاحب السمو أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح قد ألقاها في مؤتمر (قمة الأرض) التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992 والتي دعا من خلالها إلى (اتخاذ الإجراءات الكفيلة من أجل إصدار التشريعات اللازمة التي تؤكد أن الدمار المتعمد للبيئة, جريمة ضد الإنسانية يجب معاقبة مرتكبيها بأشد العقوبات).

من جهته وصف مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور عبدالهادي العتيبي ما حدث على أرض الكويت بأنه من أبشع الجرائم البيئية التي عرفها التاريخ المعاصر, و"أكبر كارثة بيئية تصنعها أيدي البشر على مر الزمن".

واستعرض الدراسات والأبحاث التي قام بها المعهد للتأثيرات البيئية الناتجة عن حرق آبار النفط وحركة الملوثات الهوائية من جراء هذا الاحتراق والدراسات المتعلقة بتقييم البيئة البحرية وخاصة الثروة السمكية والدراسات المتعلقة بتقييم البيئة الصحراوية.

التلوث البحري

وقد انقسمت أيام المؤتمر الثلاثة إلى أربع جلسات تناولت الآثار السلبية لحرب الخليج على البيئة من كل جوانبها, ففي الجلسة الأولى التي خصصت لتناول (وضع التلوث على البيئة البحرية), تعرضت عدة أوراق علمية بإسهاب إلى حالة التلوث النفطي في منطقة الخليج العربي, فالدكتور سكوت فولر من المنظمة العالمية للطاقة النووية في مختبر موناكو, أشار في ورقته إلى أن جزءا كبيرا من بقعة النفط اتجهت من منطقة الكويت جنوبا إلى السواحل السعودية, الأمر الذي أحدث تلفا كبيرا للخواص الطبيعية فيها, في الوقت الذي لوحظ فيه أن جزءا من بقعة النفط قد تخللت مياه الخليج العربي.

وأضافت الورقة العلمية أيضا أنه طبقا لتسلسل عمليات المسح التي أجريت بعد انتهاء العدوان العراقي على دولة الكويت عام 1991, فإنه تبين أن التلوث النفطي غطى ما يعادل 400 كيلومتر من السواحل الخليجية العربية, وأن أكثر المناطق تضررا كانت سواحل المملكة العربية السعودية بين رأس الخفجي ورأس الغار.

وبينت نتائج الدراسات أيضا أن التلوث النفطي الهيدروكربوني قد وصل إلى نسبة كبيرة في عام 1991, وأوضحت عمليات المسح أمورا مهمة منها أن التلوث بالمواد الهيدروكربونية في مياه البيئة البحرية قد تركزت على شكل طبقة رقيقة على سطح مياه البحر, وأنه بعد 18 شهرا من حرب الخليج كانت الطبقة الرقيقة تغطي سطح مياه الخليج ثم تحولت إلى مواد سامة, (تسممت) الحيوانات اللافقارية, كما أثبتت ذلك التحاليل.

في الوقت نفسه أشارت دراسة علمية قدمها الدكتور دون أوراند من معهد بكتل لعلوم المحيطات في الولايات المتحدة الأمريكية وانسكاب النفط, إلى أن النفط قد تغلغل فقط إلى الطبقات السطحية من الرواسب القاعية لسواحل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, مرجعا ذلك إلى ضعف الظواهر الطبيعية التي تقوم بهذا الدور, وحذرت الدراسة من أنه إذا لم تستمر عمليات تنظيف الشواطىء الملوثة بالنفط, فإن الطبقات الثقيلة من البترول سوف تغطي مساحات كبيرة من شواطىء المملكة العربية السعودية كمناطق الدوحة والمسلمية.

المناطق السطحية

أشار الدكتور محمد عبدالمعطي من جامعة قطر إلى نتائج مشابهة للمناطق الساحلية من الشاطىء الغربي لدولة قطر, حيث أوضح أن النفط قد تغلغل إلى المناطق السطحية من التربة في جميع المناطق التي تم مسحها للنفط, وهو ما يوضح مدى التلوث الذي وصلت إليه المناطق الساحلية حيث سيظل في هذه المناطق لسنوات عديدة ومن ثم فإنه سوف يؤثر على مكوناتها البيئية.

وأوضحت الدراسة التي قدمها للمؤتمر أنه بعد خمس سنوات من حرب الخليج وتأثر التربة الصحراوية بالنفط وتشكل البحيرات النفطية في مناطق حقول النفط, وهو الأمر الذي يهدد بتلويث المياه الجوفية, إلى جانب تلوث البيئة البحرية نتيجة لانسكاب النفط من خلال العمليات البحرية والأعمال التخريبية المتعمدة ضد المنشآت النفطية, ومعرفة تأثير هذا التلوث على البيئة, فإن الأمر يحتاج إلى جهود جبارة لمعرفة الأضرار التي وصلت إليها البيئة الصحراوية والبحرية.

