اتفاقية غزة- أريحا مرة أخرى.. كيف تفكر إسرائيل استراتيجيا ؟ أمين هويدي

اتفاقية غزة- أريحا مرة أخرى.. كيف تفكر إسرائيل استراتيجيا ؟

إسرائيل دائما تفكر وتفكر وتفكر ثم تضع ما تفكر فيه على الأرض لرسم الأمر الواقع دون إعلان، فمن أهم نظرياتها الأمنية أن "الضم دون إعلان أفضل كثيرا من الإعلان دون ضم ".

هذا الكلام الذي بدأنا به المقال كلام ثقيل و" نشاز" وسط أحاديث " السلام " و" السوق الشرق أوسطية" واللقاءات العلنية والسرية التي تتم بين الأطراف المختلفة هنا وهناك في محاولات شرسة لتطبيق ما تم التوقيع عليه في اتفاقية 13 سبتمبر/ أيلول 1993، وقد يدهش الكثيرون للمشاكل التي تثيرها إسرائيل بعد التوقيع في البيت الأبيض، فما كان يجوز أن يحدث ذلك، ولكن الفكر الإسرائيلي لا يجد أي تناقض بين توقيع أي اتفاق ثم المناقشة حوله بعد ذلك منطلقا من الاتجاهات الآتية:

- الفصل بين الاتفاق السياسي الذي يتم وبين الضمانات الأمنية التي يتحتم توافرها عند التنفيذ، الأمر الذي يدعوها إلى عدم وضع خط فاصل بين الحدود السياسية والحدود الآمنة، وبذلك تعطي لنفسها حق فرض ترتيبات معينة داخل الحدود السياسية للدول المجاورة، ففي اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بين إسرائيل ومصر لم يكن هناك خلاف حقيقي على الحدود السياسية الدولية، ولكن كان الكلام عن الحدود الآمنة التي استقر الرأي على أن تبدأ غرب قناة السويس بمسافة 15 كم، وفي المسافة بين الحدود الآمنة والحدود السياسية حددت القوات المصرية من ناحية العدد والنوع وأوجدت قوات متعددة الجنسيات ومحطات إنذار في جبل الراحة واتفاقيات خاصة بدخول الإسرائيليين إلى سيناء، وغير ذلك.. وكذلك الحال مع اتفاقية 13 سبتمبر (أيلول) بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فقد تم الاتفاق على منطقتي غزة وأريحا لبدء تجربة الحكم الذاتي، وهذا اتفاق سياسي، لكن بعد ذلك تبدا ترتيبات وجود المستعمرات وإعادة نشر القوات والسيطرة على الطرق وكيفية الدخول إلى المناطق المتفق عليها سياسيا والخروج منها وإعادة نشر قوات جيش الدفاع الإسرائيلي، بل تعطي إسرائيل نفسها الحق في اختراق الحدود السياسية للدول المجاورة في نطاق ما تحدده لحدودها الآمنة، ويتم ذلك أفقيا كعملية غزو لبنان وإقامة الشريط الأمني في الجنوب، أو رأسيا كضربها المفاعل "أوزيراك " بالقرب من بغداد في 7 يونيو (حزيران) 1981. أو عملية " البرق " التي قامت فيها القوات الإسرائيلية الخاصة بالإغارة على مطار "عنتيبي " في "كمبالا" عاصمة أوغندا يوم 27 يونيو (حزيران) 1976.

- المقياس المعترف به للأمن الإسرائيلي يعتمد على عاملين:

الطبوغرافيا Topography أي الجغرافيا من نظرتها العسكرية. والقوات المتضادة Correlation Of Force .

وبمزج العاملين بقواعد حسابية دقيقة تتقرر الترتيبات الأمنية لإعطائها على سبيل المثال أطول فترة إنذار ممكنة أو تتيح لها خطوطا دفاعية تتحكم في طرق اقتراب القوات المعادية برا وجوا وبحرا، ولا دخل لاعتبارات الرأي العام أو القرارات الدولية أو الضغوط الخارجية على اتخاذ القرار، فالأمن الإسرائيلي المطلق Complete Security لا يخضع لأي اعتبار.

ويترتب على ذلك عدم احترامها للتوقيتات المتفق عليها "فهي غير مقدسة" كما يقول إسحاق رابين، فالذي يحدد التوقيت هو الاتفاق على ترتيبات الأمن، أما قبل ذلك فمستحيل ويترتب على ذلك أيضا طول الوقت الذي تستغرقه المباحثات ثم الدخول في تفصيلات دقيقة تدون في عدد ضخم من الأوراق، فقد تم تبادل مذكرتين بين الوفد الإسرائيلي والوفد الفلسطيني لحل المشكلات بعد توقيع الاتفاق في 108 ورقات من كل جانب، وصرح شمعون بيريز في نفس الوقت وهو يبتسم: "ما زال هناك طابور طويل من المشكلات يحتاج إلى اتفاق".

- ولا تطيق إسرائيل التعامل على أساس التاريخ، ولكنها تتعامل على أساس الجغرافيا، فالتاريخ أمر مضى وولى، والتاريخ يتحدث عن الحقوق الضائعة وتاريخها علاوة على ذلك تاريخ أسود من حيث احتلال أراضي الغير وعدم احترام حقوق الإنسان وأنها أداة للغير تنفذ لهم استراتيجيتهم بالوكالة By Proxy، أما الجغرافيا فهي الأمر الواقع المفروض بالقوة ولا علاقة لها بالعدالة أو الحقوق المشروعة وهي فوق كل ذلك- أي الجغرافيا- الأداة الشرعية لاستخدام القوة الغاشمة، وهذه نقطة مهمة جدا تدفعها- كدولة معتدية- إلى الحرص على امتلاك القوة التقليدية وفوق التقليدية والنووية للحفاظ على ما استولت عليه عنوة، إلى جانب صناعة حربية تديرها مؤسسة صناعية حربية قادرة - Industry - Military Complex .

وبالنسبة لاتفاق غزة- أريحا أولا فإن هناك فروقا أساسية في المنطقتين من وجهة نظر الأمن الإسرائيلي، وعلينا أن نتذكر أن منطقة أريحا جزء من الضفة.

قطاع غزة: الدولة الوحيدة ذات الحدود المشتركة مع القطاع هي مصر التي ألغت حالة الحرب معها منذ أكثر من 10 سنوات، والتي تسيطر إسرائيل على منطقة خطوط مواصلا تها ( Cova Z) Communication Zone .

هناك أربعة آلاف إسرائيلي فقط يقطنون في 4 مناطق استيطانية يربطها بإسرائيل طريق واحد رئيسي وطرق فرعية، وفي أسوأ الظروف يمكن نقل هؤلاء إلى مناطق أخرى لصعوبة تأمينهم مع تعويضهم.

لا توجد أماكن مقدسة تثير أي نزاعات سياسية أو أمنية.

لا توجد مشكلة مياه مشتركة بين القطاع وإسرائيل. ليست لها أي قيمة دفاعية.

الضفة الغربية: يوجد مائة ألف إسرائيلي شرق الخط الأخضر موزعين على عشرات المستوطنات التي يتعذر إخلاؤها، كما أنها تحتاج إلى خطة محكمة لإعادة انتشار القوات بحيث تضمن تأمين المستوطنين في كل الحالات.

في أريحا يوجد مثوى النبي موسى، وكذلك المكان الذي عمد فيه يوحنا المعمدان عيسى المسيح، وفي الضفة ككل توجد أماكن مقدسة أهمها القدس، وهي تسبب مشاكل إقليمية وعالمية.

مخزون المياه يشكل منابع رئيسية متنازعا عليها.

قيمتها الدفاعية حيوية من الناحية الاستراتيجية كما سيتضح بعد ذلك.

من هذا نرى أن إسرائيل يمكنها اعتبار منطقة غزة صالحة لتنازلات كبيرة تغطي على حتمية احتفاظها بضروريات استراتيجية في الضفة الغربية، وإن كانت منطقة أريحا من أقل المناطق في الضفة من ناحية مشاكل الأمن. فقطاع غزة والحالة هذه عبء استراتيجي لا يساوي مشاكل الاحتفاظ به سياسيا، في حين أن الضفة الغربية تشكل ضرورة استراتيجية تستأهل الترتيبات الأمنية التي أقيمت والقيود السياسية التي سوف تتمسك بها. هكذا تفكر إسرائيل!!.

في أول لقاء بين الملك حسين والرئيس عبدالناصر بعد نكسة 1967 وكان الملك حسين يتأهب للسفر إلى واشنطن لمقابلة الرئيسي ليندون جونسون، نصح الرئيس عبدالناصر الملك حسين بأن يقبل أي شيء في سبيل استرداد الضفة الغربية، لأن استرجاع سيناء لن يشكل مشكلة، أما الضفة الغربية فهي مطمع لإسرائيل لن تتنازل عنه إذا ظلت هناك فترة طويلة.

فالضفة الغربية التي أطلقت إسرائيل عليها "يهودا والسامرة" وغيرت معالمها وأقامت المستعمرات فيها وبدلت في ديموجرافيتها لها علاقة كبيرة بالأمن الإسرائيلي، فالمرتفعات على نهر الأردن هي خط الدفاع الرئيسي لها من ناحية الشرق، فالمنحدرات الشرقية للهضبة تتحكم في المنحدرات الغربية للضفة الشرقية لوادي الأردن من ناحيتي المراقبة والنيران، وكذلك فإن سفوحها الغربية تحقق السيطرة من ناحيتي المراقبة والنيران على السهل الساحلي. وطرق الاقتراب التي تسلكها أي قوات عربية من ناحية الشرق تنحصر في طرق خمسة أهمها الثلاثة التالية:

1 - الطريق الأول وهو الأقصر من بغداد هـ 3 3H - المفرق - الأردن، أو الانحراف إلى الرطبة قبل 3H - دمشق - الأردن.

2 - الطريق الثاني من بغداد- أبو كمال- بالميرا- دمشق- الأردن.

3 - الطريق الثالث وهو الأطول من بغداد- الموصل- دير الزور- حلب- دمشق- الأردن.

وواضح أن مرتفعات نهر الأردن تتحكم في نهاية هذه الطرق سواء من ناحية المراقبة أو النيران كما تتحكم في الجسور المقامة على النهر وهي جسر اللنبي الذي يصل إلى أريحا، وجسر الملك عبدالله الذي يصل إلى القدس، وجسر دانيا الذي يصل إلى نابلس.

خطة آلون

ولتحكم الهضبة في الطرق والجسور كانت خطة إيجال آلون التي تعتبر الأساس الذي قبلته أغلب الأحزاب الإسرائيلية ضمانا للأمن الإسرائيلي من ناحية الشرق تقضي بالآتي:
ضم المنطقة الممتدة بمحاذاة نهر الأردن وبعمق 15 كم غربا.

إنشاء ممر بين جسر اللنبي إلى أريحا حتى يتقاطع مع طريق آلون الممتد على المحيط الغربي للمنطقة التي يصير ضمها، وهذا الممر يستخدم حلقة اتصال بين الأراضي التي ستعطى للعرب في الضفة الغربية وبين الأردن.

في حين أن خطة شارون كانت تقضي بضم كل الضفة الغربية مع ترك جيب شمال رام الله والمرتفعات التي تبدأ جنوب نابلس حتى شمال جنين في أيدي الفلسطينيين.

وفي اعتقادنا فإن أساس الحل الذي يتمسك به الإسرائيليون ما لم تحدث ظروف غير مواتية لهم سوف يتمحور حول هذا الوضع مع تغييرات لا تمس الجوهر، فالهيكل العام هو محاولتهم تشكيل منطقة الحكم الذاتي على شكل جزر غير متصلة أو إذا اتصلت تكون عن طريق طرق يسيطرون على التحركات عليها كما تفتت كل جزيرة إلى جزر أصغر عن طريق وجود المستعمرات التي يلزمها قوات إسرائيلية للدفاع عن سكانها، ولذلك فلم يكن "أبوعمار" بعيدا عن الصدق حينما قال "إن إسرائيل تريد تحويل غزة وأريحا إلى محمية هنود حمر، وهذا مرفوض تماما من الفلسطينيين "، ولهذا السبب أيضا رفضت إسرائيل اقتراح المنظمة بأن تكون مساحة أريحا 340 كيلومتر مربعا على أساس رسم خط طوله 32 كم على امتداد نهر الأردن وبعمق 10 كم داخل منطقة أريحا، إذ يوجد على خط الطول الجسور الثلاثة التي تربط منطقة أريحا: بالأردن، ولن نضيف هنا كثيرا لأن للجسور تصورا آخر في الخلفية الاستراتيجية الإسرائيلية.

المعابر والجسور والمستعمرات

ينص الاتفاق على أن يكون الإشراف عليها فلسطينيا بحضور دولي وتنسيق إسرائيلي، إلا أن الجانب الإسرائيلي رفض ذلك متمسكا بحق الإشراف، فهي مفاتيح الدخول والخروج ولا بد أن تكون مفاتيح الأبواب في يد إسرائيل، وبذلك تصبح مناطق الحكم الذاتي "جيتو" أو قفصا كبيرا يعيش فيه الفلسطينيون، وعلاوة على ذلك يصر الإسرائيليون على أن تفتش قواتها كل العابرين من وإلى المناطق المحتلة في نقط تفتيش تخضع لسيطرتها الكاملة، ولم تقبل إسرائيل حتى الآن ألا يجري تفتيش سكان غزة وأريحا إلا بالكمبيوتر، كاقتراح المنظمة ولتضرب بذلك تصور إسرائيل لإدارة نقطة عبور رفح على الحدود المصرية:
- وجود معبر واحد تسيطر عليه إسرائيل.

- للمعبر مساران أحدهما لاستخدام الإسرائيليين والزائرين إلى إسرائيل، والآخر لفلسطينيي غزة والضفة والزائرين إليهما.

- الإسرائيليون يشرفون وحدهم على المسار الإسرائيلي، ويشتركون في الإشراف على المسار الفلسطيني.

- يفصل بين المسارين لوح زجاجي داكن اللون.

والغرض من هذه الترتيبات المعقدة التحقق من فرض سيطرة كاملة على دخول اللاجئين.

أما الجسور على نهر الأردن فإنهم يتمسكون بالإشراف عليها لاستحالة قيام الفلسطينيين بذلك، لأن الطرق إلى المعابر تمر عبر المجالات الأمنية التي تحوي ألغاما وأسلاكا مكهربة، وكذلك لأن الجسور ليست معبرا لمنطقة أريحا فقط، بل لكل سكان الضفة الغربية، وإذا سيطر الفلسطينيون عليها فقد يعبرها لاجئو 1948 و 1967.

أما عن المستعمرات في الضفة الغربية فغرضها دفاعي تماما، إذ إنها تشكل الخط الدفاعي عن السفوح الأمامية لمرتفعات الأردن ولهضبة الأردن، وواجبها الدفاع لآخر طلقة ولآخر رجل حتى ينضم إليها جيش الدفاع الإسرائيلي، والمستعمرات هنا كثيفة وبها مائة ألف إسرائيلي، وهي من 6 خطوط دفاعية متتالية في عمق إلى ناحية الغرب وقد بنيت لتحقق الآتي:

1 - مناطق تتحكم في الأردن من الوادي.

2 - مناطق تتحكم في طرق الاقتراب من الشرق.

3 - مناطق تتحكم في تقاطع الطرق الطولية الموازية لنهر الأردن وهي 5 طرق تحد شرقا بطريق آلون.

4 - مناطق تتحكم في المحاور من طريق آلون شرقا إلى سلسلة الجبل.

5 - مناطق تتحكم في الهضبة.

6 - مناطق تتحكم في الهضبة إلى الخط الأخضر من الغرب.

وكخط عام فالأمن الخارجي أي ضد التهديدات الخارجية من مسئولية إسرائيل، أما الأمن الداخلي في غزة والضفة فهو مشترك، أما بخصوص أمن المستعمرات والإسرائيليين فهو من مسئولية إسرائيل، كما تصر إسرائيل على توفير دوريات مشتركة تتكون كل دورية من عربتين إحداهما إسرائيلية والأخرى فلسطينية لحماية الطرق.

وقد سبق أن قلنا إن إسرائيل تعتمد في أمنها على عاملين: الطبوغرافيا والقوات المتضادة، ففي الوقت الذي لا تعترف فيه إسرائيل بالحوار على أساس الوصول إلى استقرار يبنى على توازن المصالح تصر على أن تحتفظ لنفسها بتوازن القوى الذي يضمن لها التفوق على كل جيرانها، وعلى الرغم من أن ميزانيات الدفاع في البلاد العربية أكبر كثيرا من ميزانية الدفاع الإسرائيلية، وعلى الرغم من تفوق الترسانة العربية من ناحية الكم والكيف على الترسانة الإسرائيلية في الأسلحة التقليدية، إلا أنها يمكنها ردع القوة العربية عن طريق: التفوق النوعي في استخدام القوات، الاحتفاظ بالسلاح النووي وفوق التقليدي، مواجهة القوة العربية قطعة قطعة، تميز القيادة، التفرغ للتدريب وعدم استخدام القوة في مشاكلها الداخلية.

حتى لا نصاب باليأس

وبعد.. ماذا نريد أن نقول؟ وهو سؤال مشروع نؤكد قبل الإجابة عنه بأنه لم يخطر ببالنا ولو للحظة واحدة أن نثبط الهمم أو نبث عوامل اليأس، كان هدفنا أن نعرف القارىء الطريقة التي يفكر بها من هم على الجانب الآخر من التل، وأن الحوار الدائر في ظل اتفاقية إعلان المبادىء يدور بين طرفين أحدهما يصر على الاحتفاظ بالوضع القائم والآخر يريد أن يغير الأمر الواقع.. أحدهما يريد أن ينفذ الاتفاق في إطار اقتصادي أمني، والآخر يريد أن ينفذ الاتفاق في إطار سياسي يهدف إلى الاستقلال، أحدهما يريد أن يستحوذ على السلام والأرض مضافا إليها سوق المنطقة واقتصادها والآخر يريد أن يقايض السلام بالأرض، أحدهما يريد التطبيع الفوري والشامل والآخر يريد حل القضايا في إطار العدالة قبل إجراء أي تطبيع.

وبذلك فالحوار الدائر معركة شرسة تدور بين عقيدتين مختلفتين وبين أغراض متناقضة، فهل ينجح "أبوعمار" في أن يقرص أنف "إسحاق رابين " ليخرج لنا "حمامة"، أو يشد أذن "بيريز" ليخرج لنا "أرنبا"؟! وإذا نجح "أبوعمار" في أن يقدم لنا "الأرنب" و"الحمامة" فسوف يكون أعظم ساحر في القرن العشرين..!!!.

 

أمين هويدي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات