إندونيسيا .. نهضة صناعية وأيد إسلامية صادق يلي تصوير: حسين لاري

إندونيسيا .. نهضة صناعية وأيد إسلامية

مرة أخرى تدخل "العربي" إلى عرين نمر إسلامي جديد من نمور آسيا.. وهي لا تحاول من خلال ذلك تصبح عيون القارئ التي يرى بها هذا البلد فقط، ولكنها تسعى أيضا لتقديم صورة حقيقية ومعاصرة للدين الإسلامي الذي افتري عليه كثيرا وحاول البعض حصره في مجال العبادات. فالإيمان بالإسلام ـ من وجهة نظرنا ـ يعني أيضا الإيمان بالتقدم والتكنولوجيا والتصنيع وإندونيسيا التي نزورها اليوم تقدم صورة مشرقة للسعي الإسلامي نحو الغد.

يبلغ تعداد إندونيسيا 185 مليون نسمة، ويدين بالإسلام أكثر من 90% من سكانها. وتتكون من أكبر. ارخبيل جزر في العالم، وبمساحة أرض تقل قليلا عن المليوني كيلو متر مربع. ومرقع جغرافي استراتيجي ممتاز. تعد رابعة القوى الكبرى في العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي منذ أكثر من سنتين.

وكانت أولى الخطوات الجبارة والعملية التي اتخذتها في مجال الصناعة والتصنيع هي إقامة المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية والتي يطلق عليها اختصارا اسم "ببيس" Bpis ويرأسها رئيس الجمهورية الأندونيسية نفسه أما نائب الرئيس فهو وزير الدولة للبحث العلمي والتكنولوجيا الدكتور بحر الدين حبيبي الذي يعد رجل الصناعة الأول في أندونيسيا ويعاونه ثمانية وزراء، وقد بدأت المؤسسة عملها في عام 1980، ومهمتها هي تقديم الدعم الفني للصناعات الاستراتيجية وتنظيم وتنفيذ السياسة الصناعية، وكذلك الإشراف على إدارة الصناعات الاستراتيجية، ولعل أدى اهتمامات المؤسسة يكمن في تنمية الموارد البشرية.

تضم المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية عشر صناعات كبرى، تقوم المؤسسة بالتنسيق فيما بينها من اجل خلق صناعة قوية متقدمة والصناعات العشر هي شركة IPTN لصنع الطائرات المدنية والعسكرية وشركة PAL لصناعة السفن التجارية والغواصات وشركة PINDAD لصناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة وشركة DAHANA لصناعة المتفجرات للاغراض السلمية وشركة KRAKATAU STEEL لصناعة الصلب وشركة INKA لصناعة القاطرات والحافلات وشركة PARATA لصناعة المعدات الصناعية وشركة BOMA BISMA INDRA لصناعة المحركات وشركة INTA لصناعة أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية وشركة LEN INPUSTRI للقوى الكهربائية.

يقول المهندس سوكانتا روماس المدير الإداري للمؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية والذي كان في استقبالنا في مبنى المؤسسة وزودنا ببعض المطبوعات والمعلومات عنها: أن أندونيسيا تمتلك المهارات والموارد لمواجهة المنافسة، كما أننا نملك أحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة لإدارة المشاريع والمصانع، إن اهتمامنا الآن ينصب على تعزيز القدرات الصناعية من أجل صناعة أفضل، لقد أضافت الصناعات الاستراتيجية بعدا جديدا إلى جهودها وذلك ببناء وتحسين وسائل النقل ونظم الاتصالات، فضلا عن تطوير البنية التحتية للصناعات، إنا نفخر بأن نذكر لكم بأن كل صناعة من صناعاتنا العشر التي تحت إدارة المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية يعمل بها نحو 47 ألف بين مهندس وعامل فني وإداري مؤهل بالإضافة إلى خبرات العديد من الإخصائيين والخبراء الأوربيين واليابانيين والأمريكيين الذين تستفيد منهم أندونيسيا في تسيير دفة الصناعة في البلاد.

مصنع الطائرات

وكان لا بد لنا من اختيار بعض الصناعات لنزور مصانعها ونطلع عن كثب على سير العمل فيها والتي هي موزعة في أنحاء مختلفة من أندونيسيا أو تلك التي يمكن زيارتها. وقع اختيارنا على مصنع الطائرات والذي يعرف اختصارا باسم IPTN ومقره في المدينة الشهيرة باندونج التي شهدت أول مؤتمر لدول عدم الانحياز عام 1955، وكان أبرز زعماء هذا المؤتمر الزعيم جمال عبدالناصر وسوكارنو ونهرو وشواين لأي. تبعد مدينة باندونج عن العاصمة جاكرتا نحو 250 كيلومترا وهي المدينة الثانية في أندونيسيا ويقع مصنع الطائرات فيها على مساحة تبلغ نحو 70 هكتارا ويرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1976 وقد تطورت شركة IPTN خلال السنوات العشرين الأخيرة تطورا كبيرا فعند تأسيسها كانت شركة صغيرة لا يتجاوز عدد موظفيها وفنييها 500 فرد بينهم 17 مهندس طيران أما في عام 1994 فقد ارتفع عدد العمال الفنيين إلى 16 ألف عامل و 200 مهندس طيران. حدثنا مدير العلاقات العامة في الشركة الأستاذ عبدالقيوم جعفر قائلا إن مصنع شركة IPTN للطائرات ينتج الطائرات ذات الأجنحة الثابتة طراز NC212 المدنية، وكذلك الطائرة المدنية CN235 المتعددة الأغراض بتصميم وإنتاج مشترك مع شركة تاسا الأسبانية، كما إننا بدأنا الدخول في المرحلة الثالثة بإنتاج الطائرة N250 والتي تعتبر تصميما أندونيسيا بالكامل.