نظم الكائنات

وفي اليوم الثاني للمؤتمر, والذي شهد جلستين, حملت الأولى اسم (صحة نظم الكائنات البحرية الحية), وتركزت على وضع البيئة البحرية بعد خمس سنوات من حرب الخليج. أشارت نتائج الأوراق العلمية إلى أنه على الرغم من التأثيرات العكسية على الكائنات الحية في البيئة الساحلية بسبب تصريف النفط, فإنه بعد خمس سنوات من الحرب تعافت الكائنات الساحلية الحية وزاد عدد طيور الشتاء وتكاثرت الطيور الساحلية المستوطنة, وعادت إلى وضعها الطبيعي.

وقد أوضح الدكتور (أ.د. برايس) من جامعة (وورويك) من المملكة المتحدة خلال استعراضه للوضع الراهن للبيئة الساحلية في منطقة الخليج العربي, وقيامه بشرح التأثيرات والنتائج المتخلفة عن حرب الخليج على الصحة البيئية للخليج عامة, أنه لم يكن من الممكن توضيح الوضع بصورة كاملة, نظرا لنقص المعلومات الأساسية والربط ما بين التأثيرات الناتجة عن حرب الخليج والتأثيرات الخلفية والضغوط الطبيعية في البيئة البحرية في المنطقة. وأشار إلى أن الاهتمامات البيئية المتعلقة بحرب الخليج بحاجة إلى استعراض أكثر وضوحا, وتقسيمها بكل دقة ومقارنتها مع تحديدها بالنسبة لإدارة المناطق الساحلية وتقييمها مع الضغوط البيئية والضغوط الاقتصادية الاجتماعية.

وأكدت دراسة د. خان أن بقاء الوضع الطبيعي يستدعي دراسة مستدامة للوضع البيئي في منطقة الخليج العربي, تهتم بعلاقة الكائنات الحية بالبيئة, وهو ما يتطلب بحثا دائما مع مراقبة دائمة للوضع البيئي واستجابة إقليمية موحدة ومتفق عليها بالمنطقة لمعالجة هذا الوضع, خاصة ما يتعلق بعلاقة الكائنات الحية بالبيئة, والتي يجب أن تدعم بالبحوث والدراسات البيئية بشكل جوهري مع ربطها بصناع القرار على المستويين الإقليمي والوطني, كما ينبغي أن تكون حماية البيئة ومبادرات المعالجة منبعثة عن سياسة بيئىة منسجمة إقليميا وتتركز على مبادىء التنمية المستدامة.

انسكاب النفط

الدكتور فريد هلم كروب من معهد سفكن الألماني وزميله د. محمد المسري من اللجنة الوطنية لصيانة الحياة البرية والتنمية في المملكة العربية السعودية قدما ورقتين, حول التأثيرات الناتجة عن انسكاب النفط خلال حرب الخليج وتأثيرها على الحيوانات البحرية والنباتات الساحلية في منطقة الجبيل التي يمنع فيها صيد الطيور والحيوانات من أجل الحفاظ على الحيوانات البرية والبحرية.

وقد أظهرت الدراسة التي أجراها الدكتور كروب أن النباتات والحيوانات البحرية التي تعيش في منطقة المد والجزر قد تأثرت تأثيرا مباشرا وبصورة خطرة أكثر من تلك التي لم تتلون بالنفط الناتج عن البقعة النفطية, إضافة إلى أنه على الرغم من انخفاض أعداد الأسماك في المناطق القريبة من الساحل السعودي من منطقة الجبيل عام 1992, فإن الأسماك أخذت تتواجد مرة أخرى وبكثرة في عام 1994, وعليه أضاف الدكتور كروب أن منطقة المد والجزر للجزء الأعلى منها قد تغطى بالنفط والقطرات النفطية, لذلك فقدت هذه المنطقة معظم النباتات والحيوانات التي كانت دائما تعيش فيها, بينما استعادت الحيوانات البحرية الكبيرة عافيتها في هذه المنطقة بنسبة ما بين 60% إلى 100 % خلال عام 1995, أما التلف الذي أصاب أشجار (المنجروف) والشجيرات الملحية فإن تأثير النفط عليها سوف يبقى لعدة عقود من السنين حتى تستعيد تلك النباتات عافيتها وتعود كما كانت عليه, وأضاف أيضا أن كثرة الأسماك ووجودها وقربها من الصخور البحرية القاعية قد أظهرت تغيرا مهما في نوعيتها خلال السنوات الماضية.

