من شهر إلى شهر

من شهر إلى شهر

لمحات من جديد العالم
طب
فحص القلب بجهاز كشف الزلازل

في البحث عن العامل والنوبات القلبية، لم يجدوا قديما إلا عنصر الفزع، وأن الأولى قد تتسبب في إحداث الثانية. لكن العلماء اكتشفوا حديثاً وجود عامل مشترك جديد. فالتقنية التي تكشف عن حركة الصفائح التكتونية للقارات يمكن أن تكشف أيضا عن اضطراب أبقاع القلوب التي يمكن أن تؤدي إلى نوبات القلب القاتلة.

وقد أشارت الدراسات إلى أن عملية المزج بين رسام القلب الكهربائي وأجهزة رسم الموجات الزلزالية (السيسموجراف)، نتج عنها جهاز جديد يسمى رسام القلب الزلزالي. وتبين أن هذا الجهاز الجديد أكثر دقة من رسام القلب الكهربائي القديم بنسبة تصل إلى 88%.

وهذه التقنية الجديدة نالت موافقة هيئة الدواء والغذاء الأمريكية، وتم بالفعل طرح 11 جهازا تجريبيا لقياس الفعالية بين يدي المتخصصين. وبين هؤلاء المتخصصين من يبدي حماسه للنتائج الأولى لاستخدام هذه الأجهزة، وبينهم من يطلب التريث حتى تتأكد النتائج، لكن هناك إجماعا على أن هذه الأجهزة في حدها الأدنى قادرة على نفي أو إثبات وجود علة في القلب.

وبينما يعتبر جهاز رسم القلب التقليدي بالمجهود مجرد " اختبار توتر" لقياس الشحنة الكهربائية للقلب أثناء انقباضه، ومن ثم يكشف عن آثار النوبات القلبية السابقة والأخرى التي تتطور، فإنه يفشل عن تحديد المراحل المبكرة للنوبات القلبية قبل تطورها، خاصة لدى النساء- ربما بسبب صغر قلوبهن- ومن ثم يهبط مستوى دقة هذه الأجهزة إلى نحو 50%.

أما جهاز رسم القلب الزلزالي الجديد، فإنه يقيس النشاط الميكانيكي للقلب، خاصة قوة ضغط البطين الأيسر الذي يعتبر المسئول الأول عن إمداد الجسم- وضمنه القلب ذاته- بالأكسجين، ومن ثم يمكنه الوقوف أمام احتمالات "اختناق القلب " التي تؤدي إلى آلام الذبحة الصدرية.

لقد طور هذه التقنية عالمان، أولهما اختصاصي في الزلازل من كاليفورنيا هو "جون زانيتي "، وثانيهما اختصاصي بأمراض القلب يرأس قسم رسم القلب بمركز " مينا بوليس " الطبي وهو الدكتور "دافيد ساليرنو".

ومن المعروف أن جهاز رسم الزلازل عند وضعه على سطح الأرض، فإنه يكشف عن الاهتزازات الناشئة في الطبقات العميقة، أما عند وضعه على صدر المريض- ضمن هذه التقنية الجديدة- فإنه يقيس نشاط القلب. وإذا كان في الحالة الأولى يتعقب كوارث الأرض، فإنه في الحالة الثانية يتعقب كوارث القلب، وفي الحالتين يلعب دور المتنبئ وإن كان في الحالة الثانية يبدو أكثر فعالية مع قلوب البشر، خاصة النساء اللائي نجح الجهاز في التنبؤ بأمراض قلوبهن بنسبة 86% من بين 1200 مريض أجريت عليهم التجارب الأولى لاستخدام الجهاز بمعهد القلب بمينا بوليس. ومن الجدير بالذكر أن هذه النسبة من النجاح في تشخيص أمراض القلب كانت تتطلب في السابق استخدام أجهزة أكثر تعقيداً إضافة إلى أجهزة رسم القلب الكهربائية بالمجهود، أو بغيره.

بيئة
بيت يدور مثل عباد الشمس

كان المهندس المعماري الألماني "تيدوتير هورست " يقضي إجازته في جنوب فرنسا، ولفتت نظره أزهار عباد الشمس التي تتجه دوما نحو القرص المضيء، وانتبه إلى أن هذه الأزهار تأخذ دائما الزاوية الصحيحة التي تجعلها تتلقى أكبر كمية من الطاقة الشمسية، ولأنه كان مهتما منذ فترة طويلة بتصميم المباني التي تحقق وفرا في الطاقة، فقد خطرت له فكرة مفاجئة مستوحاة من سلوك هذه الأزهار.

بناء على هذه الفكرة تم بناء أول بيت شمسي دوار في أوربا، في المركز التكنولوجي الألماني "برانيه "، الذي يعمل به المهندس " تيرهورست ". ولقد قام هذا البيت على تقنية تشبه تقنية تحويل اتجاهات قطار البضائع، فالبيت ينهض على بلاطة خرسانية تمتد تحتها سكة حديدية دائرية الشكل، وعلى هذه السكة يدور البيت الذي يزن 180 طنا بمحرك قدرته 20 واطا موضوع في قبو البيت، بحيث يتوجه دوما صوب الشمس، متحركا سنتيمترات قليلة كل خمس دقائق، مما يجعل حركته دون صوت، ويجعل قاطني هذا البيت لا يشعرون بها، ثم إن البيت يعود تلقائيا إلى وضعه الأول في اليوم التالي.

ولقد حال الشكل الهرمي للبيت دون شغل مساحات من حديقته بالبطاريات الشمسية، إذ إن هذه البطاريات التي تلتقط طاقة الشمس توزعها حول سطح البيت توزيعا متساويا بحيث تتعرض مساحة كافية منها للأشعة مع دوران البيت، والطاقة المتولدة عن ذلك تكفي للإنارة ولتشغيل الأجهزة المنزلية الكهربائية، وأيضا لتشغيل ماكينة تحريك البيت، أما الطاقة الفائضة فإنها قابلة للتخزين في جهاز موجود بالقبو وتستخدم لتسخين مياه التدفئة التي تجري في شبكة أنابيب مختفية في الأرض وداخل الجدران.

بلغت تكاليف هذا البيت الدوار الملون، الموجود حاليا في " برانيه " حوالي 450 ألف مارك ألماني، علما بأن قدرة خلاياه الشمسية تماثل ضعف قدرة الخلايا في المباني الشمسية القديمة، وذلك بفضل فكرة الدوران، كما أن تصميمه يسمح لسكانه بمزيد من فرص الاستمتاع بالجو الطبيعي عند تحسنه، فنوافذ السطح تتحول إلى شرفات صغيرة عند فتحها، وغرفة النوم الموجودة تحت قمة الهرم مباشرة تمكن المرء من النظر إلى قبة السماء عندما يريد.

تكنولوجيا
صحيفتك المفضلة على شاشة الكمبيوتر

إذا كنت تستبعد صحيفتك عندما تفكر في برامج تسليتك المفضلة، فقد جانبك الصواب. صحيح أن التسلية المستمدة من الصحف ليست بنفس قدر التسلية المستمدة من ألعاب الفيديو. لكنها تخطط لملاحقة تطور العالم الإلكتروني. وفي واقع الأمر، بدأت عدة صحف بالفعل في تقديم أنبائها بهذه الطريقة، بينما تخطط صحف أخرى للحاق بها، لكنها تحاول جميعها وضع تصور دقيق لما ستكون عليه الصحف عندما تختفي أوراقها.

ومن بين أفضل الصحف الإلكترونية تبرز في مركوري سنتر، التابع لصحيفة سان خوسيه مركوري نيوز، وهي صحيفة يومية اشتهرت باستخدام أحدث الطرق التكنولوجية في بث أنبائها.ويمكنك العثور على أنباء مركوري سنتر إذا استخدمت شبكة أمريكا على الخط، America on line، تعرف اختصارا باسم AOL، وهي شبكة خدمات إلكترونية تتسع باستمرار ويمكن استقبال برامجها على وحدات الكمبيوتر الشخصي من نوعي آي.بي.إم وماكنتوش وإذا أردت الاطلاع على آخر الأخبار، فكل ما عليك هو أن تدق على رمز معين أو تختار الكلمة المناسبة.

وتوجد في شبكة AOL صحيفة أخرى هي شيكاغو على الحط Chicago on line، وهي نسخة إلكترونية من صحيفة شيكاغو تريبيون Chicago Tribune وتقسم هذه الصحف وفقا لموضوعاتها، بحيث يمكنك الاطلاع على آخر الأخبار الدولية أو المحلية أو الرياضية أو الثقافية أو الفنية. وتوفر الشبكة سبل الاتصال المباشر بين القراء وهيئتي تحرير الصحيفتين. بحيث يمكن للقارئ عن طريق الكمبيوتر الشخصي الاتصال بهيئة التحرير وطلب معلومات إضافية عن أي موضوع وارد في الصحيفة. ولا يكلف الاشتراك في الصحيفتين أي مبالغ الآن. فالمشترك في شبكة AOL يتمتع بخدمات الصحيفتين مجانا. لكن الصحيفتين لا تتضمنان أي فقرات هزلية أو كلمات متقاطعة. ومع ذلك، فبإمكان القارئ العادي الاستغناء عن ذلك ببرامج الكلمات المتقاطعة التي تقدمها الويندوز والماكنتوش، بينما تتوافر برامج كوميدية أخرى لمختلف برامج الكمبيوتر.

وربما تتمكن الصحف الإلكترونية في وقت قريب من إدخال كل ما تفتقده اليوم من عناصر: الكلمات المتقاطعة، الصور، والقصص الهزلية، وربما ستكف يوما ما عن البحث في الطرقات عن جريدة الصباح.

فنون
تصوير بالكلمات وغناء بالألوان

"برشلونة" رؤى متزامنة" هذا هو عنوان العمل الفني الذي يشترك فيه كاتب، وفنان تشكيلي هما "جون سيلشيا" و"جان بيير بوتي "، وهذا العمل جزء من مشروع معرض متنقل يستوحي أعماله من المدن التي يمر بها ويعكسها نصوصا ولوحات تمتزج معا ليشاهدها ويقرأها الجمهور على حوائط المعرض في وقت واحد.

وبرشلونة هي محطة من بين المحطات الأخرى التي توقف أو سيتوقف عندها الفنانان، مثل باريس، بكين، بيونس آيريس، روما، أثينا، هونج كونج، وهذه المدن يتم اختيارها طبقا للرغبة في البحث عن حشد الانفعالات الإنسانية اللامحدود في مدن ذات طبيعة خاصة.

"ولماذا لا نحب المدن، نرسمها، ونغني لها، بإيقاعها السريع نفسه، مع إدراكنا التام لإنسانيتها الظاهرة والمختبئة، فالمدن متباينة، متناقضة، غنية وبها عوز، عظيمة ورثة، مثيرة للشكوك، وآسرة دائما"، هذه هي فلسفة المشروع كما صاغها الكاتب "سيلشبيا"، وفي تفسير لآليات العمل الفني فإن الفنانين يحددان ذلك بالقول: "إن الاستقبال الشعري للفنان التشكيلي واللمح التصويري للكاتب سيمتزجان معا لتكوين سبيكة تعمل على إثارة مخزون الذكريات لدى من يعرفون هذه المدن، وإثارة العواطف وحب الاستطلاع لدى من لا يعرفونها". أما الأسلوب التشكيلي للرسام فتبرز فيه فنون "الكولاج "، أي تلصق أجزاء من صور ورسوم للمدن، موضوع الرؤية، داخل تكوين اللوحات، وعن ذلك يقول " بوتي "إن " الكولاج " يعطي للوحات دفعة إيحائية ونفسا شعريا في آن واحد.

مسرح
"برودواي" لم تعد وحدها

مضى الزمن الذي كانت فيه ألمع أضواء المسرح الأمريكي تتألق فقط في " برودواي " ضاحية نيويورك الأسطورية التي كانت تضم 36 مسرحا، حيث كانت تولد كل المسرحيات الجديدة، وتتم صناعة النجوم، وتكتشف المواهب المتألقة شاقة طريقها في عالم المسرح النيويوركي الذي كان يتسمى: "الطريق الأبيض العظيم ".

تغير كل ذلك خلال عقود قليلة، وشتت مجموعة من المسارح الإقليمية تشكل تحديا حثيثا- وإن كان حقيقيا- لبرودواي، من حيث الإبداع والإنتاج والأصالة، مما يجعل من " برودواي " مجرد متفوقة ضمن متفوقين والأمثلة عديدة.

في الغرب الأمريكي يمكنك أن تشاهد على مسرح " سياتل " عرض "وقائع حياة هايدي " التي تعالج إشكالية المرأة في عالمنا المعاصر، وقد ذهبت هذه المسرحية إلى نيويورك فاكتسحت مسارح " برودواي " وفازت بجائزة " بوليتزر " كأفضل مسرحيات الموسم.

وفي الجنوب الغربي يمكنك أن تشاهد في " هيوستون " مسرحية " العالم المحير" التي نجحت في غزو 17 مدينة أمريكية وكندية.

وفي الجنوب، يمكنك أن تشاهد في "ساراسوتا" إحياء عصريا للبيت المسرحي الإسكتلندي، وإن بطريقة أمريكية، وباستخدام أفضل وأحدث تقنيات إضاءة مسرحية في العالم.

هذا إضافة لما يحدث في مسارح إقليمية أخرى في " هارتفورد " و " لوس أنجلوس " وغيرهما، حيث تضرب بعض المسرحيات أرقاما قياسية في مدة العرض مثل كوميديا "نقود الناس الآخرين "، وحيث ترى إنتاجا دوليا مشتركا واستضافة لمسرحيات من خارج الولايات المتحدة، مثل "لغز زهرة بوكوت " للأرجنتيني " ما نويل بويج ".

إنه تحد حقيقي يعني أن "برودواي " لم تعد قلب المسرح الأمريكي، فمنذ ربع قرن كانت المسارح الإقليمية تعيش على فتات ما تعرضه برودواي إضافة إلى إعادة عرض الكلاسيكيات، الآن يحدث العكس، وتتحول هذه المسارح الإقليمية إلى قاطرة تشد المسرح الأمريكي كله من حيث تقديم الجديد، والضخم أيضا، واكتشاف وصقل تقنيات جديدة ومبدعين جدد.

المسارح الإقليمية الأمريكية خطت بثبات إلى ساحة الملايين من المشاهدين، وخططت لأن يكون في برنامجها ما يصلح للجميع من عمر الطفولة حتى الشيخوخة، وهي تطعم فرقها بمواطنين محليين لإعطاء طعم اجتماعي حميم لعروضها.

هذا، بينما اقتصرت عروض مسارح "برودواي " تقريبا على المسرحيات الغنائية باذخة التكاليف، ولم يعد يرتادها جمهورها القديم العريض من الطبقة الوسطى الأمريكية، إذ حل بمكان هذا الجمهور بعض السائحين وطبقة رجال الأعمال القليلة العدد. لم يعد هذا البذخ الغنائي يخفي حقيقة أن كثيرا من مسارح "برودواي " قد أطفأت أنوارها، وأن أفضل فنانيها فنييها يتسربون منها إلى هوليود وإلى التلفزيون، إضافة إلى أن هذا البذخ الشكلي يهدد بمزالق مالية قاتلة، وثمة رؤية مستقبلية قول إن الأمل الوحيد لمسارح برودواي الباقية، حتى تستمر خلال القرن لحادي والعشرين، هو تبني أكثر العروض شعبية لدى مسارح الأقاليم وإعادة عرضها على مسارح نيويورك!.

أدب
لحظات هادئة وسط الحرب

"اليوم سأضع قذيفة في قلمي " هكذا كتب سارتر بدون ادعاء للبطولة إلى سيمون دي بوفوار في مايو 1940 قبل أسبوعين فقط من وصول القوات الألمانية إلى أطراف باريس. كان هذا هو السلاح الوحيد الذي شهره في وجه الحرب. وعلى الرغم من ذلك فهو بلا شك بطل من أبطالها. فقد سود عدة كراسات طبعت فيما بعد منها ثلاثية "طريق الحرية " و" الوجود والعدم " والعديد من الأعمال المسرحية، بالإضافة إلى العديد من الرسائل التي واصل إرسالها إلى سيمون دي بوفوار في الفترة من 1940 إلى 1963. والتي صدرت أخيرا تحت عنوان "لحظات هادئة وسط الحرب ". لم تكن الحرب هادئة بالنسبة له، فقد انضم للمقاومة الفرنسية وقبض عليه حيث أول أحد معتقلات الأسر الألمانية، ثم أفرج عنه ليعود إلى باريس المحتلة. ومن الغريب أن هذه كانت واحدة من أكثر الفترات خصوبة في حياته "في الصباح أخصص نفسي للفلسفة حيث اكتب عن نظرية جديدة للزمن أما فترة بعد الظهر فأنني أمارس فيها كتابة الرواية. . أما الآن فوداعا يا حبي".

إن هناك طاقة استثنائية تظهر وسط سطور هذه الرسائل. لعل مصدرها تلك الإشارات الثقافية والفلسفية العميقة التي تدل على اتساع رؤيته وكثافة قراءته. أو لأنها تخاطب امرأة يرى أن حبه لها هو دليل حريته فهو يشرح في هذه الرسائل أبعاد العلاقة بينه وبين سيمون دي بوفوار والتي استمرت طويلا متضمنة نفس الأفكار التي كانت بذورا لكتابها الشهير "الجنس الثالث ". وهو يظهر لها أحيانا رقة عاطفية. وأحيانا يكون قاسيا في النقد على نفسه "لم أعرف أبدا كيف أتعامل جيدا مع حياتي العاطفية. أحيانا أشعر مخلصا أنني أشبه حيوانا صغيرا يهوى تعذيب الآخرين.. أو أنني نموذج من الدون جوان مثير للتقزز". وهو لا يخفي عنها شيئا تقريبا حتى عندما سافر إلى أمريكا في رحلة طويلة بعض الشيء ووقع في غرام دوريس فانتي..التي كان يطلق عليها في رسالته "حبي الثاني الكبير". وهو يحكي أيضا عن تجربته مع المخرج "جون هيوستون " الذي أقام خلال هذه الرحلة في منزله وحاولا معا أن ينجزا سيناريو لفيلم عن حياة "فرويد" لم يكتب له الخروج إلى النور وربما لم تكشف هذه الرسائل عن معان جديدة في فلسفة سارتر ولكنها تلقي الضوء على المزاج العام لحياته وهي سجل حي يظهر تفاصيل مخيلته الإبداعية وعلاقاته الاجتماعية.

رياضة
ألعاب بيضاء وأخرى سوداء

بعد تخفيف قوانين الفصل العنصري في جنوب إفريقيا منذ ثلاث سنوات سمح لهذه البلاد بالعودة إلى ساحة الرياضة الدولية، وسرت فيها أحاديث حماسية عن نهضة رياضية مرتقبة، وبرزت بالطبع أسئلة عن مشاركة المناطق السوداء في هذه النهضة، لقد دخل مواطنو هذا البلد في ساحة المنافسة الأولمبية، واعتبر فريق "الكريكت " بها قوة دولية لا يستهان بها، ويجري التجهيز لإقامة بطولة العالم في لعبة "الرجبي " عام 1995 بعاصمتها وملاعبها المختلفة، وثمة حديث عن احتمال إقامة الدورة الأولمبية لعام 2004 في أراضيها.

كل هذا يبدو غير مهم بالنسبة لسكان جنوب إفريقيا السود في مناطقهم التي فرضت عليها العزلة قوانين التفرقة العنصرية التي بادت نظريا دون تغيير عملي، خاصة في إقليم "سويتو" الذي يقع على بعد أميال قليلة من العاصمة جوهانسبرج، وعلى الرغم من أن جنوب إفريقيا تعتبر من أغنى دول العالم امتلاكا للمنشآت الرياضية في كل أرجائها، إلا أن المناطق السوداء إما أنها تفتقر تماما لأي من مثل هذه المنشآت، أو أن الموجود بها فقير وبائس إلى درجة الرثاء.

فعلى سبيل المثال، يعيش في "سويتو" وحدها أربعة ملايين إنسان، من بين سكان هذا البلد البالغ عددهم 38 مليون نسمة، ويوجد في "سويتو" لاعبو كرة قدم جيدون، وملاكمون ذوو مستوى عالمي، لكن رياضات مثل الجولف والتنس والقفز الاستعراضي تعتبر من المحرمات التي تخلو منها شوارع سويتو، فأندية "سويتو" في حقيقة الأمر، هي في الشوارع!. ومع الانفراجة الديمقراطية تكون في سويتو ناد "لكرة القدم والرجبي "، رغم أن الرجبي تعتبر لعبة ليست سوداء، "وإن وجد لاعبون سود في الفريق الوطني للبلاد"، وفي مساء كل أربعاء يقوم مؤسس النادي "لو ماكس تشاندو" بجمع لاعبيه الخمسة عشر للتدريب في ملعب "أورلاندو" على أرض تملؤها الحفر وبقايا القصب والبوص وكسر الزجاج، ورغم الظلمة والإصابات والجروح فإن اللاعبين يبدون شجاعة فائقة، وحماسا للاستمرار، على أمل استكمال الفريق الذي ينبغي أن يتكون من 60 فردا للحصول على عضوية اتحاد الرجبي في إقليم "الترانسفال " الذي يتبعونه والذي تتكون كل فرقه من البيض.

إن رياضيي " سويتو" يتدربون شتاء في مناخ قارص في الأماكن المفتوحة، أو في أماكن مغلقة تسودها أدخنة مدافئ الفحم الذي يعتبر أساس طاقة التدفئة التي يستخدمها السود رغم توافر الكهرباء التي تفوق طاقتهم الاقتصادية المحدودة، كما أن الملاعب خشنة إلى درجة لا يستطيع احتمالها الرياضيون البيض، وهذه الظروف تعيق الكثير من الرياضيين السود عن الوصول إلى ما يستحقونه من مكانة.

على سبيل المثال فاز "ثيو رافيري " في العام الماضي بالمركز الثاني في الماراثون الوطني للمسافات فائقة الطول - ULTRA MARRATHON ، ومع ذلك لم يطور هذا الفوز من شكل حياته المتواضعة كخفير لأحد المسارح الخاصة بجوهانسبرج، ويعلق "رافيري " على ذلك قائلا: "لو كنت أبيض لحصلت بسبب بطولتي على الكثير، لكن لكوني أسود فإنني لا أستطيع مجرد تغيير مهنتي ".

أما "جاك ماتلالا" بطل العالم للملاكمة في وزن "الذبابة" فإنه يتدرب في ضاحية "دوبو" السوداء مع 60 شخصا، في صالة صغيرة تضيئها لمبة نيون واحدة! وعلى كيس ملاكمة ممزق، وفي عدم وجود حلقة للملاكمة، هذا، بينما تشمخ خاوية على مبعدة أميال قليلة " أكاديمية الملاكمة" التي تطوعت ببنائها شركة " تويوتا " للسيارات، وظلت مهجورة لقرب مدخلها من نزل للزولو يجعلها عرضة لأعمال العنف المستمرة، مثلها مثل صالة التنس التي تطوع لإنشائها بطل اللعبة الشهير الأسود "آرثر آش "، وانهارت دون أن يسعى أحد إلى ترميمها منذ سنوات بعيدة. على الرغم من كل ذلك، فإن آمال الرياضيين السود في " سويتو" تنتعش، ليس لأن مجلس الرياضة بها قد عقد العزم على التقدم، ولكن- وبالأساس- لأن التعددية السياسية المأمولة في جنوب إفريقيا، ستفتح الأبواب لمزيد من العدل الرياضي بين المواطنين البيض والسود في ذلك البلد.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




أقطاب جهاز رسم القلب الزلزالي على الصدر





بيت يدور مثل عباد الشمس





في الصحف الإلكترونية يمكنك أن تطالع مقالا أكثر تشويقا عن تخطيط المدن سنة 2000





تصوير بالكلمات وغناء بالألوان





تصوير بالكلمات وغناء بالألوان





مسارح الأقاليم الأمريكية والتجريب يشمل النص والشكل





مسارح الأقاليم الأمريكية تموج بالحركة





تطفئ كثير من مسارح برودواي اضوائها





المسرحيات الغنائية باذخة التكاليف





سارتر و سيمون دي بوفوار





ألعاب بيضاء وأخرى سوداء





ألعاب بيضاء وأخرى سوداء