ويضيف الأستاذ عبدالقيوم جعفر مدير العلاقات العامة قائلا إننا ننتج كذلك الطائرات الهليوكبتر العمودية طراز BO-105 والبوما NSA330 والسوبربوما NSA332 والعمودية 412 NBELL بترخيص من شركات أسبانية وألمانية وفرنسية وأمريكية. والمصنع ينتج بالإضافة إلى الطائرات المدنية المذكورة مكونات هياكل طائرات بوينج 737 و 767 وطائرة F 16 العسكرية والخدمات المرتبطة بالطيران بموجب عقود مع شركات مثل بوينج وجنرال دينامكس وبريش ابس سبيس حرصا منها على تحقيق التكامل والشمولية في مجال الطيران، ويساعد المهندسين الإندونيسيين مجموعة من المهندسين الأجانب وهم قلة وأغلبهم من ألمانيا وأسبانيا، كما تقوم الحكومة الأندونيسية بإرسال مجموعة من المهندسين الإندونيسيين لاستكمال دراساتهم في أمريكا وألمانيا، وقد التقينا مجموعة منهم فقال أحدهم وأسمه ايوان: إنني أكملت دراستي في هندسة الطيران في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وقد كانت فترة دراستي عشر سنوات استفدت كثيرا منها، والآن أريد أن أطبق ما تعلمته في بلادي. وقال مهندس آخر: لقد درست في هولندا لمدة 12 سنة وتخرجت منذ سنتين وأحب أن أؤكد أن مصنع طائرات IPTN لا يقل عن أي مصنع آخر في أي بلد أوربي متقدم في صناعة الطائرات. إن لدينا كل التجهيزات والمعدات الحديثة والفارق بيننا وبين مصانع أوربا هو الإنسان الذي يقف خلف أجهزة المصنع وإبداعه ونشاطه ومحاولاته لتحسين الإنتاج.

إن أهم إنجاز تفخر به IPTN هو نجاحها في إنتاج الطائرة N250 التي تعتبر تصميما أندونيسيا بالكامل وهي طائرة مدنية للنقل المحلي والعالمي للمسافات المتوسطة التي لا تتجاوز أكثر من 800 ميل وتصميمها مثل الطائرات الكبيرة وهي ذات مراوح وليست بالدفع الذاتي.

يقول المهندس بي جي هيبيبي عن الطائرة N250 لقد طبقنا في تصميمنا لهذه الطائرة شيئين رئيسيين فقد اعتمدنا في بنائها على أرقى التكنولوجيا العصرية مع مراعاة عدم الزيادة في التكلفة المادية، كما أننا قمنا ببنائها بحجم كبير نسبيا لتوفير أسباب الراحة للمسافرين وقد تم تجهيز الطائرة لمواجهة الحاجات المتزايدة في ميدان النقل الإقليمي، وهي مزودة بمحركين توربينيين، وكذلك بأنظمة إلكترونية وأنظمة ملاحة متطورة، وتمتاز هذه الطائرة بقدرات متعددة منها سهولة الإقلاع والهبوط وانخفاضه الضجيج بالإضافة إلى انخفاض تكلفة تشغيلها وسهولة صيانتها وهي تتسع لنحو 50 راكبا وسوف تكون هذه الطائرة هدية شركة IPTN بمناسبة مرور 50 سنة على استقلال أندونيسيا وتأمل الشركة أن تقوم هذه الطائرة برحلتها التجريبية الأولى في شهر يونيو من عام 1995، وسوف تدخل الخدمة الفعلية نهاية عام 1996.

مصنع للأسلحة وللذخائر

وفي اليوم الثاني لوجودنا في مدينة باندونج كانت لنا زيارة لمصنع شركة بنداد المختص بإنتاج بعض الأسلحة والذخائر العسكرية بالإضافة إلى صناعة المعدات الثقيلة. يرجع تأسيسه الشركة إلى عام 1983 وهي شركة حكومية إلا أن إدارتها خاصة، وهي تنتج معدات عسكرية ومعدات لمجارية بنسبة 20% و 80% على التوالي، أما رأسمالها فقد بلغ خلال السنوات العشرين المنصرمة نحو 350 مليون دولار. وفي الصالة الرئيسية لاستقبال الضيوف قام نائب مدير الشركة السيد اوبرت ادراراه بعرض شريط سينمائي يوضح فيه أعمال مصنع بنداد بقسميه العسكري والمدني. يقول نائب المدير: إن منتجات شركة بنداد العسكرية تسلم إلى وزارة الدفاع الأندونيسية، وتشمل هذه المنتجات بنادق هجوم وذخائر لأسلحة صغيرة الحجم وقطع غيار هذه الأسلحة، وقنابل مورتر لمدافع الهاون ومدافع آر بي جي ثم قنابل يدوية، ثم أجهزة تفجير، وألعابا نارية تستخدم في الأعياد. أما المنتجات التجارية فتشمل المولدات الكهربائية وفرامل للحافلات والقاطرات ومعدات خاصة للسفن ثم قاطرات كبيرة لجر العربات في الطرق والحقول الزراعية، بالإضافة إلى معدات خاصة للعربات والسيارات والماكينات وأجهزة خاصة بالثقب.

