انتكاسة: الحرب غير المعلنة ضد النساء الأمريكيات سوزان فالودي

انتكاسة: الحرب غير المعلنة ضد النساء الأمريكيات

عرض: الدكتور محمود الذوادي

منذ أن قاد قاسم أمين حركة تحرير المرأة المصرية في نهاية القرن الماضي وهذه الحركة مازالت تلقى مقاومة عنيفة في العديد من المجتمعات العربية.. ولكن المدهش أن هذه المقاومة توجد أيضا في أكثر المجتمعات الغربية تفتحاً وديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية

هذا هو موضوع الكتاب الذي بين أيدينا. فعنوانه "انتكاسة: الحرب غير المعلنة ضد النساء الأمريكيات " يفصح بجلاء عن القضية التي تطرحها صاحبة هذا الكتاب الضخم (552 صفحة). تقسم الكاتبة كتابها إلى أربعة أبواب تتراوح فصول كل منها بين فصلين وخمسة فصول. يبدأ الكتاب بمقدمة بعنوان: "الذنب يقع على عاتق النسوانية" Feminism. ويحمل الباب الأول عنوان "الأساطير والخلفيات ". يتكون هذا الباب من فصلين هما (1) قلة الرجال والأرحام غير المنجبة (2) الانتكاسة في الماضي والحاضر. أما عنوان الباب الثاني فهو "انتكاسة في الثقافة الشعبية" يشمل هذا الباب خمسة فصول: (1) الاتجاهات ضد الحركة النسوانية: وسائل الإعلام والانتكاسة (2) الرؤى القاتلة والطفلية Fetal: الانتكاسة في الأقلام (3) المراهقات الملائكة والساحرات Witches غير المتزوجات: الانتكاسة على الشاشة الصغيرة (4) كساء الدمى: الانتكاسة في موضة اللباس. (5) الجمال والانتكاسة. تعطي صاحبة الكتاب عنوان "أصول الانتكاسة: محركو ومنشطو ومفكرو الانتكاسة" للباب الثالث من الكتاب. يحتوي هذا الباب على ثلاثة فصول: (1) سياسة الكراهية: حرب اليمين الجديد على النساء (2) السيدة Ms سميت تغادر واشنطن: الانتكاسة في السياسة القومية. (3) الانتكاسة الفكرية: من المحافظين الجدد إلى النسوانيين Feminists الجدد.

ويزخر الكتاب بالوقائع من الصحف والمجلات وبرامج الإذاعات والتلفزيونات وصناعة الأفلام وتصريحات رجال السياسة وآراء أصحاب الفكر التي تناهض تحرر المرأة الأمريكية.

لقد تبنت صاحبة الكتاب منهجية بحثية صلبة اعتمدت فيها على التوثيق المفصل لمواقف المعادين للحركة النسائية من جهة، كما أنها استعملت من جهة أخرى كل أصناف الوثائق للرد على المناهضين للمسيرة التحررية للمرأة الأمريكية. ونجحت سوزان فالودي في سبك وجهة نظر الطرفين في أسلوب شفاف، حتى لا يكاد يلقى القارئ العادي أي صعوبة في فهم مواضيع الكتاب. إذ إن صفحاته مكتوبة بأسلوب صحفي سلس يشير إلى أن صاحبته لا بد أنها قد مارست الكتابة في الصحف والمجلات الأمريكية الشهيرة مثل: Wall Strees Journal Jones Mother وMs و The New York Times Magazine. ومن المنطقي أن تكون هذه الخبرة سببا لفوزها في الولايات المتحدة الأمريكية بجائزة The National Book Critics Circle For Nonfiction على هذا الكتاب وبفوزها في عام 1991 بجائزة Pulitzer Prize على مقال كتبه حول التكاليف البشرية المنجزة عن الشراء من الأسواق الكبيرة Supermarket. ونظرا لأهمية موضوع الكتاب فقد سارعت الثقافة الفرنسية إلى ترجمته إلى لغتها. فقد ترجم هذا الكتاب إلى الفرنسية منذ ربيع 1993 ولا بد أنه في طريقه إلى الترجمة إلى لغات أخرى مثل الألمانية واليابانية والإيطالية وغيرها. وأرجو أن تقوم إحدى دور النشر العربية في أقرب وقت بترجمته إلى لغة الضاد. ولعل هذه المراجعة المختصرة تساهم في إشعار الناشرين العرب بأهمية موضوع الكتاب بالنسبة للثقافة العربية.

