المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية
        

  • منتدى.. مؤسسة منتدى أصيلة تحتفي بالمبدعين الصغار والكبار

          دأبت «مؤسسة منتدى أصيلة» على تنظيم بعض الأنشطة الثقافية والفنية السنوية، خارج موسمها الثقافي الدولي الشهير، الذي تنظمه المؤسسة كل صيف.

          وفي هذا الإطار، تم بمكتبة الأمير بندر بن سلطان، في مدينة أصيلة، تنظيم الدورة الثانية لورشة الكتابة والإبداع، لفائدة ناشئة مدينة أصيلة، من التلاميذ النبغاء وكتاب المستقبل، من أجل تحفيزهم على الكتابة والإبداع، وذلك بتأطير أدبي وتربوي احترافي للكاتب والمبدع المغربي محمد عزالدين التازي، وبإشراف للشاعرة المغربية إكرام عبدي. وهي الورشة التي امتدت على مدى ثلاثة أيام، وشهدت إقبالا كبيرا عليها من قبل تلاميذ مدينة أصيلة، بحيث تمكن ستة عشر منهم من المرور إلى الإقصائيات التي ستنظم فعاليتها في موسم أصيلة الثقافي الدولي المقبل.

          موازاة مع ذلك، تم تنظيم لقاء دراسي، احتفاء بالتجربة الأدبية والنقدية للروائي والناقد المغربي محمد أنقار، وذلك بفضاء قصر الريسوني التاريخي، بالمدينة القديمة بأصيلة، اعتبارا للمكانة الأدبية والنقدية التي يحظى بها صاحب روايتي «المصري» و«باريو مالقة»، وغيرهما من الروايات في المشهد الأدبي والنقدي في المغرب، منذ أن نشر أنقار أول قصة له، بعنوان «العزلة والشبح» عام 1966.

          افتتح اللقاء أمين عام منتدى أصيلة، الأستاذ محمد بن عيسى، بكلمة أشار فيها إلى أن الرهان في مؤسسة منتدى أصيلة كان دائما هو أن تظل مدينة أصيلة مفتوحة أمام رياح الثقافة والفن والجمال، ليس فقط إبان موسمها الثقافي الدولي الصيفي، ولكن على مدى فصول السنة. فموسم أصيلة الثقافي الدولي، وإن كانت فقراته الصيفية لا تتسع لاحتضان كل الأدباء والكتاب المغاربة، فإن مؤسسة منتدى أصيلة، ومنذ أن كانت جمعية، كانت، وستبقى دائما، بيتا ثقافيا دافئا، لاستضافة المبدعين، والاحتفاء بهم، وبتجاربهم وعطاءاتهم.

          كما توقفت كلمة بن عيسى عند تعدد الحضور الثقافي والأكاديمي والإبداعي للمحتفى به محمد أنقار، وتنوع إسهاماته وأبحاثه المضيئة، في مجال كتابة القصة والرواية وأدب الأطفال وكتابة المسرحية، والنقد الأدبي، ومساهماته القيمة في مجال الترجمة. والأستاذ محمد أنقار عبر ذلك كله، إنما يساهم، في نظر بن عيسى، بشكل جدي ومتواصل، في إثراء المشهد الثقافي والإبداعي، المغربي والعربي، بما راكمته تجربته، في ظرف قياسي، من مصنفات لافتة، أغنت المكتبة العربية، ومن نصوص إبداعية، تركت أصداء طيبة، على مستوى التلقي والقراءة. ونوه السيد بن عيسى في كلمته برواية «المصري» لمحمد أنقار، التي حظيت بشرف نشرها في واحدة من أهم دور النشر العربية وأعرقها، وهي «دار الهلال» المصرية، وما خلفته هذه الرواية، وغيرها من نصوص الكاتب الأخرى، من أصداء طيبة، ومن ردود فعل إيجابية ومنتجة، من قبل كبار النقاد العرب، وعلى امتداد الوطن العربي، مشيرا في الوقت نفسه إلى المكانة الأدبية والنقدية الرفيعة التي تحتلها اليوم تجربة الكاتب أنقار، في المشهد الأدبي والنقدي العربي، بما راكمته من أسئلة مخصبة، وبما تنضح به من إمكانات هائلة، على مستوى الكتابة والسرد واللغة والأسلوب والتخييل، والأبعاد النظرية والتحليلية الثاقبة.

          بعد ذاك، توالت مقاربات وقراءات النقاد المشاركين في هذا الاحتفاء، وهم: نجيب العوفي، عبدالرحيم جيران، مصطفى يعلى، مصطفى الورياغلي، ومحمد العناز. وقد ركزت هذه المداخلات على مقاربة جوانب أساسية في تجربة الكاتب والناقد محمد أنقار، سواء من خلال قراءات في بعض رواياته، وإن احتلت رواية «المصري» حيزا مهما في هذه المداخلات، من قبيل مداخلة الناقد نجيب العوفي، التي عنونها بـ «تطوان المصرية ونجيب محفوظ المغربي»، عبر قراءة في رواية «المصري»، بما هي رواية تعكس، في نظر العوفي، تجربة كاتبها، ومكانته الأدبية، واصفا إياها بتجربة كاتب خبير بأسرار الإبداع السردي، في تفاعلها الضمني والمراوغ مع تجربة الروائي الكبير نجيب محفوظ، وهو جانب يجسده حضور مدينة تطوان في نصوص المحتفى به، والذي يقابله حضور مدينة القاهرة في تجربة نجيب محفوظ الروائية. وكأن الكاتب محمد أنقار يقيم جسرا حواريا وتوأمة إبداعية بين المدينتين، على حد تعبير العوفي، الذي توقف أيضا عند شخصية «أحمد الساحلي» في رواية «المصري»، في كونها شخصية تتماهى بشكل غنوصي وصوفي مع شخصية نجيب محفوظ، وهي الشخصية التي اعتبرها المتدخل شخصية «محفوظية بامتياز»، وشخصية تطوانية أيضا، كما اعتبر هذه الرواية مرثية العمر الجميل، باعتبارها رواية مكانية وزمانية بامتياز.

          أما الكاتب والباحث مصطفى يعلي، فتناول في بداية ورقته البعد الإنساني في شخصية المحتفى به، من خلال بعض المحطات الأساسية المؤثرة في صيرورة علاقتهما معا: محطة أولى، وتشمل رحلة الدراسة الجامعية بكلية آداب ظهر المهراز في فاس، حيث توطدت صلة الزمالة بينهما. أما المحطة الثانية، فبدأت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، حينما عينا معا في نفس الثانوية، وهي المحطة التي كشفت ولع محمد أنقار بالموسيقى الكلاسيكية وبالتشكيل وبالصورة. أما المحطة الثالثة، فيؤرخ لها مصطفى يعلى بأواسط السبعينيات إلى اليوم، وتشمل مرحلة الدراسة الأكاديمية، وفيها يكتشف يعلي في صديقه محمد أنقار صورة ذلك الباحث الحريص دوما على البحث والتحصيل العلمي بدقته وعلميته. ولعلها، يضيف يعلي، محطات ثلاثا توجز فكرة أساسية عنوانها القيمة الاعتبارية للكاتب محمد أنقار، وما يطبع شخصيته من تواضعه ونكران للذات.

          في حين قارب الناقد عبدالرحيم جيران رواية «المصري»، من زاوية ما سماه بـ«سؤال المثال والواقع في رواية المصري»، والتي اعتبرها تشكل نقلة مهمة في مسار الرواية العربية، وهي رواية يعتبرها جيران تنهض «من المكر الجميل»، لتخدع قارئها ومتلقيها، وكانت ورقة الناقد مصطفى الورياغلي بعنوان «إبداع أنقار الروائي: أشواق الذات وسلطة الواقع»، مؤكدا في بدايتها على أن روايتي «المصري» و«باريو مالقا» روايتان متباينتان في رؤيتهما لعلاقة الإنسان بالعالم. ففي رواية «المصري»، تبدو علاقة الإنسان بالواقع محكومة بالسخرية الوجودية العميقة، سخرية حكيم اكتشف سادية الواقع. وهو ما دفع الورياغلي إلى مقاربة نصي «المصري»، و«دون كيخوط» بشكل مواز، فالمهمة المقدسة عند شخصية «أحمد الساحلي» تقارب مهمة دون كيخوطي، حيث توقف الورياغلي عند قيمة أساسية في هذه الرواية، فإذا كانت «دون كيخوطي» عملا تفكيكيا عن الفروسية، فإن رواية «المصري» عمل تفكيكي للرواية الواقعية العربية تحديدا، وهو ما يمثل دعوة «نقدية» إلى تطويرها من الداخل. أما في رواية «باريو مالقا»، فتتجدر رؤية إنسانية متباينة، وروح شبابية لا تعترف بالعجز، ولا ترى الزمن سوى درجات يسلكها الإنسان.

          أما الشاعر محمد العناز، فتوقف في مداخلته عند ألم الصورة ووهج الإبداع عند محمد أنقار. من خلال مدخل قدم فيه توصيفا لانشغال باشلار بالصورة، منتهيا عند تفكير محمد أنقار المبني أساسا حول الصور التي تتجه نحو الخلود. كما تعرض المتدخل لانشغال محمد أنقار النقدي بالصورة الروائية، في مكوناتها السردية والدلالية العديدة، محاولا بذلك، أي أنقار، صياغة اجتهاد نقدي مغربي وعربي ضدا على اغتراب المناهج الغربية. وهو الاجتهاد المعرفي الذي انطلق عند المحتفى به منذ نهاية التسعينيات، وأمكننا من أن نتعرف على الخصائص التصويرية لكل جنس سردي، وتعميق النظر إلى التصوير الأدبي.

          وكانت آخر كلمة في هذا اللقاء، للمحتفى به، المبدع والناقد محمد أنقار، الذي قدم شهادة، استهلها بالقول إن أنسب طريقة للحديث عن النفس والذات، هو الكتابة عن الآخرين، والتشبع من خلالهم بمغامرات البحث، هذا الذي قاده إلى مبحث نقدي دقيق، يتمثل في الاهتمام النظري والنقدي والإبداعي بـ «الصورة في السرد». وهي التجربة التي مازالت ممتدة إلى اليوم، من خلال أبحاث طلبته وأصدقائه وإنتاجاته النقدية هو أيضا، الأمر الذي جعل البحث في الصورة يأخذ طابعا جماعيا، تجلت ملامحه الكبرى في طبيعة الأطاريح الأكاديمية وفي الكتب والمجلات الصادرة في الموضوع، وأيضا في عددها المتزايد.

أصيلة: عبدالرحيم العلام

  • جائزة.. الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح يهدي اليمن جائزة مؤسسة العويس الثقافية

          هو سفير اليمن من الشعراء المعاصرين للعالم العربي وليس من الغريب ان يتم تقدير إنجازاته الشعرية التي كانت ولاتزال تصور جانباً شاعرياً من اليمن. تلقى الدكتور الشاعر الأكاديمي اليمني عبدالعزيز المقالح في صنعاء الشهر الماضي جائزة مؤسسة العويس الثقافية السنوية عن فئة الشعر لسنة 2008- 2009 بعد فوزه بالمرتبة الاولى, وكانت المؤسسة قد اعلنت عن أسماء الفائزين في نهاية العام الماضي وتم حفل التكريم في إمارة دبي بالإمارات في وقت سابق ولكن شاعر اليمن الكبير اعتذر عن عدم حضور الحفل التكريمي لأنه قطع وعداً مع نفسه بعدم مفارقة اليمن مهما كان. ولهذا ارتأت المؤسسة إرسال وفد يترأسه الامين العام للمؤسسة الاستاذ عبدالحميد احمد ليسلم الجائزة شخصيا للشاعر اليمني الفائز في قاعة مكتظة بالمهنئين وبحضور وزير الإعلام حسن اللوزي ووزير التربية عبدالسلام الجوفي وعدد من الشخصيات من الساحة الثقافية في اليمن.

          أعربت هدى أبلان الأمين العام لاتحاد كتاب وأدباء اليمن عن سعادتها لفوز الشاعر الدكتور المقالح وأشادت بقرار المؤسسة. وفي كلمة ألقاها خلال الحفل الأمين العام لمؤسسة العويس الثقافية عبدالحميد أحمد قال «إنه لمن دواعي غبطتي وسروري، أن أكون اليوم والوفد المرافق في صنعاء، لنكرم واحداً من أبنائها، وشاعراً عربياً مرموقاً ومفكراً صلباً وناشطاً ثقافياً يشارُ إليه بالبنان، قدم طوال مسيرته العملية والعلمية إسهاماتٍ تحظى بالجدارة والاحترام في كل الوطن العربي، وليثبت من خلال عطاءاته المستمرة، أن اليمن بلد الإبداع والأصالة والمواقف المنحازة لتقدم الإنسان والحضارة, ولقد كان من دواعي سرور الوسط الثقافي العربي، أن يكون المقالح من بين الفائزين في هذه الدورة وزاد سرورنا الشخصي أن يحظى اليمن وللمرة الثانية بمقعد آخر في نادي الفائزين بالجائزة».

          سبق وان فاز الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني بجائزة مؤسسة العويس الثقافية في دورتها الثالثة عن فئة الشعر أيضا. واضاف الاستاذ عبدالحميد ان للمؤسسة أملا كبيرا في أن يزداد عدد الفائزين في المستقبل بالجائزة بما يتناسب مع وزن اليمن في الثقافة العربية.

          من جانبه شكر الشاعر الدكتور المقالح إدارة مؤسسة العويس الثقافية وأعضاء لجنة التحكيم.

          وقال: «لعل مثل هذه المبادرات الثقافية تحمل في جوهرها ودلالتها تقديراً للشعر ذاته وهو فن العرب الأول فكأنّ مكانةَ الشعر بمثل هذه المبادرات تعود إلى الصدارة في ثقافتنا العربية التي يقوم فيها الشعر بدور طليعي في خدمة قضايا أمتنا ومجتمعاتنا».

          ثم اهدى هذا التقدير الذي ناله إلى موطنه اليمن, وقال «أهدي التقدير لبلدي الذي رعاني وسكنني وسكنته، وتَمْتمتُ بالشعر في جباله ووديانه وقراه، ونضِجتُ على نار أحداثه وقضاياه. ومنه انطلقتُ إلى أفقٍ عربي أعتز بأنه موجود في شعري كما هو في نثري، بل في حياتي الفكرية كلها». واهدى ايضا الجائزة لعائلته التي تحملت انشغالاته وانصرافه إلى قصائده وقضاياه. وأضاف: «وأصارحكم القول بأنني لن أكونَ بذلك قد وفيتهم ما عملوا من أجل توفير ظرف مناسب لعملي طوال هذه السنوات. وبذلك لن أكونَ مبالغاً بتخصيص نصف قيمةِ هذه الجائزة للعائلة بينما سيذهب قسمها الثاني لعائلتي الثانية من الشعراء والكتَّاب اليمنيين، إذ ستكون ثمةَ جائزةٌ سنوية في حقول الشعر والرواية والقصة القصيرة تَُنَظّمُ آلياتُها وتفاصيلُها لاحقاً عرفاناً مني لهذا الوطن وأهله وشبابه». أسست مؤسسة العويس الثقافية بشكل رسمي في عام 1994 في دولة الإمارات وتهدف إلى تشجيع وتكريم الأدباء والكتاب والمفكرين والعلماء العرب اعتزازاً بدورهم في النهوض الفكري والعلمي في مجالات الثقافة والأدب والعلم في الوطن العربي وتبلغ قيمة الجائزة لكل حقل من حقولها 120 ألف دولار أمريكي.

اليمن: أفراح ناصر

  • مختبر.. سيد الشوارع التحتية يفوز بالعشماوي

          بعد فترة وجيزة من إنشاء «مختبر السرديات» بمكتبة الإسكندرية، ليكون ورشة الإبداع السكندري في مجالي: القصة والرواية، وساحة للتنظير والتجريب وملتقى للمشتغلين بالسرديات من مختلف الجنسيات، نجح الروائي منير عتيبة، المشرف على هذا المختبر، في أن يجلب له الجائزة الأولى في المؤتمر السنوي الذي يحمل اسم الناقد السكندري الكبير الدكتور محمد زكي العشماوي عن الملف الذي أعده عتيبة بعنوان «أحمد حميدة.. إبداع الشارع السكندري».

          وفي افتتاحيته أكد أن القاص أحمد حميدة هو صوت الإسكندرية التحتية.. التى يعيش فيها الكثيرون، ولكن لا يراها إلا قلة.. إنه صوت يحاول أن يصرخ في البرية حتى نسمع صوت المهمشين والمطحونين والمنسيين من ذاكرة الوطن، يحاول أن يلملم جراح من نسميهم ملح الأرض، لينثرها على الورق، لعل أشواكها المدببة ونيرانها الحارقة، توقظ ضميرا أو تنبه قلبا ميتا.

          وفي بحثه أكد محمد عطية محمود أن مجموعة «مدن وضواحي» تمثل خطا من الخطوط الرئيسة في مشوار الكتابة القصصية لحميدة، بالرؤية الواقعية التي تتعانق مع بعد اجتماعي ونفسي.. تمثل تفاصيل الهامش، المرتبطة بجغرافيا المكان، التي يقطعها قطار الحياة من خلال علاقات الشخوص التي تخلق حركة هذه الحياة، مع حركة الخلق التي تبعثها النصوص في المكان، الجماد، وسيلة الانتقال، ليصير ذا حس إنساني يشارك في صنع حدث أو يصبح بوتقة لحدوث فعل الحياة الموازي، في صورة من صوره المصغرة.

          أما أبونصير عثمان فقد قدم رؤية نقدية لرواية «الغجر» التي كتبها حميدة عام 1987، وتحكي عن العلاقة بين القيادات الأمنية والغجر.

          ويوضح عثمان أن هذه الرواية تنتمى إلى تيار الواقعية الاجتماعية الذى يهتم بعرض المشكلات الإنسانية الفائرة مجتمعيا، مشيرا إلى أنه في السنوات التى تلت كتابة الرواية لم يتدن الفساد بل تلون وتنوع وتعدد وتخفى حتى ليصعب على العين الفاحصة التفرقة بين الفاسد والطاهر.

          وتحت عنوان «العبـق الفنـي.. وشوارع أحمد حميدة» جاء بحث الشربيني المهندس الذي يرصد فيه جوانب الإبداع في أعمال أحمد حميدة ويقول: نحن أمام كاتب حفر لنفسه طريقا، وتعددت أعماله الأدبية، وللوهلة الأولى نلحظ ومضات قص كاشفة بداية بـ «النبش في الذاكرة» ومرورا بـ «أنشودة القهر»، ونلمح معالم حكايات التائهين في شوارع تنـام من العاشرة. لكننا أمام كاتب أسمر اللـون أبيض القلب عشق الحديث الأدبي عن الطبقة التحتية.

          وقد فاح العبـق الفني لعلاقات الشخوص بالواقع الحياتي «التحتاني» وانتشر في كل شوارع أحمد حميدة وهو المعادل الموضوعي لما تثيره هذه الشخصيات من إدانة مرة لمجتمعها، ويمكن أن نستشف منها صورا حية.

          ويختار حسني الجنكوري مجموعة «عبق الشوارع» ليعمل فيها أدواته النقدية بدءا بالعنوان الذي يكشف عن مدى انتماء المؤلف لبيئته ومجتمعه بما يحويه من بشر وجماد ليشكل عالمه الأثير، وليعبر صراحة عن مكنونات ذاته، وأشجانه، وهواجسه، في عالم بات فيه الإنسان مقهورا، يبوح بالقليل، ويوجعه المسكوت عنه، ولكن عالم أحمد حميدة تجاوز معضلة المسكوت عنه باقتحامه بالرمز تارة وبالإسقاط تارة، والمونولوج الداخلى ووصفه لشخوصه تارة ثالثة، حتى يتطور الحدث، ويتجسد المعنى المراد، والفكرة المقصودة، وذلك بعيدا عن المباشرة، والجمل الخبرية، أو الخطابية الزاعقة.

          ومن خلال مجموعته «ظل باب» يشير رشاد بلال إلى أن الخصائص الإبداعية لأحمد حميدة تتجلى في أنه يكتب عما يشاهده في يومه.. عما يراه في الشوارع والمركبات، فمثلا نرى في قصة «ظل باب» التى تحمل المجموعة اسمها؛ أنها مكتوبة بضمير المتكلم، وتجري أحداثها ما بين سوق الجمعة والقطار، وفي أولى قصص المجموعة تجري الأحداث في الترام ما بين القاص وأحد الركاب، دون أن يتبادلا كلمة واحدة، لكن مرة بعد مرة يتزايد النفور ويصبح متبادلا.

الإسكندرية: مصطفى عبدالله

  • مؤتمر.. نحو خارطة معرفية ذات حدود أوسع

          برعاية المهندس سلطان بن حمدون الحارثي رئــيس بلدية مسقط شهدت العاصمة العمانية مسقط، المؤتمر الدولي الثاني حول اللغة واللغويات والأدب والترجمة وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر مع مشاركة واسعة حيث ينظمه قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في الجامعة، وفي حفل افتتاح المؤتمر ألقت الدكتورة نافلة بنت سعود الخروصية من قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية كلمة أشادت فيها بالمؤتمر وذكرت «أن التعليم القائم على الآداب والإنسانيات يؤكد على مسألة التفكير الإبداعي اللازم لتطوير التكنولوجيا الجديدة واستراتيجيات التسويق والمنظور العالمي الذي يفسر الاختلافات الثقافية بما يعزز الريادة لأمريكا في هذا المجال وكذلك المسئولية الأخلاقية التي ستساعد الشركات على تصنيع المنتجات التي تلبي الاحتياجات الإنسانية». مضيفة أن أهل الآداب والإنسانيات يتحدثون بلغة القيمة وليس بلغة السعر، وهم يتعاملون مع أعمال تعكس بعمقها وتركيزها ضآلة الحياة اليومية في المجتمع الذي تتحكم فيه اقتصادات السوق، كما أن باستطاعتهم تخيل البدائل للواقع لأن العلوم الإنسانية تشجعهم على التخيل والتصور وتبث فيهم روح الرغبة في التجديد.

          وعلى عكس الماديين الأجلاف كما وصفهم أوسكار وايلد فإن طلاب الآداب وطلاب اللغة الإنجليزية على وجه التحديد يدركون قيمة كل شيء ولكنهم يخفقون في معرفة سعر أي شيء. وقالت الدكتورة الخروصية: «إذا كان طلابنا هم العناصر الطبيعية المحفزة للتغيير كما يقول إيجيلتون، وإذا كانوا يملكون الأدوات اللازمة لصناعة الثروة كما يقول فيرجسون، فإن ذلك يعني أن خريجينا هم من يقومون الآن بالفعل بعملية التغيير في المجتمع ويدفعون باقتصادنا الوطني قدما نحو الأمام ويعززون مؤسسات المجتمع المدني ويسهمون في تأسيس المكتبات العامة ومراكز محو الأمية في كل قرية من قرانا وينظمون مجموعات القراءة والنقاش ويرسمون خطط الرعاية الصحية الأولية وأساليب حماية البيئة. ويسعدني أن أقول إنهم يقومون بهذه الجهود المباركة في إطار النظام الأساسي للدولة والتي تؤكد عليها لجنة حقوق الإنسان الحديثة التشكيل التي تكفل الحرية المسئولة للتعبير عن الرأي سواء بالكلام أو الكتابة أو أي وسيلة تعبيرية أخرى».

          وحول الاهتمام بالخريجين ذكرت الدكتورة نافلة الخروصية: إن اهتمامنا بدور خريجينا في المجتمع يشير إلى ما يمكن أن نؤكد عليه في مناهجنا وهي مجموعة نقاط نوجزها فيما يلي: علينا أن ننهج طرقا معينة في تعليمنا تضمن وصول المعرفة، سواء كانت قديمة أو حديثة، إلى عقول طلابنا «كالسمك الطازج الذي خرج للتو من البحر» مصحوبا ببريق الحياة بحيث نضمن مشاركة حتى أولئك الذين يراودهم النوم وذلك بإلهامهم للكتابة وابتداع الأفكار لتحدي الأجيال القادمة.