ولشركة (بنداد) مصنعان رئيسيان في أندونيسيا المصنع الأول ويقع في مدينة باندونج وهو المصنع الذي قمنا بزيارته والتجوال بين مرافقه، أما المصنع الثاني فيقع في مدينة تورن في شرق جزيرة جاوة وهو مخصص بكامله لإنتاج الذخائر وإنتاج الأسلحة العسكرية بمختلف أنواعها. وسألنا نائب مدير الشركة عن الدول التي تصدر إليها منتجات الشركة فأجاب قائلا: إن معظم إنتاجنا يستهلك داخليا، ولما كان هذا الإنتاج في معظمه يخص الجوانب العسكرية، فأنني مع الأسف لا أستطيع أن أخبرك عن الدول التي نصدر إليها إنتاجنا. وسألناه: هل هناك فارق بين الأجهزة العسكرية التي تنتجونها والأجهزة العسكرية التي تنتجها المصانع الأوربية أو الأمريكية للسلاح؟ فابتسم قائلا: ليست هناك فوارق كبيرة بين إنتاجنا وإنتاج الدول الأوربية أو الأمريكية، فالسلاح هو السلاح والقنبلة هي القنبلة، ومع ذلك فإننا نحاول أن نصل بإنتاجنا إلى نفس الكفاءة والمواصفات التي تمتاز بها الأسلحة الأوربية. إن مصانعنا تعد من أحدث المصانع ونحن نقوم مع الوقت بتطوير إنتاجنا إلى الأحسن، وأريد أن أذكر هنا أن بعض البلاد العربية وبخاصة بلدان الخليج العربي تفضل شراء بعض معداتنا لاسيما الحديثة منها، ونحن الآن بصدد إبرام اتفاقيات بيع مع بعض البلدان العربية لشراء بعض إنتاجنا التجاري من رافعات ومولدات كهربائية وذخيرة. وتعد شركة (دهاما) لصناعة المتفجرات وتسويقها الشركة المكملة لشركة (بنداد) التي تقوم بصنع الأسلحة والذخائر، أما أنشطة شركة (دهـاما) فتنحصر في صناعة المتفجرات وتسويقها وتقديم خدماتها في شحن المواد المتفجرة وأساليب إيصالها للزبائن كما تتولى إقامة دورات ميدانية عملية لطرق وعمليات التفجير، وإجراء البحوث للتطوير والتنمية، وتعد منتجات شركة (دهاما) من الضرورات التي لا بد منها لبناء الطرق والإنفاق والري والسدود والسكك الحديدية. ومعظم إنتاج الشركة يستهلك داخليا لمشاريع البناء والتشييد، وهناك نسبة ضئيلة من الإنتاج تصدر إلى كوريا وماليزيا.

وتعد شركة أندونيسيا لتصنيع أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية من أكبر الشركات الصناعية الحكومية في أندونيسيا فقد تأسست هذه الشركة عام 1974، ويبلغ عدد الموظفين والفنيين بها نحو 1922 موظفا ومقرها في مدينة باندونج، لقد قامت هذه الشركة والتي يطلق عليها اختصارا INTI التخدم وتطور الخدمات الفنية المتخصصة في مجالات الاتصالات داخل أندونيسيا وخارجها، وكان لسياسة الانفتاح التي اتبعتها أندونيسيا في السنوات الأخيرة الأثر الكبير في التغير الكلي في عالم الاتصالات السلكية واللاسلكية بالنسبة للشركات المصنعة. إن سياسة شركة INTI الحالية تتركز في احتياجات التصدير بالإضافة إلى الاحتياجات المحلية من تلك الأجهزة الحديثة المتطورة. يقول المهندس هرماتان فينو المدير الإداري لشركة INTI إن أهداف شركتنا تنحصر في زيادة مقدرة الصناعات المحلية في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية وكذلك مساعدة أنظمة الاتصالات المحلية الحالية وتطورها لتواكب احتياجات الإنسان الأندونيسي، وبسبب طبيعة بلادنا المترامية وجزرها العديدة، فإنا نهدف إلى تشجيع الصناعات المتطورة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية وتخفيض نسبة الاستيراد لأنظمة الاتصالات من خارج البلاد. وقد أدت هذه السياسة إلى توفير وزيادة واضحة في إيرادات العملات الأجنبية، وذلك عن طريق تصدير منتجات الاتصالات السلكية واللاسلكية.

تنتج شركة أندونيسيا لتصنيع أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية INTI العديد من أجهزة الاتصالات منها أجهزة المقاسم الهاتفية الرقمية ذات السعات المختلفة والتي تبدأ من 8 آلاف خط هاتفي حتى 105 ألف خط، وكذلك أجهزة المقاسم والبدالات الهاتفية الرقمية الحديثة، ذات السعات الصغيرة التي تستخدم للمناطق البعيدة والأرياف، وأجهزة هاتفية يمكن أن تعمل عن طريق النبضات والذبذبات (القرص أو الأزرار) كما تنتج الشركة أجهزة الهواتف العمومية التي تخدم شريحة كبيرة من الجمهور، وكذلك أجهزة النبضات الرمزية التي تربط بين المقاسم المختلفة في البلاد، بالإضافة إلى أجهزة ربط المقاسم الرقمية اللاسلكية، كما تنتج المحطات الأرضية الصغيرة ذات القنوات الثلاث، وأنظمة نقل المعلومات التي تساعد على إرسال الرسائل الإلكترونية مثل الفاكس والتلكس ونقل البيانات بين موقع وآخر عن طريق الخطوط الهاتفية وأجهزة الاتصالات البحرية، وأنظمة الهواتف المتنقلة وكذلك اللوحات الرقمية.

