عزيزي القارئ

عزيزي القارئ


فيروز.. ومحفوظ.. والعربي

عزيزي القارئ

في كلمته التي أرسلها محفوظ لتقرأ في الاحتفال بتسلمه جائزة للآداب عام 1988، لمس فكرة رائعة مؤداها أن الخير في عالم الإنسان والحياة عموما لا يزال أقوى من الشر، بدليل استمرار البشرية والحياة برغم الكوارث والحروب والأوبئة. وهي فكرة نبيلة تصدر عن روح نبيل، لم ينحن للشر في أعماقه ولم يمرره فائزا في كتابه. يتداعى ذلك إلى الذاكرة، لمناسبة تناول نقدي في هذا العدد يمس آخر إبداعات الرجل الكبير، وأكثرها تقطيراً وصفاء. إنها "أصداء السيرة الذاتية" التي كتبها نجيب محفوظ ونشرت أخيرا في أكثر من جريدة، لعل أشهرها هي محاولة جريدة "أخبار الأدب" القاهرية لنشر الأصداء كاملة، معاً. وهي بلورات قصصية تعكس صورة الروح عبر تجوال الرجل الكبير في دروب الحياة الثرية التي زادها ثراء إخلاص نجيب محفوظ لفنه، وزهده فيما يتكالب عليه سواد الناس.

لقد سئل نجيب محفوظ يوماً عن أفضل ما يستقبل به يومه، فقال: "بيتان من الشعر". ولن نبالغ إذا قلنا - سياق حياتنا اليومية - أفضل ما يمكن أن نستقبل به يومنا هو قراءة مقطوعة من مقطوعات "أصداء السيرة الذاتية"، وحتى يكون اليوم أفضل ما يمكن فلا بد أن تكون هناك أغنية لفيروز تصاحب قراءتنا الصامتة للأصداء. وليست مصادفة أن يحفل هذا العدد بتحيتين 'حداهما للرجل الكبير نجيب محفوظ عن إبداعه لأصداء السيرة، وثانيتهما للظاهرة التي تألقت في رحابها فيروز، ظاهرة الرحبانية، الصافية العميقة والعذبة.

إنهما تحيتان واجبتان للجمال الذي يخاطب الروح، في عدد مثقل - بحكم ضرورة المتابعة - بمكتشفات المادة.. ابتداء من "آخر فيروسات الكبد" وحتى "الاستنساخ".

وثمة تحية ثالثة واجبة، وإن كنا طرافاً فيها، وهي تتعلق باستكمال أركان "مؤسسة العربي الثقافية فها هي "مجلة العربي الصغير" تعاود الصدور، وها هو "كتاب العربي" الفصلي يطل على قرائه من جديد. وهو جهد ضخم، سهر على تنفيذه العاملون من "كتاب وفنانين وتقنيين ولكن أول الشكر هو حق عادل لوزراة الإعلام الكويتية، وزيراً، ووكيلاً، ومسئولين، فقد قدموا لهذا الجهد كل الدعم برغم ثقل ما تحمله هذه الوزارة من مسئوليات.

تحية للجمال والخير، فهما نبض كل ثقافة وأدب وفن وعلم.

وإلى لقاء متجدد.