التغيرات المناخية إلى أين؟

التغيرات المناخية إلى أين؟
        

          أصبحت قضية التغيرات المناخية من أهم القضايا التي تشغل تفكير العالم أجمع، سواء تفكير المهتمين بالشئون البيئية أم غيرهم، حتى أبسط الناس سواء المتعلمون منهم أم الذين لم تتح لهم ظروفهم نيل قسط من التعليم، لما لهذه القضية من انعكاسات سلبية في أغلبها على الأنظمة البيئية عامة، وعلى حياة الإنسان خاصة.

          لعلنا نلاحظ أن التغيرات في المناخ قد بدأنا نلمسها بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة منها ما يتعلق بالارتفاع في معدلات درجة الحرارة والتي تؤدي بدورها إلى خلل كبير في الاتزان البيئي، مما يجعل المجتمع العالمي يواجه أخطارا وضغوطات كبيرة، نتيجة تدمير النظم البيئية القائمة، وحدوث العديد من الآثار السلبية لهذه التغيرات المناخية، وتداعياتها الكثيرة التي تؤثر في مختلف نواحي الحياة.

          ولا يمكن اعتبار هذه المشكلة آنية لمدة محدودة من الزمان، بل إن كل الشواهد والدراسات والأبحاث العلمية تؤكد أنها ستستمر لعقود، بل ولقرون مقبلة، وستؤثر في حياة أبنائنا وأحفادنا، ولذلك فقد أصبحت مثـار اهتمام كل دول العالم أكـثر من أي وقت مضى، هذا إذا بدأنا نتدارك هـذه الأخطار ونعمل سريعا على مجابهتها، أما إذا لم نتداركها، فعلى الدنيا السلام، فسوف تحدث أضرار جسيمة لا تقدر بثمن للبشرية جمعاء.

تاريخ التغيرات المناخية

          يظن كثير من العلماء أن التغيرات المناخية بدأت مع عصر الصناعة. وكان الكيميائي السويدي «سفانت أرينوس Svante Arrhenius» أول من لاحظ أن هناك إرتفاعا في معدلات درجات الحرارة، وكان ذلك في عام 1896 م وحدد السبب الرئيسي لذلك بزيادة إنبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون عند احتراق الفحم كوقود، كما أنه أول من طرح فكرة أن الأنشطة البشرية قد تكون هي السبب في اختلال التوازن الدقيق لنسب غازات الغلاف الجوي، وهو أول من أطلق اسم الاحتباس الحراري على هذه الظاهرة.

          أما أول تقرير عن التغير المناخي فقد نشره العالم الأمريكي «جورج كالندز» عام 1938، كما كانت أول القياسات الدقيقة لدرجات الحرارة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون قد رصدت في جزر هاواي عام 1958 بواسطة العالم «كلينج».

          وظاهرة التغير المناخي Climate Change أوالاحترار العالمي Global Warming أوظاهرة الدفيئة «تأثير البيت الزجاجي» Green House Effect وهي كلها أسماء للظاهرة نفسها والتي تعتبر من أهم قضايا البيئة في العالم، لأنها تمس الحياة على سطح الأرض، وتتأثر بها كل دول العالم, ولذلك فإن علاجها لا يتم إلا بالتعاون والإلتزام الدولي الشامل.

          التغيرات المناخية ليست بجديدة، فقد حدثت كثيرا في العصور الماضية ولكن ما أثار انتباه العلماء هو سرعة حدوثها في خلال السنوات القليلة الماضية، وعندما حدثت في العصور القديمة كان من نتائجها تدمير الكثير من النظم البيئية والقضاء على آلاف الأنواع من الكائنات الحية، كما كانت سببا رئيسيا في اختفاء بعض الحضارات القديمة بما أحدثته من جفاف للأنهار والموارد المائية، وتدمير للأراضي الزراعية وتصحرها، ففقدت هذه الأراضي القدرة على إنتاج الغذاء، ولذلك اندثرت الكثير من الحضارات التي سادت العالم في الأزمنة القديمة. وحتى يمكننا الحديث عن التغيرات المناخية فلابد من الحديث عن عاملين مهمين يؤثران بدرجة رئيسية في حدوث هذه التغيرات وهما:

          ظاهرة الاحتباس الحراري - تدمير غلاف الأوزون.

أولا: الاحتباس الحراري

          هذه الظاهرة موجودة منذ بدء الخليقة بل إنها كانت السبب الرئيسي وراء ظهور الحياة على كوكب الأرض، بسبب سماح تركيب الغلاف الجوي لأشعة الشمس بالمرور لتسخين الأرض إلى الدرجة المناسبة لوجود الحياة واستمراريتها، فتكوين الهواء الجوي بجزيئاته المختلفة يؤدي إلى احتباس الحرارة المنبعثة والمرتدة عن سطح الأرض «الأشعة الحرارية أو تحت الحمراء» ولا يسمح بنفاذها خارج الغلاف الجوي، وبالتالي ارتفع معدل درجة الحرارة حتى أصبح مناسبا لظهور الحياة واستمراريتها على سطح الأرض.

          ويمكن تفسير ذلك بأن الإشعاع المرئي الذي يصل من الشمس إلى الأرض يتكون من العديد من الموجات مختلفة الطول لا يصل منها إلى الأرض إلا جزء قليل بسبب وجود طبقة الأوزون التي تمتص غالبية الأشعة فوق البنفسجية، بينما يقوم غازا ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء بامتصاص الأشعة تحت الحمراء، فلا يصل إلى سطح الأرض إلا الإشعاع المرئي، ثم ينعكس جزء منه إلى الغلاف الجوي مرة أخرى، والباقي يمتصه سطح الأرض، حيث تنعكس هذه الطاقة الممتصة مرة أخرى إلى الغلاف الجوي وتكون بشكل أشعة غير مرئية «موجات حرارية» ولكنها لا تستطيع مغادرة جو الأرض لوجود غاز ثاني أكسيد الكربون بتركيزات عالية؛ وذلك لقدرته الكبيرة على امتصاص هذه الأشعة وهذا بالطبع يؤدي إلى احتباس الحرارة في طبقة الغلاف الجوي القريبة من سطح الأرض والمعروفة باسم «التروبوسفير» مسببة ارتفاعا تدريجيا في معدل درجات الحرارة.

          وقد أثبتت الأبحاث العلمية بما لا يدع مجالا للشك أنه توجد غازات أخرى تشارك غاز ثاني أكسيد الكربون هذه المسئولية مثل بخار الماء والميثان وغازات الكلوروفلوروكربون وأكسيد النيتروز والأوزون الموجود في طبقة الهواء الملاصقة لسطح الأرض «التروبوسفير» علاوة على بعض الغازات الصناعية والتي لم يكن لها وجود من قبل عصر الصناعة، وهي أيضاً من غازات الاحتباس الحراري، وهذه الغازات بالرغم من أن نسبتها ضئيلة فإنها أكثر فاعلية من تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون وذلك لقدرتها الفائقة على حبس الحرارة في جو الأرض، وكلها غازات تنبعث نتيجة الأنشطة البشرية مثل صناعة الأسمدة، والصناعات البتروكيميائية وصناعة التبريد والتكييف، بالإضافة إلى احتراق الوقود في وسائل النقل، وكذلك النشاطات الزراعية مثل زراعة الأرز والعمليات الزراعية المختلفة...إلخ، وقد أظهرت مختلف القياسات أن ارتفاع معدل درجات الحرارة لجو الأرض بالرغم من أنه بدأ منذ الثورة الصناعية أي منذ أكثر من قرنين ونصف القرن، لكنه شهد زيادة ملحوظة خلال العقود الخمسة الأخيرة، مما يؤكد الارتباط القائم بين زيادة التصنيع وارتفاع نسبة الانبعاثات الغازية والذي أدى بالطبع إلى تغير في التوازن الطبيعي لنسب الغازات في الهواء الجوي، وبالتالي حدوث خلل في الأنظمة البيئية.

          وقد ظلت نسبة تركيزات غازات الاحتباس الحراري ثابتة طوال الألـف عام السابقة على عصر الصناعة «1750م» غير أن هذه التركيزات زادت منذ ذلك الوقت نتيجة الأنشطة البشرية زيادة كبيرة جدا.

          وهناك بالإضافة إلى غازات الاحتباس الحراري التي أشرت إليها، بعض الغازات الفوتوكيميائية المهمة مثل غاز أول أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت، وغاز الأوزون الموجود في طبقة التروبوسفير والمركبات العضوية الطيارة، وهي غازات لا تعتبر من غازات الاحتباس الحراري، ولكنها تؤثر في طبقة الأوزون، وهنا يجدر الإشارة إلى أن الأوزون الموجود في طبقة التروبوسفير يعتبر من الملوثات ومن غازات الاحتباس الحراري، بينما الموجود في طبقة الستراتوسفير يعتبر مهما لعكس الأشعة فوق البنفسجية وتمرير الجزء اللازم لاستمرارية الحياة على سطح الأرض، وبالتالي يعتبر كدرع واق من تلك الأشعة والتي لو وصلت بنسبة كبيرة لهلكت جميع الكائنات الحية.

ثانيا: تدمير غلاف الأوزون

          ينتشر الأوزون في طبقة ارتفاعها من 20-50 كيلومترا عن سطح الأرض وتقدر كميته بحوالي 4-5 بلايين طن. وهناك الكثير من المواد التي تعمل على تدمير طبقة الأوزون مثل غازات الكلوروفلوروكربون وكلوريد الهيدروجين وأكسيد النيتروز وكلها تنبعث نتيجة الأنشطة البشرية، كما لا ننسى التفجيرات النووية وصواريخ الفضاء والغازات المنطلقة من احتراق وقود الطائرات، ولذلك فالدول المتقدمة مسئولة مسئولية مباشرة عن تدمير طبقة الأوزون بسبب غزو الفضاء والتفجيرات النووية وإنتاج مركبات الكلوروفلوروكربون وغيرها والتي تستخدم كغازات تبريد في أنظمة التكييف وفي بعض الصناعات.

          وعندما أدرك المهتمون بالبيئة ذلك التدهور في وظيفة الأوزون وما يترتب عليه من أضرار جسيمة على البشرية بادرت الدول إلى عقد العديد من المؤتمرات لمناقشة تقليل الغازات المدمرة لهذه الطبقة الحيوية التي أوجدها الله لحماية الحياة على سطح الأرض. وكان أهم تلك المؤتمرات ما يعرف ببروتوكول مونتريال عام 1987م والذي دعا إلى التوقف عن إنتاج مثل هذه الغازات المدمرة للأوزون، ثم مؤتمرات «أوتاوا» بكندا عام 1989م، ولاهاي واتفاقيتي القاهرة وجنيف عام 1990م وكلها ناقشت تأثيرات تغير المناخ على البيئة والاقتصاد العالمي، وقد مهدت هذه المؤتمرات لقمة الأرض في 1992م، والتي عقدت في «ريودي جانيرو» بالبرازيل وكان من أهم قرارات هذه القمة ما أشار إلى أن الدول الصناعية الكبرى هي المسئولة عن أكثر الانبعاثات لغازات الاحتباس الحراري، ولذلك عليها المبادرة بمكافحة هذه التغيرات. وفي عام 1997م عقـد في «كيوتو» باليابان مؤتمر عن المناخ حيث صدر ما يعرف «ببروتوكول كيوتو» الذي يقضي بأن تعمل الدول المشاركة على تخفيض كمية الإنبعاثات الغازية بنسبة «5 %» عما كانت عليه عام 1990م وذلك بحلول ما بين «2008، 2012 م».

          ثم عقد مؤتمر «جوهانسبرغ» بجنوب إفريقيا في سبتمبر 2002 وحضره مشاركون يمثلون 185 دولة، ومن الصدف أن عقد هذا المؤتمر قد تزامن مع تعرض الدولة المضيفة للمؤتمر لحالة خطيرة من المجاعة بسبب التغيرات المناخية وقلة الأمطار وكأن الطبيعة قد أكدت بذلك على ضرورة إقامة المؤتمر، وأن أفعال الإنسان هي السبب في حدوث مثل تلك الكوارث التي تهدد استمرارية الحياة على سطح الأرض.

          وأخيرا تم عقد مؤتمر قمة «كوبنهاجن» بالسويد في 2009 التي جمعت 192 دولة من دول العالم، وفي هذا المؤتمر تحالفت الصين والولايات المتحدة الأمريكية وهما أكبر مصدرين لغازات الاحتباس الحراري في العالم، وقد رفضتا أية قيود ملزمة للحد من انبعاثاتهما وعارضتا أية رقابة دولية جدية على تلك الانبعاثات، ولكن الدولتين بالإضافة إلى الهند وضعت برامج لتخفيض الانبعاثات عن طريق كفاءة استخدام الطاقة التقليدية والتوسع في استخدام مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.

أسباب الطبيعة

          لا يدرك بعض الناس أن هناك كثيرا من الأسباب الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها للتغيرات المناخية مثل حرائق الغابات والأحراش والتخلص من الفضلات الزراعية والحيوانية والتصحر.. إلخ. وتتصاعد نتيجة لذلك كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري إلى الهواء الجوي، كذلك فإن البراكين تطلق إلى الهواء بآلاف الأطنان من أكاسيد الكبريت والكربون. ولكن بنظرة سريعة نجد أن النشاطات البشرية لها الدور الأكبر وهي السبب الرئيسي للتغيرات المناخية رغم أنه في الأزمنة والعصور القديمة كانت القوى الطبيعية هي المسئولة عن التغيرات المناخية، كما أن أحدث الدراسات العلمية تؤكد أن غازات الإحتباس الحراري ليست وحدها المسئولة عن التغيرات المناخية بل يوجد عامل آخر يلعب دورا خطيرا ورئيسيا في هذه المسئولية ألا وهو السناج. وهو عبارة عن دقائق الكربون المنبعثة مع دخان الحرائق والمصانع وعوادم السيارات والتي زادت أعدادها بشكل منقطع النظير.

          ولذلك فإن التحدي الحقيقي الآن هو في استمرار استخدام الوقود الأحفوري «الفحم البترول الغاز» كمصدر للطاقة مما جعل الاتجاه نحو استخدام بدائل مناسبة من الطاقة المتجددة أمراً محتوماً لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى نتيجة احتراق الوقود. حيث تتمتع الدول العربية بمصادر هائلة من الشمس والرياح بحيث يجعل من تطوير تقنيات الطاقة المتجددة خيارا استراتيجيا مهما.

بيد الإنسان لا الطبيعة

          جميع الكائنات الحية تعيش متكيفة مع البيئة وفق نظام دقيق نتيجة قدرتها على التكيف المستمر مع هذه البيئة وفق دورات تتسم بالدقة والإتزان، وأي خلل في أي عنصر من عناصر هذه البيئة نتيجة عبث الإنسان ببيئته يحدث خللا في النظام البيئي كله.

          ولا شك في أن الزيادة السكانية الهائلة وغير المنضبطة هي السبب الأول لهذا الخلل، مما جعل الارتفاع في معدل درجات الحرارة خلال العقود الخمسة الأخيرة أعلى من معدل درجات الحرارة خلال آلاف السنين الماضية.

          ونتيجة الزيادة السكانية خاصة في الدول النامية، فإن الانبعاثات حققت زيادة هائلة وذلك لمواكبة الخطط التنموية وتواؤمها مع الزيادة السكانية والتي نتج عنها تزايد في الأنشطة السكانية المختلفة والضغوط على الموارد الطبيعية وزيادة استهلاك الطاقة، وهي حتى الآن يتم الحصول عليها من مصادر أحفورية، ويصاحب توليد هذه الطاقة انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي وزيادة تركيز كمية هذه الغازات في الجو عن قدرة الأنظمة البيئية الطبيعية على التعامل معه, مما يؤدي إلى تراكمها في الغلاف الجوي المحيط بالأرض. ولو علمنا أن أكثر من 60 % من كهرباء العالم تنتج من احتراق الفحم بصفة خاصة أو النفط والغاز في بعض الدول، لعرفنا الكميات الهائلة المنطلقة من غازات الاحتباس الحراري إلى الجو، والتي تؤدي بدورها إلى تغيير تركيب الغلاف الجوي الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات الحرارة العالمية. وذلك لا يمكن تلافيه إلا بالتوصل إلى مصادر بديلة للطاقة أقل تلويثا للبيئة العالمية.

          وفي السنوات الأخيرة تزايد الاستهلاك البشري للكهرباء وبالتالي زادت كميات الوقود المطلوب لإنتاج هذه الكهرباء وما يرتبط بها من انبعاث غازات الاحتباس الحراري. ولا ننسى استهتار الإنسان وعدم وعيه بأهمية الحفاظ على البيئة نتيجة استخدامه غير الرشيد للأخشاب حيث أزال معظم الغابات للحصول على أخشابها، وقام بحرق غصونها وتعفين أوراقها وتصحير الأراضي الزراعية من جراء زحف العمران على هذه المناطق، ولوعلمنا أن الغابات تعتبر رئات العالم التي تستهلك كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين بدلا عنه لعرفنا أنها تقوم بدور كبير في تنظيف الغلاف الجوي ولكن نتيجة جشع الإنسان في الحصول على المال أو نتيجة جهله لدور هذه الغابات في الإتزان البيئي على سطح الأرض.

          هناك أيضا استهلاك الإنسان غير المرشد لكثير من مستلزمات حياته اليومية وما يتخلف عنه من كميات هائلة من القمامة والمخلفات البشرية وتخلصه منها بالحرق أو بدفنها في الأرض مما ينبعث عنها جراء ذلك من كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري إلى الجو. كل هذه النشاطات البشرية تؤدي إلى تدمير النظم البيئية الطبيعية في العالم وزيادة معدلات درجات الحرارة وتغير المناخ العالمي بوتيرة أسرع من الماضي بكثير، مما يؤدي إلى حدوث كثير من الظواهر المتطرفة والآثار السلبية على البيئة بصفة عامة.

الآثار السلبية للتغيرات المناخية

          - أولاً: على منسوب مياه البحار.

          تؤدي التغيرات المناخية إلى رفع معدلات درجات الحرارة على سطح الأرض، وذلك أدى إلى انصهار الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، وإن كان أكثر في القطب الجنوبي مما نتج عنه ارتفاع منسوب المياه في البحار، وسوف يزداد هذا المنسوب في الارتفاع مع زيادة الارتفاع في معدلات درجات الحرارة. ويؤكد العلماء بأن متوسط ارتفاع مستوى سطح البحار كان خلال السنوات المائة الماضية مرتفعا بسرعة أكثر من عشرة أضعاف المعدلات خلال الثلاثة آلاف عام الماضية، وحسب التوقعات المبنية على أسس علمية فإن هذا الارتفاع سيتواصل خلال العقود المقبلة ليصل إلى حوالي متر واحد في عام 2100م، وبالطبع سيكون لذلك تأثيرات سلبية مدمرة على المناطق والمدن الساحلية والجزر الصغيرة، وسوف تعاني بعض الأنهار نقصاً في المياه كما تعاني أنهار أخرى الفيضانات نتيجة زيادة الأمطار، وسوف تتعرض سواحل كثير من الدول للاختفاء تحت سطح الماء، وذلك سوف يؤدي لهجرة عدد كبير من سكان تلك المناطق. وفي منطقتنا العربية سوف تتأثر السواحل الشمالية المصرية بارتفاع مستوى سطح البحر، وكذلك الجزائر والمغرب والمملكة العربية السعودية، ولكن ستكون مصر هي الدولة العربية الأكثر تأثرا بذلك، كما ستتأثر دولة الإمارات وقطر والبحرين مما يؤدي لخسارة جزء من أراضي هذه الدول. كما سيؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على حدوث ظواهر مدمرة مثل الأعاصير مما سيترتب عليه المزيد من الدمار، كما وجد أن الفيضانات التي تحدث في بعض الدول لها ارتباط وثيق بالتغيرات المناخية، كما أن الأعاصير التي تحدث أيضاً أصبحت أكثر شدة ولها ارتباط بارتفاع معدلات الحرارة بصورة واضحة، وذلك كله له تأثيرات سلبية على البيئة العالمية والنظم البيئية والمجتمعات البشرية. وبالطبع فإن قلة موارد المياه التي ترتبط بالزراعة وقلة مياه الأنهار سوف يؤثران في المحاصيل الزراعية ونقصها يؤدي إلى المجاعات خاصة في الدول الفقيرة.

          وتؤكد تقارير المنظمات الدولية المعنية بشئون البيئة بأن إفريقيا ستكون الأكثر تضررا نتيجة الاحتباس الحراري، خاصة بالنسبة لدول جنوب الصحراء الكبرى ومناطق السواحل الشرقية والغربية الإفريقية.

- ثانياً: على الصحة.

          لا شك في أن التغيرات المناخية سيكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على صحة الإنسان، كما أنها سوف تؤثر بدرجة كبيرة في انتشار الأمراض وزيادة الوفيات، فالحشرات والميكروبات التي تحمل الأمراض الوبائية مثل الملاريا والكوليرا سوف تنتشر لملائمة الجو لذلك، ومن المعروف أن صحة الإنسان تعتمد اعتمادا كليا على الغذاء والمياه النقية والطقس والظروف الاقتصاديـة الملائمة للسيطرة على الأمراض، كما توجد علاقة وثيقة بين أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي خاصة بين كبار السن والأطفال وتزيد هذه الأمراض بارتفاع معدلات الحرارة.

          كما أن نقص الغذاء والتصحّر نتيجة التغيرات المناخية سوف يؤدي إلى مزيد من أمراض سوء التغذية والجوع والوفاة، ويلاحظ أن انتشار الأمراض قد زاد بدرجة ملحوظة في السنوات الأخيرة، وتقول الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إن الأمراض التي تعود إلى العوامل البيئية المتدهورة تمثل نسبة «25%» من كل الأمراض الموجودة لأن ظاهرة الاحتباس الحراري ساعدت على زيادة نشاط الكائنات الحية المسببة للعدوى بالأمراض. فلم نكن نسمع من قبل عن بعض الأمراض كأنفلونزا الخنازير والإيدز والإيبولا مثلا.

- ثالثا: على موارد المياه في العالم.

          كانت الحضارات قديما تنمو مع وفرة المياه، وكلما ازدادت أعداد السكان زادت نسبة استهلاك المياه سواء للشرب أو لمختلف الاستخدامات البشرية من أنشطة صناعية وزراعية، ولكن أصبح وضع المياه في كل أرجاء العالم يدعو إلى القلق البالغ، كما أنه يمكن القول بأن المنافسة على الموارد المائية ستصبح سببا من أسباب الحروب والنزاعات المسلحة، وفي نهاية القرن الحالي «2100 م» سيصعب على دول العالم مواجهة خسائرها نتيجة تزايد الطلب على المياه في وقت ستزيد فيه أعداد السكان مما سيظهر كثيرا من المشكلات للبشرية، وعموما فإن موارد المياه ستواصل انكماشها بسبب التغيرات المناخية وزيادة عدد السكان والتلوث. وبالنسبة للوطن العربي الذي يعاني فقراً في موارد المياه العذبة من جهة وازدياد التصحر من جهة ثانية، وتزايد عدد السكان من جهة ثالثة، كل ذلك سيجعل من المياه سلعة استراتيجية تتجاوز في أهميتها النفط الذي لايزال يثير أزمات محلية وعالمية. وأخيراً هناك التأثيرات السلبية على التنوع الأحيائي في العالم نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري لأن انتشار الأمراض المعدية سوف يسرّع من انتشار الأوبئة الفتاكة بين الحيوانات والنباتات البرية والمائية, وسوف يؤدي للقضاء على «25%» من الأنواع النباتية والحيوانية التي تعيش على سطح الأرض بحلول عام 2050 م في أكبر عملية انقراض جماعي منذ عصر الديناصورات.

الغاز

الرمز الجزيئي

الاسم

ثاني أكسيد الكربون

CO2

Carbon Dioxide

أول أكسيد الكربون

CO

Carbon Monoxide

غازات هيدروكلورو فلوروكاربون

HCIFC8

Hydro Chlorofluoro Carbons

غازات الهيدرو فلوروكاربونات

HFC8

Hydro Fluoro Carbons

الميثان

CH4

Methane

أكسيد النيتروز

N2O 

Nitrous Oxide

أكاسيد النيتروجين

NOx

Nitrogen Oxides

المركبات العضوية المتطايرة غير الميثانية

NMVOCS

Non-Methane Volatile Organic Compounds

غازات فوق فلوريد الكربون

PFC8

Perfluoro Carbons

سداسي فلوريد الكبريت

SF6

Sulfur Hexa Fluoride

ثاني أكسيد الكبريت

SO2

Sulfur Dioxide

الأوزون «التروبوسفيري»

O3

Ozone

بخار الماء

H2O

Water Vapour


                       غازات تعمل على حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري

 

 

 

عبدالمنعم مصطفى   




الاحتباس الحراري ظاهرة تسبب فيها الإنسان لا الطبيعة





صواريخ ومكاكيك الفضاء تعمل على تدمير طبقة الأوزون





الانبعاثات الغازية للغلاف الجوي نتيجة عمليات التصنيع





وحيد القرن والفيل الإفريقي من الحيوانات المهددة بالإنقراض





تعتبر البراكين أحد المصادر الطبيعية لغازات الاحتباس الحراري التي تنطلق للغلاف الجوي