عزيزي القارئ
هل تسبق الديمقراطية الحرية؟
بالرغم من المتابعات الخبرية التي تتناقلها الصحف ووسائل الإعلام المرئي في أرجاء العالم العربي حول الانتخابات الرئاسية في هذا البلد أو ذاك، ووصفها بالديمقراطية، هل عبرت مثل هذه الانتخابات بالفعل عن ديمقراطية حقيقية، وهل ينعم أصحاب الأصوات والمقترعون بالحرية والثقافة والوعي، بشكل يعبر عن تغلغل الديمقراطية كفلسفة في حياتهم اليومية؟ هذا السؤال يطرحه رئيس التحرير في «حديث الشهر» موضحا أن الإجراءات الشكلية، التي تتوسل الديمقراطية لتسبغ على العملية السياسية في العديد من بلدان عالمنا العربي، والشرق أوسطي، سمة الحرية، لا علاقة لها بحقيقة العملية الديمقراطية، التي ينبغي أن تصبح ممارسة على الأرض، يعكسها تحول التسامح إلى سمة للمواطن العربي، وقبوله للآخر وللاختلاف، وتحول الشفافية إلى سلوك حكومي وفردي على السواء. ويذكر رئيس التحرير أن قدرة الفرد العربي على الإنصات للآخر، قد تكون بداية جوهرية للتحلي بالثقافة الديمقراطية وللتخلص من مخلفات الأفكار البوليسية والسلطوية التي عطلت هذه الثقافة في مجتمعاتنا لعقود.
ولهذا أيضا تتوجه «العربي» جنوبا لتستطلع الحدث الرياضي الأهم في العالم اليوم، وهو يحول أنظار العالم لأول مرة إلى القارة السمراء، وجنوب إفريقيا على وجه التحديد، التي تقدم نموذجا لدول العالم الثالث في تطلعها لنهضتها بالديمقراطية أولا، ثم يصبح كل شيء لاحقا قابلا للتحقق.
ولأن الحوار صنو الديمقراطية فإنه لايزال فضيلة غائبة كما نرى في أحد موضوعات زاوية «الثقافة الإلكترونية»، وهو تناقض من تناقضات عصر العولمة كما يرصده د. أحمد أبو زيد في مقاله الشهري.
لكن الثقافة والتنوير هما أكبر أعداء الديكتاتوريات وضيق الأفق، لذا تحتفي «العربي» بالعديد من الأفكار عن تأثير الاستشراق على ثقافتنا، وعن مستقبل لغتنا العربية في باب «وجهًا لوجه»، وعن مستقبل الأقلية الفلسطينية في داخل الأراضي المحتلة، وتزور سيوة بقلم كاتب مصري، وتعقبها بزيارة مفاجئة لبيت الشاعر العربي الكبير المتنبي في حلب في الشام.
إن القدرة على طرح الأسئلة والرغبة في التعلم واكتشاف المجهول هي التي تخلق الفعل الثقافي، فهذا الفعل - كما يقول الشاعر الفرنسي دوفيلبان - لا يتأتى بقراءة ألف كتاب أو مشاهدة ألف لوحة تشكيلية، بل بالتأمل فيها والإنصات إليها، وهذا هو الدور الذي تحاوله «العربي» دائما.