بلى.. في «العربي» نتخير الألفاظ

 بلى.. في «العربي» نتخير الألفاظ
        

          قرأت في العدد 612 نوفمبر 2009 مقالكم: حديث الشهر: «الهوية العربية: بين سندان التغريب ومطرقة التطرف».وفي الصفحة رقم 10 من مقالكم قلتم: «...وبينها برامج توثيقية مصنوعة جيدا وشائقة» واستوقفتني كلمة «شائقة». فوضعت تحت الكلمة سطرا بقلم أحمر وواصلت القراءة لبقية الأبواب والمقالات.

          وفي العدد 613 شهر ديسمبر 2009 وفي باب «من المكتبة الأجنبية» قرأت مقال «تاريخ العلم: 1543-2001» عرض: شوقي جلال. أورد الكلمة التي تحتها سطر في ثلاثة مواضع:

          1- وتحظى كتبه برواج واسع وأسلوبها الشائق الجذاب.

          2- وأعطى قراءه ثمرة هذا الجهد قصصا سهلا شائقا.

          3- وتقرأ هنا عرضا شائقا وسهلا.

          وقد استوقفتني هذه الكلمة: شائق، وهي مذكورة سواء في مقالكم أو مقال الكاتب شوقي جلال صحيحة،سواء رسما أو معنى وهي هنا تعبر عن الروعة والجمال. ولو تتبعتم سيدي هذه الكلمة «شائق» وغيرها من الكلمات (التي سوف أشير إلى بعض منها كما اطلعت عليها) لوجدتم معظم من يتناولها سواء رسما (كتابة) أو نطقا (لفظا) هكذا: شيق وهم إنما يريدون بها المعنى الحقيقي الذي تعنيه كلمة شائق: أي الروعة والجمال وكلمة شيق تعني في اللغة العربية مشتاق. فهم يقولون حديث شيق، وأسلوب شيق، وعرض شيق وهو تعبير خطأ والصحيح أن يقال: أسلوب شائق، وحديث شائق، وعرض شائق.

          وقد سررت كثيرا لما وجدت هذه الكلمة ذكرت برسمها ومعناها الصحيح على صفحات «العربي».

          وقد قرأت كلاما للجاحظ في كتابه «التبيان والتبيين» م.1 صفحة 21 قوله: «وقد يستخف الناس ألفاظا ويستعملونها وغيرها أحق بذلك منها».

          ويضيف الجاحظ : «ألا ترى أن الله تبارك وتعالى يذكر في القرآن الجوع إلا في مواضع العقاب أو موضع الفقر المدقع والعجز الظاهر». والناس لا يذكرون السَّغب (الجوع مع التعب) ويذكرون الجوع في حالة القدرة والسلامة.

          والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر وذكر الغيث. ويعلق الجاحظ على ذلك بقوله:«..لا يتفقدون من الألفاظ ما هو أحق بالذكر وأولى بالاستعمال..» (إلا في «العربي»).

          وقد قرأت شيئا من هذا القبيل حول الاستعمال الخاطئ لبعض الكلمات اذكر منها:

          يقول البعض «زاد الطين بَلة» بفتح الباء والصحيح «زاد الطين بِلة بكسر الباء».

          ويقولون خطأ: التهاب الحُنجرة والصحيح التهاب الحَنجرة.

          وهذا كل ما في جُعبته بضم الجيم - تعبير خطأ والصحيح جَعبته.

          وأكلت السُحور في رمضان والصحيح السَّحور.

          ويقول أحدهم للأخر أنا متلهف (يريد مشتاق) لرؤيتك واللهف في اللغة العربية هو الحزن والتحسر لا الشوق والحنين.

          وإذا أراد شخص أن يعبر عن شكره لفلان أسدى له معروفا فيقول له: «أنا ممتن أو ممنون لك» وهذا تعبير خطأ لان امتن فلان يعني أذاه بمنه، والصحيح أن يقول: أنا شاكر لك.

          وقد تتبعت استعمال هذه الكلمة «حقيبة اليد» من خلال الصحف وهي الترجمة للعبارة الفرنسية Sac-a main وهي ترجمة غير صحيحة لأن حقيبة بالفرنسية تعني Valise. وقد ذكر الرافعي رحمه الله - كلمة مثبنة ليعبر بها عن «حقيبة اليد» أو sac-a-main.

          خلاصة كلامي أردت أن أقترح على سيادتكم العمل على تقويم اللسان العربي وذلك بتتبع كل الكلمات والألفاظ التي تصدر سواء من العامة أو من الخاصة خطا وتصحيحها حتى نقوم اللسان العربي ونحافظ على لغتنا. وأتمنى لكم كل التوفيق ومزيداً من النجاح والتألق. 

د. عبد الحفيظ بوناب
طبيب بيطري
مراسل صحفي - الجزائر