مسقط: عبدالله علي العليان

  • تكريم.. واحة الغروب في أثينا

          في احتفالية كبيرة وبدعوة من المركز الثقافي المصري بأثينا (23/3/2010)، تم تكريم الروائي المصري الكبير بهاء طاهر، وذلك بمناسبة صدور الترجمة اليونانية لروايته «واحة الغروب» الحائزة على جائزة البوكر العربية لعام 2008، عن دور نشر «ليفاني»، والتي قامت بترجمتها اليونانية المعروفة بيرسا كوموتسي.

          في بداية الاحتفالية شدد الدكتور طارق رضوان الملحق الثقافي في كلمته على أهمية تفعيل حركة الترجمة من العربية إلى اليونانية وبالعكس بهدف دفع القواسم المشتركة بين الثقافات لمزيد من التواصل الحضاري والفكري. من ناحيته أعرب الروائي الكبير عن سعادته بصدور الترجمة اليونانية لروايته «واحة الغروب»، مؤكدا على أهمية الدور الذي لعبه التراث الإغريقي القديم والفكر اليوناني المعاصر في تشكيل وجدانه الإنساني والفكري، كما رد على عديد من الأسئلة التي طرحها جمهور الحاضرين حول مسيرته الإبداعية والقضايا الأدبية والفكرية المعاصرة في مصر والعالم العربي. كما قام في نهاية الأمسية بالتوقيع على العديد من النسخ من الترجمة اليونانية لروايته لجمهور الحاضرين.

          من ناحية أخرى أهتمت الصحف اليونانية والقنوات التلفزيونية بتغطية هذاالحدث، فقد أجرت جريدة «فيما» الواسعة الانتشار باليونان حوارا مطولا مع الروائي بهاء طاهر، كما أدلى الكاتب الكبير بحديث إلى جريدة «إليفثروتيبيا»، إضافة إلى صحيفتي «نيا» و«كاثميريني»، وصحيفة «الضفتان» لسان الجالية العربية باليونان.

          حضر الأمسية مستشار السفارة المصرية، وأمين عام اتحاد الجالية المصرية، وقيادات من الجمعية اليونانية - المصرية، وممثلون عن سفارات ليبيا وألبانيا وفلسطين، والعديد من رؤساء دور النشر اليونانية، والأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعات، ورجال الصحافة والإعلام، وكان لي معه هذا الحوار:

لماذا حظيت رواية «واحة الغروب» بكل هذا الاهتمام دون غيرها من اعمالك الاخرى؟

          - هناك أعمال أخرى حظيت باهتمام القراء والنقاد والناشرين، مثل رواية «صفية والدير» التي ترجمت الى 12 لغة وتحصلت عام 2000 على جائزة جيوسيبي تشيربي الإيطالية بوصفها أفضل رواية مترجمة إلى الإيطالية، وكذلك رواية «الحب في المنفى» التي فازت بجائزة «الزياتور» عام 2009 والتي تمنحها مدينة كالياري الإيطالية. لكن ربما يكون من أسباب الاهتمام الكبير برواية «واحة الغروب» هو حصولها أخيراً على الجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر العربية» في أولى دوراتها العام الجاري، وهي الجائزة التي تنظمها مؤسسة خيرية في دولة الإمارات العربية بالاشتراك مع مؤسسة جائزة بوكر البريطانية.

كيف كانت البداية؟

          - البداية الحقيقية من الممكن أن تكون حينما بدأنا مغامرة النشر في أوائل الستينيات.. وكان النشر في تلك الفترة مغامرة صعبة.. منابر النشر في تلك الفترة كانت محدودة.. القليل جدا الذي كان يقوم بنشر الأعمال الأدبية مثل مجلة «المجلة» التي كان يشرف عليها كاتبنا الكبير المرحوم «يحيى حقي».. وأيضا الملحق الأدبي لصحيفة «المساء» الذي كان يشرف عليه المرحوم الأستاذ عبدالفتاح الجمل.

          والحقيقة أن صعوبة النشر كانت شيئا إيجابيا بالنسبة لنا، لآنها أفادتنا كثيرا من حيث تجويد أعمالنا، لكي نرقى الى مصاف العظماء الذين سبقونا في هذا المجال، مثل كاتبنا الراحل الكبير نجيب محفوظ، والعملاق يوسف إدريس، والراحل عبدالرحمن الشرقاوي، الذين كانوا يتصدرون المشهد الادبي في ذلك الوقت، وحاولنا ان نكون على قدر المسئولية. دون أن نقلد احدا منهم، حاولنا أن نكتب بصوتنا الخاص المعبر عن اهتماماتنا الحقيقية. وأن يكون صوتنا مستقلا.

ماذا تعني لك الكتابة؟

          - أنا لست كاتبا غزير الانتاج، ولم أهدف أبدا أن اكون، وإنما كان يعنيني الكيف قبل الكم، وأن أقدم شيئا اصيلا، لا أن أقدم شيئا كثيرا.ومن منطلق هذا الإحساس، أنا مازلت معتقدا بأن للكاتب رسالة نحو مجتمعه.. بأن يقوده كما كانت الحال دائما نحو الحق والخير والجمال.

مما يعاني الكاتب عندما يكتب؟

          - الكاتب عندما يكتب يجد كل انواع المعاناة.. أولا هو لا يعرف اذا كان ما سيكتبه سيجتاز اختبارات النشر، أعرف كثيرا من الكتاب يدفعون لكي تنشر أعمالهم.. يدفعون ثمن الكتاب. نحن في مرحلة الشباب لم نكن نملك من المال ما يكفي لان ننشر على نفقتنا الخاصة.

          الاختبار الثاني.. هو قبول القارئ لما تكتب.. هل تقدم تنازلات لكي يقبلك القارئ؟ أم تكون أمينا لصوتك الخاص، وأهتماماتك الخاصة.

          الاختبار الثالث.. في رأيي أنه أهم الاختبارات، وهو اختبار التاريخ، فقد تكتب عملا ويلقى من الرواج ما لايصدقه الانسان، وبعد حين أو سنوات قصيرة يموت هذا العمل. وقد تكتب عملا فلا تجده بعد حين في صدارة الأعمال، ولعلك تعرف أن كتابا كثيرين لم يشتهروا الا بعد موتهم، مثل كافكا وغيره من الكتاب، وأظن أني أحب جدا عبارة للشاعر الألماني «شيللر» الذي كتب مسرحية بعنوان «اللصوص» وفشلت هذه المسرحية في حينها، فقال هذه العبارة «أنا مصمم على ان يستمرعرض هذه المسرحية إلى أن يكتشف الجمهور انها افضل بكثير من رأيي فيها»، وقد حدث فقد أنصفه التاريخ واصبحت هذه الرواية من عيون الادب.

هل مازال للكلمة تأثيرها في المجتمع؟

          - يتفاوت من زمن إلى آخر لكن ما يسعدني أشد السعادة أني أسمع من جميع الناشرين في مصر ولبنان وغيرهم، وبلا استثناء، الذين كانوا يشتكون دائما عدم اقبال الناس على الكتب، وأنهم يخسرون من نشر الكتاب. أن هناك اقبالا غير مسبوق على القراءة، وان الناشرين ولاول مرة يعترفون بأنهم يربحون من نشر الكتب. وهذه ظاهرة جديدة، في غاية الغرابة، لان العالم كله وليس العالم العربي يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، فكيف يزيد الاقبال على الكتب في هذه المرحلة. وهذا شيء مبشر جداً، لأن الكتابة تؤتي ثمارها. وقد لاحظت هذا بعيني ولمسته من خلال طبعات روايتي الاخيرة «واحة الغروب» التي طبع منها حتى الآن 10 طبعات (دار الشروق - الآداب - الهلال) وهناك كتب طبعت 15 مرة و17 طبعة. وأنا شخصيا لا أجد تفسيرا واضحا لهذه الظاهرة.

أثينا: عبدالسلام الزغيبي

 






المشاركون في تكريم محمد أنقار





الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح يتسلم جائزة مؤسسة العويس الثقافية





أحمد حميدة





جانب من الحضور