في الوقت نفسه قدم الدكتور ريتشارد سنودن من المملكة المتحدة دليلا على أن بعض الحيوانات البحرية التي تعيش في منطقة المد والجزر في منطقة الخليج العربي تبدو نشطة بيئيا وليست ساكنة خلال فترة الشتاء, واقترح ضرورة الاستفادة في حال وجود ظاهرة كهذه, وذلك بفهمها لتأسيس المعلومات الأولية والأساسية بشأن تأثيرات الكوارث البيئية مثل بقعة النفط التي حلت على الخليج العربي, كما دلت النتائج التي حصلت عليها دائرة العلوم البيئية بمعهد الكويت للأبحاث العلمية بأن الحيوانات اللافقارية التي تعيش في قاع البحر في مناطق المد والجزر الكويتية بأنه يوجد نقص كبير في الكثافة والنوعية لتركيبة الفصائل الحيوانية إبان حرب الخليج إذا ما قورنت بالمعلومات للسنوات من عام 1987 إلى عام 1989.

عوامل مناخية

اما الجلسة الثالثة للمـؤتمر فقد خصصت للدراسات المتعلقة بتلوث الأراضي والهواء والصحة العامة, فقد قدم الدكتور ظاهر حسين من جامعة الملك فهد بالمملكة العربية السعودية بحثا حول الوضع البيئي للأراضي الصحراوية والغلاف الهوائي قبل وبعد حرب الخليج, مشيرا فيه إلى أن المشاكل البيئية تركزت على تلوث البيئة الهوائية الناتجة عن حرق آبار النفط في دولة الكويت, حيث قدرت كمية ثاني أكسيد الكربون بحوالي 22 ألف طن, فيما قدر السخام الجوي بحوالي 18 ألف طن إلى جانب آلاف الأطنان من غاز أول أكسيد الكربون وأكاسيد غاز النتروجين التي أطلقت من آبار النفط المحترقة يوميا, كما أن كميات السخام التي تساقطت على السواحل البحرية في منطقة الخليج العربي تعتبر ذات أهمية كبيرة نظرا لما لها من تأثير عكسي على مكونات البيئة البحرية, وقد عرضت الأدلة التي توضح التأثير العكسي والضار لهذه الكميات من السخام عند ترسبها على البيئة الصحراوية, وأكد الباحث أن برامج التأهيل البيئي في المناطق المتضررة يجب أن توضع في حيز التنفيذ, كما أن البحيرات النفطية المنتشرة على مناطق واسعة من البيئة الصحراوية الكويتية ليست سوى أحد مظاهر حرب الخليج.

وأشارت الدراسة أيضا إلى أن الصور التي التقطت بواسطة الأقمار الصناعية, قد أوضحت أن البحيرات النفطية قد تم تغطيتها بواسطة الرمال واختفت من سطح البيئة الصحراوية, إلا أنها مازالت تشكل مشكلة بيئية على البيئة الصحراوية والبحرية أيضا. وقد أظهرت الدراسة التي قام بها الدكتور طلعت سعيد من معهد الكويت للأبحاث العلمية أن سطح هذه البحيرات النفطية أصبح أكثر سمكا نظرا لتعرض النفط إلى العوامل المناخية, وأضاف في دراسته أن النفط في هذه البحيرات سيظل فيها لفترة طويلة من الزمن, كما أن مركبات الهيدروكربونات البترولية في هذه البحيرات النفطية سيزداد عددها, وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المركبات لها أضرارها الخطرة, وتعرف بالمركبات المسرطنة.

من جهته قال د. محمد الصرعاوي مدير الهيئة العامة للبيئة في الكويت إن نتائج الأبحاث التي أجراها أوضحت أن النفط قد نفذ خلال التربة الأرضية في منطقة (برقان) النفطية, ويغطي النفط فيها مساحة تصل إلى 49 كيلومترا مربعا, ويقدر حجمه بحوالي 22 مليون متر مكعب, وهذا التسرب ناتج من النفط الخام عند احتراق آبار النفط. وأشار إلى دراسة تم خلالها مسح للملوثات الهوائية حيث أوضحت أن تركيز الملوثات التي كان مصدرها حرائق آبار النفط قد أخذت تعود إلى مستوياتها المعتادة خلال الفترة ما بين 1991 وحتى 1995.

وأكد الدكتور شارلز إيزاموزي من جامعة الكويت أن نتائج تحليل غبار الهواء الذي تم جمعه خلال حرائق النفط, أثبت أن له تأثيره في تقليل نشاط خلايا جسم الإنسان والحد من قدرتها على الدفاع عنه حينما يتعرض للأمراض الميكروبيولوجية.