وذكر المهندس هرماتان فينو أن نجاح شركة INTI في إنتاج كل هذه الأجهزة الدقيقة جاء نتيجة تعاون مشترك ودقيق مع العديد من الشركات العالمية التي تعمل في مجال أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية منها شركة سيمنس الالمانية وشركة بي تي إم البلجيكية، وشركة تي آر تي فيلبس الفرنسية وشركة جي آر سي وشركة أي أي سي اليابانية، كما أن شركتنا ترتبط بعلاقات وثيقة مع المستخدمين والمستوردين لمنتجات الشركة، حيث إن اتصالاتنا معهم لا تنقطع عند الانتهاء من بيع المنتج، لكنها تستمر وتتواصل لحل جميع المشاكل الفنية الطارئة ومتابعة أمور التشغيل وتخطيط المشاريع المستقبلية.

مجموعة (كركاتو) للصلب

وتعد مجموعة (دي تي كركاتو) للصلب أكبر شركة من نوعها لصهر الحديد وإنتاج الصلب في منطقة جنوب شرق آسيا، يقع مصنعها على مساحة 616 هكتارا في جزيرة غرب جزيرة جاوه، وقد بدأ المصنع إنتاجه عام 1988 بطاقة بلغت نحو 1.5 مليون طن سنويا من كتل وقضبان الحديد الإسفنجي، وارتفع إنتاج الشركة مع بداية عام 1994 ليصل إلى 2.5 مليون طن سنويا. قمنا بزيارة ميدانية لهذا المصنع والذي يبعد مسافة تقدر بحوالي 120 كيلو مترا عن العاصمة جاكرتا لنطلع عن كثب على سير العمل في المصنع والذي أولته المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية عناية فائقة باعتبار أن صناعة الصلب إحدى الركائز المهمة لقيام صناعة متقدمة. استقبلنا المهندس محمدي عارفين مدير المصنع الذي رافقنا أثناء جولتنا، غطينا رءوسنا بالخوذ الواقية، ووقفنا على مسافة بعيدة نرقب تلك الكتل الحمراء من الصلب التي تخرج من الفرن والتي تبلغ درجة حرارتها 1650 درجة مئوية، إنه منظر يبعث في النفس الخوف والرهبة. يقول المهندس محمدي عارفين إن هذه الكتل من الحديد تنقل بواسطة رافعات إلى جانب آخر من المصنع حيث تقطع إلى أحجام متنوعة وشرائح حديد تصل إلى 1.6 ملم حسب الاحتياج المطلوب على البارد والساخن، ويضيف قائلا إن إنتاجنا من الصلب وبمختلف الأحجام والسماكة يصدر إلى العديد من البلدان، وأسواقنا التقليدية هي اليابان والفلبين، ويصدر جزء من إنتاجنا إلى بريطانيا وأمريكا، وبعض الدول الآسيوية مثل باكستان والهند، كما أن جزءا كبيرا من إنتاجنا يستهلك محليا، حيث تستفيد منه مصانع السيارات وشركة صناعة السفن PAL وشركة صناعة القطارات والمركبات بالإضافة إلى مختلف الصناعات الخفيفة، كل يستخدم إنتاجنا من الحديد لإنشاء المباني والجسور وقضبان السكك الحديدية.

إن شركة (كركاتوستيل) تمتلك ميناء للتصدير بالقرب من مصنعها بطاقة استيعاب تبلغ 70 ألف طن، وتصدر الشركة شرائح الصلب فقط عن طريق هذا الميناء، كما يستقبل هذا الميناء الحديد الخام المستورد من البرازيل واستراليا وفي بداية تأسيس الحركة كانت ملكية المصنع تعود إلى ثلاث شركات كبرى هي شركة فرنسية وشركة أخرى محلية وشركة كركاتوستيل. وقد اشترت شركة كركاتوستيل حقوق الشركتين الأخريين في السنوات الأخيرة، فأصبحت هي المالكة الوحيدة للمصنع، والمصنع بكامل تجهيزاته وأجهزته صناعة فرنسية.

وتعد شركة KHI للأنابيب المعدنية من الشركات التي انبثقت عن شركة كركاتوستيل، وهي من الشركات الرائدة في صنع الأنابيب الحديدية بمختلف المقاسات والأحجام والذي يقع مصنعها بالقرب من الشركة الأم، تبلغ طاقة مصنع الأنابيب نحو 120 ألف طن سنويا، وهي تقوم بإنتاج أنابيب بأحجام مختلفة تبدأ من حجم 4 بوصات لتصل إلى حجم 85 بوصة، وهذه الأنابيب تستخدم لأغراض الكهرباء والغاز والماء والبترول، ويعمل في هذا المصنع مجموعة متجانسة من الفنيين الأندونيسيين وبعض الخبراء من ألمانيا والفلبين وهولندا لإدارة أول وأكبر مصنع للأنابيب في أندونيسيا. وفي بداية إنشاء الشركة كانت أسهمها مملوكة لشركات من أندونيسيا والفلبين وهولندا، ولكن بعد عدة أعوام عادت ملكية الشركة إلى شركة كركاتوستيل. إن إنتاج شركة الأنابيب يغطي احتياجات صناعة النفط في أندونيسيا وكذلك يلبي حاجة شبكات الري وقطاع الكهرباء ومشاريع أخرى كبيرة من حاجتها من هذه الأنابيب، ومنذ نحو 21 سنة استطاعت شركة الأنابيب تصميم الأنابيب الحلزونية لجميع الاحتياجات الصناعية في البلاد فهي رائدة صناعة الأنابيب الحلزونية في غرب آسيا. وقد نجحت في أن تنوع من إنتاجها من هذه الأنابيب، وأن تضيف إليها بعض المواد الصناعية مثل القطران والبوليثاين والأسمنت وطبقات من الطلاء لأنابيب الماء والزيت والغاز، وتعد مواصفات هذه الأنابيب هي نفسها المواصفات العالمية المطلوبة التي أقرتها الهيئات الصناعية العالمية في أمريكا وانجلترا واليابان حيث أنها تتحمل أنواعا عديدة من الاختبارات العلمية المعتمدة عالميا. تقوم شركة الأنابيب بتصدير جانب من إنتاج الشركة إلى السودان وباكستان، وقد قامت الشركة بعض جانب من إنتاجها في المعارضة الدولية تلك العروض ما عرضته في معرض "صداقة آسيا" الذي أقيم في إيران في العام الماضي.

صناعات القطاع الخاص

وإذا تركنا مجموعة الصناعات الاستراتيجية إلى الاستراتيجية الأندونيسية جانبا وتناولنا الصناعات التي يقوم القطاع الخاص الأندونيسي بتمويلها أو الشركات الصناعية العالمية التي فتحت لها فروعا في أندونيسيا أو صناعات أقامتها شركات أندونيسية مساهمة وأخرى مغلقة، فان هذا القطاع الصناعي يحتل جانبا كبيرا ومهما من الصناعات الأندونيسية.

ومن الشركات العالمية التي فتحت لها فروعا في أندونيسيا يأتي مصنع جوبل ناشيونال للإلكترونيات، فقد تأسس هذا المصنع عام 1970، وهو مصنع مشترك بين بعض الفعاليات الصناعية الأندونيسية وشركة ناشيونال اليابانية المعروفة بإنتاجها للأجهزة الإلكترونية، يقع مصنع شركة جوبل ناشيونال في منطقة بوتاس على بعد 45 كيلو مترا من مدير جاكرتا، وتبلغ مساحة المصنع نحو 18 هكتارا، ويبلغ عدد العمال والفنيين نحو 2500 عامل. يقول المدير العام للشركة المهندس بلنبانج سوجياتو: إن إنتاجنا من الإلكترونيات يتمثل في العديد من الأجهزة فنحن ننتج الراديو والراديو كاسيت مع التايب ريكوردر، وآلات التسجيل المنفردة والستريو سيت، ومكبرات الصوت وتلفزيونات اسود وابيض والتلفزيون الملون، ثم الثلاجات والفريزرات، وأجهزة التكييف المفردة والمراوح الكهربائية والغسالات والمكاوي الحديدية ومضخات المياه ثم البطاريات الجافة.

لقد تطورت هذه الشركة في إنتاجها خلال السنوات الماضية، وأخذت اسم (ناشيونال جروب) وهي تصنع الآن أشرطة الفيديو كاسيت، وتصدر إنتاجها بكامله إلى أمريكا وبعض الدول الأوربية، كما يصدر مصنع ناشينونال جروب ما نسبته 45% من إنتاجه إلى دول أمريكا اللاتينية واستراليا والدول الآسيوية مثل الفلبين وماليزيا، أما إنتاجها من البطاريات الجافة فيصدر إلى دول إفريقيا.

وذكر المهندس بلنبانج سوجياتو المدير العام للشركة أن في أندونيسيا اليوم نحو 76 شركة بحجم شركة (ناشيونال جروب) تنتج الأجهزة الإلكترونية بأنواعها، وقد شهدت هذه الصناعة رواجا في أندونيسيا لانخفاض أجور الأيدي العاملة، وقلة الضرائب المفروضة على الصناعات، وتحاول الشركات المنتجة للأجهزة الإلكترونية أن تصل بإنتاجها إلى المواصفات الدولية المطلوبة، وبالفعل فان التلفزيونات التي تنتجها شركتنا مثلا وهي بأحجام مختلفة تتراوح بين 14 و 16 و 20 و 25 و 33 بوصة قد بلغ حجمها في عام 1994 ثلاثة ملايين و 172 ألفا و 73 تلفزيونا ملونا وبالأسود والأبيض، أما في سنة 1993 فقد بلغ إنتاجنا مليونين و 208 آلاف و 173 تلفزيونا.

أما في مصنع الثلاجات التابع لشركة (جوبل ناشيونال) فان الطاقة الإنتاجية وصلت إلى نحو 12 ألف ثلاجة في الشهر وبمقاسات مختلفة، وهناك خطة طموح لمضاعفة الإنتاج ليصل إلى نحو 24 ألف ثلاجة في الشهر في السنوات القليلة القادمة وسوف تقوم الشركة بتغيير غاز الفريون إلى غاز السايكلوبنين، ولذلك سوف يتم تغيير بعض أجزاء المصنع ليناسب هذا النوع من الغاز. ومن المعروف أن اليابان تزود هذا المصنع بحاجته من الكمبروسرات وبعض الأجهزة الأخرى، واليابان تساهم بنسبة 60% من رأس مال الشركة، أما النسبة الباقية فص مساهمة أندونيسية أما العمالة والخبرة فهو أندونيسية عدا بعض الإخصائيين اليابانيين الذين يقومون بتدريب الأندونيسيين على بعض الأعمال الفنية الدقيقة، مثل صناعة التلفزيونات الملونة، وبعض أجهزة الستريو المعقدة التركيب. يقول المدير العام للمصنع: إن الاتفاق المبرم بين شركة ناشيونال جروب والطرف الأندونيسي يذكر أنه في حالة اكتساب الفنيين الخبرة الكافية، فيجوز، للشركة الاستغناء عن خدمة هؤلاء الفنيين اليابانيين.

المنسوجات والضرائب.. وقطع الغيار

وتعد صناعة المنسوجات إحدى الصناعات المزدهرة في أندونيسيا والتي اكتسبت خبرة واتقانا منذ مدة طويلة وبخاصة خيوط البوليستير الصناعية التي يصنعونها من المواد البترولية، ففي أندونيسيا اليوم أكثر من 200 مصنع كبير للمنسوجات بالإضافة إلى نحو 300 مصنع صغير، وكذلك هناك نحو 500 مصنع للملابس الجاهزة. وقد قمنا بزيارة لمصنع (سندراتكس) وهو أحد مصانع القطاع الخاص وتمتلكه أسرة أندونيسية، يقع هذا المصنع على مسافة 34 كيلو مترا غرب مدينة جاكرتا ويحتل مساحة 35 هكتارا ويعمل فيه نحو خمسة آلاف عامل وعاملة عام مدار الساعة، 80% من عماله من النساء، وقد قامت الإدارة ببناء أماكن خاصة لسكناهم قرب المصنع، ينتج هذا المصنع نحو 16 طنا من المنسوجات يوميا. كما يقوم بإنتاج خيوط البوليستر والذي يباع إلى شركات صناعة المنسوجات الصغيرة التي لا تستطيع إنتاج مثل هذه الخيوط الصناعية ومصنع سدراتكس الذي تعود ملكيته إلى السيد (منترجو حليم) يرجع تاريخ تأسيسه إلى أكثر من 20 سنه مضت، والمصنع بكامله صناعة يابانية، أما القسم الخاص بالتلوين وتركيب الألوان فجميع أجهزته صناعة أوربية.

يقول السيد جاسمون حصرت المدير الإداري لمصنع سندراتكس للمنسوجات والذي رافقنا في جولتنا: إن نحو 60% من إنتاج المصنع يصدر إلى الخارج وبخاصة إلى أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط واليابان، أما النسبة الباقية والتي تبلغ 40% فان مصنع الملابس الجاهزة الملحق بالشركة يستهلكه بالكامل، ويقوم بتصدير كامل إنتاجه إلى الخارج. وتقوم الشركة بتصدير جانب من إنتاجها من القماش المعروف (بالكاكي) إلى اليابان وهناك يقومون بتلميعه وصبغه بالألوان التي يريدونها. ينتج مصنع (سندراتكس) نحو 60 طناً من البوليستير يومياً أما إنتاجه في السنة فيبلغ نحو 75 ألف بالة ويبلغ إنتاج المنسوجات منها نحو 75 مليون متر سنويا، كما ينتج 36 مليون متر سنويا من الأقمشة المصبوغة، أما إنتاج مصنع الملابس الجاهزة فيصل إلى 20 الفص دستة في الشهر وتقوم شركات أندونيسية بتحضير المواد البترولية التي تصنع منها خيوط البوليستر، أما الأقطان فان الشركة تستوردها من الولايات المتحدة واستراليا والصين وروسيا. وقد سألنا السيد جاسمون حصرت المدير الإداري للمصنع: هل تستعين الشركة بالخبرات اليابانية في إنتاجها للمنسوجات؟ فأجابنا قائلا: أن المشرفين على المصنع كلهم من الجنسية الأندونيسية، إلا أننا نستعين ببعض الإخصائيين اليابانيين في أقسام التكنيك فقط، وفور أن يكتسب الفنيون الأندونيسيون الخبرة فان الشركة تنهي خدمات الإخصائي الياباني، بل إنها تلزم الإخصائيين اليابانيين عند التعاقد معهم أن يقوموا بتدريب مجاميع من العمال الأندونيسيين على أخر ما توصلت إليه التقنية الحديثة للمنسوجات.

وسألناه عن المشاكل التي تواجه صناعة المنسوجات في أندونيسيا فقال: يأتي في مقدمة المشاكل ارتفاع أسعار المواد الخام، وكذلك الضرائب التي تفرضها الحكومة على المصانع، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار التشغيل، وقطع الغيار التي تستورد من اليابان وألمانيا وأيضا الخدمات التي تقدم للعمال من تأمينات وتطبيب ومكافآت نهاية الخدمة.

مصانع السيارات

ومن الصناعات التي حازت على شهرة واسعة في السنوات الأخيرة في أندونيسيا صناعة وتجميع السيارات لأشهر الوكالات العالمية، فهناك ثلاث شركات كبيرة هي شركة تويوتا جروب، وسوزوكي جروب وميتسوبيشي جروب، وهذه الشركات الثلاث تقوم بإنتاج نحو 90% من السيارات في أندونيسيا أما النسبة الباقية فهي موزعة على شركات أخرى مثل جولدن وستروين وفورد وهوندا وجنرال موتورز وكلايزلر

حدثنا مدير التسويق في شركة سوزوكي الذي قمنا بزيارة مصنعه في آخر يوم من رحلتنا في أندونيسيا المهندس فردري سوتسرنا قائلا: إننا سوف نحتفل هذا العام بإنتاج السيارة رقم 500 ألف لشركة سوزوكي التي تأسست في أندونيسيا منذ عام 1987، وكذلك بمناسبة مرور. 50 سنة على استقلال أندونيسيا، وسوف يقام هذا الاحتفال الكبير في مدينة هانوفر بألمانيا.

يعمل في مصنع شركة سيارات سوزوكي جروب نحو 3230 عاملا فنيا، وهي شركة مساهمة مع شركة سوزوكي اليابانية لإنتاج السيارات. تساهم أندونيسيا بـ 51% من رأسمال الشركة، أما شركة سوزوكي اليابانية فتساهم ب 49% تأتي معظم أجزاء السيارات مفككة من اليابان ويقوم المصنع بتجميعها، كما يقوم بتصنيع وتجهيز جانب كبير من أجزاء السيارات في مصنع الشركة. ففي مصنع شركة سوزوكي جروب في أندونيسيا يتم صنع هيكل السيارة والأبواب والمقابض وأجهزة الإضاءة والمقاعد والزجاج حتى المعاونات، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من محرك السيارة من مادة الألمونيوم المقوى.

يقول مدير التسويق أيضا: إن مصنعنا ينتج نحو 75 ألف سيارة سنويا بمختلف الأنواع مثل سيارة الجيب والميني باص والهاف لوري والصالون والجيب الصغير، كما ينتج المصنع كذلك الدراجات النارية في حدود 25 ألف دراجة سنويا بأربعة مقاسات مختلفة. ومن الظواهر التي لفتت انتباهنا أن الأندونيسيين يستخدمون الدراجات النارية بكثرة في تنقلاتهم في المدينة وهذا ما يؤدي إلى خلق زحام كبير في أغلب شوارع المدينة. وينتج مصنع سيارات سوزوكي كذلك مكائن الزوارق الصغيرة كما يقوم المصنع بإنتاج سيارة ميكرو باص خاصة لأندونيسيا وهذه السيارة محببة لدى الشعب الأندونيسي لأن معظم أجزائها تصنع محليا بالإضافة إلى كفاءتها وتوافر قطع غيارها.

ويضيف مدير التسويق قائلا: إن معظم إنتاجنا يصدر إلى بلدان الشرق الأوسط كما نصدر جانبا من هذا الإنتاج إلى بروناي وسيرلانكا والسودان وماليزيا.

خشب الرطن والبامبو

وقد اشتهرت أندونيسيا منذ القدم بصناعة الأثاث الخشبي وذلك لوفرة الأخشاب وتنوعها الموجودة في غاباتها التي تغطي ثلث مساحتها الكلية، ومصانع الأثاث منتشرة في معظم المناطق الصناعية التي تكون غالبا على مشارف المدن الرئيسية وقد قمنا بزيارات خاطفة إلى مجموعة من هذه المصانع الصغيرة والكبيرة التي تقوم بإنتاج أجود أنواع الأثاث والذي لا يقل قوة ومتانة وأناقة عن تلك الأنواع التي يحرج من المصانع الأوربية.

قمنا بزيارة مصنع صغير يقوم بتصنيع الكراسي والطاولات والقواطع والزوايا من خشب خفيف يطلق عليه خشب الرطن، وهو خشب مصمت يستطيع عامل النجارة أن يكيفه بالشكل الذي يريده بواسطة الحرارة، وينبت هذا الشجر في غابات أندونيسيا ويظن الكثير من الناس أنه خشب البامبو إلا أنه يختلف عنه لأن خشب البامبو مجوف. والأثاث المصنوع من خشب الرطن أثاث خفيف وغالبا ما يوضع في مداخل أو في حدائق المنازل، كما تصنع منه القواطع والزوايا الطاولات الصغيرة، أما البامبو الذي ينمو طبيعيا في لغابات فقد ارتبط بحياة كل فرد أندونيسي فمنه يشون بيوتهم وأسقف منازلهم والجدران والأرضيات والأثاث، صما يصنعون من البامبو أدوات موسيقية متنوعة غالبا ما تبدأ الفرق الموسيقية التقليدية عزفها على أجهزة موسيقية مصنوعة من البامبو سواء كانت أدوات النفخ أو الدق أو التحريك.

مع مدير عام التجارة الخارجية

وكان لا بد لنا أن نجري بعض اللقاءات مع المسئولين عن الصناعة والتجارة وكذلك رئيس غرفة تجارة وصناعة أندونيسيا وبخاصة مع وزير الصناعة والبحث العلمي الدكتور بحر الدين حبيبي الذي يرأس في الوقت ذاته المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية، إلا إنهم ومع الأسف لم يلبوا طلبنا مع إننا أبدينا رغبتنا هذه مع بداية المكاتبات التي أجريناها مع المسئولين في وزارة الإعلام الأندونيسية، ليجيبوا عن مجموعة من الأسئلة التي تدور حول الصناعة شئونها وشجونها، ومع ذلك كان لنا لقاء مع السيد مدير عام التجارة الخارجية في أندونيسيا الذي لبى طلبنا مشكورا سألناه بداية عن التكتلات والتجمعات التجارية التي يشهدها العالم اليوم وهل دخلت أندونيسيا أحد هذه التجمعات؟ أجابنا المدير العام للتجارة الخارجية قائلا: إن أندونيسيا وبتاريخ 15 إبريل عام 1994 دخلت منظمة (الجات) وصارت عضوا عاملا في هذه المنظمة، ومن اجل النهوض بتجارة أندونيسيا فإننا نرغب في التعاون مع أعضاء منظمة أبك ABEC ومجموعة دول آسيا باسفيك، ومن المعروف أن مجموعة دول آسيا باسفيك تتكون من 18 دولة تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وتشيلي ونيوزيلاندا واستراليا والفلبين واليابان والصين وكوريا واندونيسيا، أما الفائدة التي تعود على أندونيسيا من هذا التجمع فان ما يقرب من 77% من منتجاتها تصدر إلى الدول الأعضاء في هذا التجمع. وسألنا المدير العام للتجارة عن الأسواق والدول التي تحاول أندونيسيا أن تصدر إليها منتجاتها سواه الزراعية أو الصناعية؟ فأجابنا قائلا: إن أسواقنا التقليدية هي بلدان جنوب شرق آسيا بعامه وهي اليابان والفلبين وماليزيا والصين، إلا أننا وفي السنوات الأخيرة بدأنا بتصدير إنتاجنا الصناعي والزراعي إلى إخواننا في البلاد العربية وبخاصة بلدان الخليج العربي والمملكة العربية السعودية وإيران والتي نعتبرها واحدة من أهم أسواقنا. إننا نأمل في السنوات القليلة القادمة أن نفتتح أسواقا جديدة في شمال إفريقيا أما بالنسبة لإنتاجنا من الصناعات الاستراتيجية التي توافرت لدينا في السنوات الأخيرة فإننا أبرمنا اتفاقيات مع كل من الإمارات العربية المتحدة وإيران لشراء الطائرات المدنية وطائرات الهليوكبتر بأنواعها التي تنتجها شركة IPTN ونأمل أن تقوم بلدان عربية وإسلامية أخرى بشراء مجموعات من إنتاجنا سواء الطائرات أو المعدات الثقيلة والسفن وكذلك أجهزة الاتصال التي تنتجها شركاتنا.

وحول سؤال عن المعارض التجارية التي أقامتها أندونيسيا للإعلان عن منتجاتها التجارية والصناعية وهل نجحت في جذب عملاء جدد؟ أجابنا مدير عام التجارة الخارجية قائلا: لقد أقمنا منذ سنتين معرضا تجاريا كبيرا أطلقنا عليه اسم معرض سولو العائم وقد أقامته الهيئة التنفيذية للصناعات الاستراتيجية على ظهر الباخرة (تشاركاجيا الثالث) والذي طاف كلا من مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، ومدينة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، ومدينة أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة وكذلك مدينة الدوحة، لقد اشتركت في هذا المعرض العائم 10 شركات صناعية تتبع المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية، والهدف من هذا المعرض تعريف العالم بمنتجات أندونيسيا، وبخاصة منتجات شركة (بال) الأندونيسية التي تقوم بصنع البواخر والشاحنات ومكائن الديزل في مدينة سوربايا الأندونيسية.

أما أكبر معرض تنوي أندونيسيا إقامته فهو معرض هانوفر الذي سيقام في هذا الشهر مايو 1995 احتمالا بمرور 50 عاما على استقلال أندونيسيا وسوف يقوم بافتتاح المعرض الرئيس سوهارتو.

وسألنا المدير العام للتجارة الخارجية عن الدول التي تقدم قروضا وتسهيلات لتمويل المشاريع الصناعية لأندونيسيا فأجابنا قائلا: إن بلادنا تعد واحدة من بلدان العالم الثالث أو كما يطلق عليها الدول النامية، ونحن في الواقع بحاجة إلى المساعدات والتمويل الخارجي، كما أننا نحتاج إلى المستثمر الأجنبي وليس لنا غنى عن كل ذلك. لقد قدمت بعض البلدان الأوربية وكذلك أمريكا واليابان واستراليا قروضا وتسهيلات ائتمانية ميسرة لتمويل الكثير من مشاريعنا، الصناعية، لإيمانها بجدوى هذه الصناعات والنجاح الذي حققته في فترة وجيزة بحيث أصبحت منتجاتنا الصناعية معروفة الآن في الأسواق الأوربية، لقد حققنا الجودة المطلوبة، وأصبحت بضائعنا منافسة قوية لأعرق الصناعات الأوربية وبخاصة المنسوجات والأثاث والأجهزة الإلكترونية. إننا نتطلع إلى أسواق البلاد العربية والإسلامية التي نرتبط معها برابطة الدين والعقيدة.

 

صادق يلي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




كتلة من الحديد المتوهج تخرج من مصنع كركاتو للصلب وهذا المصنع ينتج نحو 2.5 مليون طن من الحديد سنويا





شركة barata لصناعة المعدات الصناعية الثقيلة واحدة من الشركات العشر التي تضمها المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية في أندونيسيا





أحد الفنيين يقوم بعملية جلخ لإحدى الأنابيب الكبيرة في مصنع الأنابيب المعدنية التابع لشركة كركاتو للصلب





طائرة إندونيسية من إنتاج شركة iptn لصناعة الطائرات





طائرة هيلوكبتر من طراز NBELL عسكرية ومدنية





شركة بنداد لصناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة تقوم بإنتاج معدات عسكرية ومدنية بنسبة 20% و80% على التوالي





مجموعة من البنادق المتنوعة من إنتاج مصنع بنداد لصناعة الأسلحة





ذخائر حربية من إنتاج شركة بنداد لصناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة





المهندس أوبرت ادراراه نائب مدير شرطة بنداد لصناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة





مصنع شركة سوزوكي جروب من أشهر مصانع تجميع وصناعة السيارات في إندونيسيا





أحد أعمال شركة سوزوكي جروب لصناعة السيارات يقوم باستكمال الأجزاء الأخيرة من سيارة جيب سوزوكي





المهندس فردري سوسرنا





جانب من مصنع جوبل ناشينونال للالكترونيات





شركة INTI لصنع أجهزة الاتصالات السلكية واللاسليكة واحدة من أكبر شركات المؤسسة العامة للصناعات الاستراتيجية





المدير العام للتجارة الخارجية الأندونيسي





يقوم مصنع سندراتكس بإنتاج نحو 36 مليون متر سنويا من الأقمشة المصبوغة





مصنع سندراتكس واحد من أكبر مصانع المنسوجات الإندونيسية الشهيرة





مجموعة من العمال في مصنع للأجهزة الموسيقية التقليدية مصنوعة من خشب البامبو





إحدى الفتيات تمسك بآلة موسيقية مصنوعة من خشب البامبو





شركة بال لصناعة السفن التجارية والغواصات إحدى الشركات التي تضمها المؤسسة العامة للصناعات الاستيراتيجية