المرأة الوحيدة.. حالة عقلية

وكما أشرنا، فإن سوزان فالودي لا تكتفي بسرد الوقائع والمعطيات بل هي طالما ترد عليها لتبين مدى خلوها من الأمانة والمصداقية العلميتين. فعلى سبيل المثال تناقش الكاتبة تفشي الأمراض العقلية المزعوم بين النساء غير المتزوجات والعاملات. فأصحاب هذه المقولة يرون أن نسبة حالات الأمراض النفسية والعقلية تزداد عند النساء اللائي يعشن فرادى ويرهقن أنفسهن في العمل "burnout" . فترد صاحبة الكتاب على ذلك القول المزعوم بحقائق أخرى توصل إليها البحث العلمي الذي ركز اهتمامه على فهم ازدياد ظواهر الأمراض النفسية والعقلية عند النساء الأمريكيات الحديثات. فتذكر الكاتبة أكثر من دراسة تفند بها المقولة المزعومة. فدراسة The Mills Longitudinal Study التي تابعت النساء لأكثر من ثلاثة عقود وجدت في عام 1990 أن النساء "التقليديات " يتعرضن إلى أخطار أكثر من النساء العازبات بالنسبة للإصابة بأمراض عقلية وجسدية أثناء حياتهن مثل الكآبة وصداع الرأس وارتفاع ضغط الدم. وعندما قام باحثا الأمراض العقليةGerald Klerman وMyrna Weissman بمراجعة كل ما كتب حول أعراض الكآبة النفسية واختبرا عدة عوامل من بينها العوامل الوراثية وتأثير حبوب ضبط الإنجاب لم يجدا إلا عاملين حاسمين لهما علاقة بأعراض الكآبة عند النساء، هذان العاملان هما: المكانة الاجتماعية المتدنية والزواج.

تذكر المؤلفة دراسة أخرى حول علاقة سن المرأة بمقدرتها على الإنجاب. فتورد دراسة لمجلة أكاديمية علمية هي مجلة The New England Journal Of Medicine. وقد نشرت هذه المجلة في شهر فبراير 1982 دراسة تقول فيها إن حظوظ المرأة على الحمل تتراجع فجأة بعد سن الثلاثين. فأصحاب هذه الدراسة يدعون أن 40% من النساء بين سن 31 و 35 عاما قد لا يكن قادرات على الحمل. إن مثل هذه النتائج لم يسبق لها مثيل. فكل دراسة تقريبا اهتمت بهذا الموضوع حتى ذلك الوقت وجدت أن الخصوبة عند النساء لا تبدأ حقا في التراجع إلا عندما تبلغ النساء أواخر الثلاثينيات أو حتى بداية الأربعينيات من عمرهن. وتضيف سوزان فالودي قائلة إن هذه المجلة العلمية "المحايدة" لم تلتزم بالنزاهة العلمية. فكتبت افتتاحية بثلاث صفحات تطالب فيها النساء "بتقييم " أهدافن والبدء بإنجاب أولادهن قبل الشروع في العمل.

تناقش الكاتبة في الباب الثالث من كتابها موقف العديد من المفكرين والكتاب الذين هاجموا الحركة النسوانية بالمجتمع الأمريكي، ونقتصر هنا على التعرض لفكر ألن بلوم Allan Bloom الوارد في كتابه الشهير "انغلاق العقل الأمريكي The Closing Of The American Mind، حيث تقوم الكاتبة بتحليل آراء هذا المفكر في أكثر من خمس صفحات بقليل. فرغم أن مقولة الكتاب عرفت بتمحورها حول النظام التربوي الأمريكي الذي يصفه بلوم بالتدهور والضحالة إلا أن الكاتبة ترى أن الهجوم على الحركة النسوانية نجده في العديد من صفحات الكتاب. فسواء كان بلوم منتقدا لحالة البحث العلمي أو تردي توجهات الموسيقى أو قصر علاقات الطلاب مع بعضهم البعض، فإن جذور كل ذلك تبقى واحدة عند بلوم: "إن التحول النسواني للمجتمع قد ملأ النساء بالمطالب والرغبات وأفرغ الرجال من الطاقة والعزم. إن آخر عدو لحيوية النصوص الكلاسيكية هو الحركة النسوانية". وهو يرى أن الثورة الجنسية ما هي إلا تمهيد للطغيان النسواني "فالرابع عشر من يوليو 1789 للثورة الجنسية كان في الحقيقة يوما واحدا يفصل بين قلب نظام الحكم القديم I'Ancient Regime وبداية الرعب".

إن الهجوم على الحركة النسوانية لم يقتصر بأي حال من الحالات على بلوم وحده، وإن كان هو الأكثر شهرة في هذا المجال في أواخر الثمانينيات فالكاتبان كريستوفر لاش Christopher Lasch وروجير كينبل Roger Kimball، ساهما في نقد الحركة النسوانية. فبالنسبة للاش فالحركة النسوانية تمثل تحديا للزواج التقليدي وتنادي بالإجهاض غير المحدود. أما كينبل فهو يحذر من انتشار الدراسات النسوانية feminist studies في الجامعات الأمريكية التي سوف تؤدي إلى الضرر بالمستوى الفكري للحياة الأمريكية. ويبدو أن ببوم لم يكتف بنقد الحركة النسوانية بل ذهب إلى القول بأنه لم يُقدّر في كتابه القضية حق قدرها، فالحركة النسوانية أصبحت في رأيه أكثر قوة خاصة في الجامعات الأمريكية حيث تحول الفكر النسواني إلى نوع من الفكر الأرثوذكسي الذي يلقى المعارض له الإهانة والتحقير.

يعتقد بلوم والكثير من زملائه المحافظين والليبراليين على حد سواء أن معظم الوظائف الجامعية وحقوق النشر تذهب إلى النساء المتحررات feminist Women. وكعادتها في هذا الكتاب ترد سوزان فالودي على هذه الادعاءات بالحجة والأرقام. فتكتب "أن مثل ذلك الاعتقاد يستند على الخوف وليس على معطيات حقيقة".

فالنساء عموما (متحررات وتقليديات) لا يمثلن سوى 10% من أعضاء هيئة التدريس المرسمين والمدرسين في المرحلة الأولى الجامعية (4 سنوات دراسية جامعية). وهي زيادة بـ 6% فقط منذ 1960. إن عدد النساء الحاملات لشهادة الدكتوراة واللائي لم يجدن عملا يساوي 5 أضعاف عدد الرجال ذوي نفس المستوى التعليمي. وليس صحيحا أيضا أن كل الجامعات الأمريكية بها أقسام خاصة للدراسات النسائية. فلا يوجد أكثر من اثني عشر مركزا تهتم بدراسة قضايا المرأة. وبالنسبة لطغيان مواضيع المرأة في المنشورات الأكاديمية، فالإحصاء يفيد هنا أن هناك 7.4% فقط من الدراسات التي تعالج قضية المرأة، وهي زيادة صغيرة 5% مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 1960".

وعلى الرغم من العراقيل المختلفة التي زادت فيها انتكاسة حركة النساء الأمريكيات، فإن مؤلفة الكتاب لا تبدو متشائمة بمستقبل المرأة الأمريكية في أواخر هذا القرن ومع إطلالة القرن الواحد والعشرين. "إن الانتكاسة أحدثت حملة طويلة وموجعة وغير رحيمة من أجل عرقلة تقدم النساء، ومع ذلك، فعلى الرغم من كل القوى التي استعملتها حركة الانتكاسة، مثل التنديدات الجارحة من طرف اليمين الجديد، والتراجعات القضائية التي عرفها عهد الرئيس ريجان Reagan والمقاومة الكبيرة للمؤسسات الأمريكية، وعمل وسائل الإعلام والصناعة السينمائية لهليوود على بث صورة أسطورية سلبية للمرأة ومحاولة تسويق شارع مادسين (رمز المؤسسة الاقتصادية الأمريكية) للصورة التقليدية الجديدة للمرأة الأمريكية، فإن النساء الأمريكيات لم يستسلمن قط في حقيقة الأمر".