أما الدكتور فهد الخضيري من مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياضة بالمملكة العربية السعودية, فقد أشار إلى أنه تم تجميع عينات من الهواء لمدينة الرياض قبل وبعد حرب الخليج لمعرفة مدى احتوائها على العناصر المسببة للسرطان, وقد أظهرت نتائج التحليل بوضوح أن هناك زيادة في نشاط المواد السرطانية في الهواء, يمكن أن تؤثر على سكان الرياض, وأن تقييم ذلك يتطلب إجراء دراسة تفصيلية في علم الأوبئة للرياض والمناطق المحيطة بها.

المعالجة البيولوجية

وعن (الإدارة البيئية والمعالجة البيولوجية والإنتاجية) دارت مناقشات الجلسة الرابعة والأخيرة للمؤتمر الدولي, فقد ناقشت الأوراق العلمية في هذه الجلسة تأثير نشاطات الحرب على البيئة الصحراوية وطرق معالجة هذه التأثيرات.

وقد قدم الدكتور رأفت ميساك من معهد الكويت للأبحاث العلمية دراسة تعلقت بتقييم التأثيرات البيئية لحرب الخليج على البيئة, خاصة ما يختص منها بتحركات الجيوش خلال الغزو الصدامي للكويت وحرب الخليج, وقسمت هذه النشاطات إلى ست مهام رئيسية تتمثل في انتقال الجيوش, وزرع الألغام والمعارك الجوية والأرضية, وحرائق آبار النفط, وتأهيل وإصلاح تلك الآبار, والتخلص من المعدات الحربية.

وأشارت الدراسة إلى أن الدمار الطبيعي للبيئة الصحراوية قد تمثل في تغيير مكونات التربة الصحراوية, وشكل الأرض, بعد أن تم دك التربة وقطع النباتات الصحراوية وترك الأرض جرداء إلى جانب تلوثها بمختلف الملوثات, وقد أدت هذه التأثيرات إلى التصحر وزحف الرمال وانجراف التربة بالرياح إلى جانب بطء شحن الأرض بالمياه خلال فترة الأمطار.

وخلصت إلى القول إن مشكلة التصحر تعد مشكلة بيئية خطيرة تتطلب تضافر الجهود المحلية والإقليمية للتغلب عليها ووضع برنامج لإعادة تأهيل المناطق المتصحرة, إلى جانب دعم برامج السيطرة على التصحر.

كما ناقشت عدة أوراق علمية تم عرضها خلال تلك الجلسة, التسرب النفطي والدخان الناتج عن احتراق مئات من آبار النفط الكويتية, وأثرها على التنوع البيولوجي في البنية الصحراوية.

في الوقت نفسه تعرضت مناقشة الجلسة الأخيرة إلى الاستفادة من المعالجة البيولوجية للقضاء على النفط المتبقى في البحيرات النفطية والتربة الملوثة بالنفط في البيئة الصحراوية, وتطرقت المناقشات إلى المعالجة الحيوية للتربة الملوثة بالنفط, وناقشت ثلاث تقنيات مختلفة للمعالجة الحيوية وهي (الحراثة البيولوجية), و(تكويم التربة وتقليبها), ثم (تكويم التربة دون تقليب), وقد أثبتت هذه الطرق قدرتها على معالجة التربة الملوثة.

وقد أفاد الدكتور أحمد الجبلي, الأستاذ في جامعة الكويت أن الأبحاث التي أجريت على التربة الملوثة بالنفط يمكن معالجتها بطريقة الحرارة وهي طريقة أثبتت قدرتها على تخليص التربة من النفط, وفي الوقت نفسه يمكن الاستفادة من النفط المنتج من هذه الطريقة.

أما الورقة المقدمة من الدكتور عبدالنبي الغضبان من معهد الكويت للأبحاث العلمية فقد أشارت إلى أهمية نظام المعلومات البيئية الذي تم تطويره في المعهد والذي يضم في طياته معلومات بيئية قبل الغزو العراقي للكويت, موضحا أهمية إنشاء هذا النظام في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مساعدة الباحثين وصناع القرار والمهتمين بأمورالبيئة وإمدادهم بالمعلومات البيئة الخاصة بالوضع البيئي القائم في دولة الكويت.

وبانتهاء فعاليات اليوم الثالث, أسدل الستار على أعمال أحد المؤتمرات العلمية المهمة, التي تناولت آثار تلك الجريمة البشعة التي ارتكبها النظام الصدامي ضد البيئة والبشر والحياة, لكن الكثير من الأبحاث ستظل تجري لمتابعة تلك الآثار المدمرة, والتي يتوقع أن تظل أعواما طويلة تهدد الطبيعة والمناخ في تلك المنطقة الحيوية من العالم.

 

 

زكريا عبدالجواد