مساحة ود.. شبكة وبحر

 مساحة ود.. شبكة وبحر
        

          لعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر الشبكة والبحر، هو شبكة الصيد الكبيرة، تلك المصنوعة من حبال ترمى في البحر بهدف الحصول على صيدٍ وفير. أما بالنسبة لذكر البحر فأول ما يتبادر إلى الذهن، هذا البحر المسكون بالأسرار، الذي يخبئ في أعماقه آلاف الكنوز، والذي تحمل أمواجه حكايات أجيال وراء أجيال استمتعت بسحره، وأخرى شهدت غدره. لعله لن يكون آخرها طائرة أثيوبيا المنكوبة التي تركت في نفوس اللبنانيين جرحاً لن يندمل.

          ما أعنيه بالشبكة والبحر في هذا المقال هو الشبكة العظيمة التي تحوي داخلها البحر، فيكون عليك في هذه الحال أن تغوص في الشبكة لتجد بحرك الذي تبحث عنه.

          إنها الشبكة العنكبوتية وبحر المعلومات.

          فبالرغم من أن الكثير من المثقفين وعلماء الاجتماع، حين الحديث عن الوضع المتردي للقراءة والكتابة في عالمنا الثالث المتخلف، يعزون سبب هذا التردي إلى اجتياح الإنترنت كل منزل ومقهى، بحيث أصبح للشباب ما يشغلهم عن الكتاب والثقافة، إلا أن ذلك لا يوصّف إلا سبباً من أبسط أسباب هذا التردي.لا بل لعله سببا مجحفاً بحق شبكة وجدت لتسهيل نشر المعلومات لا بهدف طمس معالم الثقافة.

          ففي هذا الإنترنت تجد دائماً ما تبحث عنه... فإن كان هدفك التسلية ومضيعة الوقت والهذر مع الاصحاب، فسوف تجد ضالتك بالتأكيد. أما إن كنت من المهمومين بالثقافة فأيضاً سوف تجد بحراً هائلاً من المواقع التي أسسها مديروها فقط لخدمة الثقافة والمثقفين، وكل عشاق القراءة. كمثل المواقع التي تضع في متناولك آلاف الكتب المهمة التي تستطيع ان تطالعها بأبسط الطرق، او بلغة الكومبيوتر (بكبسة زر). بالإضافة إلى المنتديات الأدبية، والمدونات الجادة، مع المئات من الصحف والمجلات والدوريات الثقافية، بالإضافة الى ملايين الصفحات في موضوعات لا تقل أهمية عن أنجح الكتب.

          إذن نخلص من هذا الموجز عن الإنترنت، إلى أن الخطأ هو في الممارسة والاستخدام، لا في وجود هذه الشبكة بحد ذاته.فالمطلوب إذن توعية شاملة على استخدام الإنترنت والكمبيوتر، وعلى كيفية الاستفادة منه، لتنمية العقول والمجتمعات. وتلك برأيي مهمة المناهج التربوية في المقام الأول، ثم يليه دور التوعية على القراءة والتحصيل الثقافي الذي يجب أن تضعه الحكومات على رأس بنود جدول أعمالها. كل ذلك دون أن نهمل دور الأهل في تربية الحس المعرفي عند أولادهم.

 

 

لينا شباني