1 - يدخل كل سنة إلى سوق العمل عدد متزايد من النساء الأمريكيات.

2 - تواصل النساء الأمريكيات تأخير سن زواجهن.

3 - تستمر النساء الأمريكيات في إعطاء تقييم إيجابي لبطلات الأفلام والمسلسلات اللائي يتصفن بقوة العزيمة والاستقلالية.

4 - على الرغم من الصعوبات التي تتعرض لها المرأة الأمريكية بسبب الانتكاسة، فإن الكثير من النساء مازلن مقتنعات بأنه ليس من اختيار أمامهن سوى مواصلة السير إلى الأمام.

تؤكد سوزان فالودي أن الانتكاسة قد أثرت على رؤى وأفكار النساء الأمريكيات ولكن لم تتمكن أبدا من إخماد ما سمته جان كنج Jan King العاملة بالعمل، "هذا الصوت الصغير في الجزء الخلفي لعقلي ". إن هذا الصوت الصغير هو الذي دفع بفرلي لاهاي Beverly Lahaye إلى أن تؤلف العديد من الكتب. فهي تقول بهذا الصدد "فقد شعرت في عمق قلبي أني بحاجة إلى الوقوف على قدمي والتعبير عن نفسي ".

تعد، في رأي المؤلفة، ظاهرة المقاومة لآثار الانتكاسة ظاهرة نسوانية جماعية. فهي تشمل ملايين الأمريكيات اللائي يعملن، كل في ميدانها، في العقد الأخير من أجل تهديم الحواجز التي أقامتها حركة الانتكاسة ضد النساء الأمريكيات. تعتقد الكاتبة أن تظاهر النساء بعدد ضخم يشكل استراتيجية فعالة في إشعار الضمير العام بقضايا المرأة. فإضراب النساء من أجل المساواة لعام 1970 1970 The Women's Strike for Equality، وهي أكبر مظاهرة في تاريخ حقوق النساء، أعطى دفعا للحركة النسوانية. الأمر الذي أدى إلى ازدياد عدد المشاركات في المنظمات النسوانية وإلى انتصارات قضائية متعددة. قد أثبتت مثل تلك الاستراتيجية في عقد الثمانينيات لمقاومة الانتكاسة بأن النساء الأمريكيات كن قادرات على تغيير المناخ العام ووضع الأمور وفقا لرؤيتهن والنجاح في تغيير عقول العديد من الرجال. وتنهي المؤلفة كتابها بملاحظات تفاؤلية بخصوص مستقبل وصيغة المرأة الأمريكية. فكتبت "إنه لفي استطاعة النساء أن ينتجن أكثر. إذ إنه ليس هناك في الحقيقة سبب معقول يمنع من أن تكون التسعينيات هي عقد النساء. إن إحصاءات علم السكان وسبر الآراء تشير إلى زيادة وزن النساء أكثر فأكثر في المستقبل ". فمهما كانت الصعوبات والعراقيل التي تعترض مسيرة النساء، فسوزان فالودي لا ترى مجالا للتشاؤم الهدام في مصير المرأة الأمريكية "لأنه لا يمكن لأي كان أن يفتك أبدا من المرأة الأمريكية عدالة قضيتها" بهذه الفقرة تختم صاحبة الكتاب آخر صفحة من نص مؤلفها. وهي فقرة تبرز بكل شفافية العقيدة الجياشة للكاتبة بخصوص إمكانات النساء الأمريكيات على كسب الرهان في قضية المساواة والعدالة مع الرجل الأمريكي. وهي فقرة تلخص بإيجاز مكثف ما قامت بمعالجته المواضيع المختلفة التي حفلت بها الصفحات السابقة من هذا الكتاب الضخم الحجم.

تأملات في مقولة الكتاب

إن اختتام المؤلفة لكتابها بنبرة تفاؤلية لا يدعونا إلى استقباله بترحيب كبير وذلك لثلاثة أسباب على الأقل: (1) لم تقم صاحبة الكتاب بمدنا برصيد تنظيري يساعد على فهم أحسن وتسفير أمتن لظاهرة الانتكاسة التي عرفتها الحركة النسوانية بالمجتمع الأمريكي الحديث. وبغياب الإطار التنظيري نجد أنفسنا عاجزين ومضطربي الفكر بخصوص طبيعة جذور الانتكاسة من ناحية والتنبؤ بمسار أحداث قضية المرأة الأمريكية لما بعد الانتكاسة من ناحية أخرى.

فصفحات الكتاب تركز على ظاهرة الانتكاسة بالمجتمع الأمريكي فقط. فهل هذا يعني أن المجتمعات الغربية الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا لا تعاني من انتكاسة مشابهة بخصوص الحركة التحررية للمرأة؟.

(2) تتهم سوزان فالودي الحكومات الأمريكية المحافظة بلعب دور في ظاهرة الانتكاسة. فالرؤساء الجمهوريون - خاصة الرئيس رونالد ريجان - قد أثرت سياساتهم الداخلية على مسيرة الحركة النسوانية ويأتي تراجع المحكمة الأمريكية العليا في تشريع السماح للنساء بالاختيار في مسألة الإجهاض مثالا على ملامح الانتكاسة للحركة النسوانية في عهد حكم الحزب الجمهوري منذ الثمانينيات في الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تطرح الكاتبة بشفافية دور العامل الثقافي في ظاهرة الانتكاسة. فعلم الاجتماع يشير بكثير من الوضوح إلى أن مسيرة تغيير العناصر الثقافية (النسق الثقافي) بالمجتمع هي مسيرة بطيئة عموما. وهذا ما أدى بعالم الاجتماع الأمريكي الراحل وليام أوجبورن William Ogburn إلى ابتكار مفهوم ما سماه بالهوة الثقافية Cultural Lag. أي أن العقائد والأعراف والقيم الثقافية لا تتغير بنفس السرعة التي تتغير بها العناصر غير الثقافية بالمجتمع. لو أن الكاتبة استعانت بمثل تلك الرؤية لأمكن لها التعمق أكثر في أسباب ظاهرة انتكاسة الحركة النسوانية الأمريكية وحتى في مجتمعات أخرى مثل مجتمعات الوطن العربي المعاصر.

(3) تنهي صاحبة الكتاب، كما رأينا، تحليلها بتفاؤل مبالغ فيه. وذلك لاعتقادها الشديد في تلازم تقدم المرأة مع وعيها بعدالة قضيتها. فمسألة توهج الوعي بعدالة قضية المرأة الأمريكية أو غيرها من نساء العالم ليست من المسلّمات. فهي قضية رهينة ظروف مجتمعية داخلية وعالمية متعددة المشارب. فتتغير البني الاجتماعية والاقتصادية والأنساق الثقافية (الأيديولوجيات)، قد تنهار بين عشية وضحاها تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية كما حدث ذلك بصورة مفاجئة في خريطة الاتحاد السوفييتي سابقا وأوربا الشرقية. ففي المجتمعات الغربية التي لا يزال ميزان القوى فيها لصالح الرجل عموما وتزداد فيها من ناحية ثانية حدة معالم الأزمات الحضارية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن نتفاءل بسهولة - مثل صاحبة هذا الكتاب - ببشائر المسيرة المشرقة والمتواصلة للحركة النسائية سواء كان ذلك في المجتمع الأمريكي المعاصر أو غيره من المجتمعات المتقدمة أو النامية بما في ذلك مجتمعات الوطن العربي الحديثة.

 

سوزان فالودي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات